الحياة النيابية في الأردن: حل 12 مجلساً من أصل 16
يُنتخب مجلس النواب السابع عشر مع بداية العام القادم في ظل واقع دستوري فرض حل (12) مجلساً من أصل (16) منذ انتهاء الانتداب البريطاني وإجراء انتخابات مجلس النواب الأول في تشرين أول عام 1947.
ستة مجالس نيابية حُلـت لانعدام التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وهي: المجلس الثاني، الثالث، الرابع، السادس، السابع والثامن.
بينما تم حل مجلسين نيابين قبل ثلاثة أشهر، ومجلس قبل خمسة أشهر من إكمال مددهم الدستورية، وذلك تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية جديدة، وهي المجالس: الحادي عشر، الثاني عشر والثالث عشر.
المادة 34 الفقرة الثالثة من الدستور الأردني أعطت الحق للملك لحل مجلس النواب وإن كان دون ذكر الأسباب كما حدث مع حل المجلسين النيابيين الخامس عشر والسادس عشر.
أما مجلس النواب الأول الذي انتخب في 47 وضم عشرين نائباً موزعين ضمن دوائر انتخابية على طول المملكة، مع تخصيص مقاعد للأقليات المسيحية والشركس والبدو لمدة أربع سنوات، فقد حل عام 1950 قبل انتهاء مدته الدستورية تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة تشمل الضفتين.
المجلس النيابي الثاني حل بعد حوالي العام من انتخابه من قبل "سكان الضفتين"، وذلك لرفضه التصديق على موازنة الدولة لسنة 1951، اما المجلس الثالث فحل في نفس العام وقبيل جلسة الثقة بحكومة توفيق أبو الهدى بعد ظهور مؤشرات بحجب الثقة عن الحكومة.
وفي سابقة تاريخية لم تتكرر في الأردن، اعتبر المجلس العالي لتفسير الدستور في عام 1955 أن قرار حل المجلس النيابي الرابع بعد انتخابه بعام واحد غير دستوري، وذلك لعدم توقيع وزير الداخلية على الارادة الملكية بالحل؛ إلا أن هذا المجلس أعيد حله في عام 1956.
وحل المجلس النيابي السادس بعد حوالي عام من انتخابه، في حين حل المجلس السابع بعد أقل من عام على انتخابه وفي اليوم التالي على استقالة حكومة سمير الرفاعي تحت قبة البرلمان بعد قناعته بان المجلس يتجه لحجب الثقة عنه، وكان ذلك بتاريخ 20/4/1963.
المجلس النيابي التاسع دُعي بعد 8 أعوام من انتهاء مدته الدستورية مرة أخرى في جلسة استثنائية لتعديل إحدى مواد الدستور وسمي المجلس العاشر، ولكن حل هذا المجلس نتيجة القرار السياسي بفك الارتباط الإداري والقانوني بين الضفتين الشرقية والغربية في تموز 1988، تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة.
وأخيراً، واجه المجلسان النيابيان الخامس عشر والسادس عشر ذات المصير بالحل قبل عامين من انتهاء مدتهما الدستورية، ولكن الظروف والأسباب التي رافقت هذا القرار جاءت من باب “الإصلاح السياسي” بحسب المرجعيات العليا للدولة، بعد اللغط الكبير الذي رافق تشكيل المجلسين منذ بدايتهما.
الحديث عن حل المجالس النيابية عموماً في الأردن، لم يأخذ أي حيز في وسائل الإعلام الأردنية أو حتى في الأوساط السياسية والشعبية، ويعود ذلك إلى أن “قرار الحل إرادة ملكية نص عليها الدستور؛ فلا يترك مجالا للتطرق إلى الموضوع على الإطلاق.
المختلف هذه المرة بحل مجلس النواب السادس عشر وجود بعض التعديلات الدستورية التي جرت في عام 2011 والتي أقرت أن تستقيل الحكومة التي يحل في عهدها مجلس النواب خلال أسبوع ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها، ما يعتبر قيداً على الحل وإن كان نسبيا.
كما جرى حل المجلس السادس عشر وفق تعديلات دستورية قضت بأن تجرى الانتخابات النيابية خلال أربعة أشهر من تاريخ الحل وإلا سيستعيد المجلس المنحل كامل سلطاته الدستورية، ولا يجوز تأجيل إجراء الانتخاب بأي حال من الاحوال.
إضاءات على تاريخ الحياة البرلمانية:
البيئة السياسية
بعد توقيع معاهدة الصداقة في آذار عام 1946 بين الأردن وبريطانيا ، الغي بموجبها الانتداب وظهر شرق الأردن كدولة مستقلة ذات سيادة ، واعتبرت هذه المعاهدة بأنها اعتراف باستقلال شرقي الأردن استقلالاً شاملا على أساس النظام الملكي النيابي في 25 أيار عام 1946 ، وبموجب هذا التغيير تم تعديل القانون الأساسي لسنة 1928 ، لحين صدور دستور جديد ينظم شؤون البلاد وشرعت الظروف الجديدة لإصدار دستور جديد صدر في عام 1946 .
السلطة التشريعية
اخذ الدستور الأردني لسنة 1946 بنظام المجلسين وأطلق عليه مجلس الأمة يتألف من مجلس نواب منتخب ، ومجلس أعيان يختارهم الملك على أن لا يتعدى عدد أعضائه نصف عدد أعضاء مجلس النواب المنتخب .حيث كان عدد أعضاء مجلس النواب 20 عضواً ، ومجلس الأعيان 10 أعضاء .
مدة مجلس الأمة
حدد دستور 1946 مدة مجلس النواب المنتخب بـ 4 سنوات شمسية ، في حين حدد مدة مجلس الأعيان لـ 8 سنوات شمسية يجدد نصفهم كل أربع سنوات بالاقتراع .
مدة الدورة:
ثلاثة أشهر بواقع أربع دورات عادية ويجوز تمديدها لإنجاز أمور مستعجلة.
رئيس المجلس:
حدد الدستور صلاحية الملك في تعيين رئيس المجلس من الأعضاء الذين تم انتخابهم ، ويمارس الرئيس المعين صلاحياته لمدة تستمر سنة شمسية على انه يجوز إعادة تعيينه لسنة أخرى .
صلاحيات مجلس الأمة التشريعية
لم يعط دستور 1946 مجلس الأمة حق اقتراح القوانين ، ويقتصر حق اقتراح القوانين على السلطة التنفيذية ولم تتعد صلاحياته حق إجازة مشروعات القوانين التي تقدمها إليه السلطة التنفيذية .
صلاحيات مجلس الأمة السياسية
أعطى دستور 1946 مجلس الأمة حق البحث عن أي مسألة وأي أمر له صله بالإدارة العامة . فيحق للمجلس توجيه الأسئلة والمناقشة في المسائل التي تهم الإدارة العامة . إلا أن رقابة مجلس الأمة على السياسة بقيت ناقصة حيث لم يعط هذا الدستور لمجلس الأمة حق طرح الثقة بالوزارة عند الضرورة .
ولا يحق لمجلس الأمة النظر أو التصديق أو الرقابة على المعاهدات والاتفاقات الدولية ولا حق الرقابة على كيفية منح الامتيازات المتعلقة باستثمار ثروات البلاد الطبيعية .
المجالس التشريعية
لم يكن هناك إلا مجلس واحد هو :
مجلس الأمة الأول
مجلس النواب
جرت انتخابات مجلس النواب في تشرين أول عام 1947 لعشرين نائباً موزعين ضمن دوائر انتخابية على طول المملكة ، مع تخصيص مقاعد للأقليات المسيحية والشركس والبدو لمدة أربع سنوات إلا انه حل بتاريخ 1/ 2/ 1950 قبل انتهاء مدته الدستورية تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة تشمل الضفتين .
تاريخ البرلمان الأردني من الوحدة وحتى مؤتمر الرباط 1950 - 1974
البيئة السياسية
بعد إعلان وحدة الضفتين رسمياً حدد موعد لإجراء الانتخابات البرلمانية في شهر نيسان 1950 ، وتشكل المجلس المنبثق عن وحدة الضفتين وفي شهر نيسان 1950 أيضا حل مجلس الأعيان ليتم تعيين أعضاء جدد يضم في عضويته أعيان من الضفتين . والأهم من ذلك شهدت تلك الفترة تواجد الأحزاب الكثيرة على الساحة الأردنية . ومما لا شك فيه فقد أدى التصارع الحزبي على المقاعد البرلمانية إلى اتسام هذه الانتخابات لمجلس الأمة الثاني بطابع الحماس . وبالتالي خرج مجلس الأمة قوياً في تمثيله ، حيث استطاع أن يغير الطابع العام للعمل البرلماني وقد كان يشكل أكثر من نصف الأعضاء المنتخبين حزبيين في مجلس النواب الثاني والثالث .
ونتيجة لهذه التشكيلة الحزبية في المجلس برزت معارضة قوية كان الهدف الأول تعديل الدستور وجعل الحكومة مسؤولة أمام البرلمان . وبالتالي نقل الحياة البرلمانية من شكلها الصوري إلى شكلها الدستوري الصحيح . بحيث يقوم على أساس تطوير السلطات وإعطاء الشعب سلطته في التشريع وتحميله مسؤولياته الطبيعية ومن ثم المطالبة بتحقيق العدالة القانونية والفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية وهذا حتماً سيؤدي إلى تحقيق التوازن والتعاون أمام المجلس.
واستطاع مجلس الأمة الثاني والثالث الذي جاء في عهد وحدة الضفتين من تعديل الدستور الأردني المعروف بدستور 1952 ، تعديلاً يترافق مع المعطيات الجديدة الناشئة عن هذه الوحدة ونص هذا التعديل على مبدأ المسؤولية الوزارية أمام مجلس النواب وانتقلت عملية انتخاب نواب المجلس بعد عام 1952 إلى مرحلة جديدة متطورة ، حيث أخذت طابع الانتخاب على أساس حزبي بدلا من التشكيلات السابقة المبنية على أساس ارثي .
المجالس النيابية
المجلس النيابي الثاني
تم انتخاب هذا المجلس في 20 / 4/ 1950 استمر حتى 3/ 5/ 1951 حيث تم حله لانعدام التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية . وفي هذا المجلس تم إقرار مشروع الوحدة بين الضفتين الشرقية والغربية .وقد زيد عدد المقاعد من 20 مقعداً إلى 40 مقعداً ليضم في عضويته 20 عضوا من الضفة الغربية .
المجلس النيابي الثالث
تم انتخاب أعضاء المجلس الثالث بتاريخ 1/ 9/ 1951 ، واستمر لغاية 22/ 6/ 1954 ، حيث تم حله نتيجة معارضة هذا المجلس لسياسة الحكومة ولعدم تعاونه مع السلطة التنفيذية وفي عهد هذا المجلس صدر دستور عام 1952.
المجلس النيابي الرابع
تم انتخاب أعضاء المجلس النيابي الرابع في تشرين الثاني 1954، وحل هذا المجلس بتاريخ 19/12/1955، ولكن المجلس العالي لتفسير الدستور أفتى بعدم دستورية حل هذا المجلس لعدم توقيع وزير الداخلية على الارادة الملكية بالحل ليستعيد كامل سلطاته الدستورية؛ ثم أعيد حل هذا المجلس بتاريخ 26/6/1956 لعدم تعاونه مع السلطة التنفيذية .
المجلس النيابي الخامس
استمر هذا المجلس في عمله من تاريخ 21/ 10/ 1956 حتى 21/ 10/ 1961 ، حيث اكمل مدته الدستورية . وكان عدد أعضاء هذا المجلس (50) عضوا .
المجلس النيابي السادس
استمر عمل هذا المجلس من 22/ 10/ 1961 حتى تاريخ 1/ 10/ 1962 . وتم حله نتيجة انعدام التعاون بين السلطة التشريعية والتنفيذية . وكان عدد أعضاء هذا المجلس (60) عضوا .
المجلس النيابي السابع
استمر عمل هذا المجلس من تاريخ 8/ 7/ 1962 حتى 21/ 4/ 1963 ، وقد تم حله نتيجة فقدان التعاون بين السلطة التشريعية والتنفيذية .
المجلس النيابي الثامن
استمر هذا المجلس في عمله من تاريخ 8/ 7/ 1963 ، حتى 23/ 12/ 1966 ، وقد تم حله نتيجة فقدان التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية .
المجلس النيابي التاسع
شكل هذا المجلس بتاريخ 18/ 4/ 1967 ، ونتيجة للظروف السياسية واحتلال الضفة الغربية بقي المجلس قائماً حيث عقدت عدة اجتماعات لاتخاذ قرارات هامة أهمها تعديل الدستور ، وقد استمر هذا المجلس بالعمل حتى تاريخ 23/ 11/ 1974 وذلك بعد صدور الإرادة الملكية السامية في 3/ 3/ 1971 بتمديد المجلس لسنتين إضافيتين . وكان عدد أعضاء هذا المجلس 60 عضواً .
تجميد الحياة البرلمانية : 1974 إلى 1984
لقد تعرضت الحياة البرلمانية في الأردن إلى تجميد بسبب ظروف احتلال الضفة الغربية والأوضاع العربية والدولية خاصة بعد قرار مؤتمر القمة العربي المنعقد في الرباط في شهر تشرين أول عام 1974 الذي نص على الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية في الضفة الغربية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني والموافقة على قيام حكم فلسطيني مستقل في الضفة الغربية بعد انتهاء الاحتلال الإسرائيلي مما فرض على الحكومة الأردنية تلبية قرار المؤتمر وتجميد الحياة البرلمانية ، ودفعها للبحث عن صيغة جديدة لسد الفراغ الدستوري ، فكان الأمر بتشكيل المجلس الوطني الاستشاري كصيغة تأخذ في الاعتبار معطيات الأوضاع الاستثنائية التي مرت بها المملكة ليحل إحلالا مؤقتا محل مجلس النواب ، حتى تنجلي الظروف التي تمر بها المملكة.
وكانت مهمة المجلس الوطني الاستشاري إسداء الرأي والمشورة للسلطة التنفيذية، ومناقشة السياسة العامة ، والنظر في جميع التشريعات والقوانين التي تسنها الحكومة ، ومناقشة السياسة العامة للدولة في إطار التعاون بين الحكومة وبروح المصلحة العامة وعلى ذلك صدر قانون المجلس الوطني الاستشاري وقد تشكل في هذه الفترة ثلاث مجالس هي :
المجـلس الوطني الاستشـاري الأول: شكل في 20/ 4/ 1978
المجلس الوطني الاستشـاري الثـاني : شكل في 20/ 4/ 1980
المجلس الوطني الاستشاري الثالث : شكل في 20/ 4/ 1982، وفي 7/ 1/ 1984 حُلّ المجلس للعودة للحياة البرلمانية .
عودة الحياة النيابية من الفترة 1984 ولغاية الآن
بعد غياب استمر ثماني سنوات وتأكيداً على سلامة البيئة الدستورية ورسوخ التقاليد البرلمانية ، وإيمانا بإرساء القواعد الديمقراطية وديمومتها وإبراز المفاهيم الأساسية للحكم، أُعلن في كانون الثاني عام 1984 العودة إلى الحياة البرلمانية وبناء على ذلك حُل المجلس الوطني الاستشاري، ودعي مجلس الأمة التاسع إلى الاجتماع في دورة استثنائية من أجل تعديل إحدى مواد الدستور، وسُمي هذا المجلس النيابي العاشر حيث استمر حتى عام 1988 عندما حُل نتيجة القرار السياسي بفك الارتباط الإداري والقانوني بين الضفتين الشرقية والغربية في تموز 1988 ، تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة .
التحول في الحياة البرلمانية
إثر انعقاد مؤتمر القمة بالجزائر عام 1988 وبعد طلب منظمة التحرير الفلسطينية في المؤتمر بإصرار شديد ضرورة فك الارتباط بين الضفتين الشرقية والغربية باعتبار أن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبالرغم من المحاولات الأردنية للحيلولة دون تمزيق الوحدة فإن مساعيه قد فشلت وحاز طلب المنظمة على الموافقة بالإجماع على فك الارتباط بين الضفتين وبعد العودة من المؤتمر أصدر الأردن في نهاية شهر تموز عام 1988 قرار فك الارتباط بين الضفتين وشرعت الحكومة في العودة إلى الحياة البرلمانية دون تمثيل الضفة الغربية .
المجالس النيابية في تلك الفترة
المجلس النيابي الحادي عشر
استمر هذا المجلس من 11/ 11/ 1989 ، ولغاية 4/ 8/ 1993، وتم حل هذا المجلس قبل ثلاثة أشهر من استكمال مدته الدستورية تمهيدا لإجراء انتخابات جديدة، وكان عدد أعضاء هذا المجلس 80 عضوا من الضفة الشرقية .
المجلس النيابي الثاني عشر
استمر هذا المجلس من 22/ 11/ 1993 حتى 1/ 9/ 1997 ، وقد حُل قبل ثلاثة أشهر من استكمال مدته الدستورية تمهيدا لإجراء انتخابات جديدة .
المجلس النيابي الثالث عشر
عقد هذا المجلس بتاريخ 23/ 11/ 1997 حتى 16/ 6/ 2001 ، تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية جديدة .
المجلس النيابي الرابع عشر:
عقد هذا المجلس في 2003 حتى 2007 بعد تعطيل الحياة البرلمانية لمدة عامين في عهد حكومة علي أبو الراغب، وأكمل مدته الدستورية
المجلس النيابي الخامس عشر:
استمر هذا المجلس من تاريخ 23/11/2007 وحتى 24/11/2009، وتم حله قبل انتهاء مدته الدستورية بعامين لإجراء انتخابات مبكرة.