مواجهة الأخطاء بدلا من لوم الإعلام

مواجهة الأخطاء بدلا من لوم الإعلام
الرابط المختصر

 

عندما استمع جلالة الملك للتحقيق الاستقصائي لراديو البلد حول الاعتداء على أطفال من ذوي الإعاقة، لم يتهم الإعلام بالإساءة إلى سمعة الأردن في الخارج، بل قام بزيارة المراكز المعنية بهم وأمر بإغلاق المخالفة منها، بعد تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، ومن ثم قام بمتابعة وضع كاميرات لحماية الأطفال من العنف، مستخدما جزء من ميزانية الديوان الملكي.

 

وزيرة التنمية ريما أبو حسان التي تابعت الموضوع وكان لمتابعتها فائدة مهمة في تراجع منتج تلفزيوني من الـ"بي بي سي" بعد سنة من إنتاج فيلم جديد عن الموضوع، بسبب حل المشكلة التي كان التحقيق قد كشفها.

 

تحقيق آخر حول استغلال الأطباء والعيادات المتخصصة بأطفال التوحد، جلب اهتمام وزيرة التنمية أبو حسان، وتابعت الموضوع لغاية إغلاق خمس عيادات مخالفة، كما وتم إجراء تعديلات جوهرية في امتحان التوجيهي بعد تحقيق مصعب الشوابكة حول الغش في الامتحان العام.

 

لم يتهم جلالة الملك أو الوزيرة أبو حسان الإعلاميين بالإساءة للأردن أو بتشويه سمعة البلد، بل أشادوا بالتحقيقات والقائمين عليها،حيث قام جلالة الملك بتكريم الزميلة حنان خندقجي، مشيدا بتحقيقها ومهنيتها، كما عبرت الوزيرة أبو حسان عن شكرها للتحقيق الاستقصائي من خلال  لراديوالبلد.

 

وسائل الإعلام الأردنية نقلت الحدث كما يلي: "وعبر الملك خلال اللقاء عن شكره وتقديره لجهودهما في تقصي الحقائق ونشرها وفق أسس موضوعية وشفافة مما يسهم في تعزيز المهنية الصحفية، ودور الصحافة المسؤولة في التعامل مع قضايا الوطن بكل جدية وحيادية ومسؤولية"، وتابع التقرير بالقول "وأشار الملك إلى أن الصحافة المسؤولة التي تعالج المشكلات الاجتماعية لها مني شخصيا ومن الأردنيين جميعا كل الدعم والتقدير"، موضحا أن "الصحافة المسؤولة التي تعمل أيضا على محاربة الفساد والواسطة والمحسوبية هي جزء أساسي من مسيرة الإصلاح الشامل الذي نريده للأردن".

 

هذا النموذج الأردني الرائع لدعم الصحافة الاستقصائية تغير مؤخرا كما في توصيات مدير مديرية شؤون اللاجئين العميد وضاح الحمود، بعد أن انكشف من خلال بحث استقصائي معمق وموثق لراديو البلد، وجود مخالفات واضحة في التعامل مع اللاجئين. وبدلا من المتابعة والتحقيق في الاتهامات الموثقة والقائمة على أسس التحقيقات الاستقصائية عالية الجودة بإشراف مؤسسة أريج ذات الصيغة الدولية العالية، وإجازتها من قبل محام أردني متمرس، قام الحمود بإرسال مجموعة توصيات لوزير الداخلية، تصب جم غضبها على القائمين بالتحقيق دون التمحيص في جوهر المخالفات المذكورة فيه.

 

لقد ازدادت خلال الشهور الماضية حالة تردي البيئة الإعلامية في الأردن، عبرت عنها مؤسسات عالمية ذات احترام دولي، من خلال تخفيض مكانة الأردن في مجال حرية الصحافة، هذا التردي وتراجع حرية التعبير، جاء أيضا بسبب استمرار التعميمات الحكومية التي تمنع نشر أخبار "تسيء لسمعة الدولة الأردنية"، الأمر الذي لم يتطرق له جلالة الملك والوزراء المعنيون في تحقيقات استقصائية سابقة موثقة وموضوعية.

 

من الضروري أن يتم معالجة الأخطاء التي تكشفها التحقيقات الموضوعية بجرأة، من خلال الاعتراف بها وتصليحها ومحاسبة المسؤول عنها مهما كان، بدلا من تغطيتها والالتفاف حولها.

 

أضف تعليقك