الأزمة الخليجية وخارطة التحالفات الإقليمية
لا تزال "الأزمة الخليجية" الأخيرة المتمثلة بقطع عدد من الدول العربية لعلاقاتها الدبلوماسية "أو تخفيضها"، مع دولة قطر، وتداعياتها، من أبرز العنواين الإعلامية إخباريا وتحليليا، في قراءة لأسبابها وتطوراتها، واستنتاجا لمآلاتها.
الكاتب فهد الخيطان، يلفت إلى عدم صدور أي إشارة عن الدوحة، بعد ثلاثة أيام على بدء سريان العقوبات الخليجية عليها، تفيد بنيتها الرضوخ للشروط مقابل رفع الحصار عنها.
ومقابل اتساع دائرة العزلة التي تتعرض لها، وجدت قطر، بحسب الخيطان، من يناصرها في الإقليم والعالم. فـ"إيران أعلنت مبكرا استعدادها لمد يد المساعدة، وفتحت أجواءها أمام رحلات الطيران إلى الدوحة، وبادرت إلى عرض تأمين احتياجات قطر من السلع الأساسية. وتركيا اختارت ايضا الوقوف إلى جانب قطر".. كما سارعت ألمانيا إلى إعلان موقفها إلى جانبها، وحمّلت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المسؤولية عن الأزمة في البيت الخليجي.
ويوضح الكاتب بأن "الاصطفافات حيال الأزمة الخارجية في طور التشكل إقليميا ودوليا، وتبعا للمصالح والحسابات الخاصة بكل دولة.. واستنادا إلى خريطة التحالفات المتشكلة حتى اللحظة، هناك فرصة حقيقية لقطر للمناورة أطول فترة ممكنة".
ويضيف الخيطان بأن "الدول النافذة في الخليج العربي تملك بالطبع أوراقا كثيرة لممارسة المزيد من الضغوط على قطر، وتحريك الوضع الداخلي، وليس مستبعدا العمل بشكل جدي لإحداث تغيير سياسي في قطر إذا ما أخفقت هذه الدول في إجبار النظام القطري على تغيير سلوكه".
أما الكاتبة خلود خطاطبة، فتؤكد على ضرورة ألا تستهين قطر بالمقاطعة الخليجية لها، ويجب أن لا تعاند، وأن تعيد التفكير في كافة الملفات التي اقحمت نفسها فيها في أوقات سابقة عنوة، من باب منافسة الدول الخليجية على دور أكبر في الخليج والعالم العربي بل والعالم ايضا.
وتشير خطاطبة إلى أن "الارتماء في أحضان إيران إصلاح للخطأ بإثم كبير لا يغتفر، وهذا النوع من الاخطاء يصعب العودة عنه وقد تكون نتيجته كارثية على الشعب القطري الخليجي العربي"، لافتة إلى أن احتضان إيران لقطر، سيجبر هذه الدولة الخليجية الصغيرة على إعادة بناء نفسها للتوافق مع محورها الجديد.
ويقول الكاتب محمد داودية "كان يجب ان تلتقط القيادة القَطرية الرسائل الواضحة من وراء عقد قمم الرياض الثلاث والبيانات الصريحة التي جاءت بمثابة خريطة طريق للتحالفات والعداوات في الإقليم".. ولكن الغريب والملتبس، أن تظل سياسة القيادة القَطرية، كما كانت قبل قمة الرياض، وهو ما يشي بأن تلك القيادة، لم تأخذ على محمل الجد، التحديد الصارم الجديد للأهداف الاستراتيجية الجديدة للتحالف الأمريكي السعودي الجديد!"
ويضيف داودية بأن "الحضور الإيراني واضح جدا في هذا الملف، من حيث محاولة السعودية وأميركا والامارات، ردع قطر، للتوقف عن استخدام محفة ايران للحفاظ على التوازن والطفو. ومن حيث الحسابات التي تأخذ بالاعتبار، ان ايران تشكل جدارا استناديا، تتوكأ عليه القيادة القطرية".
فـ"على القيادة القطرية أن تتحسس رأسها وان تتبصر وتتفكر في الأسباب التي تدعو دولا كالسعودية والإمارات والبحرين ومصر والأردن واليمن الى قطع علاقاتها معها"، بحسب داودية.
ويكتب الكاتب محمد كعوش "عندما نتوقف أمام « عاصفة الخليج « بكل وجوهها واسبابها ونتائجها نرى مشهدا جديدا قيد التكوين يكرس مسلسل الانقسامات داخل البيت العربي، بشكل يفقدنا ما تبقى من اللغة الواحدة والموقف الموحد".
ويأمل كعوش، بعد الخروج من الصدمة، وتلاشي حالة الغضب، بالانتقال من التصعيد الأمني الى الحل السياسي، عبر اللجوء الى لغة الحوار الدبلوماسي، والبناء على الجهد السياسي الذي بدأه امير الكويت الشيخ صباح الأحمد، لتحقيق حل سياسي جذري للآزمات، ليس داخل البيت الخليجي فقط، بل داخل البيت العربي الكبير، ونوقف توسل الغزو الأجنبي، من أجل ايجاد حلول سياسية ووقف نزيف الدم العربي الذي يراه البعض فائضا عن الحاجة!
ويضيف الكاتب "في ضوء ما يحدث اليوم في البيت الخليجي يجعل المشهد العربي العام مرتبكا ويزيده تعقيدا، ولكن رغم خطورة المشهد على مختلف الصعد السياسية والأقتصادية والأمنية، نؤكد ونشدد على ضرورة وقف تمويل وتدريب وتسليح المنظمات الأرهابية، وهي الوسيلة الأقل كلفة والأسرع للقضاء على التنظيمات الارهابية، التي كانت ثمرة شيطانية للربيع العربي المزعوم"، على حد تعبيره.