هل التنمية السياسية ما تزال أولوية اردنية؟

ارشيفية من لقاء الملك مع نقابات مهنية

فوجئت احدى مؤسسات المجتمع المدني برفض موافقة لجنة التمويل -المشكلة من أهم وزارات الأردن- على مشروع تقدمت به بحجة أن "التنمية السياسية" ليست من أولويات الأردن.

لا أعرف إذا كان هذا الكلام صحيحا ويمثل فعلا رأي حكومة بشر الخصاونة ولكن نظرة سريعة لأدبيات الأردن في السنوات الأخيرة توفر قناعة عكس ذلك. ففي الأيام الأخيرة فقط سمعنا خطاب العرش لدى انطلاق مجلس الامة التاسع عشر دعوة الملك عبد الله الثاني  الى القول انه "لم تمنعنا الظروف الصعبة يوما، من مواصلة المسيرة الديمقراطية، والالتزام بالاستحقاقات الدستورية."

وكانت حكومة بشر خصاونة قد التزمت عند تسلمها كتاب التكليف في شهر تشرين أول الماضي برفع برنامج تنفيذي مفصل للملك " خلال (100) يوم، يتضمن الرؤية والمنهجية الشاملة للتعامل مع مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمالية والسياسية والإصلاحية لمختلف القطاعات مربوطة بمواقيت زمنية للتنفيذ، وأدوات واضحة لقياس الإنجاز، لتكون الحكومة مسؤولة عنها في كل محطة أمام جلالتكم وأمام مجلس الأمة."

ولو افترضنا أن ممثلي وزارة الداخلية و التخطيط الدولي والتنمية الاجتماعية والشؤون السياسية وغيرها أعضاء لجنة التمويل لم يكونوا قد تابعوا اخر التصريحات للملك ولرئيس الوزراء فهذا اقتباس آخر من خطاب العرش السابق لمجلس الأمة الثامن عشر حيث قال الملك بوضوح  "لا تستطيع أي حكومة أن تمضي اليوم في طريق الإصلاح والإنجاز دون سلطة تشريعية داعمة، وقضاء نزيه، وقطاع خاص نشيط، ومواطن واثق بنفسه وبمستقبل بلده:"

ولو نظرنا سريعا الى الأوراق النقاشية لوجدنا أن الملك أشار منذ نهاية عام 2012 من خلال سبع أوراق نقاشية هدفت الى توسيع النقاش الوطني حول "الإصلاح الشامل"، وتناولت أربعا منها محاور رئيسية في "تطوير نظام سياسي ديمقراطي."

ومن الغريب أن جسما وزاريا يعتبر ان التنمية السياسية ليست أولوية بالرغم من وجود وزارة بأكملها متخصصة في الشأن السياسي حيث تم مؤخرا دمج وزارة الشؤون البرلمانية مع وزارة التنمية السياسية لتصبح وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية.

إذا فموضوع التنمية السياسية جزء لا يتجزأ من رؤية وأهداف وبرامج الحكومات الأردنية.

ولكن لو قبلنا بأن التنمية السياسية ليست أولوية للحكومة الحالية فهل يحق للحكومة وهي تمثل إحدى السلطات الثلاث الاعتراض على التنمية السياسية  في مجال السلطة التشريعية مثلا ؟. 

لقد شاهدنا كلنا الشهر الماضي نتيجة غياب التنمية السياسية حيث فشلت أي امرأة أردنية من الوصول للبرلمان خارج الكوتا كما شهد تراجعا في حضور الأحزاب والنشطاء وذوي التوجهات الفكرية من أحزاب ونشطاء سياسيين الأمر الذي يعني أننا أمام برلمان ضعيف وغير قادر على تمثيل حقيقي للأمة.

ويبقى سؤال مهم هل يحق للحكومة أن تمنع مؤسسات المجتمع المدني من العمل على التنمية السياسية؟  وفي نفس الوقت الذي نسمع فيه كلاما جميلا من قبل الملك والحكومات المتتالية عن أهمية دور المجتمع المدني نرى أفعالا معارضة لذلك الكلام؟

مؤسسات المجتمع المدني لها حضور وتأثير ولم تكن نتائج آخر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية  في 25 تشرين أول  حول تشكيل حكومة الدكتور بشر الخصاونة، فقد خلص الاستطلاع الى ان نسبة الثقة بمؤسسات المجتمع المدني  وصلت الى (47%) متقدمة على الأحزاب السياسية (22%)، ومجلس النواب (20%) وبعد الثقة بالقضاء (64%)، والأئمة وعلماء الدين (60%).

من الضروري أن تقوم حكومة بشر الخصاونة بالإجابة البسيطة على السؤال هل التنمية السياسية من أولويات حكومته وهل بالامكان توجيه أركان حكومته الى عدم وضع العراقيل أمام مؤسسات المجتمع المدني في العمل على التنمية السياسية لما لها من أهمية في الإصلاح والتقدم والازدهار باعتبارها من أهم توجيهات الملك.

س

 

أضف تعليقك