اغتيال حتر رسالة إلى مؤسسات الدولة الأردنية

اغتيال حتر رسالة إلى مؤسسات الدولة الأردنية
الرابط المختصر

 لم تخفِ نخب أردنية حالة القلق والخوف التي اعترتها على خلفية مقتل الكاتب ناهض حتر، رميا برصاص أطلقه عليه مواطن أردني صباح الأحد، على خلفية نشر الكاتب رسما مسيئا للذات الإلهية في آب الماضي.

وترى قوى من اليسار واليمين، أن حالة الخوف هذه مؤشر خطير على مصير وطن وشعب تغلغل في ثناياه طرف بات يضرب بديلا عن مؤسسات الدولة القضائية والقانونية.

وتعتقد هذه النخب بأن قتل حتر أمام قصر العدل -وليس في مكان آخر- رسالة إلى الدولة الأردنية؛ تنتقل بها إلى مرحلة خطيرة، وتشكل سابقة أولى من نوعها، وهي استهداف أردني واغتياله من قبل موصوفين بـ"التطرف"، بعدما درجت العادة أن يستهدف هؤلاء أماكن ومؤسسات أمنية، أو بعثات دبلوماسية، كما جرى في حادثة اغتيال الدبلوماسي الأمريكي لورنس فولي في 2002.

ورأى المحلل السياسي عامر السبايلة، أن حادثة الاغتيال "تعني وجود من يعتقد بأنه يستطيع تطبيق قانونه الخاص"، محملا الدولة الأردنية جزءا من المسؤولية، "كونها لم تدر الملف بطريقة حرفية، ولم تدرك أبعاده ووجود تخطيط مسبق للعملية؛ من خلال معرفة الجاني بمواعيد المحاكمة، وإصراره على قتل حتر أمام المحكمة التي تمثل هيبة الدولة، عوضا عن قتله أمام منزله أو في أي مكان آخر".

تنديد إسلامي ويساري

حادثة مقتل حتر -رغم شخصيته الخلافية- وحدت تيارات إسلامية ويسارية في إدانة حادثة الاغتيال، التي اعتبرها بعض الكتاب "اغتيالا لرمز الدولة المدنية، عقب قتله أمام أكبر مجمع قضائي في المملكة (قصر العدل)".

من جهته؛ قال النائب عبدالله العكايلة، رئيس كتلة التحالف الوطني للإصلاح، إننا لا نريد أن تُنقل التجربة المصرية إلى الأردن، مضيفا أن "أي تطرف مستنكر شرعا وقانونا، ولا يجوز إطلاقا، ولا يحق لأي شخص لديه موقف فكري أن يلجأ إلى هذه الأعمال، وولي الأمر هو المكلف بتطبيق القانون، والممثل في القضاء".

تخوف صحفي وحقوقي

ويتخوف حقوقيون وصحفيون من مرحلة خطيرة ربما تشهدها حرية التعبير بعد الحادثة، بحسب قولهم.

واعتبر رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين الأردنيين، نضال منصور، الحادثة "انتهاكا فاضحا لسيادة القانون من قبل أشخاص يطبقون القانون بأيديهم".

وقال" إن "هذا الانتهاك يهدد الأردن برمتها من قبَل الظلاميين والتكفيريين، الذين يلجأون إلى التصفية والاغتيال لمن يبدي رأيه، سواء اتفقنا مع هذا الرأي، أم اختلفنا معه".

وبحسب منصور؛ فإن حادثة مقتل حتر، تُعدّ "أول جريمة اغتيال مرتبطة بحرية الرأي والتعبير في الأردن منذ عقود طويلة"، مضيفا أن "آخر 36 عاما؛ لم أعرف أن هناك جريمة حدثت مثل هذه الجريمة، ونحن نعلم أن هناك جرائم إرهابية تحدث لأسباب سياسية، ولكن هذه الجريمة تشعرنا بصدمة وبقلق خطير، وبالتأكيد سيبدأ نشطاء حقوق الإنسان والمدافعون عن حرية التعبير وحرية الإعلام يضعون في حساباتهم أن هناك ظلاميين وإرهابيين موجودون بيننا".

لا تيّار إسلاميّا يستهدف المسيحيين

من جانبه؛ قلّل الباحث في مجال سسيولوجيا الأديان، فيليب مدانات، من تأثير حادثة مقتل حتر على السلم الأهلي في الأردن.

وقال " إنه "لا وجود لتيار إسلامي في الأردن يهاجم المسيحيين"، مستدركا بالقول إن  "هناك تيارا متشددا متطرفا مجتمعيا، خلاياه نائمة، يستهدف الفكر المدني بشكل عام، سواء كان مسيحيا أم غير مسيحي".

وأكد مدانات أن الدولة الأردنية بعد حادثة حتر "ستراقب نمو التيار المدني العلماني إذ إنه لم يكن تيارا مستفزا جدا للدولة، وسترتكز عليه في كثير من الإصلاحات المطلوبة، ليساهم في إخراج الدولة من مأزق التعامل مع الشرعية الدينية".

وحاولت كنائس في الأردن تقديم رسائل تهدئة للمجتمع من خلال تأكيدها أن "ما حدث ليس له طابع ديني، وإنما فكري، والاختلاف في الفكر يقابَل بالفكر والحوار، لا بالقتل وسفك الدماء"، كما جاء في بيان صحفي للأب رفعـت بدر من مطرانية اللاتين.

وأما عائلة حتر؛ فحمّلت الحكومة الأردنية مسؤولية مقتله، لعدم حمايتها له بعد ورود تهديدات عديدة بقتله عبر شبكات التواصل الاجتماعي، في وقت كشف فيه رئيس ديوان الرأي والتشريع نوفان العجارمة، عن قانون جديد لـ"مكافحة التمييز والكراهية" يطبخ في أروقة الحكومة، وسيشمل القانون ما يُنشر على صفحات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يثير تخوفات حقوقيين من التضييق على حرية التعبير. عربي 21