“كورونا" يصيب الاقتصاد الأردني بضيق شديد

أصاب فيروس كورونا المستجد قطاعات واسعة في الاقتصاد الأردني بضيق شديد؛ بعد أن اتخذت الحكومة الأردنية إجراءات صارمة، توقفت على إثرها قطاعات إنتاجية واسعة نتيجة حظر التجوال وإغلاق المحال منذ العشرين من آذار/ مارس الحالي.



ذلك ما دفع الملك عبد الله الثاني لتوجيه الحكومة بضرورة إيجاد حلول مبتكرة للظروف الاقتصادية التي مرت بها المملكة خلال هذه الأزمة، وكيفية إعادة عجلة الإنتاج، دون تعريض القطاعات للخطر، وفقا لما أعلنه وزير الدولة لشؤون الإعلام، أمجد العضايلة، الذي أشار إلى اتخاذ الحكومة لأكثر من مئتي قرار وإجراء خلال هذه الأزمة.



رسميا، لا توجد أرقام حول تأثير تلك الإجراءات على الاقتصاد، إلا أن الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت يقدر أن "حجم الخسائر المباشرة على الاقتصاد الوطني تأتي من تأثير التوقف على الناتج المحلي لمدة شهر، وعلى فرضية نسبة توقف الاقتصاد نحو 65%، وبذلك يمكن الاستنتاج بنحو 1.7 أو 1.5 مليار دينار تقريبا".



وحسب الكتوت، فإن حديث الحكومة عن دعم القطاعات الاقتصادية المتوسطة والصغيرة إيجابية، "لكن الاقتصاد كان يعاني قبل فيروس كورونا معدلات نمو ضعيفة، وارتفاع معدلات البطالة والفقر؛ بسبب الأعباء التي فرضت من رسوم وضرائب؛ لذا لا بد من اتخاذ إجراءات واسعة وعميقة".



ودعا الكتوت إلى تعزيز ودعم قطاعات مثل الزراعة والصناعة، والتخلي عن البنود المتعلقة باتفاقية التجارة العالمية، التي وضعت المزارع الأردني الصغير في منافسة المزارع العالمي، كما يجب جذب الاستثمارات بهذا القطاع، بحيث يتم إعادة بناء الاقتصاد الأردني من جديد".



ومن القطاعات التي تضررت بشكل مباشر قطاع السياحة، الذي درّ على الأردن 5.8 مليار دولار خلال عام 2019، في وقت توقفت عجلة الإنتاج في أغلب القطاعات، الأمر الذي انعكس على إيرادات الخزينة من الضرائب والرسوم التي تشكل ثلثي إيرادات الدولة.



معاناة الاقتصاد الأردني سبقت ظهور فيروس كورونا، إذ تبلغ نسبة البطالة حوالي 19.2%، ووصل الدين العام للمملكة إلى 42.3 مليار دولار، إلا أن ظهور فيروس كورونا عمق من هذه المعاناة.



وزير المالية الأسبق، محمد أبو حمور، يقول  إن "الدولة الأردنية وضعت صحة الإنسان وسلامته على رأس أولوياتها، إلا أن هنالك أثرا اقتصاديا، وكلفة ترتبت على الإجراءات الحكومية، وظهر ذلك جليا على قطاعات اقتصادية متعددة، مثل قطاع الزراعة، والقطاعات التصديرية، وقطاع النقل، وقطاع السياحة، بمختلف مكوناته، بما في ذلك الفنادق، والمطاعم، وخطوط الطيران، ومكاتب السياحة، والعديد من الصناعات التحويلية، والاستخراجية، وقطاع البناء، والحرفيين، والأعمال الصغيرة والمتوسطة، وغيرها من القطاعات عانت بشدة من هذه الظروف الطارئة".



ويرى أبو حمور أن "هناك فرصا للتخفيف من آثار الأزمة، من خلال تأجيل تحصيل الضرائب وأقساط الضمان الاجتماعي، ودعم القطاعات التي تضررت من خلال صندوق المعونة، وشبكة الضمان الاجتماعي"، مضيفا: "المطلوب تكاتف القطاع العام مع القطاع الخاص، فالأزمة الاقتصادية ستنعكس على اقتصاديات العالم، ومن بينها الأردن، وسيمتد تأثيرها من ستة أشهر إلى سنة".



بدوره، دعا ممثل قطاع المواد الغذائية في غرفة تجارة الأردن، رائد حمادة، إلى السماح لقطاع المطاعم الشعبية والحلويات بالعمل، أسوة بالقطاعات الأخرى المستثناة من قرار مجلس الوزراء بتعطيل القطاعين العام والخاص، مشيرا إلى الضرر الذي لحق بالقطاع في ظل التوقف عن العمل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.



وأشار حمادة إلى "عدم قدرة معظم المطاعم الشعبية على سداد التزاماتها تجاه العاملين فيها".



نيابيا، قدم مجلس النواب الأردني، الأحد، مقترحات للحكومة للخروج من الأزمة الاقتصادية، منها "الدعوة لاستثمار توقف التصدير من بعض الدول لأسواق محددة، وتقديم المنتجات الأردنية بديلا عنها، وتعزيز الصناعة الوطنية، والاعتماد على الذات؛ من خلال الحد من المستوردات باستثناء السلع الأساسية".



وينتقد النائب عمر قاقيش، ما أسماه تجاهل الحكومة لمقترحات مجلس النواب، وتهميش دوره في هذه الظروف، مشددا على أن "تطبيق قانون الدفاع لم يلغ الدور الرقابي لمجلس النواب، الجميع شركاء الآن في مساعدة الوطن للخروج من هذه المحنة".



إجراءات اقتصادية حكومية



الحكومة الأردنية، في محاولة للتخفيف من تداعيات إجراءاتها لمواجهة فيروس كورونا، اتخذت سلسلة من القرارات الاقتصادية، أبرزها: "تأجيل الأقساط المستحقة على المقترضين دون تحمّل فوائد التأخير، وتخفيض أسعار الفائدة على كل أدوات السياسة النقدية بمقدار 50 نقطة أساس، كما تم تأجيل استحقاق ضريبة المبيعات لحين تسديد المبالغ المستحقة على قطاعات التموين والصحة والأدوية، ناهيك عن السماح للشركات المدرجة على ما يعرف بالقوائم الذهبية والفضية بدفع 30 % من الرسوم الجمركية، على أن تدفع 70 % منها لاحقا"، وفقا لما أعلنه وزير المالية الأردني محمد العسعس.



وللتخفيف من الأثر على المجتمع، قررت السلطات القضائية تأجيل حبس 3081 أردنيا مدينا، بينهم 37 سيدة، ممن لم تتجاوز ديونهم المحكومين بها 10 آلاف دينار أردني لمدة شهر واحد، ومن غير المحكومين في قضايا أخرى. كما قامت مؤسسة الضمان الاجتماعي بصرف طرود غذائية مجانية لعمال المياومة الذين تعطلت أعمالهم.



وأطلقت الحكومة صندوقا لجمع التبرعات المالية لدعم المجهود الوطني لمكافحة وباء فيروس كورونا، ومواجهة آثاره تحت مسمى "همة وطن"، وصلت حتى الآن لما يقارب 56 مليون دولار تبرعات من القطاع الخاص.عربي21

أضف تعليقك