مذكرات نيابية.. حبر على ورق
داعب النواب مشاعر الشارع الأردني المحتقن اتجاه مجلسهم عندما وقعوا مذكرات شعبية تبنت مطالب غالبية المواطنين المعيشية وعبرت عن تطلعاتهم السياسية، في انحياز واضح من النواب للشارع، وهو الانحياز الذي تواصل نظرياً ولم يترجم الى قرارات تنفذ.
المجلس السابع عشر شهد التوقيع على مذكرتين لحجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء عبد الله النسور، الأولى دافعها سياسي وجاءت رداً على عدم تنفيذ الحكومة لرغبة الاجماع النيابي بطرد السفير الاسرائيلي من عمان وسحب السفير الأردني من تل أبيب، مذكرة تبناها منتصف أيار الماضي النائب يحيى السعود ووقع عليها 78 نائباً حسب ما أعلن لحظة تسجيلها في الأمانة العامة للمجلس.
غير أن المذكرة شهدت انسحاب العديد من الموقعين عليها وانتهى مصيرها بسحبها من قبل النائب السعود، سحب برره بمزيد من التشاور بهدف خلق توجه نيابي عام لإسقاط الحكومة، لم يخلق للآن.
مذكرة الحجب الثانية تبنتها النائب ردينة العطي لمعاقبة الحكومة بإسقاطها رداً على قرار رفع أسعار الكهرباء، وقالت أن عدد الموقعين عليها بلغ 90 نائباً دون ان تسجل المذكرة في الأمانة العامة للمجلس، ولم يتجاوز صداها التصريحات الاعلامية دون أن ينتج عنها أثر على الواقع.
العطي ذاتها بلغ غضبها على قرار رفع أسعار الكهرباء التصريح بعزمها العودة مشياً على الاقدام إلى منزلها في الرصيفة والعودة إلى مجلس النواب على عربة يجرها بغل حال اقرار الرفع، تعهد لم يترجم فعلاً على أرض الواقع رغم تصدره العناوين الرئيسية للمواقع الاخبارية.
يشترط في النائب الذي يتبنى مذكرة نيابية أن يسجلها في الأمانة العامة للمجلس ليصار إلى إدراجها على جدول أعمال المجلس، ودون ذلك تفقد المذكرة قيمتها وتبقى مجرد حبر على ورق.
مذكرتان أخريان وقع عليهم النواب واحدة بالإجماع تطالب بإعادة النظر باتفاقية السلام الأردنية الاسرائيلية (اتفاقية وادي عربة) وأخرى، وقع عليها 110 نائب بطالب بإطلاق سراح الجندي السجين أحمد الدقامسة وانتهى مصيرهما مصير مذكرات حجب الثقة.
النائب علي سنيد يتهم الحكومة بضرب توجهات النواب بعرض الحائط، وعلى رأس تلك التوجهات بحسب السنيد "المذكرة النيابية التي وقعها المجلس بالإجماع وتقضي بطرد السفير الصهيوني من عمان والمذكرة المطالبة بالإفراج عن الجندي البطل أحمد الدقامسة".
هذا وتعتبر توجهات النواب ومذكراتهم غير ملزمة للحكومة، ولعدم إلزاميتها لم تطرد الحكومة والسفير الاسرائيلي ولم تسحب السفير الاردني من تل أبيب، فيما يملك النواب اجراءات تشريعية لاجبار الحكومة على تنفيذ المذكرة عبر التلويح الجاد بحجب الثقة عن الحكومة أو التصويت ضد قوانين مهمة للحكومة كقانون الموازنة الذي صوت النواب لصالحه.
توجهات النواب وتصريحاتهم ينظر اليها كمحاولة لكسب التأييد الشعبي وإرضاء القواعد الانتخابية، كسب وإرضاء "قولاً لا فعلاً".
النائب مسير السردية تقول أن مذكرات حجب الثقة عن الحكومة اتخذت في حالات عصبية من قبل النواب، ولم تأتي لتعبر عن مزاج عام داخل مجلس النواب.
وبحسبها بعد توقيع المذكرة وعندما يكتشف النائب الذي تبناها عدم قدرته على كسب جولة حجب الثقة يتوقف عن متابعتها.
السردية ترجع فشل المذكرات الى ضعف العملية السياسية داخل المجلس وغياب الأحزاب المنظمة والكتل القوية التي يمكن لها تبني هكذا مذكرات .
سلوك نيابي يطمح لإعادة ثقة الشارع بمجلس النواب، لكن السردية تتخوف من أثار سلبية له تساهم في زيادة غضب الشارع على المجلس.