طوقان: الحكومة بين خيار إصلاح القطاع العام أو عدم دفع الرواتب

طوقان: الحكومة بين خيار إصلاح القطاع العام أو عدم دفع الرواتب
الرابط المختصر

قال وزير المالية الدكتور أمية طوقان استندت تقديرات النفقات والإيرادات في مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية إلى فرضيات الاستمرار في دعم مادة الخبز للمواطنين، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي من خلال إيصال الدعم لمستحقيه من ذوي الدخل المحدود والمتوسط، والاستمرار في دعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.

وأكد طوقان خلال قراءة الموازنة أمام النواب، يوم الأحد، عدم إصدار ملحق موازنة خلال العام الحالي وذلك للمرة الأولى منذ عام 2000.

ووضع طوقان النواب بين خيارات الحكومة لسد المديونية المتزايدة والتي ستصل الى حوالي 80% من النتائج المحلي في نهاية العام الجاري، وقال ان الخيارات " أن نتوقف عن دفع الرواتب أو نوقف المشاريع الرأسمالية أم نتسبب بانقطاع التيار الكهربائي و انقطاع المياه ؟ وهل من الممكن أن نقوم بإجراءات مماثلة للإجراءات التي اتخذتها بعض الحكومات الأوروبية لتخفيض الرواتب للقطاع العام بنسبة وصلت إلى 40% في بعض الأحيان أو الاستغناء عن 20-30% من موظفي القطاع العام بحيث وصلت معدلات البطالة لديهم إلى 30-40% ؟"، وأكد أن الخيار الذي انتهجته الدولة هو ترشيد وإصلاح القطاع العام بما في ذلك دمج و إلغاء بعض المؤسسات وأيضاً دعم القطاع الخاص هو من الأهداف المتفق عليها إلى جانب الحاكمية المؤسسية في كلا القطاعين بما في ذلك اعتماد توصيات ميثاق النزاهة الوطني.

النص الكامل للخطاب:

بسم الله الرحمن الرحيم

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ، ،

يُشرفني أن أقدم لمجلسكم الكريم بإسم الحكومة مشروع قانون الموازنة العامة ومشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية للعام 2014 والذي حرصت الحكومة على تقديمهما بوقت مُبكّر لإتاحة الوقت الكافي لمجلسكم الكريم لمناقشتهما متطلعين لإقرارهما قبل بدء السنة المالية القادمة لضمان كفاءة وسرعة تنفيذ البرامج والمشاريع الرأسمالية وخاصة تلك الممولة من منحة مجلس التعاون لدول الخليج العربية. منتهزين هذه المناسبة لنكرر الشكر والتقدير للأخوة في دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية الشقيقة.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين

في مثل هذه الأيام ومُنذ عام مضى كان وضع المالية العامة وضعاً حرجاً إلى درجة عدم قدرة الحكومة على الوفاء بإلتزاماتها للإنفاق الجاري بما في ذلك رواتب الجهاز المدني والعسكري وكان وضع الاقتصاد الأردني محرجاً أمام المؤسسات المالية الدولية ومؤسسات التقييم الدولية وكذلك أمام الدول الشقيقة والصديقة وكان من الضروري القيام بالتشخيص السليم لمعالجة الإختلالات التي أدت إلى تدهور أوضاع المالية العامة، وكان من أهم هذه الإختلالات ما حصل في قطاع الطاقة و بالتحديد منذ عام 2011.

وكما يعلم المجلس الكريم تسبب الانقطاع المتكرر للغاز المصري و استبداله ببديلين أكثر كلفة و هما زيت الوقود و السولار بدون أن ينعكس ذلك على تعرفة الطاقة الكهربائية وتسبب ذلك بأن تكبدت شركة الكهرباء الوطنية عجوزات متراكمة حتى تاريخ 31/12/2012 حوالي (2.3) مليار دينار، وبإضافة عجز شركة الكهرباء عام 2013 والتي من المتوقع أن تصل إلى (1.4) مليار دينار، ستصل إجمالي الخسائر إلى مستوى (3.7) مليار دينار مع نهاية عام 2013.

إن تراكم هذه الخسائر قد تحول إلى مديونية ثقيلة على كاهل الاقتصاد الوطني سواءً كانت المديونية على الخزينة أو على الشركة، فديون الشركة والتي هي أصلاً بكفالة الحكومة وصلت إلى حوالي (2) مليار دينار، الباقي حوّل من الخزينة كدعم لتعرفة الطاقة الكهربائية وبواقع (1.7) مليار دينار و بطبيعة الحال فان هذه الأرقام الضخمة ستتضاعف في السنوات القادمة إذا استمر الأمر على حاله ،و من الواضح أنه لا يمكن للحكومة أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الواقع.

وبالفعل تم إعداد إستراتيجية وطنية للطاقة و للأمد الأطول ، ولعل أهم ما في هذه الإستراتيجية خفض الخسائر لشركة الكهرباء الوطنية تدريجياً إلى أن تصل الشركة إلى استرداد الكلفة في عام 2017. وتضمنت منهجية إعداد الإستراتيجية تعديل التعرفة الكهربائية وتحسين كفاءة النظام الكهربائي في الأمد القصير وإجراءات أطول أجلاً تتضمن أربعة محاور: مشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع الطاقة التقليدية ولكن بكلفه اقل باستخدام الصخر الزيتي و مشاريع استيراد الغاز الطبيعي و مشاريع الترشيد.

ولا يجوز أن نتجاهل بأننا سعينا عند إعداد الإستراتيجية مراعاة عدم زيادة التعرفة على مستهلكي القطاع المنزلي طالما كان الاستهلاك أقل من (600) ك.و.س/شهر وعدم رفع التعرفة على القطاع الزراعي أو على الاستهلاك لغاية مستوى (10.000)ك.و.س/شهر لمشتركي القطاع الصناعي الصغير.

ومن جهة أخرى نحن أمام سيناريو مشابه لقطاع الكهرباء في قطاع المياه، فقد قامت الخزينة خلال عام 2013 وحتى نهاية شهر تشرين الأول بسداد المديونية المترتبة على سلطة المياه من أقساط وفوائد وبمبلغ (177) مليون دينار بالإضافة إلى منحها سلفه نقدية لمواجهة النفقات التشغيلية المترتبة عليها بمبلغ (35) مليون دينار. ونتوقع في وزاره المالية عدم قدره السلطة على سداد المبالغ المستحقة عليها حتى نهاية العام الحالي وبمبلغ (89) مليون دينار لذلك ستقوم الخزينة بتسديد هذه المبالغ ويبلغ مجموع المبالغ أعلاه حوالي (300) مليون دينار

هذا بالإضافة إلى أن رصيد الديون المترتبة على سلطة المياه بشكل سندات مكفولة من الحكومة قد بلغ لنهاية شهر أيلول من العام الحالي ما مقداره (400) مليون دينار ، كما نتوقع كذلك أن تقوم الخزينة خلال العام القادم 2014 بتسديد الديون المترتبة على السلطة بمبلغ (150) مليون دينار، وبناءاً على ذلك قامت الحكومة بإعداد إستراتيجية طويلة الأمد لقطاع المياه تهدف بطبيعة الحال إلى تصحيح الاختلالات في هذا القطاع بما في ذلك معالجة الفاقد لأسباب فنية أو لأسباب أخرى ، وأرجو أن أؤكد هنا بأنه لا يمكن لاقتصادنا الوطني أن يصل إلى الدرجة المنشودة من الاستقرار بدون مواجهة الخسائر والمديونية لقطاعي الكهرباء والمياه واتخاذ ما يلزم من إجراءات تصحيحية، وهذا يقودنا إلى الحاجة إلى مراجعة سياسات الدعم الحكومي في كافة القطاعات و كيفية ترشيده بحيث يصل هذا الدعم إلى مستحقيه من ذوي الدخل المتوسط و المتدني و يوقف الهدر في استعمال مواردنا المحدودة.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين

واليوم وكما ذكرت في بداية حديثي وبعد عام صعب من الإجراءات الإصلاحية والانضباط المالي و بمراجعة دقيقة لأداء الموازنة لعام 2013 نجد أن معظم البنود الرئيسية كالإنفاق الجاري و الإيرادات المحلية كانت إما مطابقة تماماً لتقديرات الموازنة لعام 2013 أو أقل من تقديرات الموازنة كما هو الحال بالنسبة للإنفاق الرأسمالي.

وبالنسبة للإنفاق الرأسمالي وكما شرح دولة رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة لم يكن لدينا مشاريع جاهزة للتنفيذ في حينه بحيث تستوعب المخصصات المرصودة في الموازنة.

و بناءاً على ذلك بذلت الحكومة جهود حثيثة ومتواصلة للإنفاق على المشاريع الممولة من المنحة الخليجية لدفع عجلة النمو الاقتصادي ولتمكين الخزينة العامة من سحب اكبر قدر ممكن من مخصصات المنحة الخليجية المرصودة في موازنة عام 2013. حيث من المتوقع أن يبلغ الإنفاق الفعلي على المشاريع الممولة من المنحة الخليجية خلال عام 2013 ما يزيد على (500) مليون دينار من إجمالي قيمة المشاريع الرأسمالية الممولة من المنحة في عام 2013 والبالغة نحو (657) مليون دينار. وقد بلغ عدد المشاريع التي تم تمويلها من المنحة الخليجية في عام 2013 نحو (114) مشروعاً موزعاً بواقع (94) مشروعاً تم إحالتها والبدء بتنفيذها و(20) مشروعاً قيد الإحالة. وقد تركزت هذه المشاريع في قطاعات البنية التحتية كالطاقة والطرق والمياه والتعليم والصحة وتنمية المحافظات.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين

و قد كان للأداء المالي المنضبط و الإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة والالتزام بمتطلبات برنامج الإصلاح الاقتصادي أثره الايجابي لدى المؤسسات المالية الدولية و لدى الدول المانحة الشقيقة و الصديقة بحيث تمكنا من تأمين التمويل اللازم للاحتياجات التمويلية الضخمة و التي ذكرتها في قطاعي الكهرباء والمياه و بطبيعة الحال كان هذا التمويل على شكل قروض ميسرة بما في ذلك سندات الحكومة الأردنية المكفولة من الحكومة الأمريكية بمبلغ (1.25) مليار دولار و بفائدة (2.5%) سنوياً ، وفي هذا الصدد من واجبنا أن نتقدم من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بالشكر و التقدير على دعمهم المتواصل لبلدنا العزيز ، وهنا من الطبيعي أن يُثار موضوع المديونية المتزايدة و التي ستصل إلى حوالي (80%) من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية هذا العام و أن نتساءل عن قدرة الحكومة الأردنية على خدمة و تسديد هذا الكم من المديونية ، و هناك شُقين للإجابة على هذه التساؤلات :

الشق الأول: الحكومة بطبيعة الحال واعية للعبء المستقبلي لهذه المديونية ولكن ما هو البديل :أن نتوقف عن دفع الرواتب أو نوقف المشاريع الرأسمالية أم نتسبب بانقطاع التيار الكهربائي و انقطاع المياه ؟ وهل من الممكن أن نقوم بإجراءات مماثلة للإجراءات التي اتخذتها بعض الحكومات الأوروبية لتخفيض الرواتب للقطاع العام بنسبة وصلت إلى 40% في بعض الأحيان أو الاستغناء عن 20-30% من موظفي القطاع العام بحيث وصلت معدلات البطالة لديهم إلى 30-40% ؟

الإجابة واضحة مع أن موضوع ترشيد و إصلاح القطاع العام بما في ذلك دمج و إلغاء بعض المؤسسات وأيضاً دعم القطاع الخاص هو من الأهداف المتفق عليها إلى جانب الحاكمية المؤسسية في كلا القطاعين بما في ذلك اعتماد توصيات ميثاق النزاهة الوطني.

وكانت الحكومة قد أحالت إلى مجلسكم الموقر بتاريخ 24/1/2013 مشروع قانون إعادة هيكلة مؤسسات ودوائر حكومية، حيث يتضمن في حال إقراره إلغاء ودمج عدد من المؤسسات المستقلة، ومشروع هذا القانون حالياً يُناقش من قبل مجلس الأعيان الموقر. وتستكمل الحكومة حالياً الإجراءات النهائية لدمج شركة المناطق الحرة وشركة المدن الصناعية وشركة تطوير المناطق التنموية في شركة واحدة.

كما بدأت الحكومة بدراسة جدوى وإمكانية إعادة هيكلة هيئات التنظيم والرقابة القطاعية بهدف توحيدها في هيئة تنظيمية رقابية واحدة على مستوى كل قطاع مع الاستمرار بدراسة دمج الشركات الحكومية ذات المهام المتشابهة أو المتقاربة. هذا بالإضافة إلى دراسة إمكانية إدراج موازنات بعض الصناديق والمجالس ضمن موازنات الوزارات المعنية في قانون الموازنة العامة دون الحاجة إلى إفراد فصول خاصة بها في قانون موازنة الوحدات الحكومية.

الشق الثاني من الإجابة على هذه التساؤلات يتعلق بالتجارب التاريخية للخروج من أزمة المديونية.

عام 2002 كانت نسبة المديونية إلى الناتج المحلي حوالي 100% ، وطبعاً أرقام عام 1989 كانت أكبر من ذلك و معدلات التضخم وصلت إلى ما يقارب 25% في حينه وكانت احتياطات البنك المركزي من العملات الأجنبية في حينه تقارب الصفر،ومع ذلك تمكنا من مواجهة أزمة عام 1989 كما تمكنا خلال الفتـــــرة 2006-2008 من إعادة نسبة المديونية إلى الناتج المحلي إلى حوالي 60% وكان لدينا فائض في الموازنة العامة في عام واحد هو عام 2006.

فإذن من الممكن الخروج من ثقل أزمة المديونية عن طريق النمو الاقتصادي والذي بلغ حوالي 7.5% نمو حقيقي خلال الفترة 2006- 2008 .

بموجب توقعات المؤسسات الدولية سينمو الاقتصــــــــاد الأردني بمعدلات متواضعة خلال الفترة 2014 – 2016 ولكنها ستؤدي إلى تخفيض المديونية كنسبة من الناتج المحلي تدريجياً إلى أن تعود لمستوياتها الطبيعية بحدود 60% من الناتج المحلي خلال عدة سنوات، وهذا يفترض بالطبع الثبات في الانضباط المالي و تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي مدعوماً بكافة السياسات التي اتخذت لترشيد الدعم الحكومي و إيصال الدعم إلى مستحقيه ووقف الهدر.

والسؤال المهم في هذا المجال هو كيفية تحقيق نسب نمو أعلى في الناتج المحلي في ظل الظروف الإقليمية السائدة و تداعيات الأزمة السورية و ما هي البيئة المناسبة لتحقيق مستويات النمو المستهدفة علماً بأننا نؤمن بان القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي لعملية النمو الاقتصادي و الإجابة تكمن بوجود بيئة استثمارية جاذبة أهم عناصرها الاستقرار الأمني و السياسي و دولة القانون و الحوكمة الرشيدة و تعميق الديمقراطية و حماية المستثمر وليس من خلال تعميق الاختلالات عن طريق منح المزيد من الإعفاءات و الامتيازات التي أثبتت عدم جدواها.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين

استندت تقديرات النفقات والإيرادات في مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية إلى الفرضيات التالية :

عدم إصدار ملاحق موازنة إلا في الحالات ذات الضرورة القصوى، علماً بأن الحكومة قد التزمت بعدم إصدار ملحق موازنة خلال العام الحالي وذلك للمرة الأولى منذ عام 2000 وذلك بموجب توصية مجلسكم الموقر في حينه.

الاستمرار في دعم مادة الخبز للمواطنين وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي من خلال إيصال الدعم لمستحقيه من ذوي الدخل المحدود والمتوسط.

الاستمرار في دعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لتمكينها من القيام بمهامها لحماية الوطن و المواطن.

الاستمرار في ضبط وترشيد النفقات التشغيلية ولا سيما البنود المتعلقة بالمحروقات والكهرباء والماء والهاتف ومصاريف السفر .

الاستمرار في سياسة وقف شراء السيارات والأثاث وسحب السيارات غير الضرورية والتوقف عن تخصيص السيارات بعد تاريخ إقرار الموازنة.

مواصلة رصد المخصصات اللازمة لتنفيذ مشاريع الإستراتيجية الوطنية للتشغيل وذلك بهدف توفير فرص عمل للقوى العاملة الأردنية وخاصة في مناطق جيوب الفقر والأقل حظاً.

رصد المخصصات المالية اللازمة لبرنامج البنية التحتية للمحافظات بهدف التوزيع العادل لمنافع التنمية على كافة مناطق المملكة من خلال تنفيذ المشاريع التنموية.

زيادة الرسوم على بعض الخدمات مثل رسوم تصاريح العمل ورسوم الخدمات القنصلية ورسوم التأشيرات ورسوم الإقامة.

زيادة عوائد التعدين وإلغاء الإعفاءات الواسعة في هذا المضمار.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين

إن مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2014 يعكس سياسة الحكومة في إتباع الإصلاح التدريجي تحقيقاً لهدفين: يتمثل الأول في محاولتنا عدم الإضرار بالنمو الإقتصادي الذي هو في الأساس ما زال هشاً، وتمثل هدفنا الثاني في إعطاء وقت كافي للقطاعات الإقتصادية من مستهلكين ومستثمرين للتكيف مع الإصلاحات المالية.

تم تقدير العجز المالي للموازنة بعد المنح الخارجية للعام القادم حوالي (1114) مليون دينار أو ما نسبته (4.3%) من الناتج المحلي الإجمالي مقابل (1310) مليون دينار أو ما نسبته (5.4%) من الناتج المحلي في موازنة عام 2013 ومقابل عجز كبير مقداره (1824) مليون دينار أو ما نسبته (8.3%) من الناتج المحلي الإجمالي عام 2012، مسجلاً بذلك إصلاحاً بأكثر من أربع نقاط مئوية مما يدل على سلامة وصحة السياسات والإجراءات التي تبنتها السياسات الحكومية في هذا المجال ، ونتوقع أن يواصل هذا العجز انخفاضه إلى نسبة (3.3%) فقط في عام 2016.

أما قبل المنح، فقد قدر العجز بنحو (2265) مليون دينار أو ما نسبته (8.7%) من الناتج مقابل (2160) مليون دينار أو ما نسبته (8.9%) من الناتج في موازنة عام 2013 و مقابل (2151) مليون دينار أو ما نسبته (9.8%) من الناتج المحلي الإجمالي عام 2012، ويتوقع أن يواصل هذا العجز انخفاضه لتصل نسبته للناتج إلى (7.0%) في عام 2016.

وقد أخذت سياساتنا في إصلاح العجز في الموازنة العامة للدولة الأبعاد التالية:-

حاولنا قدر المُستطاع أن نركز بشكل كبير على جانب الإنفاق وليس على جانب الإيرادات، وإجراءاتنا تحكم على ذلك. ففي جانب النفقات: قمنا بضبط النفقات التشغيلية للقطاع العام لا سيما البنود المتعلقة بالمحروقات والكهرباء والماء والهاتف ومصاريف السفر والحد من استخدام السيارات الحكومية وتقليص سفر الوفود الرسمية وعدم التوسع في استضافة الوفود الرسمية والحد من نفقات المآدب الرسمية وترشيد الإنفاق على الإعلانات الرسمية في الصحف ووسائل الإعلام الأخرى والحد من استئجار المباني الحكومية. وقمنا بوقف التعيينات في جميع الوزارات والدوائر الحكومية بإستثناء وزارتي التربية والتعليم والصحة فقط بحيث يقتصر التعيين على المعلمين والأطباء والممرضين والفنيين وضمن أضيق الحدود.

وطلبنا من كافة الوحدات الحكومية بما فيها الوزارات أن لا يقل الضبط والترشيد عن (15%) من النفقات الجارية وان لا يقل عن(10%) من النفقات على المشاريع الرأسمالية غير الممولة من المنح .وقمنا كذلك بتخفيض نفقات الجهاز العسكري بما يزيد عن (150) مليون دينار على الرغم من أهميتها في هذه المرحلة.

وحتى عندما أعدنا توجيه دعم المحروقات لمستحقيه عوّضنا أصحاب الدخول المتدنية والمتوسطة نقداً وعندما رفعنا أسعار الكهرباء استثنينا أصحاب الاستهلاك المتدني والمتوسط والقطاع الزراعي والصناعي الصغير من زيادة الأسعار.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين

وضمن مشروع القانون الذي أمامنا للعام القادم قدّرنا النفقات الجارية بنحو (6828) مليون دينار بارتفاع مقداره (621) مليون دينار أو ما نسبته (10.0%) عن مستواها في موازنة عام 2013. واجد من الأهمية التأكيد أن هذه الزيادة إنما تعود بصورة رئيسية إلى استحقاقات لقرارات سياسية وإدارية والتزامات مالية مطلبية كان لا بد من أخذها بعين الاعتبار مما أدى إلى ارتفاع في محصلة عدد من بنود النفقات الجارية وذلك على النحو التالي :-

زيادة فوائد الدين الداخلي والخارجي بمقدار (300) مليون دينار لتصل إلى (1100) مليون دينار في عام 2014.

زيادة مخصصات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بمقدار (141) مليون دينار.

زيادة رواتب الجهاز المدني بمبلغ (96) مليون دينار لتغطية كلفة التعيينات في وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة وكذلك كلفة تثبيت المستخدمين خارج جدول التشكيلات وكلفة إقرار علاوة غلاء المعيشة للفئة الثالثة، إضافة إلى الزيادة السنوية الطبيعية للرواتب.

زيادة مخصصات التقاعد المدني والعسكري بمقدار (54) مليون دينار.

زيادة نفقات وزارة الصحة وخاصة المتعلقة بالأدوية والتي تقدر بنحو (72) مليون دينار.

زيادة المعالجات الطبية بمقدار (55) مليون دينار.

يضاف إلى ما تم ذكره من أعباء كلف استضافة اللاجئين السوريين على الاقتصاد الوطني والذي يقدر بموجب دراسة من الأمم المتحدة صدرت قبل أقل من شهر بنحو (2.1) مليار دولار للعام 2013، و(3.2) مليار دولار للعام 2014 وهنا أتساءل "هل يُعقل أن لا ينعكس هذا العبء على الإنفاق الجاري، لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم وأيضاً على إنفاق القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والتي تحافظ بكل اقتدار على أمن الوطن والمواطن في ظل الوضع الإقليمي المتوتر وتداعيات الأزمة السورية، وبالتالي فإن استعراض الزيادة في الإنفاق الجاري لا يجوز يتجاهل العوامل التي ذُكرت أو أن يحيدها.

كما و أن الموازنة تأخذ بالاعتبار رصد المخصصات اللازمة لتلبية متطلبات الأمان الاجتماعي بكافة جوانبها بما فيها الاجتماعية و الصحية وتقدر مخصصات هذه الخدمات حوالي (1.50 ) مليار دينار تم توزيع رصيدها ضمن قطاعات مختلفة لتوفير الموارد المالية للدوائر و المؤسسات المعنية بتوفير شبكة الأمان الاجتماعي.

وبالنسبة للإنفاق الرأسمالي فقد تم تقديرها لعام 2014 بنحو (1268) مليون دينار مقابل (1249) مليون دينار في موازنة عام 2013 ، و استأثرت المشاريع الرأسمالية الممولة من المنحة الخليجية بما مقداره (639) مليون دينار أو ما نسبته (50.4%) من إجمالي النفقات الرأسمالية وموزعة بواقع (216) مليون دينار من المملكة العربية السعودية و(220) مليون دينار من دولة الكويت و(203) مليون دينار من دولة الإمارات العربية المتحدة.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين

أما إجراءاتنا على صعيد الإيرادات، فقد قمنا بإعادة النظر في الإعفاءات الضريبية التي منحت في السابق حيث لم يعد من المجدي استمرارها، وقمنا بإعادة النظر في الجداول الضريبية على بعض السلع وبعض الخدمات ذات نسبة الصفر وذلك للتخفيف من استغلال ردياتها الضريبية من قبل بعض المكلفين، وفرضنا رسوم إضافية على قطاع التعدين، وفرضنا ضريبة خاصة على عدد محدود من السلع الكمالية الفاخرة كالعطور والجلود وملابس الماركات العالمية والألماس وغيرها.

و بناءاً على ما تقدم تم تقدير الإيرادات المحلية بشقيها الضريبية وغير الضريبية بحوالي (5831) مليون دينار في عام 2014 مقابل (5296) مليون دينار في موازنة عام 2013 أي بزيادة مقدارها (535) مليون دينار أو ما نسبته (10.0%).

وقد تم تقدير الإيرادات المحلية على أساس تقديرات النمو في الناتج المحلي الاسمي للعام 2014 بمعدل (7.9) في المائة والذي ينتج عنه نمو بنحو (418) مليون دينار، وهو النمو الطبيعي في الإيرادات المحلية مُضافاً إليها مبلغ (117) مليون دينار، المبلغ المتوقع من إجراءات حكومية تم الإعلان عنها في مجالات رسوم الإقامة وتصاريح العمل وتأشيرات السفر على غير الأردنيين وإجراءات تم اتخاذها في قطاع الاتصالات.

هذا وقد قـدرت المنح والمساعدات الخارجية ضمـن قانون الموازنة العـامة لعـام 2013 بمبلغ (850) مليون دينار منها حوالي(657) مليون دينار منح خليجية، ويقدر أن تصل المنح خلال عام 2014 إلى حوالي (1150) مليون دينار منها (995.6) منح من الصندوق الخليجي.

كما أننا نسعى لتعزيز كفاءة الإيرادات عن طريق القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل المنوي تقديمه إلى مجلسكم الكريم، حيثُ تبنينا مبدأ تصاعدية الضريبة على الدخل وغلظنا العقوبات على التهرب الضريبي. وتم حصر الإعفاءات بتلك المنصوص عليها في القانون و الاتفاقيات الموقعة.

الدين العــــام

بلغ صافي رصيد الدين العام لنهاية شهر أيلول من العام الحالي ما مقداره (423 18) مليون دينار أو ما نسبته (76.8%) من الناتج المحلي المقدر لعام 2013 مرتفعا بحوالي (842 1) مليون دينار عن مستواه عام 2012.

إن ارتفاع رصيد المديونية حتى نهاية شهر 9/2013، نتج عن زيادة صافي رصيد الدين الداخلي بمبلغ (722) مليون دينار والدين الخارجي بمبلغ (120 1) مليون دينار منه سندات محلية بالدولار الأمريكي بقيمة (815) مليون دينار، حيث أن الغاية من الاقتراض مواجهة الفجوة التمويلية لعام 2013 وتسديد مديونية شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه.

وضمن إستراتيجية إدارة الدين العام في المملكة، والتي نسعى من خلالها إلى توفير عدة بدائل تمويلية و بكلف أقل وتخفيف مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص، قامت الحكومة نهاية شهر تشرين الأول الماضي بإصدار سندات الحكومة الأردنية بالدولار والمكفولة المضمونة من قبل الحكومة الأمريكية بمبلغ (250 1) مليون دولار و بسعر فائدة (2.5%) فقط وانعكس ذلك على أسعار الفائدة للسندات الحكومية المصدرة في السوق المحلي لغايات تغطية عجز الموازنة، حيث انخفضت أسعار الفوائد على سندات الخزينة بحوالي (2) نقطة مئوية.

أما فيما يتعلق بصافي رصيد الدين العام المتوقع نهاية العام الحالي فيتوقع أن يصل رصيد الدين العام حوالي (19.3) مليار دينار أو ما نسبته (80.0%) من الناتج المحلي الإجمالي وكما يلاحظ المجلس الكريم و طالما أن عجوزات قطاعي الكهرباء و المياه قائمة فان حجم المديونية بالأرقام المطلقة سيستمر في الارتفاع ولكن بأحجام متناقصة كل عام.

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين

بالنسبة لموازنات الوحدات الحكومية لعام 2014 : الوحدات الحكومية ليست متشابهه فبعضها يتميز بالعجز في موازناته و البعض الأخر لديه وفر في الموازنات.

بلغ مجموع العجز قبل التمويل للوحدات الحكومية التي تظهر موازناتها عجزاً قبل التمويل وعددها (14) وحدة في عام 2014 بما في ذلك شركة الكهرباء الوطنية حوالي (1259) مليون دينار مقارنة مع عجز مقداره (1428) مليون دينار لعام 2013 .

بلغ مجموع الوفر قبل التمويل للوحدات الحكومية في عام 2014 التي تظهر موازناتها وفراً وعددها (30) وحدة حوالي (140) مليون دينار مقابل (171) مليون دينار في عام 2013.

وكمحصلة لذلك، قدر صافي العجز قبل التمويل لجميع الوحدات الحكومية في عام 2014 بحوالي (1119) مليون دينار مقابل (1257) مليون دينار في عام 2013 .

قدر مجموع الفوائض الممكن تحويلها للخزينة العامة في عام 2014 بنحو (117) مليون دينار مقابل (186) مليون دينار في عام 2013. وعليه، يتضح أن صافي الدعـم الحكومـــي (إجمالي الدعم الحكومي مطروحاً منه الفوائض المقدر تحويلها للخزينة العامة) سيبلغ (151) مليون دينار في عام 2014 .

سعادة الرئيس

حضرات النواب المحترمين

إن أكثر ما نحتاج إليه في المرحلة القادمة هو الإيمان بقدراتنا الذاتية على الخروج من هذه الأزمة وبث روح التفاؤل بدلاً من جلد الذات ، فكلنا متفقون على ضرورة الإصلاح المالي و ضبط المديونية ضمن المعطيات التي حاولت أن أشرحها في بداية حديثي وكيف لا نتفاءل ولدينا قيادة هاشمية حكيمة أوصلتنا إلى بر السلامة على الرغم من صعوبات و تعقيدات المتغيرات الدولية و الإقليمية ، ولدينا في تاريخنا خلال السبعين عاماً الماضية ما يكفي من الأدلة على قدرتنا على التعامل مع أصعب الظروف ومهما كانت. لدينا وعي المواطن الأردني و لدينا المؤسسات الدستورية ولدينا القوات المسلحة و الأجهزة الأمنية و التي حافظت على أمن الوطن و المواطن بكل اقتدار.

نتطلع إلى التعاون و الشراكة مع مجلسكم الكريم لمواصلة مسيرة الإصلاح والتنمية و تجاوز صعوبات و تحديات المرحلة الحالية فكلنا شريك في المسؤولية تحت مظلة دولة القانون.

وفقنا الله جميعاً لخدمة هذا الوطن العزيز وقائده الغالي جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته