يوم ان تم تزييف التاريخ
في المقالة السابقة تحدثنا عن اليوم الذي نسى فيه المقدسيون التاريخ اي تاريخ احتلال المدينة الاجمل والاقدس بالعالم، واتضح من ردود القراء ان العرب ايضا نسوا تاريخهم والذي هو تاريخنا ايضا فنحن في قارب واحد !
اما اليوم فاننا سنتحدث عن التاريخ من زاوية التزيف ، اي تزيف التاريخ الذي يدرس لابناء المدينة ، وان كان لا يدرس فانه ينقل ابا عن جد، عن جهل تام واعتماد على شائعة هنا تحولت مع الزمن الى حقيقة تاريخيه، لا يمكن التجادل معها، ان اهم حقيقة تم تزيفها بمساعدة الاخر الذي يهدف الى تجريد المقدسي العربي من كل مقوماته القومية وتهدف ايضا الى هز ثقته بكونه عربيا ، هي ما يقال علانية في بعض الاماكن وهمسا في الاماكن الاخرى عن قيام الجيش الاردني بالتخلى عن الضفة الغربية والقدس وبيعها بابخس الاثمان !! ان هذه الشائعة تتعمق عاما بعد عام واعتقد انها ستتعمق اكثر ا، ان لم ينبري لها المؤرخون والغيورون فبعد اكثر من اربعين عاما حان الوقت الذي يخرج فيه المؤرخون (والذين يعلمون علم اليقين ما يجرى في تلك الحرب) عن صمتهم ويقولوا الحقيقة بل وان يعيدوا ويكرروا هذه الحقيقة حتى تصبح كذلك بالنسبة الى العامة!
الحقيقة الناصعة هي ان الجيش الاردني لم يتخلى عن القدس كما يظن البعض بل انه حارب وببسالة اعترف بها الاعداء ، وفي ها المقام يروى الفنان المقدسي جمال اسعيد والذي يعيش في حارة باب حطه على مدخل المسجد الاقصى ما شاهده وسمع به عن قصة هذا الضابط الاردني الذي ادى له موشية ديان التحية العسكرية ، فهذا الضابط لوحدة وببندقية انجليزية قديمه تمكن من تاخير تقدم الجنود الاسرائيلين في منطقة باب الاسباط لدرجة انهم احضروا دبابة قامت بقصف الماذنة التي كان يعتلها هذا الضابط النشمي ، مما ادى الى استشهده ، ووفقا لشهود عيان فان موشية فور وصوله ادى التحية امام جثمان هذا الضابط الاردني ، قبل اقتحامه المسجد ليعلن اعلانه الشهير!
مثل هذه القصة هناك العشرات في القدس لوحدها والتي اعترف بها الجيش الاسرائيلي لاحقا وبعد ذلك نجد من يقول ان الجيش الهاشمي تخلى عن القدس !! كفانا خداع للنفس لارضاء البعض المريض
وفي هذا المقام تذكرت مقالة الكاتب ماهر ابو طير في صحيفة الدستور بعنوان ليلة سقوط الضفة الغربية جاء فيها "....ما لفت انتباهي البارحة رواية لشخص من “نابلس” يدعى زياد عاشور يقيم في “رام الله” والرواية تقول في الزميلة “الغد” ان القيادة المصرية للجيوش العربية في حرب عام سبعة وستين طلبت من الجيش الاردني ان يغادر مدن الضفة الغربية ، من اجل التركيز على حماية القدس ، مع وعدها بارسال جيش مصري وسوري الى بقية مدن الضفة ، وهو الوعد الذي لم يتحقق. الجيش الاردني رفض كليا هذا الطلب ، غير انه لبى طلب القيادة المصرية التي يمثلها الجنرال عبدالمنعم رياض ، تحت ضغط التنسيق وعدم اتهام الاردن بعرقلة مساعي التحرير والمقاومة ، ورغم ان دبابات الجيش ، لا تستطيع ان تسير اكثر من عشرين كيلومترا دون حاملات ، الا انه تحت وطأة الطلب غادر الضفة الغربية ، لتحدث الفاجعة بعد ذلك ، بعد غياب النجدة المصرية والسورية ، عن الضفة الغربية ، كما اتفق ، عند سرد التكتيك العسكري بانسحاب الجيش الاردني.
الرواية سبق ان سمعتها – والكلام للزميل ابو طير - من معروف البخيت رئيس الوزراء الاسبق ، وهو عسكري اصيل ، ومعها ما اشار اليه من ان مسؤولية الجيش الاردني في حرب عام ثمانية واربعين كانت محددة سلفا بمناطق محددة ، وان تزوير التاريخ يقوم اليوم على اساس تحميل الجيش الاردني مسؤولية سقوط الضفة والقدس ، ليرتاح الاخرون ، في روايات تاريخية مزورة ، ويؤكد ذات الرواية “الباشا” فاضل علي فهيد احد ابطال الكرامة." ومن هنا اعتقد انه يجب تخصيص مزيد من الوقت والبحث لتحقيق في تلك الحرب والتي يحاول البعض دفنها تحت التراب وكانها لم تكن، وكما قال استاذنا الكبير ناصر الدين النشاشيبي اطال الله بعمره ان تاريخ القضية الفلسطينية برمته غير دقيق وواجب علينا ان نعيد كتبته ....
وحديث القدس له بقية
* للمزيد من المواضيع عن القدس الرجاء زيارة زاوية