أوصى تقرير صادر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان بتعديل قانون الانتخاب بما يعزز التوجه الديمقراطي والتعددية السياسية والمشاركة الشعبية وعدالة التمثيل النيابي وفقا للدستور وبما ينسجم مع المعايير الدولية ذات العلاقة .
كما اوصى التقرير الصادر، الثلاثاء، بتحديث جداول الناخبين حسب القانون وبالتنسيق مع الهيئة وان تكون جميع المعلومات المتعلقة بالناخب معروفة على نحو صحيح وسليم وبصورة واضحة وشفافة، وان يتم تنظيمها بشكل دقيق يسهل الرجوع إليها من قبل المواطن أو له مصلحة في حينه.
واشار التقرير الى ان العملية الانتخابية بمجملها جاءت في مرحلة سياسية واقتصادية واجتماعية دقيقة وحساسة عنوانها الرئيس الاصلاح والتغيير، وعلى خلفية انتخابات سابقة اتسمت بغياب النزاهة والشفافية. كل ذلك وضع هذه الانتخابات في سياق وطني ومزاج شعبي اتسما بالحساسية الشديدة والتذبذب والاستقطاب .
النص الكامل للتقرير :
مقدمة:
صدرت الارادة الملكية السامية بحل مجلس النواب السادس عشر بتاريخ 4/10/2012 لإفساح المجال امام اجراء انتخابات نيابية على اساس قانون الانتخاب الجديد رقم (25) لعام 2012 المعدل بقانون رقم (28) لسنة 2012 والذي ابقى على النظام الانتخابي القائم على اساس حق الناخب في التصويت لمرشح واحد في دائرته الانتخابية المحلية، بصرف النظر عن عدد المقاعد المخصصة لتلك الدائرة (الصوت الواحد)، وأضاف الى ذلك حقه في التصويت لإحدى القوائم العامة التي يبلغ عدد المقاعد المخصصة لها 27 مقعداً. وكانت التعديلات الدستورية التي أقرت في عام 2011 قد تضمنت إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات وإدارتها عملا باحكام الفقرة (2) من المادة 67 من الدستور الاردني المعدل وأسندت مهمة الفصل في صحة عضوية مجلس النواب للقضاء. وقد تضمن قانون الانتخاب الجديد تعديل النظام الانتخابي من نظام الصوت الواحد ليجمع بين نظام الصوت الواحد الذي يتم بموجبه انتخاب 108 نائب، ونظام القائمة والذي يتم بموجبه انتخاب 27 نائبا للدائرة العامة بالإضافة إلى تخصيص خمسة عشر مقعداً للكوتا النسائية واعتماد النشر الإلكتروني لجداول الناخبين إلى جانب وسائل النشر الأخرى التي تعتمدها الهيئة، وسهل إجراءات تصويت الاشخاص ذوي الاعاقة.
صدرت الارادة الملكية بالموافقة على قانون الهيئة المستقلة للانتخاب في الرابع من نيسان 2012 وتلى ذلك صدور إرادة ملكية أخرى في السادس من أيار بتعيين رئيس الهيئة ومفوضيها. وفي 16/10/2012 حددت الهيئة يوم الأربعاء الموافق 23/1/2013 موعدا لإجراء الانتخابات النيابية لأعضاء مجلس النواب السابع عشر وكانت الارادة الملكية السامية قد صدرت بالأمر بإجراء الانتخابات لمجلس النواب في تاريخ 4/10/2012
أعلن عدد من الاحزاب والحراكات الشعبية والفعاليات السياسية بما فيها حزب جبهة العمل الاسلامي والجبهة الوطنية للاصلاح وحزب الوحدة الشعبية مقاطعتها لهذه الانتخابات بعد ان كانت قد عبرت في مناسبات سابقة لصدور القانون عن نيتها عدم المشاركة فيها ما لم تتم تلبية عدة مطالب، من أبرزها:
• رفض نظام الصوت الواحد الذي خصص للدائرة المحلية بموجبه 108 مقعد بسبب عدم تحقيقه لمبدأ المساواة في ثقل الصوت الانتخابي (القوة التصويتية).
• تخصيص 50% من مقاعد المجلس النيابي للدائرة العامة على الأقل من مجموع مقاعد مجلس النواب.
• اجراء اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية جذرية، ومحاربة الفساد بشكل جدي.
• مطالبة بعض القوى السياسية أجراء تعديلات دستورية اضافية تشمل عدداً من مواده وأهمها المواد 34،35،36 من الدستور.
وتجدر الاشارة الى أن بعض الأحزاب والفعاليات السياسية المشاركة في الانتخابات قد أعلنت رفضها لقانون الانتخاب الحالي 2012، لكنها ارتأت المشاركة فيها داعية لتعديل القانون في برامجها الانتخابية.
تكتسب هذه الانتخابات اهمية خاصة في ضوء "الربيع العربي" واستمرار الحراك لأكثر من سنتين مطالبا بإصلاحات سياسية واقتصادية جذرية، وتأكيد جلالة الملك في عدة مناسبات ان الحكومة المقبلة ستكون حكومة برلمانية بعد التشاور مع الكتل البرلمانية حول شخصية الرئيس المكلف.
وعند التطبيق لأحكام هذا القانون اثناء انتخابات المجلس السابع عشر تبينت الثغرات التالية بالإضافة إلى الثغرات الأخرى حول نظام الصوت الواحد والمبينة في مواضع أخرى من هذا التقرير :
1. الحاجة لتحديد القانون نسبة تتضمن الحد الأدنى الذي يؤهل القائمة للدخول في التنافس عند توزيع المقاعد.
2. ضرورة وضوح الاسس الخاصة لتقسيم الدوائر الانتخابية.
3. ضرورة تفعيل دور أجهزة انفاذ القانون بضبط الجرائم الانتخابية وتقديم مرتكبيها للقضاء بصورة تكفل حسن سير العملية الانتخابية.
4. ضرورة تضمين قانون الانتخاب احكاماً تضمن متابعة وملاحقة مرتكبي الجرائم الانتخابية وذلك من خلال اعطاء معاقبة الجرائم الانتخابية صفة الاستعجال وقيام محكمة متخصصة بالفصل بهذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها قبل موعد الاقتراع.
5. وجود احكام تساعد الهيئة على وضع السقوف المالية المناسبة للإنفاق على الحملات الانتخابية.
6. عدم تحقيق المساواة بين المرشحات في مختلف الدوائر الانتخابية، إذ أن المفاضلة بينهن لتحديد الفائزات احتسبت على أساس الأصوات التي حصلت عليها المرشحة مقسوما على عدد المقترعين في الدائرة المحلية، وليس على عدد المقترعين في المحافظة تحقيقا للعدالة والمساواة بينهن خاصة وان تخصيص المقاعد للمرأة قد تم بناءً على عدد المحافظات وليس على عدد الدوائر المحلية.
7. ضرورة تضمين القانون تقيد الجهات التي تقوم باعداد جداول الناخبين بالمعايير الدولية المتبعة في هذا المجال.
وبالرغم من هذه الملاحظات على القانون فقد حاولت الهيئة المستقلة للانتخاب تلافي جوانب القصور هذه في أحكام القانون من خلال إصدار العديد من التعليمات التنفيذية لتحسين الإجراءات العملية الانتخابية كان أهمها: توزيع الناخبين على مراكز اقتراع محددة مسبقاً، تطوير ورقة الاقتراع من خلال إيجاد أوراق اقتراع مطبوعة وموحدة تحتوي على صور ورموز بهدف التسهيل على الناخبين للتعرف على المرشحين والقوائم الحزبية، وكذلك وقف ما يعرف بالتصويت الأمي والتصويت العلني.
إعداد جداول الناخبين
وفقا لبيانات الهيئة المستقلة للانتخاب بلغ عدد المسجلين في جداول الناخبين النهائية (2272182) ناخبة وناخب منهم (1178864) اناث و (1093318) ذكور، وبهذا تكون نسبة المسجلين للانتخابات النيابية لعام 2013 (63.7%) ممن يحق لهم الاقتراع بحسب سجلات دائرة الاحوال المدنية في محافظات المملكة كافة ، ووفقاً لأخر الاحصائيات بلغ عدد الاردنيين الذين يحق لهم الانتخاب (3.5) مليون و ناخب وناخبة. ويلاحظ أن عدد الناخبين المسجلين للانتخابات النيابية لعام 2012 قد تراجع بنسبة 4.3% عن عدد الناخبين المسجلين للانتخابات النيابية لعام 2010 الذي بلغ (2373119) ناخبة وناخب.
وبالرغم من الجهود التي بذلتها الهيئة المستقلة للانتخاب لضمان دقة الجداول الانتخابية الا انه من الملاحظ عدم تولي الهيئة الإسهام في الإشراف مباشرة على تسجيل الناخبين لعدم منحها هذا الحق في القانون. كما انها لم تتمكن من الإسهام في تأهيل وتدريب العاملين على اعداد هذه الجداول، كما رصد الفريق عدم الدقة في تسجيل الناخبين حيث تم اصدار بطاقات انتخابية وتسليمها لأشخاص من غير الاقارب الذين حددتهم التعليمات. وتواردت أنباء عن تسجيل ناخبين دون حضورهم ودون طلب منهم. كما تم احتجاز العديد من البطاقات لصالح بعض المرشحين، بالإضافة الى بقاء آلاف من البطاقات الانتخابية لدى دائرة الاحوال المدنية وقد أعلنت الهيئة عن 42 ألف و 327 بطاقة انتخابية تم إصدارها ولم يتم استلامها من قبل أصحابها. ومن الاخطاء الاجرائية في عملية إعداد جداول الناخبين وجود خانة في نموذج طلب البطاقة الانتخابية يتضمن توقيع المواطن على تسلمه البطاقة الانتخابية فور تقديم الطلب وقبل استلامه للبطاقة فعلياً، وكذلك وجود نقص في بيانات البطاقات الانتخابية؛ إذ خلت البطاقة الانتخابية من تاريخ ومركز الإصدار.
كما لاحظ فريق الرصد صدور تعليمات من جهات رسمية تطلب من موظفيها التسجيل للمشاركة في الانتخابات، مما دفع عددا من الموظفين للقيام بالتسجيل تمشياً وتجاوباَ لتلك التعليمات، كما سجل فريق المراقبة أن 67% من مراكز التسجيل التي تم رصدها لم تكن معدة لاستقبال الاشخاص ذوي الاعاقة.
مرحلة الترشح
استمرت عملية الترشح في الفترة الممتدة بين ( 22-24/12/2012) ، حيث تقدم مفوضو القوائم بطلبات الترشح للدائرة العامة في مقر الهيئة المستقلة للانتخاب، فيما تقدم المرشحون للدوائر المحلية في مقار اللجان الانتخابية في الدوائر المحلية بمحافظات المملكة. وقد اتسمت عملية الترشح بالوضوح والسلاسة، إذ بدأ قبول استلام الطلبات بالموعد المحدد ولم تتوقف طيلة المدة المحددة لها، مما مكن المرشحين من تقديم طلباتهم بيسر وسهولة. وقد تم قبول جميع طلبات الترشح سواء للدوائر الفردية او الدائرة العامة، مع طلب الهيئة من إحدى القوائم فقط تغيير اسمها كونها تحمل اسم شخص محدد، والتي طعن مفوض القائمة بقرار الهيئة لدى محكمة استئناف عمان. وصدر قرار عن هذه المحكمة بتأييد قرار مجلس مفوضي الهيئة برفض الاسم المقدم والطلب بضرورة تغييره، وهو ما حصل فعلاً.
بلغ عدد المرشحين لعضوية مجلس النواب (1528) مرشحا ومرشحة منهم (699) مرشحة ومرشح تقدموا بطلبات لخوض الانتخابات على مستوى الدوائر المحلية "الفردية" و (829) مرشحة ومرشح تقدموا بطلبات الترشح من خلال القوائم الوطنية البالغة (61) قائمة، منهم (203) امرأة مرشحة تخوض منهن (88) سيدة الانتخابات على القوائم الوطنية و (115) سيدة للدوائر المحلية.
وبالرغم من اتسام إجراءات هذه المرحلة بالوضوح والسلاسة إلا ان الفريق الوطني سجل مجموعة من الملاحظات على سير عملية الترشيح أهمها: بدء عملية استقبال طلبات الترشح قبل قيام الهيئة المستقلة بنشر القوائم النهائية للناخبين خلافا لأحكام المادة (6/ب) من القانون التي الزمت الهيئة بنشر الجداول النهائية للناخبين على الموقع الالكتروني الخاص بها وبأي طريقة اخرى تحددها التعليمات الانتخابية. كما لم تقم الهيئة بنشر الجداول النهائية للناخبين إلا في الساعة العاشرة من صباح يوم السبت الموافق 22/12/2012، ولم تزود لجان الانتخاب بها كي يتأكدوا من ورود اسم المرشح في الجداول النهائية للناخبين. كما سجل فريق الرصد عدم جاهزية اغلب المراكز لاستقبال الاشخاص ذوي الاعاقة، وهو الامر الذي يتناقض مع اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة. ولم يتلق الفريق اية ملاحظات سلبية من المرشحين حول التمييز في المعاملة من قبل اللجان الانتخابية عدا ما حدث في مقر احدى اللجان الانتخابية اذ عبرت احدى المرشحات عن عدم رضاها عن اجراء اللجنة بترتيب الدور لاستلام طلب الترشح، وقدمت ملاحظة خطية لمراقب المركز بهذا الخصوص مفادها عدم قيام اللجنة بالاستجابة لطلبها بالحفاظ على دورها بتقديم تسجيلها على مرشحة اخرى بالرغم من انها طلبت من اللجنة الاستماع الى بعض الشهادات التي تؤكد وصولها قبل المرشحة الاخرى، إلا ان لجنة الانتخاب قامت باعتماد القرعة لاختيار من يسجل أولا.
مرحلة الدعاية الانتخابية
بدأت الدعاية الانتخابية مع بدء قبول الترشيح بتاريخ 22/12/2012 عملا بأحكام المادة 14 من قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم 25 لعام 2012 واستمرت حتى نهاية يوم الثلاثاء الموافق 22/1/2012 عملا بأحكام المادة 21 من القانون ذاته. وقد سجل الفريق الوطني عدة ملاحظات على سير الدعاية الانتخابية، أهمها:
أ- استخدام "المال السياسي"
بالرغم من تجريم القانون للاستخدام غير المشروع للمال في العملية الانتخابية، إلا ان المعلومات المتوفرة والمتواترة من قبل فرق الرقابة الميدانية وما نشر في كافة وسائل الاعلام أكد على استخدام المال السياسي بصورة غير مشروعة في العملية الانتخابية، وهو ما تم تأكيده ايضا ً في التصريحات الصادرة عن المسؤولين في الهيئة المستقلة للانتخاب. يضاف الى الاجراءات التي تم اتخاذها من قبل الاجهزة الامنية والقرارات الصادرة عن النيابة العامة بتوقيف ستة مرشحين في عمان والمفرق ومأدبا والبلقاء بتهم عرض مال للتأثير على الناخبين خلافا لأحكام المادة 63/1 من قانون الانتخاب.
وقد اتخذ استخدام المال السياسي في العملية الانتخابية وشراء الاصوات عدة مظاهر ابرزها ما يلي:
1. استكمال بعض القوائم العامة من خلال استقطاب بعض الاشخاص للترشح فيها، دون تكبدهم أية نفقات بما في ذلك دفع رسوم ترشحهم ونفقات الحملة الانتخابية لهم، وتكفُّل بعض المرشحين ممن احتلوا مراكز متقدمة في بعض القوائم العامة بالمساهمة بدفع تكاليف الدعاية الانتخابية لتلك القائمة.
2. استخدام بعض المرشحين لبعض الأشخاص لمدد محددة وتكليفهم بمتابعة مجموعة من الناخبين وقيامهم بحجز بطاقاتهم الانتخابية حتى يوم الاقتراع، لضمان تصويتهم لصالح مرشح أو قائمة ما.
3. توفر معلومات لدى الفريق تفيد انتشار ظاهرة شراء الاصوات مقابل مبالغ مالية إما مباشرة من القائمين على الحملات الانتخابية للمرشحين أو من خلال سماسرة يقومون بجمع بطاقات بعض المواطنين ذوي الظروف الاقتصادية الصعبة وعرضها للبيع مقابل مبالغ مالية لمن يدفع أكثر، حيث يتم دفع نصف المبلغ عند استلام البطاقة الانتخابية والنصف الاخر بعد الاقتراع.
ب- سجل فريق المراقبة قيام بعض القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية بعرض دعايات انتخابية للأشخاص الراغبين بالترشح للانتخابات النيابية خارج الوقت المحدد لها. فقد بدأت الدعاية الانتخابية منذ بدء عملية التسجيل ولم يتم الالتزام بالوقت المحدد في القانون، بالرغم من مخاطبة الهيئة المستقلة لدائرتي المطبوعات والنشر والإعلام المرئي والمسموع للتعميم على وسائل الاعلام لوقف نشر الاعلانات التي تدخل ضمن مفهوم الدعاية الانتخابية قبل الموعد المحدد لها بموجب القانون.
ج- رصد الفريق عدم التزام القائمين على الدعاية الانتخابية لعدد كبير من المرشحين بتثبيت وسائل الدعاية الانتخابية في الاماكن غير المخصصة لها، ووضع بعض الصور واليافطات على الشواخص المرورية وعلى تقاطعات الطرق الرئيسية وأعمدة الهاتف والكهرباء، وعدم الالتزام بالتعليمات الصادرة عن وزارة البلديات بتحديد ارتفاع اليافطات القماشية. مما يشكل مخالفة لقانون الانتخاب وقانون السير والتعليمات الصادرة عن وزارة البلديات ووزارة الأشغال العامة، ويؤثر على السلامة العامة.
د- عدم التزام العديد من مرشحي الدوائر المحلية وبعض القوائم العامة بتقديم الافصاح المالي، والذي يتضمن مصادر التمويل وأوجه الانفاق على الحملات الانتخابية ، حيث تشير اعلانات الهيئة المستقلة المتتابعة عن تأخر عدد من المرشحين وبعض القوائم عن تقديم إفصاحاتهم المالية، وكان آخر اعلان صادر عن الهيئة المستقلة في الصحف المحلية ليوم الاربعاء الموافق 16/1/2013 والذي بينت فيه تخلُّف عشر قوائم عامّة، وسبعة عشر مرشحاً عن تقديم بيانات افصاحاتهم المالية؛ مما يشكل مخالفة صريحة لأحكام قانون الانتخاب، والتعليمات التنفيذية الخاصة بقواعد حملات الدعاية الانتخابية الصادرة عن الهيئة المستقلة، ويعيق عمل الهيئة في متابعة ورقابة تقيّد القائمين على الحملات الانتخابية بأحكام القانون والتعليمات ذات العلاقة.
ه- رصد الفريق استخدام بعض المرشحين لجدران وأسوار بعض مقار الدوائر الحكومية لإغراض الدعاية الانتخابية مخالفين بذلك أحكام المادة 22/ ب/ 4 من قانون الانتخاب التي تحظر استخدام مقار الدوائر الحكومية لأغراض الدعاية الانتخابية، حيث تم نشر وسائل دعائية لبعض المرشحين على جدران المباني الحكومية كما حصل في محافظة الطفيلة ، محافظة العاصمة محافظة اربد، محافظة البلقاء.
و- لوحظ وجود تفاوت كبير وواضح فيما بين المرشحين في الانفاق على الدعاية الانتخابية؛ الأمر الذي يظهر الحاجة الملحة لضرورة اقرار تشريع يحدد سقف أعلى للأموال التي يمكن انفاقها على الدعاية الانتخابية.
ز- اشتكى بعض مرشحي العاصمة من ارتفاع مقدار الرسوم المفروضة من قبل أمانة عمان على المرشحين والبالغة اربعة آلاف (4000) دينار للالتزام بتعليمات الدعاية الانتخابية، كما اشتكوا من تفاوت قيمة هذا المبلغ في عدد من البلديات، في حين لم تفرض بعض البلديات مثل تلك الرسوم، الأمر الذي يعني عدم المساواة بين المرشحين في الدوائر الانتخابية، مما يتطلب وضع حلول لتحقيق المساواة والعدالة بين المرشحين كافة.
ح- لاحظ الفريق قيام بعض القائمين على الحملات الانتخابية للمرشحين بالاعتداء على صور ويافطات لمرشحين آخرين وإتلاف بعضها وإزالتها من أماكنها بالإضافة لحرق بعض المقرات الانتخابية والمركبات الخاصة ببعض المرشحين في تلك الدوائر. كما رصد الفريق تعرض مرشحين للاعتداء الجسدي من قبل اشخاص مجهولين بحجة دخولهم مناطق انتخابية يعتقد مرشحون آخرون انها تعود لمؤازريهم.
يوم الاقتراع
يمكن القول بشكل عام - وبناءً على مشاهدات وملاحظات فريق المراقبة - بأن العملية الانتخابية خلال يوم الاقتراع قد تمت بصورة سلمية، وبشكل منتظم والتزمت غالبية لجان الاقتراع بالقانون والتعليمات الخاصة بإجراءات الاقتراع، بالرغم من رصد وقوع بعض حالات العنف المحلية في عدد من الدوائر (عجلون، معان، الكرك، المفرق، الطفيلة، جرش، البلقاء، والعاصمة عمان). كما سجل فريق المراقبة الملاحظات والمشاهدات التالية:
أولا : افتتاح مراكز الاقتراع وبدء عملية الاقتراع
بدأت العملية الانتخابية في تمام الساعة السابعة صباحاً وإن كان فربق المراقبة قد سجل تأخر افتتاح مراكز الاقتراع عن الموعد المحدد لمدد تتراوح بين 30 الى 45 دقيقة في 125 مركز من اصل 1300 مركز تم رصدها، ويرجع ذلك لتعطل نظام الربط الالكتروني في العديد من الدوائر وتاخر وصول مندوبي المرشحين.
كما التزمت لجان الاقتراع بالتعليمات الخاصة بإجراءات افتتاح مراكز الاقتراع باستثناء عدم قيام بعضها بعد اوراق الاقتراع امام الحضور. وكانت أعلى نسبة في هذا المجال (20%) من صناديق الاقتراع في محافظة العقبة، وفي الدائرة الاولى/محافظة الزرقاء.
ومن المخالفات الرئيسية التي رافقت مرحلة افتتاح الصناديق وبدء العملية الانتخابية واستمرت طيلة يوم الاقتراع استمرار ظاهرة الدعاية الانتخابية على مداخل مراكز الاقتراع وأسوارها في اغلب مناطق المملكة، ولوحظ ارتداء مندوبي بعض المرشحين اوشحة تحمل دعاية انتخابية لمرشحيهم وتوزيع دعايات انتخابية لقوائم داخل مراكز الاقتراع
ثانياً: الإجراءات الخاصة بالاقتراع
لاحظ الفريق التفاوت بين اللجان من حيث قدرتها على ادارة اجراءات الاقتراع والتعامل مع الاعتراضات التي كانت تقدم لها، كما سجل الفريق الملاحظات التالية على اجراءات الاقتراع:
- عدم الالتزام بسرية التصويت من خلال بعض الممارسات منها : التصويت العلني، التصويت بصوت عال، اظهار ورقة الاقتراع للعلن لكي يراها مندوبو المرشحين، تسجيل اسم المرشح على ظهر ورقة الاقتراع، الاقتراع الجماعي من خلال دخول أكثر من ناخب إلى غرفة الاقتراع.
- استمرار ظاهرة شراء اصوات من قبل مؤيدي المرشحين خلال يوم الاقتراع.
- عدم حيادية بعض رؤساء وأعضاء لجان الانتخاب وإعفاء البعض منهم، وعدم قيام بعض اللجان باتخاذ اجراءات حقيقية لوقف تدخل المرشحين وانصارهم في عمل اللجان والتأثير على حرية اختيار الناخبين.
- تجمهر الشباب امام بعض مراكز الاقتراع مما أعاق دخول الناخبات اليها في بعض الدوائر الانتخابية.
- عدم تمكن عدد من المواطنين من ممارسة حقهم في الانتخاب بسبب عدم وجود أسماء لهم في السجل الالكتروني. وقبول اوراق اثبات الشخصية من غير هوية الاحوال المدنية وحرمان العديد من الناخبين من ممارسة حقهم في الاقتراع لعدم حملهم هوية الاحوال المدنية بالرغم من وجود أسمائهم في السجل الالكتروني والورقي.
- لم يتم التحقق من شخصية عدد من السيدات المنقبات في عدد من الصناديق.
- عدم طلب لجان الاقتراع والفرز من بعض الناخبين وضع اصبع سبابة اليد اليسرى في مادة الحبر المخصص للعملية الانتخابية في عدد من الدوائر الانتخابية .
- محاولة مندوبي بعض المرشحين التأثير على ارادة الناخبين داخل غرف الاقتراع.
- عدم توفر الخصوصية المناسبة للناخب اثناء قيامه بعملية التصويت.
- ضعف اقفال الصناديق وضيق فتحتها الامر الذي تطلب من الناخبين طي الورقة اربع طيات
ثالثاً: الاجراءات الخاصة بعملية فرز الاصوات وجمع الاصوات واعلان النتائج الاولية
بالرغم من التزام لجان الاقتراع والفرز في اغلب المراكز بالتعليمات الخاصة بعملية الفرز إلا ان الفريق يسجل مجموعة من الملاحظات على عمل بعض اللجان أهمها: وجود أشخاص مع اللجنة من غير أعضاء لجان الاقتراع والفرز خلال عملية الفرز. التأخر في الانتهاء من عملية الفرز وعدم تنظيم محاضر عند نهاية عملية الاقتراع والفرز. عدم تطابق عدد أوراق الاقتراع المستعملة في الدائرة الانتخابية المحلية مع عدد المقترعين وفق السجل الورقي. عدم التوقيع على محضر نهاية الاقتراع من قبل اللجان والحاضرين من مندوبي المرشحين.
وفي هذا الصدد يستذكر الفريق التطورات التي رافقت ما حصل في دائرة الاولى/ البلقاء ( لجنة الاقتراع والفرز لصندوق رقم 137 وما حصل في لجنة الصندوق رقم 6 (مدرسة معان الثانوية للذكور) الدائرة الاولى / محافظة معان. حيث ان لجنة الصندوق رقم 137 لم تثبت 145 صوتاً لأحد مرشحي هذه الدائرة في محضر فرز وعد أوراق الصندوق وتم ابطال عشرة اوراق منها خلال عملية فرز لاحقة كونها لا تحمل توقيع رئيس اللجة و/او الختم. وكذلك تأخر اعلان النتائج في الدائرة الاولى /محافظة معان بسبب اعادة فرز الاصوات في صندوق رقم( 6) لأكثر من مرة من قبل لجنة الفرز في هذه الدائرة . وكان اثنان من المرشحين فيها قد اعلن كل منهما فوزه وذلك استنادا الى تقارير مندوبيهم الاولية حول نتائج التصويت في هذه الدائرة. ونتيجة هذا الوضع حدثت اعمال عنف وشغب شملت حرق العديد من المرافق الحكومية .
اما بالنسبة لعملية جمع الأصوات النهائية فقد سجل مراقبو التحالف الملاحظات التالية :
1. التأخر في استلام بعض محاضر لجان الاقتراع والفرز وفقدان بعض المحاضر.
2. عدم اطلاع بعض مندوبي المرشحين والمراقبين على الارقام المثبتة لكل مرشح او قائمة على محضر الفرز الاولي.
3. تسجيل بعض الاعتراضات من قبل المرشحين أو مندوبيهم على آلية جمع الأصوات لبعض المرشحين أو القوائم.
4. تداول فوز بعض المرشحين من قبل بعض وسائل الإعلام ومن قبل بعض مندوبي المرشحين وانصارهم ومن ثم تبين عكس ذلك وفوز مرشحين آخرين، وقد أدى ذلك إلى وقوع عدد من حالات العنف في بعض الدوائر الانتخابية مثل الدائرة الأولى في معان، والدائرة الأولى في البلقاء.
5. عدم تطابق الأرقام الخاصة بالقائمتين المتنافستين على المقعد رقم 27 المثبتة على الشاشة وبين ما أعلنته اللجنة من نتائج، وبناءً على ذلك التعارض تم إعادة الفرز في اليوم التالي وأخبرت اللجنة الخاصة فوز قائمة النهوض الديمقراطي بالمقعد بدلاً من قائمة المواطنة، إلا أنه وبعد مراجعة كافة النتائج التي حصلت عليها القوائم في الصناديق كافة أعلن عن فوز قائمة المواطنة، علماً بأن هذه العملية تمت بغياب مفوضي القوائم وعدم إفساح المجال للمراقبين للتحقق من دقة إجراء هذه المراجعة.
رابعا": اجراءات الاقتراع للأشخاص ذوي الاعاقة في الصناديق التي تم رصدها
سجل فريق المراقبة أن غالبية مراكز الاقتراع والفرز لم تكن مؤهلة لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ تم تجهيز ما لا يزيد عن ثلاثمائة مركز لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة علماً بأن عدد مراكز الاقتراع تزيد على ألف مركز، كما أن الفريق سجل أن ما نسبته 4% من الأشخاص ذوي الإعاقة لم يمنحوا الأولوية في الاقتراع.
الخلاصة
1. جاءت العملية الانتخابية بمجملها في مرحلة سياسية واقتصادية واجتماعية دقيقة وحساسة عنوانها الرئيس الاصلاح والتغيير، وعلى خلفية انتخابات سابقة اتسمت بغياب النزاهة والشفافية. كل ذلك وضع هذه الانتخابات في سياق وطني ومزاج شعبي اتسما بالحساسية الشديدة والتذبذب والاستقطاب
2. ساهم تولي الهيئة المستقلة للانتخاب عملية الاشراف على الانتخابات وإدارتها في تعزيز الامل لدى المواطن الاردني بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة .
3. جهدت الهيئة المستقلة للانتخاب لتحقيق هذا الهدف وقد حالفها النجاح الى حد كبير، الا ان العملية الانتخابية بمجملها واجهت اختلالات على غير صعيد بدءا من عملية التسجيل وإصدار البطاقات الانتخابية من حيث استمرار تأثير السلبيات التي كانت موجودة في السجلات السابقة وما رافقه من تسجيل عائلي سهل تسجيل افراد دون معرفتهم وكذلك الاحتفاظ من قبل المرشحين وسماسرة الانتخابات وأنصار المرشحين بالبطاقات الانتخابية وبالتالي التأثير على حرية الناخبين والتلاعب بإرادتهم، الى حد كبير، رغم حرص الهيئة وقوى المجتمع المدني على سلامة العملية الانتخابية.
4. كما القت مقاطعة قوى سياسية معينة للانتخابات بظلالها على اجراءات ادارة العملية الانتخابية وسيرها.
5. كان المال والنفوذ السياسيين من ابرز التحديات التي واجهت الناخبين وجهود الهيئة لتطبيق القانون وبالنتيجة التأثير على سلامة العملية الانتخابية، وقد جاءت جهود التصدي لهذه الظاهرة من الهيئة أو من اجهزة انفاذ القانون متأخرة نوعا ما. وبرزت في هذا المجال الحاجة الى اليات تنفيذ قضائية اكثر حزما وأسرع بحق الجرائم الانتخابية المرتكبة منها أو المزعومة.
6. اضافة الى استخدام المال السياسي برزت ثغرات وجوانب قصور اخرى سواء بالتشريعات و الانظمة والتعليمات أو الممارسات فيما يتعلق بالعملية الانتخابية بما في ذلك تصميم القائمة العامة واحتساب نتيجتها وتامين سهولة الانتخاب وسلامة وحرية الناخب ومنع تأثير المعيقات المادية والاجتماعية واللوجستية. وقد جاءت الاختلالات متعددة منها نقص الخبرة والتجربة وعدم كفاية الاستعدادت والتحضيرات. اما الارادة السياسية للإدارة الانتخابية فقد ابدت اهتماما بحماية ونزاهة العملية الانتخابية وان ظهرت الحاجة للمزيد من التصميم والصرامة في اعمال هذه الارادة خصوصا في بعض المفاصل الحرجة والحساسة في سير العملية.
7. اقتربت العملية الانتخابية الى درجة معقولة من المعايير الدولية التي تحكم نزاهة الانتخابات وشفافيتها الا ان القصور في موضوعات مثل مكافحة المال والنفوذ السياسيين بفاعلية وما شاب مرحلة التمديد للانتخابات ومرحلة الفرز في عدد من الدوائر و إعلان النتائج والتعامل مع الشكاوى ادى الى المساس بهذه المعايير.
8. لوحظ عدم إعلان موقف الهيئة بشكل واضح للجمهور وللرأي العام ولأصحاب الشكاوى لدى تعاملها مع بعض هذه الشكاوى .
التوصيات
1- تعديل قانون الانتخاب بما يعزز التوجه الديمقراطي والتعددية السياسية والمشاركة الشعبية وعدالة التمثيل النيابي وفقا للدستور وبما ينسجم مع المعايير الدولية ذات العلاقة .
2- تحديث جداول الناخبين حسب القانون وبالتنسيق مع الهيئة وان تكون جميع المعلومات المتعلقة بالناخب معروفة على نحو صحيح وسليم وبصورة واضحة وشفافة، وان يتم تنظيمها بشكل دقيق يسهل الرجوع إليها من قبل المواطن أو له مصلحة في حينه.
3- توفير بيئة مناسبة لإجراءات يوم الاقتراع بدء من توفير أماكن اقتراع تضمن للناخبين الادلاء بأصواتهم بصورة ميسرة وتضمن حقهم بسرية الاقتراع مع التأكيد على تهيئة هذه الظروف للأشخاص ذوي الاعاقة تحسين بيئة غرفة الاقتراع والفرز وتمكين مندوبو المرشحين من المراقبة الكاملة والدقيقة لإجراءات الاقتراع منذ دخول الناخب وحتى اتمام عملية الفرز وجمع الاصوات.
4- قيام الهيئة المستقلة للانتخاب بإعداد وتدريب وتأهيل الكوادر التي تشارك في تنفيذ كافة مراحل العملية الانتخابية بما في ذلك تطوير أنظمة المعلومات وتدريب كوادر على استخدمها بصورة صحيحة تضمن سلامة اجراءات الاقتراع والفرز.
5- تنظيم استخدام المال في العملية الانتخابية ووضع الضوابط القانونية اللازمة بما يكفل مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين، وعدم المساس بإرادة الناخبين ، وضمان شفافية المعلومات المتعلقة بمصادر التمويل وتحديد سقوفها وكيفية صرفها ، ووقف الحملات والدعاية الانتخابية وإزالة مظاهرها قبل (48) ساعة من موعد الاقتراع تحت طائلة المسئولية الجزائية.
6- استخدام صناديق اقتراع تتوافق مع المعايير الدولية من حيث كونها شفافة ومتينة تضمن عدم سهولة فتحها بالإضافة الى ضرورة ان تكون فتحة الصندوق تتناسب مع حجم ورقة الاقتراع.
7- توفير معزل مناسب وفق المعايير الدولية لضمان سرية الاقتراع.
8- تفعيل النصوص القانونية فيما يتعلق بالتصويت العلني.
9- تطوير آلية جمع الأصوات التي يحصل عليها كل مرشح واحتسابها بصورة تكفل الدقة والسرعة وتمكن مندوبي المرشحين والمراقبين المحليين والدوليين من متابعتها.
10- تضمين قانون الانتخاب احكاماً تضمن متابعة وملاحقة مرتكبي الجرائم الانتخابية وذلك من خلال اعطاء معاقبة الجرائم الانتخابية صفة الاستعجال وقيام محكمة متخصصة بالفصل بهذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها قبل موعد الاقتراع.
11- تفعيل دور أجهزة انفاذ القانون بضبط الجرائم الانتخابية وتقديم مرتكبيها للقضاء بصورة تكفل حسن سير العملية الانتخابية.