كيف استغلت النساء الحجر الصحي لتحسين لياقتهن البدنية

الرابط المختصر

أثرت جائحة كورونا على مجرى الحياة بشكل لم يسبق له مثيل، حيث تغيّرت أولويات الأفراد وتكيّفوا مع الظروف الجديدة المفروضة عليهم. وفي ظل إغلاق الأندية الرياضية وتعليق الأنشطة البدنية، وجدت الكثير من النساء في الحجر الصحي فرصة لإعادة تقييم نمط حياتهن، مما ساعدهن على تحسين لياقتهن البدنية كان لهذه الفترة تأثير عميق على الصحة النفسية والجسدية للكثيرات، حيث أصبح التحفيز الذاتي جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية اذ ان بعض النساء تمكنّ من تحويل التحديات إلى فرص في هذه الظروف الاستثنائية.

بسمة، وهي سيدة في السابعة والثلاثين من عمرها، شاركت تجربتها في بداية الحجر الصحي تقول: "أول ما بدأ الحجر الصحي، شعرت بشيء من الفوضى كنت أعمل من المنزل، وفجأة تغيّر كل شيء كان من الصعب التركيز، وكثيرًا ما كنت أتناول الوجبات الخفيفة بشكل مفرط أثناء العمل التحدي الأكبر كان البقاء نشيطة، لأنني كنت أعتمد عادة على الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، ومع غلقها، شعرت بنقص كبير في النشاط لكنني قررت أن هذه الفترة قد تكون فرصة لي لإجراء تغييرات إيجابية"

تعكس كلمات بسمة كيف أثرت الضغوط اليومية على نمط حياتها وفي ظل التحديات التي واجهتها، قررت أن تعيد ترتيب أولوياتها وتخصيص وقت لنفسها لذا ، قامت بتحديد أهداف بسيطة؛ فقد بدأت بممارسة رياضة المشي لمدة نصف ساعة يوميًا في حديقة المنزل واستكشفت مجموعة متنوعة من تمارين الفيديو عبر الإنترنت تضيف بسمة : "وجدت الكثير من الدروس التي تناسبني من خلال هذه المقاطع، تعلمت بعض التمارين الجديدة مثل اليوغا وتمارين القوة باستخدام وزن الجسم كنت أستمتع بالتجديد في روتيني."

 

لم يكن الأمر سهلاً في البداية، ولكن بسمة أدركت أن التحفيز الذاتي ضروري لتحقيق أهدافها. تقول: "في البداية كان الأمر صعبًا، لكنني وضعت لنفسي جدولاً أسبوعيًا كنت أكتب ما سأقوم به كل يوم، وكأنني في صف رياضي. كما قمت بمشاركة أهدافي مع أصدقائي عبر مجموعة واتساب، وكنا نشجع بعضنا البعض."

بينما كانت تعيش تجربة مماثلة، تحدثت عنود، المدربة الرياضية البالغة من العمر 28 عامًا، عن التحديات التي واجهتها النساء أثناء الحجر الصحي. تقول: "خلال الحجر الصحي، لاحظت أن الكثير من النساء كن يواجهن صعوبة في التكيف مع الوضع الجديد إحدى التحديات الرئيسية كانت قلة المساحة المتاحة لممارسة الرياضة في المنزل، بالإضافة إلى غياب المعدات الرياضية " وأشارت إلى أن العديد منهن شعرن بالإحباط نتيجة عدم القدرة على ممارسة التمارين كما كن يفعلن في الصالات الرياضية.

لم تكن عنود راضية عن الوضع، لذا قررت أن تكون جزءًا من الحل "نعم، قررت إنشاء مجموعة من الفيديوهات القصيرة على يوتيوب، حيث قدمت تمارين يمكن القيام بها في المنزل باستخدام وزن الجسم فقط كان هناك تركيز على تمارين مثل القرفصاء والضغط والتمارين القلبية " استجابة النساء كانت رائعة، كما تقول: "الكثير منهن بدأوا يشاركون تجربتهم ويطلبون نصائح إضافية بعضهن أبلغنني بأن هذه الفيديوهات منحتهن شعورًا بالاستمرارية والتواصل، وهو ما كان يحتاجونه في تلك الفترة."

إحدى الفوائد البارزة لتجربة الحجر الصحي كانت التأثير الإيجابي على الصحة النفسية تشير بسمة إلى أن التمارين كانت وسيلة للتخلص من التوتر والقلق الناتج عن الظروف المحيطة، وتقول: "بفضل هذه الجهود، تمكنت من خسارة بعض الوزن وتحسين لياقتي البدنية أشعر أنني أصبحت أكثر مرونة ونشاطًا، والأهم من ذلك، كانت حالتي النفسية أفضل بكثير " تعلمت بسمة أن ممارسة الرياضة ليست مجرد وسيلة لتحسين الشكل الجسدي، بل إنها جزء أساسي من حياة صحية متوازنة.

في السياق نفسه، توضح عنود كيف أثرت تجربة الحجر الصحي على التفاعل بين المدربين والمتابعين "خلال هذه الفترة، كان التواصل مع متابعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي أساسيًا العديد من النساء شاركنني قصصهن وتجاربهن، مما خلق شعورًا بالتضامن والدعم كنت أشعر بالفخر لرؤية كيف أن بعضهن تمكنّ من تغيير روتينهن واستمرارهن في ممارسة الرياضة " لقد أظهرت هذه الفترة كيف يمكن للمجتمعات الافتراضية تقديم الدعم والتحفيز، وهو أمر قمت بالتركيز عليه حتى بعد انتهاء الحجر.

على صعيد آخر، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام ويوتيوب وتيك توك زيادة ملحوظة في النشاط الرياضي النسائي حيث أصبحت هذه المنصات مراكز لنشر المحتوى الرياضي، حيث استخدم المدربات مشهورات عالميا مثل "كيلا إيتسينس" هذه الفترة لتعزيز التفاعل مع جمهورهها من خلال روتينات التمارين المنزلية ونصائح الصحة واللياقة البدنية شهدت المحتويات المباشرة والفيديوهات القصيرة تفاعلًا كبيرًا، حيث سعت العديد من النساء للحفاظ على صحتهم من المنزل.

تشير إحصائيات إلى أنه خلال جائحة كورونا، ارتفعت نسبة تحميل تطبيقات اللياقة البدنية بنسبة 46% بين الربع الأول والثاني من عام 2020، مع أعلى نسب نمو في مناطق مثل الهند ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحولت الرياضة المنزلية إلى نمط حياة جديد، حيث اتجهت العديد من النساء، خاصة في الفئات العمرية بين 25 و40 عامًا، إلى ممارسة الرياضة في المنزل عبر منصات الإنترنت أو تطبيقات اللياقة البدنية في تلك الفتره . وهذا ما أكدته ويبك بليدورن، الباحثة في مختبر تغيير الشخصية بجامعة كاليفورنيا–دافيزحيث أشارت بليدورن إلى أن التكنولوجيا الحديثة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الاتصال الافتراضي، وفرت للأفراد فرصًا للتفاعل الاجتماعي افتراضيًا، مما ساعد في تقليل الآثار السلبية للعزلة خلال فترة الإغلاق, اضافه الى ان الافراد أظهروا قدرة لافتة على التكيف ومواجهة الشدائد، رغم المخاوف التي شعر بها الكثيرون في هذا الشأن، خلال المراحل الأولى من تفشي الوباء

تستمر بسمة في ممارسة الرياضة حتى بعد انتهاء الحجر، حيث تقول: "هذه التجربة علمتني أهمية الرياضة ليس فقط لجسدي، ولكن أيضًا لعقلي الآن، أعتبر ممارسة الرياضة جزءًا لا يتجزأ من حياتي

تتمنى عنود أن تستمر النساء في هذه التغييرات الإيجابية، وتقول: "آمل أن تستمر النساء في استخدام هذه التجربة كمصدر للإلهام، وأن يجدن طرقًا جديدة لتحسين لياقتهن البدنية حتى في كافه ظروف الحياة "

إن تجارب بسمة وعنود تعكس كيف يمكن للنساء تحويل الأوقات الصعبة إلى فرص للنمو والتطور في عالم متغير، يبقى الالتزام بالصحة واللياقة البدنية هو العامل الرئيسي في تحسين جودة الحياة.

يأتي هذا التقرير في إطار الشراكة بين شبكة الإعلام المجتمعي- راديو البلد و جمعية معهد تضامن النساء الأردني لمشروع متحدون في مواجهة العنف ضد المرأة والفتيات أثناء وما بعد جائحة كورونا الممول من صندوق الأمم المتحدة الاستئمانيUNTF.