إلى أي حد أثّرت جائحة كورونا على صحة النساء الأردنيات واللاجئات السوريات
تركت جائحة كورونا آثارها العميقة على حياة النساء الأردنيات واللاجئات السوريات على حد سواء، وكما هو الوضع في دول العالم الأخرى تسببت الجائحة في تحديات كبيرة ، وعرّضت المنظومة الصحية لضغوط مجهدة أثناء سعي الأخيرة للتعامل مع كورونا، كما أثّرت إجراءات الإغلاق وحظر التجوال على خدمات الصحة الإنجابية المقدمة للنساء.
و بحسب "جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" في دراسة حول تداعيات جائحة كورونا والإجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهتها فإن النساء والفتيات في الأردن عانين من صعوبة الحصول أو الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية والجنسية بسبب الحجر المنزلي، وعلى الرغم من إمكانية تواصلهن عبر الهاتف أو مواقع التواصل الاجتماعي أو التراسل الالكتروني، إلا أن تلبية هذه الخدمات والوصول إليها لم يكن كافياً ولا يخدم احتياجاتهم بالشكل المناسب.
ووفق تقرير تضامن ذاته، فإن جائحة كورونا أدت إلى وجود مشكلات متعددة الجوانب في حياة أفراد المجتمع، إذ واجهت العديد من النساء وتحديداً الفتيات تحديات أثرت مباشرة على صحتهن العامة وصحتهن النفسية.
فقر الدورة الشهرية
ولعل من أبرز التحديات التي واجهت النساء في الأردن مواطنات ولاجئات في ظل جائحة كورونا هو ما يطلق عليه "فقر الدورة الشهرية" ومنه عدم توفير الفوط الصحية والمسكنات بسبب الإغلاق، وحتى بعد إعادة فتح المحال والصيدليات، فإن أغلب النساء والفتيات لم يستطعن توفيرها بسبب الإفقار المفروض عليهن.
وبحسب مجموعة "تقاطعات" النسوية الأردنية يعني "فقر الدورة الشهرية"عدم الحصول أو عدم القدرة على الوصول إلى المنتجات الصحية الخاصة بفترة الدورة الشهرية والمناسبة لها والخدمات الصحية المرتبطة بها، ومرافق المياه الخاصة بالنظافة الشخصية والتثقيف الصحي وطرق إدارة النفايات الخاصة بها.
من الصمت إلى البوح
وقالت الدكتورة "ملك السعودي" وهي أخصائية نفسية ومسؤولة قسم مركز عفت في "جمعية معهد تضامن النساء الأردني" المعني بتقديم الخدمات النفسية والاجتماعية والقانونية للنساء والفتيات في الأردن لـ "صوت شبابي" إن الحديث عن الصعوبات التي واجهتها النساء الأردنيات خلال جائحة كورونا هو حديث عن فترة حرجة جداً.
وأوضحت د. ملك أن هذه الصعوبات والتحديات قبل جائحة كورونا لم تكن تظهر بسبب الثقافة المجتمعية وثقافة العيب المجتمعية والأسرية، ولم تكن المرأة تجرؤ على البوح بها، وأبرز هذه الاحتياجات ما يخص الصحة الجنسية والإنجابية ومنها فترة "الطمث" –الدورة الشهرية-.
وأشارت محدثتنا إلى أن موضوع الطمث والدورة الشهرية ليس موضوعا فردياً بل يخص كل نساء الأرض، ويشمل ما يقدر بـ 500 مليون امرأة وشابة في العالم منهن 107 مليون امرأة وفتاة عربيات يحتجن مستلزمات للتغلب على هذا الطارئ الصحي، علاوة على العبء الاقتصادي الذي عانت منه النساء الأردنيات وكذلك اللاجئات السوريات خلال هذا المرض الوبائي مما جعلهن غير قادرات على شراء هذه المستلزمات.
وروت محدثتنا قصة عايشتها عن فتاة بالغة من عائلة مرموقة كانت تأتيها "دورة القمر" ولجهل أهلها بهذا الموضوع لأنه يشكل باعتقادهم نوعاً من العيب عانت خلال فترة كورونا من نزيف بسبب الدورة الشهرية وأدى ذلك إلى إغمائها وتم نقلها إلى أحد المشافي، واحتاج الأمر إلى تدخل طبي، وكل ذلك بسبب الوصم والإهمال وعدم تقدير حجم هذه الجزئية المرتبطة بحياة المرأة الصحية.
أكبر تحد واجه الرعاية الصحية
ولم تقتصر معاناة المرأة في الأردن جراء أزمة كورونا على المتطلبات البيولوجية بل امتدت إلى المصابات بأمراض خطيرة كالسرطان والفشل الكلوي أو بأمراض مزمنة كالضغط والسكري نتيجة صعوبة التنقل وتدابير الحماية من العدوى المتمثلة بالإغلاق التي امتدت لأسابيع.
ووفق تقرير للبارومتر العربي أنجز في أغسطس آب 2022 انقسم الأردنيون في الرأي حول أكبر تحد ً واجه الرعاية الصحية، لكن الردود الأكثر شيوعا كانت قلة المشتغلين بالرعاية الصحية (21 بالمئة) وعدم كفاية المستشفيات (18 بالمئة) وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية (17بالمئة) وعدم توفر الإمدادات الطبية (15 بالمئة).
وخلال عملها مع منظمات دولية مختلفة في مدينة إربد حيث تعيش لم تجد الناشطة "هيام طوالبة" اهتماماً كافياً بصحة النساء الجنسية والإنجابية ولا حتى بمن يعانين من أمراض مزمنة بحسب ما قالت لـ "صوت شبابي" مضيفة أن التحديات التي واجهت المرأة الأردنية واللاجئات السوريات على حد سواء فترة كورونا كثيرة، ومنها ما واجهته المصابات بمرض السرطان ممن كان لديهن جلسات كيماوي، وكانت هناك صعوبات في توفير وسيلة النقل إلى مركز الحسين للسرطان إلا عن طريق الدفاع المدني وكانت كناشطة اجتماعية تتواصل معهم من خلال الشرطة المجتمعية والمراكز الأمنية والتحدي الآخر –حسب قولها- تمثل في اكتظاظ الباصات المخصصة للنقل ورغم التحذير من انتقال العدوى كان العدد كبير جداً وعدا ذلك كان الباص في حال وجوده يجول القرى لكي يأخذ المريضات من منازلهن ولنا أن نتخيل خطورة العدد الكبير من المريضات في مكان مغلق واحد في ظل عدوى كورونا، وتابعت محدثتنا أن مريضة السرطان معرضة أكثر من غيرها لأي عارض يؤثر سلباً على صحتها فما بالك بفيروس كورونا.
وروت طوالبة أن سيدات كبار في السن كن يتعرضن لجلطات قلبية أو دماغية ويحتجن لأسرة طبية أو "ووكر" –كرسي متحرك – وجهاز أوكسجين وكانت هناك صعوبات في توصيل هذه المستلزمات الطبية وهناك شابات أو كبيرات في السن لديهن علاجات شهرية وكانت هناك صعوبة في نقلهن إلى مراكز علاجهن.
هذا إضافة إلى احتياج المصابين بكورنا وبخاصة من لديهم أمراض رئوية لأجهزة أوكسجين، وكانت هناك صعوبات في نقلها علماً أن مبادرات كثيرة انطلقت حينها لتلبية احتياجات المرضى سواء المصابين بكوفيد 19 أو المرضى الآخرين إضافة إلى عدم التمكن من إيصال مريضات الضغط والسكري ومريضات الكلى.
يأتي هذا التقرير في إطار الشراكة بين راديو البلد و جمعية معهد تضامن النساء الأردني لمشروع متحدون في مواجهة العنف ضد المرأة والفتيات أثناء وما بعد جائحة كورونا الممول من صندوق الأمم المتحدة الاستنمائي UNTF.