"النواب الاسلاميون ".. بلا أصدقاء في "العبدلي"

الرابط المختصر

بدأ المشهد النيابي حتى قبل أن يبدأ عروضه الرسمية أمام الناخبين وكأنه يدخل طوعا الى صندوق يمكن وصفه بــ"صندوق الكراهية الناعمة " حين تحالفت القوى النيابية على اغتيال أية طموحات لنواب العمل الإسلامي بالمشاركة في المواقع القيادية الأولى لمجلس النواب التي أصبحت محسومة تماما لصالح نواب بعضهم يملك خبرة لكن أكثرهم يريدون الوصول الى مواقعه القيادية بدون خبرة، وبدون تجارب سابقة.


ومن الملاحظ ان تحالف خمس كتل نيابية تمثل الغالبية المطلقة في المجلس لتقاسم مواقعه القيادية " الرئيس ونائبيه ومساعديه " وباصرار تكتلي ليكونوا في مواجهة نواب العمل الإسلامي يعني وبالضرورة أن شرعية ميزان القوة يميل لصالحهم تماما، وان سياسة الإقصاء للنواب الإسلاميين (31 نائبا ) ستفرض نفسها بشكل مؤثر وواضح على عضوية اللجان الدائمة ومواقعها القيادية أيضا مما سيبقي النواب الإسلاميين خارج أية سلطة باستثناء تحويلهم الى مجرد ظاهرة صوتية فقط لا تملك أي من مصادر القوة والتأثير داخل المجلس.
التحالف الخماسي بين كتل ( الميثاق، وتحالف إرادة والوطني الإسلامي، وتقدم، وعزم، واتحاد الاحزاب الوسطية ) الذي توافق على ترشيح رئيس المجلس السابق أحمد الصفدي ليكون رئيسا للمجلس في دورته العادية الأولى، توافق تفرضه شرعية التحالفات المهيمنة ضمن صفقة شاملة بأن يحمل معه للمكتب الدائم كل من النائب مصطفى الخصاونة نائباً أول، والنائب أحمد الهميسات نائبا ثانيا، والنائب محمد المراعية والنائب هدى نفاع مساعدان للرئيس، لم يفسح المجال لأي من النواب الإسلاميين للمنافسة عاى عضوية المكتب الدائم لكون هذا التحالف الخماسي يضم نحو 100 نائب من شأنه أن يحسم أية انتخابات قبل حتى أن تبدأ.


نواب العمل الإسلامي دفعوا برئيس كتلتهم والنائب السابق المحامي صالح العرموطي ليكون منافسا للنائب الصفدي على كرسي الرئاسة بالرغم من أنهم يدركون تماما بأن فرصة مرشحهم العرموطي تساوي صفر بالمئة، لكنهم ينطلقون بهذا الترشح من مبدأ رفضهم لسياسة الإقصاء والتي ستتحول الى عداء حين تستقيم جلسات المجلس، كما أنهم يرفضون فكرة"التزكية" من حيث المبدأ لرئاسة المجلس، وهو ما دفعهم بترشيح النائب العرموطي لمواجهة النائب الصفدي.


النائب العرموطي الذي اعلن في تصريحات صحفية بانه مستمر في الترشح وواصفا توافق الكتل الخمس بأنه "إقصاء واحتكار " لكتلته التي هي "جزء من هذا الوطن " ومعلنا استمراره في الترشح حتى اللحظة الأخيرة.


ومن الملاحظ ان استمرار تماسك هذا التحالف الخماسي سيقصي نواب العمل الاسلامي عن المواقع القيادية الثلاث في اللجان الدائمة، وربما حتى في عضوية اللجان نفسها، مما يذكرنا بالمجلس التاسع عشر السابق عندما تم اقصاء النائب العرموطي حتى عن عضوية اللجنة القانونية وهو القانوني ونقيب المحامين الاردنيين لأكثر من دورة انتخابية، وعضوا في مجلسين برلمانيين سابقين.


ومن المرجح وفقا للمعطيات الراشحة من كواليس مجلس النواب التي تسبق مباشرة أعماله في دورته العادية الاولى يوم الاثنين المقبل أن بيئة المجلس الحالي ستكون بيئة عدائية للاسلاميين مشوبة بكراهية ناعمة ستعمل على إقصائهم وتحجيم دورهم بهدف إفشالهم وسط بيئة برلمانية حزبية عدائية وليدة تم استيلادها في الأساس لمواجهة الإسلاميين وليكونوا بديلا لهم أو ندا في الشارع بالرغم من أن تجربة الإنتخابات النيابية عكست انكشاف هذه الأهداف مما أدى لتعرية تلك الأحزاب أمام الناخبين مما اضطرها للجوء الى إخفاء مرشحيها وارتكازها على البعد العائلي والمالي والعشائري والحاراتي..الخ.


وتشير المعطيات نفسها الى أن نواب العمل الإسلامي سيكونون بلا أصدقاء في خاصرة العبدلي، وسط تلك التحالفات الحزبية المصلحية التي لا ترى فيهم شركاء حقيقيون يمكنهم البناء والعمل معهم بروح تشاركية، بقدر ما ترى تلك الأحزاب في نفسها دعائم راسية للحكومة والتي ستتمتع برضا نيابي واسع التأثير، وبما يسمح لها تمرير ما تريده بدون وجود معارضة برلمانية مؤثرة.


وليس أمام نواب العمل الإسلامي إلا اللجوء الى سياسة الإستنزاف والإرهاق ضمن تحولهم الى ظاهرة صوتية، بما يعني البقاء في المواجهة سواء بالإصرار على الترشح لعضوية اللجان ولمواقعها القيادية، وبتسخين مقاعد المعارضة من خلال التشريع والرقابة، بالرغم من أنهم لن يجدوا أصدقاء قد يدعمونهم من خارج صندوقهم.


وبالنتيجة فان تحالف القوى البرلمانية الحزبية المشروع في اللعبة السياسية، سينتج عنه انقسام مشروع داخل السلطة التشريعية بين قوتي الموالاة والمعارضة، وهو أمر مطلوب ومشروع ، ولا أظن ان الدولة والحكومة ستشعر بالقلق من وجود معارضة برلمانية لا تملك أي تأثير تصويتي في شارع الملك حسين على خاصرة العبدلي إذا ما بقي هذا التحالف الخماسي قائما وملتزما بروح الأهداف الحزبية التي ولدت تلك الأحزاب من أجلها.