أبناء غزة في الأردن.. هل هم "مواطنون درجة ثالثة"؟

أبناء غزة في الأردن.. هل هم "مواطنون درجة ثالثة"؟
الرابط المختصر

"مواطنون درجة ثالثة".. بهذه الكلمات يلخص أحد أبناء غزة المقيمين في الأردن منذ عام 1967، والذين يخضعون إلى قرارات رسمية "تمييزية" ضيقت عليهم الحياة، ومنعتهم من التملك والعمل، وشراء مركبات عمومية، والعلاج الصحي، والدراسة في الجامعات، كما يقولون.

 

ويحلم أحمد (37 عاما) بأن يأتي يوم يستطيع فيه تسجيل منزله باسمه، أو يتخلص من "النظرة التمييزية" في الدوائر الرسمية والمجتمع، ويجد وظيفة في القطاع العام أو الخاص، مشيرا إلى أن حلمه "هو حلم 156 ألف مواطن فلسطيني نزحوا إلى الأردن قبل خمسة عقود".

 

وتعود أصول أحمد إلى مدينة حيفا التي نزحت عائلته منها إلى غزة عام 1948، ثم نزحت إلى الأردن عام 1967، ليجد نفسه دون حقوق مدنية؛ لأسباب لم تفسرها الحكومة الأردنية رسميا، إلا أنها ارتبطت بـ"مخاوف التوطين" على لسان محللين ومسؤولين أردنيين سابقين.

 

عقدة أبناء غزة

"الغزاويون" أو أبناء قطاع غزة في الأردن؛ هو مصطلح إداري تنظيمي، يطلق على اللاجئين الفلسطينيين الذين لجأوا إلى الأردن انطلاقا من أراضي قطاع غزة (الجزء الذي كان يخضع للإدارة المصرية قبل حرب عام 1967) بصرف النظر عن المدينة أو القرية الفلسطينية التي ينتمون إليها (البلد الأصلي).

 

ويعيش "الغزاويون" في الأردن ظروفا اقتصادية صعبة، ويعمل غالبيتهم في المهن الحرة، كعمال بناء وغيرها، بعد أن حرمتهم السلطات الأردنية من العمل في القطاع العام، وفرضت عليهم في كانون الثاني/ يناير الماضي الحصول على تصاريح عمل أسوة بالعمالة الوافدة، وأغلقت أمامهم 19 وظيفة حصرها قانون العمل بالأردنيين فقط.

 

وبحسب ورقة بحثية أعدها الدكتور إياد صيام من مخيم جرش بالأردن، لصالح أكاديمية دراسات اللاجئين في لندن، وحصلت "عربي21" على نسخة منها؛ فإن "الغزاويين في الأردن محرومون من العمل في القطاعات التي تحتاج شهادة مزاولة المهنة من النقابة المسؤولة، كالطب بكافة فروعه، والصيدلة، والتمريض، والمحاماة، علاوة على منعهم من العمل في القطاع العام".

 

ويمنع الغزاويون من العمل في القطاعات السياحية، وقطاعات المصارف والبنوك، أو العمل كسائقي سيارات أجرة، أو سائقي شاحنات أو وسائط النقل الخصوصي أو العمومي، أو سائقي آليات ثقيلة وآليات إنشاءات، حيث لا يحق للغزي الحصول على رخصة لقيادة السيارات؛ سوى رخصة من الفئة الثالثة التي لا يحق استخدامها إلا في قيادة سيارات الركوب الصغيرة الخاصة المخصصة للاستخدام الشخصي العائلي.

 

وبحسب مراقبين؛ فقد قامت السلطات الأردنية بتوجيه "ضربة موجعة" لهذه الشريحة في شباط/ فبراير الماضي، من خلال رفعها رسوم إصدار جوازات السفر المؤقتة من 70 دولارا إلى 280 دولارا، ما دفع أبناء غزة في الأردن إلى تشكيل "لجنة شعبية" نفذت سلسلة اعتصامات أمام مقر البرلمان والحكومة الأردنية، للمطالبة بحقوق مدنية، والتراجع عن القرارات الأخيرة.

 

وقال عماد العميصي، أحد المشاركين في الاعتصامات، إن "معاناة أبناء غزة قديمة، وهم أكثر ما يعانون من التفرقة العنصرية".

وأضاف لـ"عربي21": "خرجنا في اعتصامات لإلغاء اشتراط تصاريح العمل، فبعد أن تم تحويلنا إلى عمالة وافدة؛ أغلقت أمامنا أغلب المهن".

 

ونجحت اعتصامات الغزاويين بالأردن في رفع مدة الجواز المؤقت من سنتين إلى خمس سنوات، إلا أن الحكومة الأردنية أبقت على الرسوم مرتفعة، وأبقت كذلك على تصاريح العمل.

 

من جهته؛ شرح الكاتب المتخصص في الشأن الفلسطيني، فرج شلهوب، مطالب أبناء غزة في الأردن، مبينا أنها "تشمل استثناء أبناء غزة من أية قرارات تصدر عن مجلس رئاسة الوزراء تخص الوافدين والأجانب، وتسهيل إجراءات الحصول على الإعفاءات الخاصة بالأمراض المستعصية والخطيرة، والسماح بتلقي العلاج في المستشفيات الحكومية برسوم مساوية لما يدفعه الأردني غير المؤمَّن".

 

وأضاف شلهوب لـ"عربي21": "كما أنهم يطالبون بإلغاء تصاريح العمل، والسماح لهم بالعمل في كافة وظائف القطاع الخاص كما كان معمولا به في السابق، والسماح بالحصول على شهادات مزاولة المهن (طب، وطب أسنان، وصيدلة، وتمريض، ومختبرات طبية، ومحاماة)، وتخفيض رسوم إصدار جواز السفر إلى 50 دينارا، والسماح بالحصول على رخص سوق عمومي، وتسجيل الأراضي والعقارات باسمهم".

 

تضييقات أمنية

وحول التضييقات الأمنية التي تمارسها السلطات الأردنية تجاه حملات أبناء غزة الاحتجاجية؛ يقول "غزاويون" في الأردن لـ"عربي21" إن "المخابرات الأردنية استدعت مؤخرا عددا من الناشطين في اللجنة الشعبية، ووقعتهم على تعهد بسبعة آلاف دولار بأن لا يعودوا للاعتصام مجددا، وأجبرتهم على حذف صفحات مناصرة للجنة على موقع فيسبوك".

 

وتقول السلطات الأردنية إنها تخشى من تكريس فكرة الوطن البديل من خلال منحها حقوقا لأبناء غزة، رغم أن المملكة تستضيف نحو 2.1 مليون لاجئ فلسطيني،كلهم مسجلون رسميا، ممن هجروا من بلادهم عامي 1948 و1967، ويتمتع غالبيتهم بالجنسية الأردنية، كما تشير أرقام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا).

 

إلا أن رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن أبناء غزة، عمر كُلاب، يبدد في حديث لـ"عربي21" مخاوف التوطين، ويقول إنه "لا يوجد خوف على الهوية الأردنية، كون أبناء غزة لا يطالبون بوطن بديل، وإنما بحقوق مدنية، وليست سياسية وجنسيات".

 

وكان رئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي، قد وافق بعد لقائه لجنة فلسطين النيابية في 23 شباط/ فبراير، على مجموعة من القرارات للتسهيل على أبناء قطاع غزة المقيمين في المملكة، شملت تمديد مدة صلاحية جوازات السفر المؤقتة لخمس سنوات، مع إبقاء الرسوم، ومنحهم إذنا بالحصول على رخصة قيادة مركبات من فئة "الخصوصي".

عربي21