هل نشهد تراجعا لحركة الإخوان المسلمين في دول الشرق الأوسط ؟

هل نشهد تراجعا لحركة الإخوان المسلمين في دول الشرق الأوسط ؟
الرابط المختصر

تواجه الحركات الإسلامية عامة وحركة الإخوان المسلمين خاصة تراجعا ملحوظا في القدرة على التأثير السياسي في المنطقة بعد فترة ذهبية كانت الحركة تتمتع فيها بقوة سياسية يحسب لها الحساب.

فما هو سبب هذا التراجع؟ هل هو تغيير في مزاج المواطنين أم تراجع في أداء الإخوان؟

هل نواجه استقطابا للإسلام السياسي بحيث يزداد التطرف على حساب الحركات غير المتطرفة؟ وهل فشل الحركات الإسلامية بفرض تداول السلطة في الدول التي تنشط فيها جاء بسبب عدم تداول الحركات الإسلامية نفسها في المواقع القيادة الأولي والثانية؟ وكيف من الممكن للحركة التأثير في الحراك السياسي بغياب أي عمل سياسي ميداني مؤثر؟ وهل سبب التراجع هو التركيز المبالغ به على السياسات الخارجة، في حين أن المواطن العربي يبحث عن قادة يعملون على تحسين شؤونهم الداخلية ابتداء بلقمة العيش وانتهاء بالدفاع عن الحقوق الشخصية والحريات عامة؟

هل فشل الإخوان بالتأثير على مجمل السياسات عائد لموقفهم من إسرائيل والغرب، أم أن سببه هو مزاج المواطن وابتعاده عن الإسلام السياسي؟ وهل كان النجاح الذي حققته الحركات الإسلامية السياسية سابقا عبارة عن فقاعات تتراجع عند أول مواجهة، أم أنها كانت قوة حقيقية ولكنها فشلت بسبب مؤثرات خارجية أو داخلية؟

ففي الأردن هدد الإخوان بمقاطعة الانتخابات البرلمانية ما لم يتم أخذ موقفهم بالحسبان، إلا أن الحكومة الأردنية أهملت مطالبهم وسارت بالانتخابات حسب قانون غير منصف، ولم تنجح دعوة الإخوان بالمقاطعة بالتأثير الملحوظ على نسبة المقترعين، بل لم يستطع الإخوان حتى منع عدد من مرشحي الإخوان من المشاركة في الانتخابات (فاز منهم واحد فقط) كما ولم تنجح قيادة الإخوان من منع عبد المجيد ذنيبات من قبول دعوة الملك للمشاركة في مجلس الأعيان رغم قرار الاخوان العلني بمقاطعة مجلس الامة بشقيه .

وفي مصر شاهدنا نفس التراجع وإن كان بصورة مغايرة، فرغم مشاركة الإخوان في الانتخابات إلا أنهم لم يحصلوا على أي مقعد نيابي، وقد يقول البعض أن فشل الإخوان في الانتخابات يعود للتزوير، وما من مشك من وقوع التزوير، ولكن ضعف الإخوان بدا واضحا ببساطة من عدم اكتراث الحكومة المصرية بهم أو بمشاعر مؤيديهم مما يعكس تراجعا لنفوذهم.

وفي فلسطين فإن حركة حماس - المنبثقة من مؤيدي الإخوان المسلمين أيضا- تظهر تراجعا واضحا، فها هو رئيس المكتب السياسي خالد مشعل يتراجع عن مواقف الحركة المتشددة نحو حركة فتح ويوافق على عقد لقاءات مع قياداتها دون تراجع فتح عن موقفها، وهذا إسماعيل هنية يكشف النقاب عن استعداد حماس لقبول نتيجة أي اتفاق سياسي يقبله غالبية الفلسطينين والمعروف من الاستفتاءات المتكررة منذ سنوات أن غالبية الفلسطينيين تقبل باتفاق الدولتين وليس بالحل الحمساوي الرافض بالاعتراف بإسرائيل.

وينطبق التراجع نفسه على فلسطيني الـ 48 حيث بدا تراجع الحركة السياسي وضعف نفوذهم في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة وفي مجمل التحركات السياسية في مناطق الجليل والنقب.

لقد فشل الإخوان المسلمين في التأثير على الوضع السياسي العام في الأردن ومصر وفلسطين من خلال المقاطعة أو المشاركة في الانتخابات التشريعية، والواضح إذن أن المشكلة ليست محصورة فقط في قوانين الانتخابات أو نزاهتها، ففي حالتي الأردن ومصر كان دور الإخوان غير مؤثر ولم تتردد الحكومات بتجاهلهم لثقتها بأن الوضع السياسي الداخلي والعالمي سيسمح لهم بذلك.

إن السياسة تُعرف أنها فن الممكن ومن الواضح أن الإسلام السياسي فشل فشلا ذريعا في السنوات الأخيرة من فهم ما يمكن وما لا يمكن تنفيذه سياسيا، ولذلك بات المفروض على الحركات الإسلامية التفكير جليا في مواقفها من كافة الأمور المختلف عليها في مجتمعاتها من أمور اجتماعية و اقتصادية وسياسة.

ومن البديهي إذن فهم مطالب البعض من قيادات وكوادر الإخوان وغيرهم من الحركات العمل الجدي بالنظر إلى السياسات الداخلية أولا لبناء سليم لفكرهم وتوجههم. فإذا كان الهدف يتمثل بأن يكون للحركة تأثير حقيقي في السياسيات الداخلية فعليهم العودة إلى حاجات المواطن الأساسية بدلا من التحليق في أمور خارجية، ولعل في ذلك بداية لوضع حزبي صحي يمكنها من التأثير على السياسة المحلية.

أضف تعليقك