عبد الهادي المجالي: الحكومة جعلت الوطن مختلاً

عبد الهادي المجالي: الحكومة جعلت الوطن مختلاً
الرابط المختصر

عبر النائب عبد الهادي المجالي عن رفضه ان تبقى حلول مالية الدولة  معتمدة على جيب المواطن وبقايا حطام عيشهم، ووصف المجالي خلال مناقشات الموازنة العامة  للدولة لعام 2013 وقانون موازنات الوحدات المستقلة للعام ذاته، مساء الاحد، ذلك بـ " هذه ليست بطولة".

وتالي نص الكلمة :

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله رب العالمينَ والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبينَ الطاهرين
"رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا"، صدق الله العظيم
معالي الرئيس، الأخوات والإخوة النواب..

إن دققنا النظرَ في التفاصيلِ، وأمعنا التفكيرَ في كلِ حيثيةٍ ومُعطى، نخلص، بأسفٍ، أن الحكومةَ، وكذا حكومة مرت، جعّلت الوطنَ مختلا ومُعتلا.. أزماتهُ الداخليةَ تتعاظمْ، ومآزقهُ الإقلِيمية تتفاقمْ، ونحنُ لا استراتِيجيّة نفهّمُها، ولا خطة للمرورِ من الأزماتِ والمآزقِ نركنُ إليها..

ذلكَ الموجزْ، بتكثيفٍ شديدٍ، لم نصّلُ إليه جزافا، ولم يبلغْ فينا اليقينَُ حيالهُ إعتباطا.. بل تقييما وتحليلا للأمورِ والحقائقِ، ومتابعة لسيرِ الأداءِ ومساره..
وعُدّنا بعد أن سبرنا غوره، قَلِقينَ خائِفينَ، على وطنٍ يتربصه المنُون من كل حدبٍ وصوبٍ، ونحنُ عن كلِّ، أو أغلب ذلك، إما في غفلةٍ او عدم إدراك.. فكيف نضعُ وطنا بين يدي حكومةٍ فقيرةٍ خاليةٍ من كلِّ باعثِ أمل
فلا إصلاحٌ شاملٌ ماض، ولا تدبر يقنعُ لمآلاتِ أزمة سورية، ولا موقفٌ فيه حزم وحسم حيال مشاريع تسوية سلمية.. يتنقل لأجلِها وزير خارجية أميركا في الإرجاءِ بلا خطةٍ أو رؤيةٍ، ونسمعُ من مسؤولي الكيان المحتل تصريحاتٌ تبعثُ قلقا عميقا على فلسطينَ والأردن معا...

فالحذَّر، الحذَّر من العاديات والمؤامرات..
ذلك  كُلهُ يُحيطنا، وجبهتُنا الداخلية لا إنسجامٌ ولا تماسك، كما يفترض.. وواهمٌ من ظن غير ذلك..
فالحكومات، وهذه منها، لم تنشغلْ في بناءِ جبهة داخلية قوية متينة، بل انشغلت في بقائها متهالكةً ضعيفةً، وتسارع في إجراءاتٍ اقتصادية سيكونُ لها أثرُها في احتقانِ قاعدةٍ اجتماعيةٍ هي عمادُ الاستقرارَ والثبات.

الأخوات والإخوة النواب،،
نفْهم أن ماليةَ الدولةْ تُعاني عجزا، بعضُهُ حقيقي وبعضُهُ مفتعلٌ، لكن لا نتفهمْ أن تبقى الحلولُ على المدى، جيوب المواطنينَ وبقايا حُطام عيشهم..
فهذه ليسَت بطولة، ولا هي مُنجزْ تفّخر به حكومةٌ، أي حكومة، لا يُنتِجُ عقلها ووعيُها غيرَ حلول أقلّ ما يُقال فيها أنها، لا خلاقةْ ولا إبداعيةْ، باطنها فيه العذاب وظاهرها فيه العذَاب أيضا..

لم أكن حالما، متوهما، عندما قلتُ في مناقشاتِ الثقةِ أن أيّ بديل نعرضه لن يجد قبولا حكوميا، فهي مُصمَمة ومُصمِمة على رفعِ الأسعارِ وإنهاء الدعم على شُحهِ وضعف تأثيره من غير اعتبار لتداعياتِه.. فكيف لعاقلٍ قلبه على وطنهِ أن يقبلَ كل هذا ولا يقولُ ضميره ولا يعبرُ عن قلقهِ ومخاوفه.

اليدْ على القلبِ، ونحنُ نناقشُ قانونين مؤقتين للموازنةِ العامةِ والوحداتِ الحكومية... وقد يقول قائِلٌ، عن قصدٍ أو جهلٍ، أننا نناقشُ موازناتٍ مضى النصفُ من عمرها، ولا تحتاجُ كل هذا التفصيل والنقد! ولكنني أرى أن وقفتنا هذه، استثنائيةً بالغة الأهمية...
فقد تراجع رصيدُ الحكومةَ من الإنجازات، وكثر كلامها عن التحدياتِ... والنتيجة أن تزايدت في عهدِها العجوزات، حتى وصلت إلى أربعة: أولها العجز المالي، وثانيها العجز التجاري، وثالثها العجز الجاري، ورابعها، وربما أكثرها خُطورة،

عجزُ المصداقية وغيابُ الشفافية.
فنحنُ لا نناقشُ، فترات زمنية، أو أرقاما وبيانات تدور حول موضوعيتها التساؤلات، فحسب، ولكننا نناقشُ سياسات الحكومة الإقتصادية، وإجراءاتها فيما سبق، وفيما هو آت... ففي وقت غابت، أو غيبت، البرامج والخطط قصيرة وطويلة الأمد، لم يعد لنا إلا أن نقيم الجانب الاقتصادي لبرنامج عمل الحكومة من خلال قوانينٍ يفترضُ أن تكونا مرآة عملها.

ولكم تمنينا لو أنّ هذه البرامج جاءت تحمل قدرا من الشفافةِ والموضوعيةِ، وتتناسبُ وعظمَ التحديات.... لكن أمانينا في وادٍ، والواقع في آخر!
الأخوات والإخوة النواب،،
يمرُ اقتصادُ الوطن بمرحلةٍ صعبةٍ، يُرادُ لاجتيازِها رؤيةٌ واضحةٌ، وسياسات تُوازنُ بين الاقتصاديِّ والسياسيِّ والاجتماعيِّ، وفريقٌ كفؤٌ ومنسجم.. فالمؤشرات تقولُ أننا في مرحلةٍ خطرةٍ، ولا ينكر ذلك غير فاقدِ بصّر وبصيرة، أو من يريدُ تزويرِ الواقع وتغطية الشمس بغربالٍ ممزق الأوصالِ!

فقد توسعَ عجزُُ الموازنةَ لهذا العام على نحوٍ مقلقٍ إذ سجل حوالي (108) مليار دينار، علما بأن قانونَ الموازنة الذي وضعهُ وزيرُ المالية الحالي توقع عجزا بحوالي (1) مليار دينار فقط؛ أي أن الفرقَ بين وثيقة القانون، قبل الملحق، وبين أحدث البيانات بلغ (780) مليون دينار، وهذا مفزعٌ ويدلُ على أن فرضيات بناء الموازنةِ قائمةٌ على آمالٍ، ولن أقولَ خداعٍ وتضليل، لا إلى دراساتٍ تحليليةٍ دقيقة.

من جهة أخرى، توسع عجزُ الميزان التجاريِ ليقاربَ (7.5) مليار دينار في العام 2012؛ مرتفعا بحوالي (20%) عن مستواه في العام 2011.

والحسابُ الجاري نّما عجزُه بنسبةٍ كبيرةٍ ليسجلَ في العامِ السابق نحو (4) مليارات دينار، مُقارنةً بما مقداره (2.5) مليار دينار في عام 2011، أليس هذا مؤشرٌ آخر مقلق؟، وحالَ استمرَ، حسب بياناتٍ أخيرة، أن يُؤثر سلبا على الاستقرارِ النقديِ والإقتصادي.

وتشيرُ أحدث البيانات الى أن الدينَ العام قد وصل إلى (16) مليار دينار حتى نهاية الربع الأول من هذا العام، وهو ما يُشكلُ أكثر من (70%) من الناتجِ المحليِ الإجمالي، ويتجاوزُ المُستوى الآمنَ الذي تتحدثُ عنه الأدبياتُ الإقتصادية...وبذلك تكون حكومتا الدكتور النسور، السابقة والحالية، قد سجلتا أرقاما قياسيةً ستسطرُ في التاريخِ الإقتصاديِ للمملكة.

ونتيجة لفشلِ السياساتِ الإقتصاديةِ، فإن معدلات النمو تترنحُ عندَ مستوياتٍ متواضعةٍ وقريبةٌ من معدلِ نمو السكان، ما ينعكسُ سلباً على معيشةِ المواطنين.

أما البطالةْ، فقد باتت أُحجيةً، فبياناتُ دائرةِ الإحصاءاتِ تشيرُ إلى ارتفاعِ معدّلِها من (11.4%) في عام 2012 إلى (12.8%) خلالَ الفترة المنقضيةِ من العامِ الحالي، ولكن وزير العمل نفسه شككَ في وقتٍ سابقٍ بهذه البيانات قائلا: لا أحد في الأردنِ يعرفُ المُستوى الحقيقي للبطالةِ، وهذا إنجازٌ آخر يُحسبُ للحكومةِ في انعدامِ الشفافية!
في شأنِ الفَقَرْ، تشيرُ البيانات إلى ارتفاعِه من (13.3%) في 2008 إلى (14.4%) في 2010، وهذا يحفزُ للسؤالِ عن موضوعيةِ هذه الأرقام وآثارها السلبية، ناهيك عن أن الأرقام تتحدثُ عن مستوياتٍ تم تقديرها، وهي برغم الشكّ في صديقتِها وضعت قبل ثلاثِ سنوات، ولا تُسهم في وضعِ متخذ القرار الإقتصادي بصورةِ آخر التطورات، هذا بافتراضِ أنه قادرٌ على فعلِ شيءٍ للتجاوبِ معها!
الأخوات والإخوة النواب،،
زادتْ وتيرةُ الحديث عن رفعِ التعرفةِ الكهربائيةِ بحجةِ أن ذلك مُتطلب إتفاقية مع صندوقِ النقدِ لقاء قرضٍ مقداره (2.0) مليار دولار، وارتفع مستوى التباكي والتذاكي الحكومي أن بررت الأمرَ بحفظِ مصداقيتِها أمام المؤسسات الدّولية وللحدِ من دعمِ الأغنياءِ وغير الأردنيينَ..

وهنا نتساءلُ:
أولا: لماذا نقترضْ من صُندوقِ النقدِ ونُذعِنُ لمتطلباتِه في وقتٍ تفشلُ الحكومة في صرفِ أكثرِ من (110) ملايين دينار، حتى الآن، من المنحةِ الخليجيةِ التي وصل منها لحسابِ البنكِ المركزيِّ حوالي (2.0) مليار دولار؟! هل يعودُ ذلك لضعفِ قُدراتٍ مؤسسية، أم إلى تخبُطٍ حكوم؟ أم إلى رغبةٍ بإقتراضٍ غير مرتبط بمشاريِع، ليسهلُ الصرفُ والتصّرف فيه؟
وهنا، أطالبُ بتقديمِ تقريرٍ مفصلٍ عن الأمرِ لأهميتِه وحساسيتِه.
ثانيا: هل استنفذت الحكومة سبلَ التعاملِ مع العجزِ المالي، بما فيه تحسينُ كفاءة البيئة الضريبية، لجبايةِ المتأخراتِ ومحاربةِ التجنب والتهرب الضريبي؟!
ثالثا: هل هناكَ تناغمٌ بين السياسةِ النقديةِ والسياسةِ المالية؟ أم أن كلاً من وزارةِ الماليةِ والبنكِ المركزي يُغني على ليلاه؟
رابعا: هل لدينا إدارةً حصيفةً للدين العام، أم أنّ الأمرَ لا زال يدارُ بمنهجيةٍ وعقليةٍ تقليدية؟
خامسا: تقولُ الحكومة أن رفعَ سعر الكهرباء لن يطالَ إلا شريحةً ضيقةً من المواطنين، فهل تتحدثْ عن الأثرِ المباشرِ أم غير المباشرِ لخُطوتها؟

ألاَ يعرف فريقُها الإقتصادي أن التضخمَ، يأتي على شكلِ موجاتٍ مباشرةٍ وغيرِ مباشرة؟ ألاّ يرى أن السلعَ والخدمات سترتفعَ أسعارها وأن محدود الدخل سيدفع ثمنَ تراجع القوة الشرائيةِ لدخله؟

ألاَ تُدركْ الحكومة أن الإجراءات التي اتخذتْها العامَ الماضي سترفعُ التضخمَ بنسبةٍ تفوق (100%)! دليلنا أن التضخم للشهورِ الخمسةِ الأولى من هذا العام قفز إلى (7.0%) مقارنةً مع (3.8%) في العامِ السابق؟!
الأخوات والإخوة النواب،،،
بيقينٍ.. أقول أن القوانينَ المؤقتة المرفوعة إلينا لا تعكس سياسات واضحة، ولا تتضمن إجراءات شفافةٍ كفؤة.. والحال فإنني أعلنُ عدمْ موافقتي عليها بأسمِ كل مواطن وضع ثقته بحزبِ التيارِ الوطني.

والسلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاته.....

النائب عبدالهادي المجالي

أضف تعليقك