موقف الأردن الإقليمي وتغليب الأمن على الإصلاح
مع تواصل وزيادة حدة التوترات الأمنية في دول الجوار، لا يزال التساؤل عن دور الأردن وسلم أولوياته: داخليا وخارجيا، محل نقاش وتحليل كتاب الرأي في الصحف اليومية.
فالكاتب فهد الخيطان، يرى أن المملكة انتقلت بموقفها من التطورات الإقليمية خلال الأسابيع الماضية "من المنطقة البضاء إلى المنطقة الرمادية"، مشيرا إلى الغموض "المبرر" الذي اتسم به هذا الموقف سابقا، بما يشكله من فرصة للمناورة على كافة الجبهات، وما يخدم المصلحة الداخلية.
ويؤكد الخيطان أن المتغيرات في المشهدين السوري والعراقي، وإن كانت تفرض تغييرا على مخططات وسياسات الأردن، إلا أنها لا تستوجب حاليا الانتقال من مرحلة الردع إلى مرحة التدخل المباشر.
ومع توقع انسداد الأفق السياسي للتوترات الإقليمية، واستمرار الحروب الأهلية، فإن على الأردن التمسك بمقاربة "الجزيرة الآمنة"، بحسب الخيطان.
كما يذهب الكاتب محمد أبو رمان، إلى أن الرؤية الاستراتيجية الأمنية الأردنية، تحولت مؤخرا من مفهوم "الدفاع" إلى "الردع"، موضحا أن ذلك لم يكن بالضرورة بصورته المباشرة، وإنما عبر شبكة العلاقات والدعم والإسناد التي يقدمها الأردن لحلفائه في المناطق المجاورة.
ويوضح أبو رمان بأن حالة الفوضى الإقليمية، وصعود الحركات الإسلامية المتشددة المعادية للأردن في دول الجوار، "دفعا بدوائر القرار إلى بعث رسائل واضحة وصريحة على الصعيد العسكري، والقيام بترتيبات واستعدادات ميدانياً، تحسباً لمواجهة أي خطر".
"الأمن في رعاية الإصلاح"
ورغم تأكيد أبو رمان على أهمية الاستعدادات الأمنية وحماية الأمن الوطني، إلا أنه يشير إلى أنها "تتزاوج في قناعة أغلب المسؤولين والنخب السياسية مع قبول تغول الاعتبارات الأمنية والعسكرية على الجانب السياسي الإصلاحي"، موضحا بأن "إهمال الإصلاح السياسي أو تجاهله، قد يكون أخطر علينا من التحديات العسكرية والأمنية المطروحة".
فالتحديات الداخلية هي الأكثر خطورة من التهديدات والتحديات الخارجية، بحسب أبو رمان الذي يشير إلى أن تنظيما كـ"داعش" لا يمكن له التمدد إلا في حواضن اجتماعية تتطلب أزمات وفوضى وانقسامات داخلية، فيما لا يمكنه اختراق مجتمعات ذات توافق ديمقراطي سياسي وطني، ودولة وطنية تشتغل على الإصلاح وإدماج جيل الشباب في الحياة العامة.
أما الكاتب إبراهيم القيسي، فيهمز من قناة كل من يتحدث عن دور انتهازي ووظيفة "قاتل مأجور" للأردن في دول الجوار، متجاهلين الحديث "عن ضرورة قيام الدولة الأردنية بحماية نفسها وشعبها، وإنقاذ البشر الأبرياء الذين لم ينالوا اهتماما ولا حماية من قبل مروجي ديمقراطية الدم والتقسيم الطائفي والعرقي".
ويخلص القيسي للقول إن "حماية الأردن والذود عنه والمحافظة على هدوئه واستقراره وأمنه، ليست فقط مهمة أردنية سامية، بل هي أيضا الوظيفة الحقيقية لكل العرب والآخرين المهتمين باستقرار المنطقة وعدم حدوث "الانفجار الكبير".