تخوفات النساء من إجبارية مطاعيم كورونا
في خضم جائحة كورونا، التي غيرت ملامح الحياة اليومية في العالم، وانتشار المطاعيم باختلاف أنواعها داخل المجتمعات أخذت الخلافات المتعلقة بنجاعتها وأمانها تتصدر النقاشات المجتمعية والسياسية مع تزايد الضغوط لمواجهة الفيروس والحد من انتشاره، مما أدى إلى توجه العديد من الدول إلى فرض التطعيم على مواطنيها، بصورة مباشرة أو بتقييد الكثير من الإجراءات الحكومية والدخول للأماكن العامة بإظهار شهادة المطعوم أو فحص سلبي أُجري قبل مدة قصيرة.
يطرح التشديد على أخذ جرعات المطعوم وربطها بالعمل وقضاء مصالح المواطنين تساؤلات لديهم حول الحرية الشخصية في تلقي المطعوم، والثقة في هذه القرارات ومدى تأثيرها على المجتمعات، الأمر الذي أبدت سلمى سمير (اسم مستعار) امتعاضًا منه قائلة: "بعد كثير من الأخبار التي سمعتها وشاهدت مقاطع مصورة حولها خفت من تلقي المطعوم وامتنعت عن ذلك، وكان خيار اقتناء شهادة المطعوم هو الخيار الأصح بالنسبة لي لضمان عدم دخول شيء غريب وجديد لجسمي، ومكنتني الشهادة من التحرك والدخول لأي مكان براحتي".
وتتابع أنها بعد عدم استطاعتها قضاء أكثر من أمر من احتياجاتها لعدم تلقيها المطعوم أخذت قرارًا باقتناء شهادة مطعوم بعد استفسارات كثيرة عن إجراءاتها، "استخرجت شهادة المطعوم فيها معلوماتي على اعتبار أني أخذت جرعتي المطعوم واستعملتها في بقية معاملاتي".
وصف البعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لجعل المواطنين يتلقون جرعتي المطعوم بـ"المقيتة"، وتسعى بشكل غير مباشر لإجبار المواطن على تلقيها ليستطيع الالتحاق بعمله أو ممارسة حياته بشكل طبيعي دون عراقيل، توضح منى عمر (اسم مستعار) أن بعض الأماكن لم تكن تقبل بتلقي جرعة واحدة من المطعوم وتشترط جرعتين لدخولها أو إظهار الملف الشخصي لتطبيق سند في بعض الأماكن "ما كان يسبب حرجًا لي ويصعب علي قضاء انشغالاتي في البنوك والمستشفيات والأماكن الحكومية، هذا أمر مزعج جدًا لشخص يواجه مخاوف عدة حول هذا المطعوم"
وتتابع حديثها "ابنتي كانت في مرحلة التوجيهي وكان هناك ضغط كبير على الطلبة لأخذ جرعات المطعوم للتمكن من الدخول للامتحانات الوزارية، وابنتي مناعتها قليلة ولديها تخوف من أخذ المطعوم ولم تقبل بذلك، كما رأت كيف تأثرت صديقاتها وتعبن منه، ولآخر لحظة رغم الخوف من عدم السماح لها بالدخول لقاعة الامتحان وخوفها أكثر من المطعوم إلا أنها لم تأخذه، لكنها عاشت حالة نفسية سيئة بسبب ذلك"
وحول الأسباب التي زادت مخاوف سلمى ذكرت أنها خلال متابعتها لبعض الأطباء وضحوا أن اللقاحات تحتاج سنوات من الدراسة قبل قرار إعطائها للمواطنين، بالإضافة إلى تناقل الأخبار عن مخاطر المطعوم، وتأثيره السلبي على صحة الكثير من معارفها ممن تلقوه، والتقارير التي شاهدتها عن إصابة متلقي لقاح كورونا بأمراض أخطر من كوفيد 19، الأمر الذي دفعها وأبناءها لعدم تلقيه واقتناء شهادات تطعيم لمن يضطر لها من العائلة.
وأضافت "كان تأثير التجربة سيئًا على الجانب النفسي، لشعورنا بإجبارية التطعيم وعدم وجود حرية للاختيار، فشعرنا بضيق أكبر من هذه الحالة التي سادت في المجتمع" على حد قولها.
في تصريحات سابقة وضَّح النائب صالح العرموطي أن سبب عدم إقبال المواطنين على تلقي التطعيم يعود إلى "عدم الثقة والإقتناع بالقرارات الحكومية، خاصة مع وجود تقارير تحذر من اللقاحات".
وأضاف لا يجوز الحجر على عقول المواطنين وأفكارهم في اختيارهم لتلقي المطعوم من عدمه، فالحرية الشخصية مصانة ومحصنة دستوريا.
من جانبها ذكرت المعلمة سناء أسعد (اسم مستعار) أن موظفي القطاع العام من أول الفئات التي كانت تخضع لتشديدات لتلقي جرعتي المطعوم، موضحةً أن هناك معلمات كن مترددات حول المطعوم وتلقيه لكنهن أجبرن على أخذه لطبيعة العمل والدوام اليومي في المدارس.
وذكرت أن التشديد كان من الحكومة على إدارات المدارس وفرض الرقابة على المعلمين لتلقي المطعوم، "كل الأماكن العامة والوزارات ان لازم نظهر شهادة التطعيم للتمكن من دخولها وهذا بطبيعة الحال فرض علينا إلزامية التطعيم للحصول على الشهادة".
في سياق متصل قالت لمياء حسين (اسم مستعار): إنها خلال فترة الجائحة كانت تضطر لزيارة أحد أقاربها في المستشفى ما يتطلب منها إبراز ملفها الشخصي في تطبيق سند للتمكن من الدخول للمستشفى في حين أنها لم تتلق المطعوم، "اضطريت لزيارة حالة طارئة في المستشفى الدخول على تطبيق سند صديقتي وإبرازه عند باب المستشفى، فأنا لم أتلق المطعوم لأني مريضة ضغط وخفت من مضاعفات أو أعراض جانبية للمطعوم لأصحاب الأمراض المزمنة فما سمعته ممن تلقوه حولي أنهم أصيبوا بتعب وضعف مناعة"
وتابعت حديثها "مش جميع الناس عندها قدرة تحمل لأمراض فوق أمراضها وما سمعته عن أضرار المطعوم أكثر من فوائده، ورغم إني تعطلت عن القيام بكثير من الأمور لعدم تفعيلي لسند، إلا إني استعنت بملف صديقتي في بعض الأوقات للتمكن من دخول المستشفى".
الأستاذ سليم سعد وضَّح أنه كان من الأجدر على المواطنين تخطي مخاوفهم والابتعاد عن الالتفات للشائعات فيما يخص لقاح كورونا، فالوعي بالحفاظ على الصحة وعدم تطور الفايروس والحد منه هو ما يلزم التركيز عليه، "وإن نأى كل فرد منا عن الالتزام باللقاح من الطبيعي أن يصل الحال لوضع كارثي لا تستطيع المستشفيات التعامل معه، وهذا ما على ضمير المواطن أن يستشعره في مجتمع متعلم، لا الانجرار خلف المخاوف من مطاعيم وافقت عليها وزارة الصحة".
جاء قرار التشديد على تلقي لقاحات كورونا كجزء من الجهود الحكومية الحثيثة لمكافحة الفيروس والحد من انتشاره رغم التحديات التي واجهت تطبيق هذا القرار من قِبل بعض الفئات الاجتماعية، لكن العقبة الأبرز كانت التوازن بين حماية الصحة العامة وضمان الحقوق الفردية، ما يحتاج جهودًا كبيرة لتعزيز الوعي المجتمعي والتواصل المفتوح مع المواطنين لطمأنتهم حول سلامة اللقاحات وأهميتها في مواجهة الجائحة.
يأتي هذا التقرير في إطار الشراكة بين راديو البلد و جمعية معهد تضامن النساء الأردني لمشروع متحدون في مواجهة العنف ضد المرأة والفتيات أثناء وما بعد جائحة كورونا الممول من صندوق الأمم المتحدة الاستنمائي UNTF.