الأردن يحشد سياسيا وماليا لدعم "الأونروا"
تحاول المملكة الأردنية، إحدى أكبر مستضيفي اللاجئين الفلسطينيين، امتصاص تداعيات قرار الإدارة الأمريكية بوقف الدعم المالي كليا عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من خلال البحث عن دعم مالي وسياسي من دول أخرى.
و"بذلت المملكة جهودا مكثفة لإقناع الولايات المتحدة الاستمرار في تقديم التمويل للوكالة، والعمل مع المجتمع الدولي للتوصل لمعادلة تضمن توزيعا أكثر عدالة لحصص الدعم"، حسب ما قاله وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي أكد أن "واشنطن اتخذت قرارها بوقف الدعم، ما سيفاقم من تحدي سد العجز المالي لهذا العام".
ويأتي ذلك بعد أن أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، في بيان الجمعة الماضية، أن "الولايات المتحدة لن تقدّم بعد اليوم مزيدا من الأموال" لهذه الوكالة "المنحازة بشكل لا يمكن إصلاحه".
واتهمت الأونروا بأنها تزيد "إلى ما لا نهاية وبصورة مضخّمة" أعداد الفلسطينيين الذين ينطبق عليهم وضع اللاجئ بعد.
وجاء الوقف الكامل للدعم الأمريكي بعد أن أعلن الرئيس ترامب في كانون الثاني/ يناير الماضي تخفيض قدره 300 مليون دولار في الدعم الذي تقدمه لميزانية الأونروا".
الأردن يحشد
الناطقة باسم الحكومة الأردنية، وزيرة الأعلام، جمانة غنيمات، تبين في حديث لـ"عربي21" أن "المملكة مستمرة في الاتصال مع مختلف الأطراف لحشد الدعم السياسي والمالي، لضمان استمرارية الوكالة ودورها الذي أقيمت لأجله، وهو تقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين وتقديم الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ونظافة".
ويعيش في الأردن أكثر من 2,1 مليون لاجئ مسجلين لدى الأونروا، يقطنون عشرة مخيمات رسمية وثلاثة غير رسمية، ويعيش اللاجئون الآخرون بالقرب من المخيمات وفي المدن، وتقدم لهم الأونروا خدمات التعليم من خلال 700 مدرسة، إلى جانب الرعاية الصحية ونظافة المخيمات.
إلا أن "الأونروا" تعني أكثر من كونها تقدم خدمات للاجئين الفلسطينيين، إذ يرى اللاجئون فيها شاهدا على مأساة تهجير الشعب الفلسطيني.
التحرك متأخرا
ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أيمن الحنيطي، وجود تقصير أردني في إدارة ملف أزمة الأونروا، حيث إنه "عندما التقطتنا قبل 10 سنوات مؤشرات إسرائيلية قوية حول النية لإلغاء الأونروا وحق العودة، أبلغنا مسؤولين بها، وتحدثنا حينها عن ضرورة وجود (خطة ب) وذلك بالتزامن مع وأد حل الدولتين".
ويقول لـ"عربي21"، "اليوم ثبت بالوجه القاطع أننا قصرنا بالتخطيط والاستعداد، ولا نمتلك سوى التخبط وضياع البوصلة، ونحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن بعد فوات الأوان، خسرنا أوراق رابحة كان من شأنها إنقاذ الأردن من مشاكل اقتصادية واجتماعية وتنموية عانى منها لعشرات السنين بفعل موجات اللجوء المتكررة، خسرنا حق العودة، وتعويضات بقيمة 40 مليار دولار".
بدورها، تبين غنيمات عزم الأردن عقد مؤتمر خاص لدعم الأونروا، وحق اللاجئين بالعودة والتعويض، حسب القرارات الدولية، تقول: "يعمل الأردن على حشد الدعم المطلوب بهذا الخصوص، وعقد مؤتمرا لهذه الغاية، وأيضا يستمر بالجهود الدبلوماسية؛ للحفاظ على هذه الحقوق، والإبقاء على دور الأونروا".
مشددة على أن "الأردن أيضا يدعم اللاجئين من موازنة الدولة بمبالغ سنوية، وسيستمر بذلك".
ولمواجهة تداعيات القرار الأمريكي، دعت المملكة السبت لعقد جلسة لوزراء الخارجية العرب لبحث دعم الأونروا في الحادي عشر من أيلول الحالي، كما ستنظم بالتعاون مع السويد واليابان والاتحاد الأوروبي وتركيا مؤتمرا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الحالي؛ لبحث سبل التمويل اللازم للوكالة، وتأكيد الدعم السياسي لدورها.
البحث عن بدائل
رئيس جمعية حق العودة، كاظم عايش، يرى أن القرار الأمريكي الأخير "يستهدف بشكل مباشر حق العودة؛ استجابة لمطلب صهيوني"، واصفا موقف الأونروا "بالصعب، لكن ليس من المستحيل تجاوزه من خلال موقف مضاد من المجتمع الدولي".
ويعتقد، أن "على الأردن والدول العربية البحث عن بدائل لدعم الأونروا، خصوصا مع الدول الأوروبية، في ظل تعنت وإصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على موقفه".
شعبيا، أعلن ناشطون في المخيمات الاعتصام أمام مقر الأونروا في العاصمة عمان ظهر الأحد، رفضا لتقليص الخدمات، والتأكيد على حق العودة، وللتأكيد على دور وكالة الغوث الدولية كشاهد حي على معاناة الشعب الفلسطيني، وما تعرض له من عملية تطهير عرقي لم يعرف لها التاريخ البشري مثيلا، حسب ما أكد الناشطون في بيان لهم.