نهاية العام: ذكريات مؤلمة حفرت بذاكرة فتية القدس

نهاية العام: ذكريات مؤلمة حفرت بذاكرة فتية القدس
الرابط المختصر

في الأسبوع الأخير من عام (2012)، رصدت "هُنا القدس" ثلاثة اعتداءات لمستوطنين في مناطق مختلفة من القدس، على محمد زياد أبو الحمص (11) عاما، وتامر وائل البدوي (16) عاما، وعبد السلام القيمري (17) عاما، الذين أصيبوا برضوض وجروح مختلفة نقلوا على إثرها إلى المشافي.

ففي مركز شرطة الاحتلال "المسكوبية"، وبعد تحقيق دام أربع ساعات مع محمد زياد أبو الحمص (11) عاما، المصاب بمرض السرطان، أصيب أبو الحمص بنزيف حاد في عينه حتى كاد يفقدها بعد أن اعتدى عليه شرطي "إسرائيلي" أثناء التحقيق، إضافة لنوبة خوف أصابته.

وذكر والد أبو الحمص من العيسوية قضاء القدس لـ "هُنا القدس"، أن شرطة الاحتلال اعتقلت محمد أثناء حضوره محكمة أخيه الأكبر بذريعة إلقائه الحجارة، في (23) من كانون الأول، "الهدف كان للضغط على شقيقه للاعتراف عن التهم الملفقة له، فابني مريض ولا يستطيع الخروج وضرب الحجارة كما يدعون".

وبين أبو الحمص أنه استطاع حضور التحقيق مع ابنه، بعد أن وقع تعهدا بعدم الكلام أو التدخل. "حاولت قدر المستطاع أن أحافظ على هدوئي ولكني انفجرت غضبا عندما ضربوا محمدا، ورأيت عينه تنزف، فطردوني بالقوة من الغرفة".

وعن الوضع الصحي لمحمد، بين أبو الحمص أنه تلقى العلاج لعينه، بتقطيبها وتناول الأدوية اللازمة لتلافي الالتهابات. مشيرا إلى أنه يشعر بخوف شديد ولم يعد يأكل جيدا، "لم تراع شرطة،التحقيق الوضع الخاص لمحمد جراء إصابته بمرض السرطان"، مضيفا أنه – محمد - يتلقى العلاج الكيميائي في مشفى هداسا، وخضع لجلسات العلاج النفسي وخاصة أن نفسيته تأثرت كثيرا.

وإلى سلوان جنوب المسجد الأقصى، وعندما كان عبد السلام القيمري (17) عاما عائدا إلى منزله مع شقيقه الأصغر محمد (ثمانية) أعوام على دراجتهم الهوائية، في (26) من كانون الأول، تلقى الأول لكمات عدة من أربعة مستوطنين قبل أن يدفعوه عن ظهر التلة ويغمى عليه.

روى القيمري لـ"هُنا القدس"، " كنا عائدين إلى البيت حين سمعت أربعة مستوطنين يركضون خلفنا ويطالبوننا بدراجتنا الهوائية" ، مشيرا إلى أن سيارة شرطة "إسرائيلية" كانت قريبة من المكان ولم تتدخل .

وتابع القيمري، "أخبرتهم أن الدراجة ملكي وأصروا أنها لهم، فاندلعت مناوشات بينا، ثم هجم أربعتهم علي، وضربوني بشدة، ورشوني بغاز الفلفل قبل أن يدفعوني عن التلة".

وبين القيمري لـ"هُنا القدس"، أنه حاول جاهدا تجنب خوض صراع مع المستوطنين وتجاهلهم، خوفا على شقيقه الصغير، "إنه شقيقي الوحيد وأخاف عليه أكثر من نفسي وخفت أن يعتدوا عليه".

وأصيب القيمري بجروح في وجهه ورضوض في يديه وقدميه،"لم يعاقب المستوطنون على فعلتهم، وإنما كالعادة يسألهم الشرطي هل ستكررون الاعتداء يقولون "لا" فيغلق الملف"، قال القيمري، مشيرا إلى أن المستوطنين يستفزونهم باستمرار والمقدسيون هم من يحاسبون.

وأوضح القيمري أنه أثناء عمله قبل أيام، جاء مستوطنون وشتموه بالكلام البذيء محاولين استفزازه. "حاولت ضبط نفسي قدر المستطاع، ولكني إذا سكتّ لهم مرة سيواصلون اعتداءاتهم علي". مضيفا،" طلبت منهم الانصراف لكنهم واصلوا استفزازي فاندلعت مناوشات بيننا، فاعتقلتني قوات الاحتلال على إثرها وفرضت علي الحكم المنزلي خمسة أيام".

وأما تامر وائل البدوي (16) عاما من بيت حنينا، فهو يعاني من رضوض وجروح مختلفة إضافة إلى وجع مستمر في رأسه، ودوخة متواصلة بعد أن دخل في غيبوبة (24) ساعة، جراء اعتداء المستوطنين عليه في شارع يافا في القدس، في (24) من كانون الأول.

قالت والدته لـ"هُنا القدس"، "كان وأصدقاؤه يتنزهون في شارع يافا، وعندما لاحظ مستوطنون أنهم يتكلمون العربية لحقوا بهم، هرب أصدقاء ابني معتقدين أن تامر معهم، ولكن عندما افتقدوه رجعوا للاطمئنان عليه". مضيفة ،" أخبرني صديقه أن مستوطنين متدينين انهالوا عليه بالضرب، وتركوه مغما عليه وهربوا".

وأوضحت البدوي أن أصدقاء تامر أوقفوا سيارة مارة، ونقلوه إلى المشفى ثم اتصلوا بها، "عندما حضرت إلى المشفى كان في العناية المكثفة ومغمى عليه، كان باردا جدا وكأنه ميت، انهارت أعصابي ولم أتحمل وضع ابني".

البدوي أشارت إلى أن بيت حنينا مكتظة بالمستوطنين، وأنها قل ما تسمح لأطفالها بالخروج والتجول بمفردهم. "طفلي (9) أعوام يخاف أن يذهب للدكان المجاور لبيتنا خوفا من المستوطنين الذي يستفزون الكبير والصغير".

وبينت البدوي أنه لا يوجد مكان آمن في القدس لأطفالها الذين لا يعتدون على أحد، ولكنهم مهددون بالضرب والشتم بأي وقت. "كاميرات المراقبة في كل مكان وترصد تحركات الجميع، ولكن عندما يتم الاعتداء على المقدسي، تتحجج الشرطة أن الكاميرات لم ترصد هذه الاعتداءات".

وعن الوضع النفسي لتامر، قالت البدوي أنه متغيب عن المدرسة منذ اعتداء المستوطنين عليه، على الرغم أنه في فترة امتحانات نهائية، لكنه متعب جدا وعلامات الضرب مازالت ظاهرة عليه، إضافة لتأثره النفسي ونوبة الشك والخوف التي تنتابه.

" أصبح خائفا جدا ومتوترا ويشك بكل تحرك حوله". مضيفة، "كنت أتحدث معه عبر الهاتف وصار يصرخ أن هناك من يراقب هاتفه، لا أعلم الآن كيف سأخرجه من هذه الأزمة".

اعتداءات المستوطنين تركت آثارا موجعة ستزول مع الأيام على أجساد البدوي والقيمري وأبو الحمص مع نهاية العام، ولكنها حفرت في ذاكرتهم آثارا نفسية وخوفا وقلقا وشكا، فلا رادع ليستأنف المستوطنون اعتداءاتهم عليهم العام المقبل.

المصدر: شبكة هّنا القدس للإعلام المجتمعي

أضف تعليقك