أئمة المساجد في الأردن ..اهتمامات رسمية باتجاهات متعارضة

مساجد
الرابط المختصر

طالب تقرير متخصص، بالسماح للائمة والمؤذنين والواعظات بتأسيس نقابة خاصة بهم، والعمل على تحسين شروط عمل الأئمة والمؤذنين والواعظات من ناحية زيادة اجورهم وعلاوتهم واجازاتهم، مثل تحسين ظروف السكن، وتعديل انظمة بناء بناء المساجد بحيث تضم مادة تشير الى ضرورة التحقق الهندسي من امكانية بناء السكن الى جانب المسجد وليس تحته.

ودعا التقرير، الذي اعده واصدره اليوم المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، الى تمكين الأئمة والمؤذنين والوعاظ من المشاركة في دورات تدريبية في مختلف القضايا التي تتعلق بمهنتهم، وتمكينهم من التعرف على ثقافات الآخرين والمفاهيم اللازمة لفهم متغيرات الحياة المعاصرة.

التقرير، الذي يحمل عنوان" ظروف عمل أئمة المساجد في الأردن ..اهتمامات رسمية باتجاهات متعارضة"يبين انه في الوقت الذي ادركت فيه الدولة الاردنية، وعلى مدار عقود طويلة، الدور الهام الذي يلعبه الخطاب الديني في الاردن في رسم توجهات الرأي العام، وطريقة نظرتهم لكافة القضايا، وبذلك رسمت سياسة تكاد تكون واضحة تجاه التعامل مع من يمثلون هذا الخطاب وخاصة مع قطاع أئمة المساجد، تمثل في مراقبة كل ما يقال داخل المساجد، واتخاذ اجراءات تشريعية وادارية تتيح التحكم بملف الخطاب الديني من قبل الحكومات المتعاقبة، الا ان الاهتمام الحكومي بما يحدث في المساجد لم ينعكس على تحسين ظروف الائمة المعيشية، حيث انصب الاهتمام فقط على فتح قنوات الاتصال معهم لتوجيههم في ما يقولونه، لكن لم يعر أحد اهتماما للوضع المعيشي المتردي الذي يرزح تحته الائمة.

وتؤكد العديد من المؤشرات التي يتناولها هذا التقرير، الذي يهدف الى رصد الواقع الوظيفي والمعيشي للائمة والمؤذنين، تعرضهم لظروف عمل غير لائقة، حيث تظهر فجوات في طريقة ادارة وزارة الاوقاف لهذا الملف، من حيث اصرارها على تقييد الائمة، ومن ناحية اخرى عدم الاكتراث لتحسين ظروف عملهم.

 

بحسب اخر احصائيات وزارة الاوقاف، يبلغ عدد الموظفين الرسميين والمثبتين في الوزارة (6750) موظفا، منهم (1856) اماما و(4150) مؤذنا، في حين يبلغ عدد المساجد في الاردن (6380) مسجدا، فضلا عن وجود (189) مسجدا تحت الانشاء (وقت اعداد هذا التقرير)، ويبلغ عدد الواعظات (753) واعظة، وبذلك تشير الارقام لوجود نقص بعدد الائمة والمؤذنين يصل الى حوالي (2400) امام، و(1390) مؤذنا.

ولفت التقرير الى انه بعد تأسيس نقابة المعلمين عام 2011، لتكون اول نقابة منتسبيها من القطاع العام، بدأ في منتصف ذلك العام حراكا للأئمة والمؤذنين والاداريين والواعظات العاملين في وزارة الاوقاف، للمطالبة بانشاء نقابة لهم، لتكون خطوتهم الاولى تأسيس اللجنة التحضيرية لنقابة العاملين في الاوقاف الاسلامية، والتي تم انتخاب رئيسها واعضائها من قبل الائمة والمؤذنين والاداريين، لتنظم هذه اللجنة عدة اعتصامات وتصدر عدة بيانات تطالب بالسماح لهم بتأسيس النقابة.

وما زالت اللجنة التحضيرية للنقابة تجهد لتسريع اصدار قانون خاص للنقابة وفق المسارات الدستورية المتعارف عليها في الأردن، وهذه الجهود تواجه مصير كافة الملفات المتعلقة بالتنظيم النقابي في الأردن منذ عدة سنوات، إذ ما زال مسار هذا الملف مسدودا.

ويرصد التقرير شكاوى الأئمة والوعاظ، التي يدور معظمها حول انخفاض الاجور، يقابله اجبارهم على البقاء في مكان العمل لساعات طويلة جدا مرتبطة باوقات الصلاة، مع العلم انهم لا يستطيعون، سواء الامام او المؤذن، مغادرة المسجد بعد انتهاء وقت الصلاة، حيث يؤكدون ان مواعيد الصلاة متقاربة، وبذلك بحال رغبتهم بالقيام بأي نشاط اجتماعي او غيره، لا يجدون الوقت لذلك.

يقول احد الائمة: "حياتنا الاجتماعية معطلة بالكامل، حتى يوم الاثنين وهو عطلتنا الرسمية يطلب منا ايجاد امام ثقة يحل مكاننا ويحملونا مسؤوليته، ويطلبون منا تقرير قبلي وبعدي حول هذا البديل، وهذا يصعب علينا فكرة الاستفادة من العطلة، فنفضل البقاء في المسجد، لا نستطيع اجراء اي معاملة شخصية او حتى زيارة الاقرباء، تقريبا نحن محتجزين في مكان وظيفتنا".

بالنسبة للعلاوات التي يتقاضاها الائمة فهي تنحصر في علاوة خطبة الجمعة التي تبلغ (25) دينارا شهريا لحملة البكالوريوس و(40) دينارا لحملة الدكتوراة والماجستير، اي حوالي ستة الى عشرة دنانير على كل خطبة، وهي قليلة جدا، مقابل الجهد المبذول من قبل الامام كما اكد العديد من الائمة، ومع ذلك ينتظر الائمة اشهرا طويلة قبل ان تصرف لهم الوزارة هذه العلاوة التي لا ترفق مع الراتب الشهري.

ورغم ان الائمة والمؤذنين يبقون تقريبا طوال اليوم داخل المسجد، او قريبين منه، لا تحسب لهم اي ساعات عمل اضافي، ولا يتم النظر الى الجهود والاعباء الملقاة عليهم من حيث التواصل مع المصلين والاجابة على اسئلتهم والمشاركة في الانشطة داخل الحي مثل زيارة المرضى وجمع التبرعات وما الى ذلك، والتي تعتبر من الواجبات التي تمليها عليهم طبيعة عملهم حسب وصفهم. وبالنسبة لدروس تحفيظ القرأن التي عادة ما يتولى القيام بها امام او مؤذن المسجد، فعادة تكون ايضا من مهامهم الاضافية التي لا يتلقون اجرا عليها.

وفي الوقت الذي تلزم تعليمات أبنية المساجد الصادرة عن وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية، كل من اراد التكفل ببناء مسجد ان يكون فيه سكنات لكل من الامام، والمؤذن وخادم المسجد، الا ان 95% من المساجد لا يوجد بها الا سكنا للامام فقط، والمشكلة الاكبر ان هذا السكن عادة ما يبنى تحت المسجد، ليكون على الاغلب بمساحة ضيقة جدا، ولا تتوفر فيه الشروط الصحية مثل التهوية المناسبة بحسب التقرير.

اغلب الائمة، الذين تمت مقابلتهم اكدوا ان السكنات التي تقع تحت المساجد غير صالحة للسكن، وبذلك لا تعتبر ملائمة للعيش فيها، ولا تتم صيانتها رغم ان اغلبها مضى على بنائه عشرات السنين، والجديد منها يتم ارتكاب نفس الاخطاء الهندسية عند تصميمها حيث تكون مثل "السراديب" تحت الارض، ولا تصلها اشعة الشمس، او كمية كافية من التهوية حسب وصف ساكنيها.

يؤكد هؤلاء الأئئمة أن غالبية ابنائهم مصابين بالربو، وانواع اخرى من الامراض نتيجة العيش في هذه السكنات، وفي الوقت ذاته هم مضطرين للبقاء بها لقربها من مكان العمل"المسجد"، وايضا عدم القدرة المالية على استئجار بيت قريب من المسجد.

احد الائمة قال: "عند تصميم المسجد هندسيا، هناك اصرار على جعل سكن الامام تحت المسجد وبمساحة ضيقة جدا، رغم انه لا يوجد اي سبب شرعي يمنع بناء السكن بجانب المسجد وليس تحته".

.

امام آخر قال: "رغم ان تعليمات بناء المساجد الصادرة عن وزارة الاوقاف تؤكد انه يجب ان يخضع اي مسجد سيتم بنائه لتعليمات الاشراف الهندسي الصادرة عن نقابة المهندسين الاردنيين  بحيث تخضع جميع المشاريع التي تزيد مساحتها عن (400) متر مربع للاشراف الكلي من قبل مكتب هندسي معتمد ومسجل في نقابة المهندسين وبتعيين مهندس مقيم في الموقع، الا انه لا احد يكترث لتطبيق الشروط الصحية لسكن الامام".

احدهم قال: " عندي ثلاثة اطفال كلهم يعانون من الربو والحساسية، ايضا زوجتي بدأت تعاني من مشاكل في العظام، لدي تقارير طبية تثبت ان السبب عدم تعرض زوجتي واولادي للشمس والتهوية الكافية ساهما الى حد كبير فيما يعانون، لا استطيع استئجار بيت لاني ظروفي المالية لا تسمح وايضا طبيعة عملي تلزمني بالبقاء قريبا جدا من المسجد".

 

أضف تعليقك