د. مهند العزة
منذ أن هوى نجم الإعلام الاحترافي في مصر مع رحيل جهابذته أو منعهم من مزاولته بقرار سياسي أو تلون بعضهم وركوبهم الموجة السائدة أو اعتزال آخرين آثروا الكرامة والسلامة لمّا وجدوا المجال برمته قد تحول إلى سوق يباع فيه الهوا على الكيف والهوى، أصبح الإعلام مهنة السوقة من المتسلقين والعنصريين والمطبلين
حينما خرجت مظاهرات مارس/آذار 1954 في مصر بتحريض وتحضير من مؤيدي الرئيس جمال عبد الناصر مطالبةً بسقوط الديمقراطية والحرية نكايةً باللواء محمد نجيب ومناصريه الذين سعوا إلى إعادة الحياة الحزبية إلى مصر، ظن البعض أن تلك المظاهرات سجلت المقياس الأدنى الذي يمكن أن تصل إليه الشعوب المغيبة انحداراً في قيمها
في تسعينيات القرن الماضي بلغت موجة أو موضة اعتزال الفن لأسباب دينية ذروتها بعد أن كانت قد بدأت في بواكير الثمانينيات بإعلان الفنانة شمس البارودي اعتزالها وارتدائها الحجاب ثم النقاب ثم الاكتفاء بالحجاب، لتتوالى بعد ذلك سلسلة الفنانات المعتزلات مثل سهير البابلي ونورة وشادية ومديحة كامل وشهيرة وهناء
يصر أصحاب بيعة العقول ممن أقسموا عهد الولاء لكل نداء يقدس البغضاء والإقصاء، وأعلنوا البراء من كل قيمة تحترم غريزة التفكير وتعترف بحرية الرأي والتعبير؛ على إحياء ذكرى المبايعة والتنازل عن حق الملكية الفكرية لضمائرهم ووجدانهم لمن اشتراها بثمن بخس؛ كلمات معدودات تتردد عن العود المحمود للمجد المفقود،
مع بداية الجائحة وعقب توغلها، كتبت مثل غيري عن ذاكرة الأزمات وأسلوب إدارتها وطريقة تعاطي الجهات المعنية مع كل مرحلة من مراحلها من الزاوية القانونية والسياسية، بما في ذلك ما تم اتخاذه من تدابير اتسم بعضها بالعشوائية وَوُصِم بعضها الآخر بالمخالفة القانونية والحقوقية، كما حدث حينما تم الإعلان أثناء
“ليش ما تروح عند حدا من صحابك؟”. هذا هو السؤال الذي يتكرر على لسان أمي الحبيبة كلما تحدثت إلي وشعرت أنني استشعر الملل أو الضجر، وجوابي متكرر مثل سؤالها تماما: “ليس لي أصدقاء هنا”، ثم يقفز بشكل تلقائي الحديث عن أصدقائي الحقيقيين الذين تركتهم في مصر وعاشرتهم في مراحل الصبا والشباب والرجولة، فقد عشنا