إيناس: 25 عاما من العمل كمدققة في ضريبة الدخل رغم المعيقات البيئية والمجتمعية
تبدأ ايناس يومها كمدقق ضريبي على مكتب مليء بالأوراق والملفات، تتابع الأرقام وجداول الإرادات والمبيعات ومراجعة الإقرارات الضريبية والتحقق منها.
ايناس ذات الإعاقة الحركية تعمل منذ ما يقرب من 25 سنة في دائرة ضريبة الدخل والمبيعات في محافظة الزرقاء، تحت مسمى وظيفي "مدقق ضريبي ومدقق حكومة الكترونية" .
مسيرة تصفها ايناس" بالصعبة" فقد بدأت بصراع مع مجتمع ينظر إلى الإعاقة بمنظور الضعف والشفقة وعدم التقبل، بالاضافة إلى عدم توفر بيئة مهيئة لتسهيل تواجدها في مكان عملها، لكن بعد العديد من المطالب قامت إدارة المؤسسة بتوفير كافة الترتيبات التي تحقق اندماجها الكامل وآداء مهامها باستقلالية ويسر.
تمثل ايناس نموذجاً ناجحاً للأشخاص ذوي الإعاقة في انخراطهم في مجتمعاتهم بمختلف الميادين، لا سيما كموظفين في المؤسسات الحكومية والخاصة بشرط وجود التسهيلات والترتيبات المناسبة التي تحقق حصولهم على حقهم في العمل كبقية أفراد المجتمع.
جاءت الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي صادق عليها الأردن عام 2007، لتشكل حجر الأساس في المطالبة بحقوق ذوي الإعاقة من منظور حقوقي، وكان حق العمل من أهم بنودها كما ورد في المادة 27 التي كفلت الحق دون أي تمييز مع ضمان تكافؤ الفرص، وتوفير الترتيبات والتسهيلات المعقولة التي تسهل تواجدهم في محيطهم.
بحسب دائرة الإحصاءات العامة تبلغ نسبة ذوي الاعاقة من عدد السكان في الأردن لعام 2015 حوالي 11% أي ما يقارب 900 ألف شخص موزعين حول محافظات المملكة باختلاف إعاقتهم ودرجاتها، تقدر نسبة من هم في سن العمل 58%، في حين أن نسبة العاملين منهم فقط 10%.
أرقام وصفها ناشطون بالضعيفة وترجح أسبابها بحسب تقرير خاص لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية إلى وجود قصور في التشريعات والسياسات المتعلقة في هذه القضية.
وبحسب رئيس المركز أحمد عوض" فإن المنظور "الإحساني" المتبع بالتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة هو ما يضر في هذا المسار وهذا ما يناقض المبدأ الحقوقي الذي يتعامل معهم باعتبارهم عاملين ولهم حقوق منصوص عليها، ويحب إزالة المعوقات أمامهم لدمجهم في سوق العمل بشكل طبيعي ".
قوانين عكس التيار
وبحسب عوض تساهم بعض الأنظمة بانتهاكات حق العمل لذوي الإعاقة، اذ تتضمن صلاحيات مطلقة للطبيب المشرف على تقييم وتحديد قدرة الشخص على العمل، هذا ما جاء في المادة 13 من نظام اللجان الطبية رقم 58 التابع لوزارة الصحة ، اذ يتم الحكم والقبول على أساس نوع الإعاقة ودرجتها دون النظر إلى المؤهل العلمي أو الخبرة المهنية.
وتمنع المقاييس والدرجات المحددة الواردة في ملحقات هذا النظام بعض من الإعاقات الحسية والعقلية من شغل الوظيفة التي تناسب احتياجاتهم.
وفي نفس السياق اشترط نظام الخدمة المدنية رقم 82 لسنة 2013 في المادة 4 أن يكون المتقدم خالي من الأمراض والإعاقات البدنية والعقلية التي تمنعه من القيام بأعمال الوظيفة التي سيعين فيها بموجب قرار من المرجع الطبي المختص، على أنه يجوز تعيين ذوي الإعاقة ما لم تكن إعاقته تمنعه من القيام بأعمال الوظيفة التي سيعين فيها بشهادة من المرجع الطبي المختص.
ويشير عوض إلى ضرورة تعديل التشريعات لتسهيل إدماج هذه الشريحة في سوق العمل، مؤكدا على ضرورة إجبار أصحاب العمل على إزالة كل العوائق التي تقف أمام تحقيق ذلك، إضافة إلى إعادة النظر في نظام المواصلات ليأخذ بعين الاعتبار متطلبات ذوي الإعاقة.
التشريعات الأردنية
عدلت المادة 13 من قانون العمل الأردني المؤقت لعام 2010، والمعنية بتشغيل وتوظيف الأشخاص ذوي الاعاقة؛ حيث ألزمت صاحب العمل بتشغيل العمال المعوقين ضمن النسبة المحددة في قانون حقوق الأشخاص المعوقين النافذ، ووفق الشروط الواردة فيه وأن يرسل للوزارة بياناً يحدد فيه الأعمال التي يشغلها المعوقون وأجر كل منهم .
من جانبها أكدت مديرة وحدة الشؤون القانونية في المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لارا ياسين أن المادة 25 من قانون الأشخاص ذوي الإعاقة 20/2017 تضمنت حق العمل لذوي الإعاقة ونصت على مبدأ عام وهو ألا يجوز إستبعاد الشخص من العمل أو التدريب على أساس الإعاقة أو بسببها ، ولا تعتبر الإعاقة بذاتها مانعا للقبول بالوظيفة أو العمل .
وتضيف ياسين أن القانون ألزم الجهات الحكومية وغير الحكومية بتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة للأشخاص ذوي الإعاقة لإتاحة القيام بمهام الوظيفة، بالاضافة إلى تخصيص نسبة تصل إلى 4% من الشواغر للأشخاص ذوي الإعاقة.
ومن خلال القانون ذاته ووفق ما تنص عليه المادة 14، تشكل لجنة تكافؤ الفرص المعنية بتلقي الشكاوى المتعلقة بالتمييز على أساس الإعاقة أو بسببها في مجال العمل والتحقق منها وتسويتها مع الجهات المعنية .
وبموجب بنود القانون سيتم محاسبة المقصرين من المؤسسات والذين يمتنعون عن تعيين ذوي الإعاقة أو يتم رفضهم على أساس إعاقتهم أو بسببها، بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار.