كيف عاش ذوو الاحتياجات الخاصة وأسرهم في الأردن ظروف ومخاطر كورونا

الرابط المختصر

ولدت الشابة العشرينية "نجوى" مصابة بمرض غريب يسميه الأطباء "المرض البلوري" وهو يجعل المصابين به أشبه بلوح زجاجي عرضة للتهشم لدى أدنى اصطدام،

وازدادت معاناة الشابة التي تستخدم كرسياً متحركاً وتعيش في أحد ضواحي مدينة المفرق بعد إصابتها مرض فيروس كورونا المستجد 2019 الذي أصيبت به بعد التقاط العدوى من شقيقها طالب الثانوية بعد أن عاد ذات يوم وبدأت حرارته بالإرتفاع، وبعد يومين بدأت بالسعال الجاف وألم في الحلق وكل ما يؤكد إصابتها بالفيروس الخطير قبل أن تُشفى منه مع شقيقها.

نجوى هي واحدة من عشرات الشبان المعوقين الذين ابتليوا بالمرض الخطير الغامض وباتوا رهيّنيْ المحبسين: "الإعاقة وكورونا" ومما زاد من معاناتهم نقص الأدوية والغذاء والعلاجات وما إلى ذلك في ظل تقييد الحركة والحظر الذي شمل كل أنحاء البلاد وأحدث تغييرات جذرية في المجتمع على كل الصعد.

ووفقًا للمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، يعيش حوالي 11.2٪ من سكان الأردن الذين تزيد أعمارهم عن 5 سنوات مع إعاقة بسبب الزواج بين الأقارب أو الأخطاء الطبية أو حوادث المرور.  

وفي ظل كورونا واجه الكثير من الأشخاص ذوو الإعاقة العديد من الحواجز التي حالت دون استخدامهم لوسائل النقل للوصول إلى متطلباتهم اليومية، وتلقي الخدمات، مثل الرعاية الطبية، الضرورية للحفاظ على الصحة،  بالإضافة إلى تفاقم الفجوة الرقمية بين المتعلمين فيما يتعلق بمدى توافر الأجهزة وإمدادات الكهرباء وخدمات الإنترنت التي تجعلهم على إطلاع بماهية هذا المرض وانتشاره وكيفية التصدي له.

 

جائحة سيئة الذكر

ومع تفشي الجائحة سيئة الذكر تعرض الكثير من ذوي الإعاقة بأنفسهم لفيروس كورونا، وبحسب خبراء يتعرض ذوو الإعاقة بدرجة كبيرة لخطر الإصابة بالفيروس لأن المعلومات المتاحة حول انتشار المرض، بما في ذلك الأعراض وسبل الوقاية، غير متاحة في العادة في أشكال يسهل الاطلاع عليها مثل المواد المطبوعة بصيغة برايل، وتفسير لغة الإشارة، والتعليقات التوضيحية، والخدمة الصوتية، والرسوم البيانية.

"ياسمين العويني" هي شابة أردنية أخرى تعاني من الإعاقة الحركية أنهت بكالوريوس أدب انكليزي ودبلوم عال في علوم الوحي، وحول تجربتها الشخصية في ظل جائحة كورونا وكيف تمكنت من التأقلم مع الظروف الصعبة التي أفرزتها هذه الأزمة قالت ياسمين لـ"صوت شبابي" إن ذوي الإعاقة يعانون غالباً من عقبات كثيرة في الحياة الطبيعية، فما بالك إذا كانت هناك جائحة خطيرة مثل كورونا، وتمثلت هذه العقبات-كما تقول- في صعوبة الحصول على الأدوية نظراً للقيود المفروضة على حرية التنقل، وكشفت ياسمين أنها عانت أيضاً من صعوبة في أخذ المطعوم وكذلك عدم توفر الأدوية التي كانت تتناولها قبل الأزمة في ظل الإغلاقات وتقييد حرية التنقل. 

ومن المشاكل الشخصية التي عانتها بسبب جائحة كورونا روت ياسمين أن الكرسي المتحرك الذي تستخدمه في التنقل أصيب بعطل، ولم تتمكن من إصلاحه لذات السبب، وأصبحت تعاني من إعاقة ثانية وهي صعوبة التحرك للحصول على احتياجاتها.   

 

لا أريد أن أكون عالة على أحد

وبدورها قالت "هالة القادري" ٢٢ التي تعاني من شلل في الأطراف السفلية منذ الولادة لـ"صوت شبابي" أنها كانت تدرس في المرحلة الثانوية العامة أثناء فترة كورونا وبذلت أقصى جهدها لتنجز وتثبت نفسها آنذاك ولكن الظروف غلبتها ولم يحالفها الحظ في النجاح ، فأرادت أن تعمل على نفسها وتثبت شخصيتها، منطلقة -كما تقول- من شعار  "لا أريد أن أكون عالة على أحد"، وتضيف أنها قررت تنمية هوايتها في أشغال الأرتيزانا "الكروشيه" وعملت مشروعاً منزلياً صغيراً ولكنها لم تستمر فيه بسبب حاجتها للدعم المادي، وهذا ما حصل بعد أن افتتحت بقالية صغيرة في منزلها لتأمين قوت عائلتها بسبب الظروف الاقتصادية وظروف كورونا .

وحول الصعوبات التي واجهتها خلال  فترة التقييد والحظر قالت القديري إن كورونا والحظر يؤثران على نفسية أي شخص سلبياً مهما كان وضعه الصحي وبالنسبة لها كفتاة من ذوي الإعاقة في الوضع الطبيعي حركتها محدودة لأنها في محافظتها جرش لا تتوفر أماكن مناسبة ومهيئة لذوي الإعاقة بشكل كامل.

 ولفتت محدثتنا إلى أنها تحاول إلى الآن السعي وإثبات وجودها في سوق العمل ولكن حتى الآن لم تجد فرصة بسبب قلة الوعي بخصوص ذوي الإعاقة وخصوصاً في منطقتها التابعة لمدينة جرش.

الطب عن بعد

وبحسب الجمعية الإيطالية للنساء في التنمية  aidos  التي تولت العديد من المشاريع الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة في الأردن يعد الأشخاص ذوو الإعاقة من بين الفئات الأكثر ضعفًا: فقد يواجهون صعوبة في الوصول إلى برامج المساعدة الإنسانية بسبب الحواجز الاجتماعية والبيئية والتواصلية، مع زيادة مخاطر الحماية، من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وأدت إجراءات الإغلاق التي تم تنفيذها استجابةً لجائحة كوفيد-19 إلى تعطيل تقديم الخدمات الصحية، بما في ذلك دعم الصحة النفسية، في الأردن بشكل كبير. ولضمان استمرارية هذه الخدمات الأساسية، تم اعتماد نهجي الطب عن بعد والصحة المتنقلة. وقد مكن هذا وزارة الصحة من تقديم الاستشارات والأدوية لآلاف الأشخاص المحتاجين خلال فترة الإغلاق ومنهم ذوي الإحتياجات الخاصة.  

وفي مجال الصحة واجه الكثير من المعوقين احتياجات صحية أساسية إضافية جعلتهم معرضين بشكل خاص لأعراض شديدة إذا أصيبوا بفيروس كورونا.

وبحسب خبراء يتعرض ذوو الإعاقة بدرجة كبيرة لخطر الإصابة بالفيروس لأن المعلومات المتاحة عن المرض، بما في ذلك الأعراض وسبل الوقاية، غير متاحة في العادة في أشكال يسهل الاطلاع عليها .

كما تعمق إجراءات الحجر الصحي معاناة الأشخاص في وضعية إعاقة، الذين اصبح وضعهم أشد تعقيدا في فترة انتشار المرض .

ورأت مديرة "مبادرة مودة ورحمة" الناشطة "إسراء الزعبي" أن ذوي الإعاقة واجهوا خلال جائحة كورونا تحديات كبيرة أثّرت على حياتهم اليومية، وكان من أبرز هذه التحديات-حسب قولها- صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية والخدمات الأساسية، حيث تم تعليق العديد من البرامج والدعم المخصص لهم. ومراكز تعليمهم، كما زادت القيود المفروضة على الحركة والتباعد الاجتماعي من عزلة هؤلاء الأفراد، مما أثر سلباً على صحتهم النفسية والاجتماعية.

 وإضافة إلى ذلك، تزايدت معاناتهم في التكيف مع التعلم عن بُعد، حيث لم تتوفر دائما الوسائل التكنولوجية أو الدعم المناسب لتسهيل العملية التعليمية. 

ولفتت محدثتنا إلى أن هذه الظروف كشفت عن الحاجة الملحة لتحسين الدعم والتسهيلات المقدمة لذوي الإعاقة، لضمان حقوقهم ودمجهم في المجتمع.

 

أتيكيت التعامل مع المعوقين

وعن دور مبادرة "مودة ورحمة" في مساعدة ذوي الإعاقة في ظروف كورونا أوضحت الزعبي أن المبادرة كان لها بصمة في موضوع حجز شهادات أشخاص من ذوي الإعاقة في الجامعة الأردنية وتم حل المشكلة الحاصلة معهم.

بالإضافة إلى ذلك قام فريق المبادرة بإعطاء ورشات تدريبية حول أتيكيت التعامل مع أشخاص من ذوي الإعاقة من خلال مدربين مختصين في المجال، وتسليط الضوء على مشكلة العنف القائم على النوع الاجتماعي لأشخاص ذوي الإعاقة. 

يأتي هذا التقرير في إطار الشراكة بين راديو البلد و جمعية معهد تضامن النساء الأردني لمشروع متحدون في مواجهة العنف ضد المرأة والفتيات أثناء وما بعد جائحة كورونا الممول من صندوق الأمم المتحدة الاستنمائي UNTF.