نصيحة للأردن ومصر بمشاركة الإسلاميين بالانتخابات

الرابط المختصر

حذر تقرير صادر عن معهد (BROOKINGS) الامريكي بعنوان رد فعل الإسلاميين تجاه القمع: هل ستلجأ الجماعات الإسلامية السائدة إلى التطرف? للباحث في مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط شادي حميد من ترك الاسلاميين المعترك السياسي لما سيؤدي من فراغ خطير قد لا يملأه المتحررون بل قد يشغله جماعة السلفية المحافظون الى حد كبير والذي يصعب معهم التوصل لاي تسوية.

وقدم التقرير الذي ركز على الحالات الحرجة في مصر والاردن باعتبارهما من اقرب الحلفاء العرب للولايات المتحدة نصحه لمصر والاردن السماح بمشاركة الاسلاميين في الانتخابات المقبلة بل وتشجيع تلك المشاركة.

واكد ان الفرصة سانحة لادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما والكونجرس الامريكي لوزن الامور ومعالجة مسألة مشاركة الاسلاميين وقد وجدت الجماعات الاسلامية في مصر والاردن نفسها ضحايا التلاعب الانتخابي رغم تبنيها مبادىء اساسية للديمقراطية وتحديث البرامج الانتخابية الخاصة التي تمكنها من الوصول الى الجمهور الغربي.

وخلص التقرير الى مجموعة من الخطوات العملية التي يتعين على ادارة أوباما الاخذ بها ومن ابرزها التأكيد العلني بحق جميع الجهات المعارضة - بمن في ذلك الاسلاميون - في المشاركة في الانتخابات المقبلة من خلال توضيح ادارة اوباما سياسة الولايات المتحدة تجاه الاسلام السياسي وتأكيد على حق كل الجماعات السياسية غير العنفية في المشاركة بالعملية الانتخابية.

ودعا التقرير الى تمكين السفارات الامريكية من بدء التعامل الموضوعي مع الجماعات الاسلامية ولا سيما مع قيام الجماعات الاسلامية بالعمل على اعادة استراتيجياتها وحل الانقسامات الداخلية بينها وهو ما يتعين على المسؤولين الامريكيين ان يدركوا الى اي مدى قد تؤثر مثل هذه التطورات على المصالح الاقليمية وقد تسمح قنوات الحوار المفتوحة للولايات المتحدة وفق التقرير ببعض النفوذ على الاستراتيجيات التي يتبعها الاسلاميون وخاصة ما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات.

أولويات الإصلاح الديمقراطي عند الإسلاميين

وتحت عنوان ترتيب أولويات الإصلاح الديمقراطي عند الإسلاميين نوه التقرير الى انه بين عامي 2004 و2005 ساد شعور بين الجماعات الاسلامية بان مفتاح مستقبلها ومستقبل بلدانها هو العملية الانتخابية.

وقال لقد قضى الاسلاميون الثمانينيات والتسعينيات في بناء دعم شعبي وتجميع تحالفات عابرة للايدولوجيات وتبسيط عملياتهم الانتخابية وبدا ان الاسلاميين في المنطقة على وشك تحقيق مكاسب سياسية كبيرة وقد نجحوا في تحقيق الجزء الاكبر من هذا الهدف.

وزادوكانت الجماعات الاسلامية تستخدم بشكل متزايد العملية الانتخابية لا سيما البرلمان لاضعاف قبضة الحكومة على الحياة العامة.

الاخوان المسلمون في مصر

وتحت عنوان الاخوان المسلمون في مصر استعرض التقرير مبادرة الاصلاح التي اطلقتها جماعة الاخوان المسلمين عام 2004 باعتبارها معلما بارزا في مسيرة التطور السياسي في الجماعة كونها تمثل محاولة لرفع قضية الديمقراطية وجمع القوى السياسية الاخرى حول رؤية مشتركة من اجل التغيير.

وقالللمرة الاولى تعلن الجماعة علنا عن تفضيلها النظام البرلماني لادارة البلاد الذي يكون فيه الحزب الذي يحصل على اكبر عدد من الاصوات من خلال انتخابات حرة ونزيهة هو المسؤول عن تشكيل الحكومة.

وزادوفي الوقت نفسه كانت جماعة الاخوان المسلمين تستفيد من ضغط ادارة الرئيس جورج بوش على نظام الحكم في مصر ومع زيادة الضغوط الداخلية والخارجية اضطرت الحكومة المصرية الى اتاحة مزيد من المساحة للمعارضة قبل انتخابات عام 2005 الرئاسية والبرلمانية وبعد وقت قصير من اصدار وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس نداء قويا من اجل الديمقراطية في خطاب لها عام 2005 في القاهرة فازت جماعة الاخوان المسلمين ب¯ 88 مقعدا في البرلمان اي اكثر من خمسة اضعاف اجمالي عدد مقاعدها السابقة.

جبهة العمل الاسلامي في الاردن

وتحت باب جبهة العمل الاسلامي في الاردن استعرض التقرير مقاطعة الجبهة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين انتخابات عام 1997 وعودتهم الى البرلمان عام 2003 وفوزهم باغلبية الاصوات وحصولهم على 16 مقعدا.

ونوه الى ان قضية الديمقراطية جاءت في مقدمة البرنامج الانتخابي للحزب عام 2003 ثم في مبادرة الاصلاح عام .2005

اما البرنامج الانتخابي لعام 2003 فقد نصت مقدمته بحسب ما جاء في التقرير تحت العنوان الفرعي لماذا نشارك في الانتخابات البرلمانية? على ان جبهة العمل الاسلامي تعتبر وجودها في البرلمان من الوسائل السياسية لتحقيق مبدأ الاسلام هو الحل وانه وسيلة لبناء قوة الامة وفي توضيحه لمعنى الشعار الاسلامي القديم فقد تعهد الحزب بالعمل على تسهيل مناخ يساعد على تحقيق اهداف الشعب في مجالات الحرية والشورى والديمقراطية وحماية حقوق الشعب على اساس انه هو مصدر السلطة.

وبالنسبة للبرنامج الاصلاحي لعام 2005 بحسب التقرير فيمثل التعبير الابعد مدى والاشمل معنى لتوجه الحركة الاسلامية الجديد الى التركيز على الاصلاح الديمقراطي.

وقال التقريران هذه المباردة حسب توضيح جبهة العمل الاسلامي تقوم على مبدأ تداول السلطة التنفيذية وشراكة الشعب في عملية صنع القرار والتي تصبح فيما بعد مبدأ ثابتا في الحياه السياسية.

وجاء في التقرير اضافة الى تداول السلطة يجب ان يتم تشكيل الحكومات على اساس برامج الكتل البرلمانية الخاصة وينبغي ان يقرر البرلمان بدوره منح الثقة بالحكومة من عدمه على اساس برنامجها العام.

التحول الى القمع ورد الفعل الاسلامي

 وتحت عنوان التحول الى القمع ورد الفعل الاسلامي اشار التقرير الى انه بعد ضعف اهتمام ادارة بوش بالاصلاح لا سيما بعد فوز حماس بالانتخابات الفلسطينية 2006 تحركت الحكومات العربية بشكل حاسم للحد من مكاسب الاسلاميين ومع مواجهتها للقمع المتزايد والقيود القانونية اخذت الجماعات الاسلامية تناضل من اجل التوصل الى استجابة متماسكة ورد فعل متناسق.

وبالنسبة للحركة الاسلامية بالاردن وفق التقرير اثار الحديث عن جدوى المشاركة المستمرة خلافا كبيرا حول الشروع في مواجهة الحكومة او مواصلة السير على طريق الحذر وتدهورت العلاقة بين الاسلاميين والنظام الحاكم عام 2006 عندما تحركت الحكومة ضد جمعية المركز الاسلامي الذراع الخيرية لجماعة الاخوان المسلمين وقامت بحل مجلس ادارتها وتعيين مجلس اخر مكانه.

واستعرض التقرير الانتخابات البلدية التي جرت عام 2007 وما جرى حولها من مزاعم حول تدخل الحكومة وتزوير الانتخابات ثم تبعها حراك وجدل حاد حول مقاطعة الانتخابات النيابية ثم تمكن حزب جبهة العمل الاسلامي من التوصل الى تفاهم مع رئيس الوزراء السابق الدكتور معروف البخيت واختار خوض الانتخابات بعدد اقل من المقاعد وتجنب ترشيح العناصر التي تصرح بتأييد حماس ومناهضة الحكومة مقابل ان تكون الانتخابات عادلة بشكل معقول.

ولقيت مشاركة حزب الجبهة الانتخابات وفق التقرير معارضة الصقور وعلى رأسهم الامين العام الاسبق للحزب زكي بني راشيد الى جانب اعتراضهم على قائمة المرشحين وجاءت النتائج ترجح موقف بني ارشيد وحلفائه بحصول الحزب فقط على ستة مقاعد في البرلمان وهو اقل عدد حصده الحزب في تاريخه.

وجاءت هذه النتيجة بحسب التقرير بمثابة الصدمة للحزب بين تصديقه للحكومة ثم خيانة الحكومة له وصولا الى قرار جماعة الاخوان المسلمين بحل مجلس الشورى وارتفاع نجم الصقور للصعود بعد فوز همام سعيد بمنصب المراقب العام للجماعة.

عدوى اخوان الاردن انتقلت لمصر

ويبدو ان ما حدث في البيت الاخواني بالاردن انتقل الى البيت الاخواني في مصر فنوه التقرير الى انه في عام 2010 حدث تطور مماثل لدى جماعة الاخوان المسلمين في مصر على غرار ما حدث في الاردن من نقاش وجدل حول الانتخابات الداخلية فمنذ عام 2006 بدأت الحكومة المصرية في التصعيد ضد الاخوان واعتقل الالاف من اعضاء الجماعة وقامت بتنفيذ 34 تعديلا دستوريا.

وقد ادى القمع المتزايد خلافات داخلية لدى جماعة الاخوان المسلمين حول سبل الرد حيث فضل الاعضاء التقليديون في الجماعة تقليل المنافسة الانتخابية وزيادة التركيز على الدعوة وباغلبية ساحقة تم انتخاب محمد بديع مرشدا عاما للجماعة احد المقربين من سيد قطب على حساب هزيمة الاصلاحي محمد حبيب.

واضاف التقرير سرعان ما تحرك بديع لاعادة تاكيد التزام الاخوان بالديمقراطية والتعددية وربما اصحبت جماعة الاخوان وفق التقرير اكثر من اي وقت مضى بالسجينة.

وخلص التقرير الى ان الزعماء مثل سعيد وبديع رغم انهما في المناصب العليا في منظماتهما الا انهما يتمتعان بقدرة محدودة فيما يمكنهما من تنفيذه لان الهيئات التي هما جزء منها تعمل وفق نظام التصويت بالاغلبية المطلقة.

اقصاء الاسلاميين

وتحت عنوان اقصاء الاسلاميين قال التقريرنادرا ما تنوي الجماعات والاحزاب الاسلامية في الاردن ومصر والمغرب واي مكان اخر بالفوز بالانتخابات بصراحة ولكنها ترمي الى الفوز بعدد من المقاعد كي تستغلها بالضغط والحصول على امتيازات من الحكومة ووفقا لذلك فانها لم تحصد لو مرة واحدة جميع المقاعد البرلمانية او نصفها.

ويوضح التاريخ الطويل ان الاحزاب الاسلامية ترمي الى عدد من المقاعد فقد تتفق مع السلطة ضد مرشحي المعارضة او تنسق ذلك من الحزب الحاكم على ان تحصل على هذا العدد من المقاعد فمثلا عشية انتخابات عام 1993 قامت قيادت حزب الجبهة بمفاوضات مع ممثلي الحكومة تحصل بموجبها على 12 مقعدا على ان تتنازل الحكومة عن المشاركة في التشريع الانتخابي الجديد.

ونوه التقرير الى ان غالبا ما تنقسم نتيجة للمنافسة بين اعضائها او معارضة بعضهم بعضا او اختلاف الاهداف حيث لم تستطع هذه الجماعات اختيار السياسة على حساب الخدمات المجتمعية والتعليمية.

الاهتمامات الإستراتيجية للحكومات العربية

وتحت عنوان الاهتمامات الإستراتيجية للحكومات العربية خلص التقرير ان الانظمة الحاكمة في الدول العربية توصلت الى ان الكبح والقمع هما افضل السبل التي تتناسب مع الجماعات الاسلامية.

وقالرأت الانظمة العربية في تلك الاساليب طريقه فعالة لانشقاق هذه الاحزاب وتصدعها وقد يكون من البدهي انحياز الولايات المتحدة الامريكية في العديد من الجوانب المهمة لدى الجماعات الاسلامية على حساب الانظمة العربية.

وبين التقريران صناع القرار الامريكيين يتبادلون مع القياديين الاسلاميين وجهات النظر حول المصالح المشتركة المتعلقة بعمليات الاصلاح الدستوري والمؤسسي والالتزام بتحقيق الديمقراطية.

ونوه التقرير الى ان سياسة الاحتواء وزيادة عدد تمثيل الاسلاميين في البرلمان سوف يكون له فوائد جمه لا سيما على الشرعية الدولية الامر الذي يحتاج اليه النظام المصري في هذه الاثناء ويعزز من شرعية الحكومة في نظر كثير من المواطنين مخيبي الامال.

توصيات للولايات المتحدة والمجتمع الدولي

واستعرض الباحث في نهاية تقريره توصيات للولايات المتحدة والمجتمع الدولي داعيا الى ضرورة ان تنمي الولايات المتحدة سياسات تدفع مصالحها مثل الانتخابات المصرية والاردنية المتوقع عقدهما 2010 و2011 نظرا لدعمها المالي على المدى البعيد.

وقال ينبغي ان يؤكد الرئيس اوباما على حقوق الاحزاب السلمية في المشاركة بالانتخابات كخطوة اولى بما في ذلك الاحزاب الاسلامية كما ينبغي ان تدعم سياسة امريكية تعارض ليس فقط عمليات القبض على الناشطين العلمانيين بل وعلى الاسلاميين ايضا.

واضاف وينبغي ان تبذل الحكومة الامريكية جنبا الى جنب مع حلفائها الاوروبيين مزيدا في الجهد من الضغط على الاردن ومصر من اجل اتخاذ خطوات عملية لفتح المجال امام الاحزاب المعارضة وهذا امر مهم خاصة بالنسبة للاردن حيث اعلنت جبهة العمل الاسلامي مقاطعتها للانتخابات لكنها ستعيد النظر بموقفها في حال قدمت الحكومة ضمانات لها.

واوصى التقرير بضرورة ان تمنح وزارة الخارجية الامريكية سفاراتها السلطة من اجل الارتباط الحقيقي بجماعة الاخوان المسلمين بمصر وجبهة العمل الاسلامي بالاردن لا سيما فيما يتعلق بالانتخابات المقبلة.

ونوه التقرير انه اذا انسحبت الاحزاب الاسلامية من الانتخابات فان ذلك لن يكون من مصلحة الولايات المتحدة وان قيام الانتخابات من دون مشاركة الاسلاميين سوف يقلل من شرعيتها ويفتح الباب امام الجماعات السلفية لتملأ الفراغ الذي تركه الاسلاميون.

وختم الباحث التقرير باستعراض المشهد المتوقع من الانتخابات المقبلة وقاليوجد اتجاه قوي لدى الولايات المتحدة في ظل اهتمامها بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني وايران بانه ما زال الوقت مبكرا للدخول في مثل هذه الارتباطات او الاصلاحات الديمقراطية في الوقت الحالي.

واشار الى ان السيناريو المتوقع لانتخابات 2010 و2011 في مصر والاردن لا يدعم هذا المطلب لدى الادارة وسوف يكون اقتراب الولايات المتحدة من هذه النزاعات بمثابة تطور العلاقات بين الادارة الامريكية والشرق الاوسط ويختبر مدى قدرة امريكا على المساهمة في وجود انتخابات حرة ونزيهة.

واكد التقرير ان درجة الانفتاح مع الاسلاميين سوف تتوقف على مدى قدرتهم على التفاعل مع الادارة الامريكية فاما ان تدفعهم بعيدا عن السياسات الامريكية او تقحمهم فيها.

أضف تعليقك