الأردن و"تصفية الحسابات" الدولية والإقليمية في سورية
لا تزال التطورات المتواترة على الساحة السورية بعد التدخل الروسي، والاتفاق على اتخاذ الأردن مهمة تنسيق إدراج قائمة للتنظيمات المسلحة هناك، مجالا لقراءة كتاب الرأي والمقالات في الصحف اليومية.
الكاتب حسين الرواشدة يتساءل عن موضع قدم الأردن في هذه المرحلة, و ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه , وهل يستطيع أن يحافظ على خيار “ الحياد “ الإيجابي, أم أنه سيجد نفسه أمام حالة استقطاب دولي إقليمي لا مجال فيه إلا الانحياز لهذا الطرف او ذاك.
ويشير الرواشدة إلى أن المنطقة تتعرض لحالة من “ الفرز “ في المواقف تجاه عنوان “ الإرهاب“، حيث تبلور محوران : أحدهما تمثله روسيا والصين وإيران، والآخر أمريكي تركي سعودي قطري, و بالتالي أصبح مطلوبا من الأردن أن يبحث عن خيار “آمن “ ينسجم مع مصالحه الوطنية أولا ويتناسب مع افرازات المرحلة و استحقاقاتها القادمة.
"فالانحياز إلى المحور الروسي مثلا قد يؤثر على علاقات الأردن مع محيطه ومحيطه العربي, كما أن القطيعة مع هذا المحور قد يضع الأردن في زاوية التهديد , خاصة من قبل التنظيمات الإرهابية المجاورة لحدوده الشمالية مع سوريا و العراق"، يقول الرواشدة.
ويخلص الكاتب إلى أن خيارات الأردن – مهما كانت – يفترض أن تتكيف مع إمكانياته ومصالحه, وأن لا تعاند الجغرافيا والتاريخ.
ويرى الكاتب ماهر أبو طير أن سورية باتت تستقطب كل دول العالم عبر إرسال قواتها البرية أو الجوية إلى المنطقة، وعدد الدول التي تقصف داخل سوريا، او تتابع الملف السوري بشكل او بآخر يقول إن هذا البلد بات مسرحا يتجهز لحرب عالمية ثالثة، قد تنفجر في أي لحظة.
ويشير أبو طير إلى أن للمواجهة بين الروس والأتراك، دلالات على المواجهة بين الروس ومعسكرهم والأمريكان والمعسكر الذي يتبع لهم.
"ورغم الإطفاءات السياسية التي تحدث كل مرة لاحتمالات انفجار المواجهة كليا بين دول العالم على خلفية الملف السوري، إلا أننا أمام خطرين، أولهما أن الصراع في سورية لم يتوقف ومازال يتسبب باستقطابات في العالم، وثانيهما أن لا أحد يضمن انطفاء الاشتعالات الدولية التي تجري كل مرة، ويفلح العالم في إطفائها"، بحسب أبو طير.
أما الكاتب فهد الخيطان، فيرى أن روسيا ليست في وارد الدخول في مواجهة عسكرية مع تركيا، كما ليس في نية حلف الناتو مجاراة تركيا "الأردوغانية" في مغامراتها، الأمر الذي ينهي المخاوف المبالغ فيها من حرب عالمية ثالثة على وشك الاندلاع.
ويلفت الخيطان إلى شعور الرئيس التركي أردوغان بالتسرع في إصدار أمر إسقاط الطائرة الروسية، حيث راح يبحث عن أعذار من قبيل أنه لو عرف هوية الطائرة لتغير الموقف، وطلب وساطة واشنطن وعواصم غربية لعقد اجتماع مع بوتين على هامش قمة المناخ في باريس.
"لم تتأخر القيادة الروسية في حصد المكاسب السياسية والميدانية في سورية؛ فإلى جانب العقوبات الاقتصادية، دفعت على الفور بمنظومة صواريخ أس 400 إلى ميدان المعركة، لقطع الطريق نهائيا على مشروع تركيا بإقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية".
أما على المستوى الدولي، فيخشى المراقبون من أن يؤدي التوتر بين روسيا وتركيا إلى تقويض "عملية فيينا" التي قطعت شوطا في دمج مساري مكافحة الإرهاب والحل السياسي في سورية بمسار واحد، وتستعد إلى إطلاق مفاوضات جدية بين النظام السوري والمعارضة، يقول الخيطان
ويؤكد الكاتب أن روسيا لاعب رئيسي إلى جانب الولايات المتحدة في رعاية وإدارة مفاوضات فيينا، وكانت من أشد الدول دعما لفكرة دمج المسارين، مع الخلاف حول الأولويات بين القطبين، ولذلك ليس من مصلحتها انهيار محادثات فيينا.
ويخلص الخيطان إلى القول إن العلاقات بين روسيا وتركيا لن تعود لما كانت عليه قبل حادثة "السوخوي"، لكن حدود التصعيد بين الطرفين لن تتعدى سورية، "فـ"سورية هي الميدان العالمي لتصفية الحسابات".