هل تحتاج الحكومات البرلمانية بالأردن إلى 20 عاما للنضوج؟

 الإصلاح

جدل واسع أثاره تصريح متلفز لرئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في الأردن، سمير الرفاعي، عندما كشف أنه أبلغ الملك عبدالله الثاني "أننا بحاجة لـ20 سنة للوصول إلى حكومات برلمانية، لكن الملك أمهلنا 10 سنوات".



وخلفت تلك التصريحات تساؤلات حول جدية الإصلاح؟ وهل تحتاج المملكة لكل هذا الوقت للوصول إلى برلمان قائم على الحزبية وحكومات برلمانية؟

 

  



هذه التصريحات سبقها احتجاج من 26 حزبا أردنيا، في رسالة استهجان أرسلوها إلى رئيس اللجنة سمير الرفاعي، على ما تسرب من أنباء عن وجود نية لتخفيض عدد المقاعد الحزبية في مقترحات اللجنة.



 وجاء في نص رسالة الأحزاب: “يؤسفنا ما يتم تداوله داخل لجنة الانتخاب حول تخفيض نسبة المقاعد الوطنية الحزبية إلى 26 %، وهو اﻷمر الذي لن يمكن من تحقيق رؤية جلالة الملك وتطلعات الشعب الأردني إحداث إصلاح سياسي حقيقي كما ورد على لسانكم”. ودعت اﻷحزاب إلى إعادة النظر بهذه النسبة، بحيث لا تقل عن 50 % من مجموع مقاعد البرلمان.



عضو حزب الوحدة الشعبية (يساري) عبدالمجيد دندنيس، يرى " أن "ما يجري من تسريبات من داخل اللجنة يتصادم بشكل مباشر مع الرغبة الملكية بإحداث حياة حزبية حقيقية، وما يتم تناقله عن نتائج أولية للجنة لا تعطي أي مؤشر للتفاؤل والجدية بالتعامل مع هو مطروح، واقتصار القائمة الحزبية على 26% من مقاعد البرلمان، تعريف الحزب من وجهة نظر اللجنة أسقط مفهوم الحكومة البرلمانية والتداول السلمي للسلطة من خلال حزب الأغلبية".



وشكل الملك عبد الله الثاني اللجنة في 10 يونيو/ حزيران الماضي، على أمل إحداث تغييرات مفترضة في شكل الحياة السياسية للمملكة من خلال مراجعة قوانين الانتخاب والأحزاب والإدارة المحلية.



"التدرج" بالإصلاح



أعضاء في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية يتحدثون  عن ضرورة "التدرج" في التغيير للوصول إلى حكومات برلمانية، خصوصا بعد سنوات من الإفرازات والمخرجات التي خلفتها قوانين الانتخاب السابقة، ومن أبرزها مراعاة البعد الديموغرافي للأردن الذي يضمن المكون من أصول فلسطينية.



وقال عضو لجنة الانتخاب في اللجنة المنبثقة عن لجنة تحديث المنظومة السياسية، الدكتور أحمد الشناق، ، إنه "وفق الرسالة الملكية لرئيس اللجنة، فالمهمة تعديل قانوني الانتخاب والأحزاب ووصول برلمان قائم على الكتل والبرامجية، ولا يمكن الذهاب إلى برلمان حزبي في كامل أعضائه، وهناك ثوابت تاريخية وجغرافية في قانون الانتخاب مثل استقرار مجتمعي، لذا لا يمكن الذهاب إلى برلمان حزبي بالكامل".



وتابع: "القضية مهمة لجنة الانتخاب تضع بعين الاعتبار توقيتات الوصول إلى برلمان حزبي، كأن يكون على دورتين برلمانيين على سبيل المثال، وكأن يكون في البداية 40 مقعدا للأحزاب، وهي نسبة مقبولة يمكن هضمها من المجتمع الأردني، الذي يتطلب فترة لبناء حزبية حقيقية قادرة على أن تراقب الحكومة، وتشكل الحكومات على أساس برامج وليس شعارات".



وأضاف: "لا تستطيع أن تلغي التاريخ المناطقي في الأردن، بعد انتخابات تجرى على مدار 100 عام بنفس الطريقة، والموضوع كيف نذهب إلى نظام حزبي وبرامجي وليس التمثيل السكاني، القائمة الوطنية الحزبية هي الآلية التي يمكن اعتمادها"، وفق قوله.



وحسب النقاشات الأولية  يدور توافق في اللجنة حول شكل مقاعد البرلمان القادم في الأردن حسب توصيات لجنة تحديث المنظومة السياسية، أبرزها "إبقاء الكوتا للنساء 15 مقعدا، مع رفع حصتها من خلال ترتيب القوائم الوطنية، وقد تحصل على 23 مقعدا، وعلى أن تكون عدد مقاعد الدوائر على مستوى المحافظات 110، والقائمة الوطنية 40 مقعدا ستخوضها قوائم حزبية".



رئيس لجنة الأحزاب في اللجنة الملكية، المهندس عدنان السواعير، يرى أنه يجب الأخذ بالأسباب المحيطة كون غالبية المواطنين يرفضون تخصيص 50% مقاعد البرلمان للأحزاب، لذلك نحن يجب أن نجد توازنا بين الطرفين".



وقال ": "اجتمعنا مع الملك، اطلعنا على ما توصلت له اللجان، ونحن نعمل على قانون أحزاب جديد صديق للمرأة وللأحزاب وللشباب، سيكون قانونا جديدا كليا، لم ننه عملنا حتى الآن، شددنا على عدم التعرض للحزبيين والطلاب الحزبيين في الجامعات. نريد أن نضمن وجود أحزاب برامجية قادرة على إقناع الناخبين".



من جهة أخرى، عبر الائتلاف الوطني للأحزاب الأردنية (26 حزبا)، عبر عن أسفه حول ما يتم تداوله داخل لجنة الانتخاب المتفرعة عن اللجنة الملكية بتخفيض النسبة للمقاعد الوطنية الحزبية إلى 26%، خاصة بعد الاجتماعات واللقاءات التي قامت بها لجنة الأحزاب (26) مع رئيس اللجنة الملكية، الذي أكد أكثر من مرة خلال هذه اللقاءات على رغبة الملك بإيجاد مجلس نيابي حزبي وبرامجي.



منسق لجنة الأحزاب الـ(26) الدكتور مصطفى العماوي، أمين عام حزب الوسط الإسلامي، قال ": "الأحزاب مرخصة تحت مظلة القانون الأردني، وتحترم الدستور، وإن العلم الأردني راية للجميع، وتؤمن بالدولة ونظامها السياسي بقيادة الملك ،إذن ما الخلاف بأن نقوم بتجذير هذه الحياة والوصول إلى برلمان حزبي وحكومات تتحمل صنع القرار؟ ولماذا نتخوف؟".



وحول المدة التي الزمنية التي تحدث عنها الرفاعي للوصول الحكومات البرلمانية، يعلق العماوي: "ما تكلم به الرفاعي يقصد به التدرج؛ كي تهيئ الأحزاب نفسها للتوافق مع القانون الجديد، أرجوا أن ترتفع الإحباطات من سماء الأردن، اليوم نسعى إلى تطوير نهج الدولة، ويجب أيضا تصويب الأنظمة الداخلية للأحزاب".



يشار إلى أن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية انبثق عنها 6 لجان فرعية، هي: الشباب، المرأة، الإدارة المحلية، قانون الانتخاب، الأحزاب، والتعديلات الدستورية، وستنهي اللجنة أعمالها في 2021/10/1، وسترفع التوصيات والقوانين للحكومة التي سترسلها بالطرق الدستورية لمجلس النواب.

أضف تعليقك