إعلام "جماعة الاخوان" بين مطرقة الخلافات الداخلية وسندان القيود القانونية

إعلام "جماعة الاخوان" بين مطرقة الخلافات الداخلية وسندان القيود القانونية
الرابط المختصر

في التاسع والعشرين من تموز الماضي، نشرت صحيفة "الرأي"، في زاوية "عين الرأي" خبرا مفاده أن رئيس جمعية الإخوان "المرخصة" طالب هيئة الاعلام وقف بث قناة اليرموك الفضائية، التابعة لـ"جماعة الاخوان المسلمين"، كونها "تابعة لجماعة غير مرخصة"، و باعتبارها "أداة لبث الفتنة والكراهية".

 

ولم يتأخر رد "الجماعة" على الذنيبات، إذ "هاجم الناطق باسم "الجماعة"، معاذ الخوالدة طلب الذنيبات وربطه بمطالبة قناة إسرائيلية بوقف بث الفضائية، وعلق الخوالدة على الطلب، في تصريح لصحيفة "السبيل" قائلا: "تطالعنا اليوم صحيفة الرأي بخبر مفاده بأن ما يسمى جمعية الأستاذ عبد المجيد الذنيبات طالبت الجهات المعنية بوقف بث قناة اليرموك الفضائية بحجة أنها أداة لبث الفتنة والكراهية في المجتمع".

 

وأضاف: "المفارقة العجيبة أن القناة العاشرة الصهيونية قبل أيام حرضت على القناة (اليرموك) بتهمة الحض على الكراهية بسبب بث بعض البرامج والمسلسلات التلفزيونية الهادفة!".

 

وقد داعبت "فكرة" ربط طلب الذنيبات بـ"تحريض القناة العاشرة الاسرائيلية على اليرموك"، خيال إعلام "الجماعة" ونشطائها على الشبكات الاجتماعية فصار عنوان الخبر

 

شكل هذا الخبر، أو الحادثة، أول تصادم علني بين "شقي الإخوان"؛ الجمعية المرخصة، والجماعة الأم، حول الأدوات الإعلامية، التي بقيت بعيدة نسبيا عن الخلاف، وبقيت في يد الجماعة الأم، رغم حصول الجمعية المرخصة على فتوى تشريعية تقضي بنقل أموال "الجماعة" إليها.

 

ويبدو أن إعلام "الإخوان"، الذي شهد ما يشبه "الطفرة" خلال سنوات الانتفاضات العربية، إذ ظهرت عشرات المواقع والصحف والقنوات الفضائية التابعة للجماعة على امتداد دول "الربيع العربي"، ومنها الأردن الذي أطلقت فيه "قناة اليرموك" وموقع "وكالة البوصلة الإخبارية" لينضما إلى صحيفة "السبيل"، يبدو أن هذا الإعلام بدأ يسقط الآن بين مطرقة القيود القانونية والتشريعية والإجراءات القمعية، وسندان الخلافات الداخلية التي بدأت تهدد وحدة "الجماعة" في الدول العربية.

 

على الرغم من أن إعلام "الإخوان" بقي بعيدا عن "الأزمات" التي تعصف بوسائل الإعلام، إذ بقيت صحيفة "السبيل" بعيدة عن أزمة الصحف الورقية، وعن "ضعف" أو "موت" الإعلام الحزبي" في الأردن، وحافظت هي وموقع "البوصلة" و"قناة اليرموك" على نسب توزيع ومشاهدة جيدة، خاصة بعد أحداث "معان" الأخيرة"، بحسب مؤشرات السوشيال ميديا، ومواقع الترتيب على الانترنت، يبدو أن هذا "الإعلام" أصبح مهددا من الداخل بسبب الانشقاقات والخلافات.

 

ويبدو أن خلاف "شقي" الجماعة في الأردن على "الإعلام" ليس استثنئا، فقد أغلقت "قناة مصر الآن"، التابعة للجماعة في مصر، أو هي في طريقها للإغلاق، وعزا نشطاء مصريون متابعون للحالة الإسلامية وتقارير هذا الإغلاق إلى الخلافات الداخلية للجماعة.

 

لكن يبدو أن مصير "أجهزة إعلام الإخوان" قد بات متوقفا على مدى "التصعيد" بين الجماعة والجمعية، وعلى ما إذا كان أي من الطرفين سيكسب معركة "الإنذارات العدلية" المتبادلة بين المراقب العام للجماعة، همام سعيد، ورئيس الجمعية المرخصة عبد المجيد الذنيبات، أو ما إذا كانت الحكومة ستنفذ "الفتوى التشريعية"، المشار إليها سابقا، بنقل أملاك الجماعة للجمعية، فهل ستعصف هذه الأزمة بأجهزة إعلام "الاخوان".

 

قيود قانونية وإجراءات قمعية

 

أثار توقيف رئيس تحرير صحيفة "السبيل"، الصحفي عاطف الجولاني، على إثر شكوى من مدير مؤسسة المواصفات والمقاييس، حيدر الزبن، بسبب مقال حول "صفقة اسطوانات الغاز"، مخاوف من عودة توقيف الصحفيين في قضايا النشر، لكن هذا التوقيف بدا كما لو أنه استهدافا سياسيا للجولاني و"إعلام الإخوان".

 

طبعا، هذا التوقيف أثار استنكار منظمات وهيئات عديدة بينها نقابة الصحفيين، وهيومان رايتس ووتش ومركز حماية وحرية الصحفيين وغيرها، إذ كان مفاجئا وغريبا توقيف صحفي بسبب مقال بناء على شكوى شخصية واستنادا لمادة في قانون الجرائم الالكترونية، وهو الأمر الذي جعل من عملية التوقيف هذه مثار التساؤل حول استهداف "الإسلاميين"، وجماعة الإخوان تحديدا، خاصة وأنه أتى بعد اعتقال وحبس زكي بني ارشيد الذي يقبع في السجن بتهمة "تعكير صفو العلاقات مع دولة شقيقة".

 

وقبل ذلك كانت "قناة اليرموك الفضائية"، التابعة للجماعة قد أوقف بثها، ولم يستبعد رئيس مجلس ادارة القناة:"وقوف جهات أمنية وراء وقف بث القناة".

 

لكن الحكومة، من جهتها، أكدت أكثر من مرة "حرصها على حرية الإعلام"، وعلى عدم التدخل في القضاء، أو في "الشأن الداخلي" لجماعة الإخوان وأنها ليست طرفا في الخلافات الداخلية، وذلك ردا على اتهامات وخطاب مظلومية "الإخوان"، ونشطاء إسلاميين، للحكومة بأنها تسعى لشق الجماعة وإنهاء وجودها.

 

بغض النظر عن مدى صدقية اتهامات الإسلاميين للحكومة باستهداف الجماعة وإعلامها، فالثابت، كما ورد في تقارير منظمات وهيئات محلية ودولية، أن حالة الحريات الإعلامية في الأردن تشهد تراجعا، وقد جاء في بيان لمنظمة هيومان رايتس ووتش:"أن الجولاني واحد من 6

صحفيين وكُتّاب على الأقل يواجهون الملاحقة القضائية في الأردن بسبب كتاباتهم".

 

وقد عبرت نقابة الصحفيين عن مخاوف من "عودة توقيف الصحفيين، وطالبت بتعديل التشريعات لمنع التوقيف في قضايا النشر".

 

بعيدا عن خطاب "مظلومية" الإخوان، وتحميل الآخرين دائما وأبدا أسباب تراجع الجماعة ووجودها وخطابها الإعلامي، تبقى كلمة الفصل في مصير "أجهزة إعلام" الإخوان رهينة في يد الخلافات الداخلية، ومدى تصعيد هذا الخلاف أكثر مما هو بيد الآخرين، وعلى مدى قدرة هذا الإعلام على تطوير نفسه، والارتقاء به إلى مستوى مهني رفيع، والابتعاد عن الخطاب والتغطية الأحادية والجمود، فالمظلومية وحدها لن تنتصر لا للجماعة ولا لأي جمعية أو حزب يريد لنفسه إعلاما "ناجحا".

أضف تعليقك