الأردن أصوات صاخبة تطالب بإلغاء إتفاقيّة الغاز مع إسرائيل
نشر موقع المونتيور تقرير صحفيا حول التفاقية الغاز مع اسرائيل، وقال الموقع الذي يصدر من أمريكا إن المعارضة الأردنية المناهضة للتطبيع مع اسرائيل رفعت من أصواتها المطالبة بإلغاء اتفاقية الغاز التي وقعتها الحكومة الاردنية مع شركة نوبل انيرجي الأميركيّة في أيلول/سبتمبر من عام 2016 الحاصلة على امتياز من قبل إسرائيل لتطوير أحد أحواض الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسّط. بينما تصر السلطات الأردنية على الاتفاقية وتعتبرها خيار استراتيجيا وتنوعا في مصادر الطاقة.
ارتفعت أصوات الاحتجاجات ضد اتفاقية الغاز التي وقعتها الحكومة الأردنية مع شركة نوبل انيرجي الأميركيّة في أيلول/سبتمبر من عام 2016 بعد أن حصل مجلس النواب الأردني على نسخة من الاتفاقية السرية في 20 مارس الماضي.
وتطالب الأصوات المعارضة مجلس النواب الأردني رفض الاتفاقية مع شركة نوبل انيرجي الحاصلة على امتياز من قبل إسرائيل لتطوير أحد أحواض الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسّط. شركة نوبل انيرجي والتي يقع مقرها في هيوستن في الولايات المتحدة تملك الحصة الأكبر في حقل ليفيثان الإسرائيلي في البحر المتوسط.
وقد جوبهت هذه الإتفاقية، التي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ عام 2019، بمظاهرات شعبية، إذ إعتبرها الكثيرون على أنها تمثل تطبيعاً للعلاقات مع إسرائيل.
وتنصّ هذه الإتفاقية التي وقّعتها شركتا الكهرباء الأردنيّة و"نوبل إنيرجي" الأميركيّة في أيلول/سبتمبر من عام 2016 على استيراد الغاز المستخرج من حقل "ليفيثان"، الذي تملكه إسرائيل تحت سطح البحر الأبيض المتوسّط على بعد 50 ميلاً من شاطئ حيفا بكلفة 10 مليار دولار.
وكان قد نك قوقيع اتفاقية أخرى بين شركة بوتاس وشركة نوبل انيرجي في 2014 ولم تفلح الأصوات الأردنيّة الصاخبة المعارضة لإتفاقيّة الغاز مع إسرائيل بوقف تدفّق الغاز إلى محطّة برومين ومصنع البوتاس، بعد أن كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيليّة في 2 آذار/ مارس عن بدء تصدير الغاز الطبيعيّ "بهدوء" إلى الأردن من خلال حقل "تمار"
إتفاقيّات أحاطتها الحكومة الأردنيّة بسريّة تامّة في تفاصيلها، ووصف وزير الطاقة الأردنيّ ابراهيم سيف الإتفاقيّة بالسريّة والمحميّة، استناداً إلى المادّة (13) من قانون ضمان حقّ الحصول على المعلومات، وقال لـ"المونيتور": "إنّ بعض البنود التجاريّة يصعب الكشف عنها أمام الملأ، كونها بنوداً سريّة تتعلّق بمصالح ماليّة للشريك".
سريّة يرى فيها مناهضو التطبيع مع إسرائيل في الأردن، محاولة من الحكومة لتجنّب تأليب الشارع الأردنيّ على الإتفاقيّة، التي ترى فيها الحكومة الأردنيّة الخلاص من الاعتماد على الغاز المصريّ، الذي أدّى توقّفه - بسبب 13 تفجير طال خط أنابيب جاسكو في العريش خلال عام 2011- إلى اعتماد شركة الكهرباء الأردنيّة على الزيت الثقيل في التوليد، ممّا رفع العجز في ميزانيّة الدولة بنسبة 30 في المئة وبمعدّل مليار و800 مليون دينار سنويّاً منذ عام 20111.
ورغم وجود تعاملات تجاريّة وسياسيّة بين الأردن وإسرائيل، إلاّ أنّها ما زالت على المستوى الشعبيّ تعاني من مقاطعة حتّى بعد 22 عاماً من توقيع معاهدة السلام الأردنيّة - الإسرائيليّة (وادي عربة).
وأطفأ أردنيّون محتجّون على الإتفاقيّة في تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2016 كهرباء منازلهم من التاسعة إلى العاشرة مساء في رسالة احتجاج إلى شركة الكهرباء الأردنيّة، مطالبين بالتراجع عن استيراد الغاز الإسرائيليّ، مطلقين حملة بعنوان "غاز العدو احتلال".
كما نفّذوا سلسلة اعتصامات ومسيرات للتنديد بالإتفاقيّة، ومن بينها اعتصام أمام شركة البوتاس في كانون الثاني/يناير، متّهمين إيّاها بـ"دفع 500 مليون دولار ثمن غاز مسروق من فلسطين، سيذهب قسم منها إلى إسرائيل على شكل ضرائب لتموّل الجيش والمستوطنات والحروب".
ورأى منسّق حملة "غاز العدو احتلال" هشام البستاني أنّ "الإتفاقيّة سياسية"، وقال: "نرفضها لاعتبارات عدّة: الاعتبار الأوّل أخلاقيّ، فهذه دولة محتلّة ودولة استعمار استيطانيّ، وهذا الغاز مسروق من أراضي الشعب التي هي استعمرته وشرّدته وقتلته. الاعتبار الثاني، أنّنا نرفض الدعم الصهيونيّ، والأموال الناتجة من هذه الصفقة ستذهب 56 في المئة من عوائدها إلى خزينة إسرائيل والجيوش والمستوطنات والاستعمار والحروب".
واعتبرت الحملة أنّ "الإتفاقيّة تأتي بضغط من الحكومة الأميركيّة، نظراً لوجود مصالح لشركات أميركيّة في حقول الغاز، وحصص تصل إلى 36 بالمئة في حقل تمار و39 بالمئة من حقل ليڤياثان، إلى جانب مصالح سياسيّة تتمثل بدمج إسرائيل في المنطقة وإيجاد زبائن للغاز الذي تستخرجه".
وطرح هشام البستاني لـ"المونيتور" بدائل عن استيراد الغاز من إسرائيل، داعياً الحكومة الأردنيّة إلى "استثمار مبلغ الـ10 مليارات دولار في مشاريع محليّة كالطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح والصخر الزيتيّ وتطوير حقول الغاز الطبيعيّ في المملكة".
ويحاول نوّاب أردنيّون، تحت الضغط الشعبيّ، فضّ سريّة الإتفاقيّة، وطالبت مذكّرة لكتلة الإصلاح التابعة لجماعة الإخوان المسلمين بتخصيص جلسة لمناقشة إتفاقيّة الغاز، وتأتي المذكّرة في وقت تعالت فيه الأصوات داخل المجلس ومعرفة بنودها، ممّا دفع بالحكومة الأردنيّة في 20 آذار/مارس إلى إرسال نسخة من الإتفاقيّة لرئاسة المجلس.
وفي هذا الإطار، قال رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الأردنيّ علي الخلايلة لـ "المونيتور": "إنّ اللجنة عندما تحصل على كامل بنود الإتفاقيّة ستراجعها، وتقدّم تقريراً إلى البرلمان الذي سيعقد على أثرها جلسة لمناقشة الإتفاقيّة، بينما ستناقش البنود السريّة في جلسة سريّة”.
وأشارت أرقام وزارة الطاقة الأردنيّة إلى أنّ المملكة تستورد ما يقارب الـ97 في المئة من الطاقة من الخارج، بما يشكّل نسبة 23 في المئة من الناتج المحليّ الإجماليّ. وبحسب النشرة الدوريّة للوزارة، احتلّ استيراد الغاز الطبيعيّ ما نسبته 80 في المئة من مجمل الطاقة لاستخدامه في توليد الكهرباء.
من جهته، رأى رئيس مركز الدراسات الإسرائيليّة في عمان الدكتور عبد الله الصواحة أنّ الإتفاقيّة "مهمّة للأردن لقرب المسافة بين حقول إنتاج الغاز والمملكة، وبسبب ما ستوفّره الإتفاقيّة من تنوّع مصادر الطاقة واستغناء الأردن عن إنتاج الكهرباء باستخدام الفيول، الأمر الذي سيخفّف من عجز الموازنة".
واستبعد الفرضيّة التي تطرحها المعارضة بأنّ إسرائيل ستستخدم الإتفاقيّة لتتحكّم بمصدر الطاقة في الأردن، إذ قال لـ"المونيتور": الغاز الإسرائيليّ المنوي استيراده لا يغطّي 17 في المئة من إجماليّ الطاقة في الأردن. وبالتّالي، إنّ نظريّة استغلال إسرائيل لهذه الإتفاقيّة هي لليّ ذراع الأردن أو استغلال واحتكار سوق الطاقة الأردنيَة، وابتزاز الأردن أمر غير وارد من الناحية الإقتصاديّة".
وعن تأثير الأصوات المعارضة على مستقبل الإتفاقيّة، قال: "إنّ الاستجابة الحكوميّة لمطالب الناس سياسيّاً في حدودها الدنيا، فضلاً عن أنّ قدرة المواطن الأردنيّ أو الجماعات السياسيّة على تصعيد مطالبهما سواء أكان من خلال القنوات الرسميّة كمجلس النوّاب أم عبر الفعاليّات الشعبيّة الاحتجاجيّة والمظاهرات، ضعيفة لغياب القدرة على التحشيد".
تأتي الإتفاقيّة بين الأردن وإسرائيل على وقع الفتور في العلاقة بين الجانبين، بسبب ملفّات في القضيّة الفلسطينيّة من أبرزها: في خطوة ترى فيها المملكة أنّها ضربة لمعاهدة السلام التي نصّت على وصاية الهاشميّين على المقدّسات في القدس، إلاّ أنّ الحكومة ترى في الإتفاقيّة "خياراً استراتيجيّاً" لتنويع مصادر الطاقة.
النسخة الإنجليزية: