مطالبة القيادة الدينية والإعلام لعب دورا أكبر في إرساء مبادئ التعايش

الرابط المختصر

اوصى العديد من المشاركين في ندوة تعزيز ثقافة الاخوة والتضامن ضرورة أن يلعب الإعلام والقيادات الدينية دورا أكبر في إرساء مبادئ التعايش.

فقد علق القس فائق حداد راعي كنيسة الفادي الأسقفية في عمان على دور مجلس رؤساء الكنائس في الأردن مطالبا أن يلعب دوراً أكثر فعالية. "هناك غياب ملحوظ لمجلس رؤساء الكنائس في لعب دور فعال لبناء أجواء تشاركية حقيقية بين الأردنيين من خلفيات دينية مختلفة".

كما انتقد المطران وليم الشوملي صوت الأقلية المتطرفة والتي تطغى على أصوات الأغلبية الصامتة المؤمنة بالتعايش والمشاركة الحقيقية على مبدأ المواطنة. وعلق العديد من المشاركين عن غياب دور فعال للصحافة في تشجيع المبادئ التي دعت لها رسالة عمان.

جاءت هذه الأقوال ضمن مناقشات حيوية جرت في مؤتمر تعزيز ثقافة الأخوة والتضامن بتنظيم من المركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام و كاريتاس الأردن والذي جرى في فندق الرويال الاثنين برعاية وزير الثقافة على العايد.

وألقى مدير المركز الكاثوليكي الأب د. رفعت بدر كلمة أشار فيها إلى أنّنا اليوم في الأردن الحبيب، وفي العالم أجمع، نسير في سفينة واحدة، وهذه السفينة قد ارتفعت فوقها أمواج كبيرة، وموجة كورونا لم تكن الموجة الأولى، ولن تكون الموجة الأخيرة، لذلك نحن في خضم البحر نبحر ونسير، ولكننا بحاجة إلى تجذير وتعميق للثقافة الحقيقيّة، الثقافة البانيّة، التي تُعطي وتبشّر بالخير في المستقبل، والثقافة التي تضع الرجاء في النفوس، والرجاء الذي يتخطى الأمل البسيط، لكي يُبصر الإنسان حياة كريمة حرّة رائدة ومبدعة في كافة مجالات الحضور الإنساني في هذا الوجود.

وقال الأب بدر “ونحن نحتفل بمئوية تأسيس هذا الوطن العتيد، فإنّنا لا نريد أن نخلق هذه الثقافة بل أن نعزّزها. الأردن، ومنذ تأسيسه، تميّز بثقافة الانفتاح، فقد قال البابا يوحنا بولس الثاني حين استقبله جلالة الملك عبد الله الثاني عام 2000: ’ هنيئًا لكم أيها الأردنيون حُسن الضيافة والانفتاح‘. كما تميّز بثقافة التقبّل وقد صدّرنا للعالم أجمع مبادرات إنسانيّة راسخة أصبحت مبادرات دوليّة في مجال الحوار وتقبّل الآخر، وبالأخص التقبّل الديني. ومن ثقافتنا أيضًا ثقافة الاستقبال، سواء كانوا حجاجًا أو سائحين، أو عمالاً ومستثمرين، أو مهجّرين ولاجئين. الأردن يُحسن الاستقبال والاحتضان والتقبّل، كما يُحسن مداواة الجروح بزيت أردنيّ كريم مضياف.

وألقى راعي المؤتمر الوزير العايد كلمة أكد فيها أن الأردن يقدّم نموذجًا في التآخي الإنساني والديني والقيمي، ويؤسس لحركة علمية دؤوبة تسير في اتجاه تعميق كل المعاني المشتركة بين بني البشر على اختلاف عقائدهم ومنطلقاتها الفكرية، ويسعى لترسيخ منظومة أخلاقية تقوم على الأخوة والتضامن، وتعزيز أسس التعددية وقبول الآخر ورفض أي شيء يمسّ بمعتقده أو منجزه الذي يعتبر منجزًا إنسانيًا مشتركًا، مشددًا على أن الإنسانية التي ننتسب لها جميعًا ترفض الكراهيّة، وترفض التطرّف، وتؤمن تمامًا العيش بوئام وسلام ومحبة.

وقال: إننا اليوم، وبعد مرور مائة عام من البناء القيمي والإنساني الذي أسهمت فيه جميع شرائح المجتمع الأردني، نؤكد للعالم أن المملكة الأردنية الهاشمية دولة الوئام والمحبة والتضامن الإنساني في شتى مجالات الحياة وبين شتى أبناء هذا الوطن من مختلف منابته وأصوله. وبأنّ هذه الدولة الراسخة البنيان ترسل للعالم رسائل واضحة على رأسها أننا جميعًا متفقون على حاجاتنا إلى التضامن الإنساني والقدرة على التواصل بين أبناء المجتمع الواحد، وأنها تشكّل ضمانة حقيقية لترسيخ التعاون الذي يفضي حتمًا إلى المحبة”.

وقدّم النائب البطريركي العام للاتين في القدس المطران وليم شوملي الأعمدة التي تقوم عليها الرسالة البابويّة العامّة “كلنا أخوة”، التي وقعها قداسة البابا فرنسيس، زمن الوباء، وتحديدًا في تشرين الأول من العام الماضي، ومن بينها: ترسيخ ثقافة الحوار وقبول الآخر والتفاهم والتسامح والاحترام المتبادل بين المسلمين والمسيحيين، وتحقيق العيش المشترك على مبدأ أن الآخر هو أخ لي في الإنسانية والوطن، والعمل في الوطن الواحد كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات، وتعظيم الجوامع بين الديانتين لا الفوارق على اعتبار أن ما يجمع هو أكثر مما يفرّق.

وشّدد على دور المسؤولين الدينيين والسياسيين والإعلاميين في نشر رسالة التآخي في كل مكان وزمان، مع إيلاء الأهمية للأجيال الصاعدة في المدارس والجامعات، فإذا آمن الأجيال الصاعدة بالأخوّة الإنسانيّة التي تنادي بها الأديان الإبراهيمية فإننا نعيش في وئام وسلام ومحبّة، وإلا فإن ثقافة الإقصاء ستتحوّل إلى ثقافة موت وفناء للبشريّة جمعاء.

هذا وتضمن المؤتمر ثلاث جلسات، كانت الجلسة الأولى بعنوان: “العمل الإنساني ودور الإعلام والتخطيط”، وتحدّث فيها مدير جمعية الكاريتاس الأردنية وائل سليمان، والباحث والأكاديمي د. محمد ربابعه، والدكتورة أماني جرّار، فيما إدارتها د. مارسيل جوينات.

أما الجلسة الثانية فحملت عنوان: “دور الأديان في تمتين علاقات الأخوّة في عالم اليوم”، وإدارتها د. بيان شبول، وتحدّث فيها الباحث والمفكر الإسلامي د. ربيع العايدي ومدير عام مركز سيدة السلام الأب د. شوقي بطريان، ودكتور الفلسفة رامي نفاع.

أما الجلسة الأخيرة إدارتها د. هبة حدادين، وتطرّقت لمبادرات وخبرات حول العمل التطوعي لتمتين الأخوة الإنسانية، وتحدّثت فيها منسقة مشروع الطوارئ في كاريتاس مي دبابنة، والناشط المجتمعي محمد القرالة متحدثًا عن مبادرة “مسار الخير”، والمديرة التنفيذية لجمعية الشابات المسيحيات في عمّان رولا حبايبة، والراهبة سيسيل حجازين متحدثة عن مبادرة “سفراء الأمل للحدّ من الإتجار بالبشر”.