الإجراءات الحكومية وتململ الشارع

الإجراءات الحكومية وتململ الشارع

بعد توالي الحملات الشعبية "الافتراضية"، احتجاجا على السياسات الاقتصادية الحكومية، عاد التأجج إلى الشارع، وبدعوات إلى إسقاط الحكومة رفضا لنهج "الجباية" التي تتبعه، وهو ما كان مثارا لقراءة عدد من كتاب الصحف اليومية.

 

الكاتب عريب الرنتاوي، يؤكد أن شواهد الإحباط والغضب التي تجتاح الرأي العام الأردني، أكثر من أن تعد وتحصى، والمؤكد أنها ليست بحاجة لأبحاث وباحثين في الشؤون السياسية والاجتماعية والنفسية للبرهنة على وجودها أو حتى تفاقهما.

 

وأخطر ما في الأمر، بحسب الرنتاوي، أن معظم من يحدثك أو يتواصل معك بأي طريقة، ليس لديه بارقة أمل في فرج قريب، فـ"جرعة القرارات الحكومية الصعبة الأخيرة، التي لم يبتلعها الأردنيون بعد، تثير لديهم أسئلة العام المقبل، وما الذي سيأتي به من قرارات وسياسات “جبائية” جديدة".

 

و"لا أدري أن كان المسؤولون وصناع القرار على دراية كافية بما اصطلحنا على تسميته بـ “نبض الشارع”، الأرجح أنهم يعرفون، حتى وإن أظهروا خلاف ذلك ... لكن السؤال الذي لم أجد جواباً له بعد هو: هل يعتقد هؤلاء المسؤولون بأن الوضع سيظل تحت السيطرة والتحكم وإلى متى".

 

 

وينتهي الكاتب إلى القول "لو كنت في موقع الناصح للحكومة، لعملت على إنشاء “خلية أزمة” تبحث في الخيارات والبدائل، وكيفية التعاطي الاستباقي مع هذا الوضع المستجد، الذي يزيده تعقيداً بؤس الحالة في جوارنا الإقليمي، والفشل القومي على مختلف الجبهات والصعد".

 

أما الكاتب نضال منصور، فيلفت إلى التراجع الدرامي للثقة بالحكومات في الأردن، حيث لا يحظى أي قرار مهما كان بقبول الشارع، بل على العكس فإن حملات التشكيك تطاله واتهامات الفساد تلاحقه.

 

ويوضح منصور أن انهيار ثقة الناس بالحكومات ليس وليد حكومة الدكتور هاني الملقي، وإنما امتداد لعقود من الزمن شاعت فيها ممارسات التنفيع والمحسوبية وغياب العدالة وغض النظر عن الفساد، وتزامن ذلك مع ضعف الرقابة والمساءلة.

و"مشكلة الحكومة أنها تريد أن تدير الدولة بطريقة وعقلية القرن الماضي دون أن تنظر للمتغيرات وخاصة في سلوك وموقف المجتمع بعد ثورة الاتصالات".

 

كما يرى الكاتب ماهر أبو طير، أن لدينا أدلة كثيرة على ان الحكومات في العالم، بما في ذلك حكوماتنا هنا في الأردن، لم يعد بإمكانها تجاوز ضغط وسائل الإعلام غير التقليدي، وخصوصا، وسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت تحرك الرأي العام، وتقوده، باتجاهات مختلفة.

 

ولا يجوز، بحسب أبو طير، أن تتحسس الجهات الرسمية، من أثر هذه الوسائل، لسبب بسيط، فما دامت الحكومات، لا تريد غضبا غير راشد في الشارع، ولا تريد مظاهرات، او تكسيرا للممتلكات العامة، فإن التعبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يكشف رشدا ومنسوبا مرتفعا من الوعي العام، ورقيا في التعبير.

 

والذي يكشفه المشاركون عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن، تحسسا كبيرا جدا، من كل فساد، صغر أو كبر، ومن كل هدر للمال العام، أو فساد عبر التعيينات، كما أن منسوب الوطنية والشعور بالتحسس عند أي جرح لهذه الوطنية يبدو مرتفعا.

 

أما الكاتبة جمانة غنيمات فتقول إن "من باب الإنصاف، وقبولاً بما تقوله الحكومة بأن قراراتها القاسية ليست إلا لإنقاذ الاقتصاد من سيناريوهات أشد قسوة، وبما يعني الاستجابة لمتطلبات صندوق النقد الدولي، فإنه لا بد من الحديث عن خطوات إيجابية تؤشر إلى نوايا طيبة لدى الملقي نفسه لإحداث فرق في الوضع العام".

 

وأهم ما قام به الرئيس للآن، من وجهة نظر غنيمات، هو إعلانه الحرب على الفساد الصغير الذي بدأ ينهش مؤسساتنا؛ بما يؤثر على سمعة المؤسسات ابتداء، ويضرب مزاج المستفيدين من الخدمات العامة التي تقدمها.

 

وتضيف الكاتبة بأن المضي في تنفيذ هذا التوجه ممكن، بسبب توافر الإرادة وصدق النوايا لدى دالملقي. وهو أمر يلزم الانتباه إليه من فريق الرئيس بحيث يتم تطبيقه حرفيا.

و"القصة الأخرى التي تُحسَب للملقي تظهر في الشهادة التي يقدمها نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، بتأكيده أن الرئيس استجاب لكل ما طلبته النقابة من إعفاءات ضريبية لسلع غذائية أساسية، حتى لا تؤثر القرارات الحكومية على سلة غذاء المستهلك".

 

وتخلص غنيمات إلى أن الخطوات السابقة إيجابية، لكن قد لا يظهر أثرها مباشرة على الأردنيين، ولا سيما معنوياً؛ ربما بسبب الخذلان الكبير والمتلاحق من الحكومات المتعاقبة للمجتمع، ما خلق فجوة ثقة واسعة وخطرة بين الطرفين.

 

أضف تعليقك