مركز سياحي تهويدي أسفل "البراق" يمحو معالمه ويُهود حضارته
أسفل حائط البراق الجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك، يعمل الاحتلال الإسرائيلي بشكل متسارع، على إنشاء مركز سياحي تهويدي، كي يمحو معالم المنطقة الإسلامية الشاهدة على عروبة وتاريخ مدينة القدس المحتلة، ويُهود حضارتها العريقة.
وحائط البراق هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى، وتعتبر من أشهر معالم مدينة القدس، سيطر عليها الاحتلال عام 1967، ويسعى إلى تهويدها بالكامل وتزوير هويتها الإسلامية.
ويكتسب أهمية ومكانة كبيرة لدى المسلمين، لارتباطه بمعجزة "الإسراء والمعراج"، وأُخذت تسميته من ربط الرسول محمد صل الله عليه وسلم دابته التي أسرى بها ليلًا من مكة إلى المسجد الأقصى، في حلقة على هذا الحائط.
ومنذ احتلال القدس عام 1967، وحائط البراق يتعرض لعمليات تهويد وأنفاق وحفريات واسعة النطاق، ما أدى لتغيير المشهد العام وطمس المعالم العربية والإسلامية في المنطقة، في مخالفة واضحة لكافة القوانين والأنظمة الدولية.
تفاصيل المشروع
ويتحدث الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب لوكالة "صفا" عن تفاصيل المركز السياحي التهويدي، قائلًا إن سلطات الاحتلال استغلت فترة "كورونا" وانخفاض حركة السياحة في مدينة القدس، للإسراع في إقامة مركز سياحي تهويدي أسفل ساحة البراق.
ويوضح أن الاحتلال واصل حفرياته أسفل حائط البراق لإقامة قاعات ومراكز يهودية دينية وسياحية ضخمة لخدمة الإسرائيليين والمستوطنين المتطرفين، ولإقامة طقوسهم وصلواتهم التلمودية.
ومنذ بداية العام 2021، كثفت "سلطة الآثار الإسرائيلية" العمل في بناء وتطوير المكان وإنشاء المركز السياحي، وفق تكنولوجيا متطورة، حتى يتم افتتاحه قريبًا.
ويشير أبو دياب إلى أنه سيتم ربط المركز بالقاعات التي أقامها الاحتلال تحت ساحة البراق، ومن ثم ربطها بالأنفاق الموجودة في المنطقة، لافتًا إلى أن هناك حفريات تجري لأجل إقامة قاعة ضخمة بالساحة.
ويتضمن المركز السياحي-وفقًا لأبو دياب-عدة قاعات وغرف صغيرة لعرض أفلام ومقاطع فيديو ومسرحيات تمثيلية تشرح روايات تلمودية مزيفة، وتُحاكى حضارة وتاريخ يهودي مزعوم، على حساب الروايات الفلسطينية الحقيقية.
ويضيف أن المركز يتضمن أيضًا قاعة صغيرة يُعرض بداخلها ملابس ومقتنيات وأدوات كتب عليها من "أيام فترة الهيكل"، لخدمة "كهنة المعبد"، وأيضًا تحتوي على صور "للهيكل" المزعوم، وأنه لا وجود لأي شعب أو حضارة أخرى في هذا المكان.
ويبين أن مرشدين يهود سيشرفون على المركز السياحي، من خلال تقديم معلومات تاريخية عن "الهيكل" المزعوم، وما تسمى "المحرقة"، وإقامة "دولة الاحتلال"؛ لتعريف الزوار والسياح اليهود والأجانب بتاريخ اليهود وحضارتهم المزورة، ومسح أدمغتهم.
وتعمل عدة مؤسسات يهودية رئيسة، هي "سلطة الآثار الإسرائيلية، وزارة شؤون القدس، لجنة إرث المبكى، صندوق تطوير المبكى، وزارة الأديان، بلدية الاحتلال بالقدس، وجمعيات استيطانية"، على تهويد حائط البراق.
وتُخصص حكومة الاحتلال مئات ملايين الدولارات لأجل إقامة مثل هذه المشاريع الهادفة إلى تهويد القدس بشكل كامل، كما يُفيد أبو دياب .
تدمير الآثار
وبحسبه، فإن الاحتلال عمل على تدمير وتجيير الكثير من الآثار الإسلامية العربية والبيزنطية والرومانية والأموية في المنطقة، وطمس الوجود الإسلامي، لأجل إقامة المباني والمراكز التهويدية أسفل البراق، لكي تُحاكي فترات يهودية سابقة.
ويؤكد أن الاحتلال يسعى إلى تحطيم وتغيير كل شيء لا يمت للتاريخ اليهودي بأي صلة في القدس، عبر محو أي إرث حضاري إنساني عربي إسلامي في المدينة، "وهذا ما نحذر من خطورته".
وفي 18 أكتوبر 2016، تبنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" خلال اجتماع في العاصمة الفرنسية باريس، قرارًا ينفي وجود ارتباط ديني لليهود بالأقصى وحائط البراق، واعتبرهما تراثًا إسلاميًا خالصًا.
وسنويًا، يزور حائط البراق أكثر من 2 مليون مستوطن وسائح، لكن هذا الرقم انخفض بسبب إجراءات "كورونا"، والتي تمثلت بالإغلاقات لفترات طويلة.
تدخل سافر
ويعزو الباحث في شؤون القدس سبب الاستهداف الإسرائيلي المتواصل لحائط البراق لاعتباره منطقة إسلامية عربية ملاصقة للأقصى من الجهة الغربية، وقريبة من البلدة القديمة، ولقدسيتها ومكانتها الكبيرة لدى المسلمين.
والعمل في هذه المنطقة- كما يوضح أبو دياب-من صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، ولا أساس لوجود أي فترات يهودية قديمة فيها، معتبرًا تدخل الاحتلال في شؤونها يشكل تدخلًا سافرًا في شؤون الأمة بشكل عام.
ويتساءل "أين قرارات اليونسكو بشأن القدس، لماذا لا تُجسد على أرض الواقع؟، لماذا لا تستخدم المملكة الأردنية أوراقها في الضغط على الاحتلال لوقف تغوله بحق القدس والأقصى؟، أين الاتفاقيات الدولية الموقعة بينها وبين إسرائيل لماذا لم يتم تفعيلها؟".
ويطالب "يونسكو" والمؤسسات العربية والدولية المعنية بشؤون الآثار بالتدخل العاجل لوقف اعتداءات الاحتلال على الإرث الحضاري والإنساني بالقدس، والعمل للحفاظ عليه من التدمير والاندثار.
وبالتزامن مع ما يسمى يوم “توحيد القدس”، الذي يوافق العاشر من أيار/ مايو المقبل، سيتم افتتاح قسم جديد من أنفاق حائط البراق، من أجل إتاحة المجال للمستوطنين لزيارة المكان.