مصير الحلفاء ..عوض الله من حاكم الى محكوم

الرابط المختصر

حين شكل عبد الرؤوف الروابده حكومته كان من ضمن الإجراءات التي اتخذها مبكرا التخلص من باسم عوض الله الذي كان في ذلك الوقت موظفا في رئاسة الوزراء ومتخصصا في الاقتصاد.



طلب الروابده مباشرة من الديوان الملكي استرداد عوض الله من رئاسة الوزراء ونقله الى الديوان للعمل تحت راعيه وداعمه الأمير المرحوم زيد بن شاكر، وكان للروابده ما أراده، وكان لعوض الله أيضا ما أراده وسعى اليه، فقد أصبح أكثر قربا من الملك والتصاقا به، ومن هناك بدأ نجمه يصعد، فيما كانت نجوم أخرى تتهاوى عن جانبيه وتبتعد عن السلطة ومركز القرار.



حتى اليوم لم يفصح الرئيس الروابده عن السبب أو الأسباب التي دعته للتخلص سريعا من عوض الله وعدم رغبته بالإبقاء عليه في دار رئاسة الوزراء، ونقله سريعا للديوان الملكي.



كان باسم ابراهيم عوض الله مقيما في أمريكا يدير الى جانب والده ابراهيم المهاجر الفلسطيني من القدس الى واشنطن شركة تضم اسطولا من السيارات الفارهة يتم تاجيرها عادة لكبار الضيوف الأجانب الذين يزورون واشنطن، وكان الملك حسين رحمه الله أحد زبائن والده بعد أن استدل عليه عدد من الموظفين في الديوان الملكي بمن فيهم بالطبع السفارة الأردنية في واشنطن، ومن هناك نسجت العلاقة بين الأب ابراهيم وحاشية الملك، ولاحقا بين باسم الإبن والملك حسين.

لا أحد ينكر ذكاء باسم عوض الله وطموحاته، فقد نجح تماما في تمتين علاقاته مع كبار موظفي الديوان الملكي الذين تعودوا مرافقة الملك حسين في زياراته لواشنطن، ومن هناك أصبح عوض الله يحظى برعاة استثنائية لدرجة انه نجح بالحصول على دعم مالي مباشر من الديوان الملكي لإكمال دراسته الجامعية.



ظل عوض الله أحد قلة تثير اعجاب الامير المرحوم زيد بن شاكر، وفور اجتيازه دراسته الجامعية بنجاح حضر الى عمان وتم تعيينه فورا في رئاسة الوزراء في عهد ابن شاكر.

منح عمل عوض الله في الديوان الملكي فرصة مفتوحة للتغلغل في خفايا الدولة، وحين بدأت بوادر الخصخصة كان باسم رجلها وتولى تنفيذها، فيما كان نجمه يصعد في سماء السلطة لينتقل من وزارة الى اخرى كان آخرها في حكومة عدنان بدران الذي لم يستطع الاحتفاظ به بسبب احتجاج مجلس النواب عليه مما اضطر بدران جراء تعديل وزاري سريع لإخراجه من صفوف حكومته، إلا ان ذلك لم يسعف بدران بالاستمرار في الدوار الرابع، ليحظى عوض الله برسالة ملكية تضمنت الدعم والشكر والتقدير لجهوده.



وفي  مؤتمرات دافوس في البحر الميت كان عوض الله العنصر الأكثر فعالية وتأثيرا فيها، فيما كان يتولى في وزارة التخطيط تلقي كل المساعدات المالية الخارجية، ومنها كان يصرف مئات الالاف على مشاريع، وعلى أشخاص بعينهم، مما جعله قطبا لا يستهان به في الدولة، فيما كانت تحالفاته مع الكبار قد وصلت أوجها كان من أهمها على الإلاق تحالفه مع مدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي، قبل أن يتحول هذا التحالف الى نقمة عليهما معا، بعد أن نجحا في شرخ الدولة الى محورين.

في تلك الأجواء كانت أربع شخصيات سياسية تتقلب وتتداور على المناصب فالى جانب عوض الله كان مروان المعشر، وسمير الرفاعي، ومحمد الذهبي، وفيصل الفايز يتبادلون المواقع في الديوان الملكي، قبل أن ينتهي المطاف بالذهبي في السجن، وخروج المعشر من صفوف الدولة، فيما بقي الرفاعي والفايز الأكثر قربا من جلالة الملك.



ظل عوض الله في نظر الأردنيين رمزا لتفكيك الدولة وبيع مقدراتها، وإفقار الشعب والدولة معا، وتحميله مسؤولية خصخصة وبيع أصول الدولة السيادية، ليبقى حتى اللحظة رمزا من رموز الفساد في عيون غالبية الأردنيين.

اليوم وعوض الله يستمع بأم أذنيه للحكم بسجنه 15 عاما بالاشغال الشاقة المؤقتة ـ الحكم قابل للتمييز ــ، لا بد وأنه استذكر حليفه وغريمه السابق محمد الذهبي الذي قارب على انهاء مدة محكوميته، واستذكر أكثر شريطا عريضا وطويلا من الذكريات والمحطات التي كان فيها حاكما بلا مساءلة، وكيف وصل به الحال ليكون سجينا وطريدا ومحكوما في قضية بدا فيها المجرم الوحيد الذي الذي يحمل أوزار طموحاته، دون ان يلتفت ولو للحظة لمن اسبغ عليه كل السلطة التي تمتع بها، ولم يرغب بصونها.