"مركز الأمن القومي" العبري: الضم لن يمنحنا تفوقا استراتيجيا

الرابط المختصر

أكد مركز بحثي إسرائيلي، أن ميزان الآثار المتنوعة لتنفيذ الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو مخطط ضم الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن، يشير إلى أن معظمها سلبية، مؤكدا أنه لن يمنح "إسرائيل" تفوقا استراتيجيا.



وذكر "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده اودي ديكل ونوعا شوسترمان، أن "الاهتمام في إسرائيل تركز على الآثار السياسية المباشرة للضم، وتجاهل الآثار على المدى البعيد".



وأكد أن خطوة الضم، التي جرى فحص الآثار الإيجابية والسلبية لها في ندوة نظمها المركز، "قد تؤدي إلى تفكك السلطة الفلسطينية، وستجد إسرائيل نفسها مسؤولة عن 2.7 مليون فلسطيني من سكان المناطق".



البعد الجغرافي



وحول البعد الجغرافي، نبه المركز، في تقديره الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان "نظرة عليا"، أن "خريطة الضم لم تعرض على الملأ، وسيتقرر حجمها بناء على ثلاث طرق؛ الطريقة الأول: ضم موسع لكل المنطقة (ج) والتي تصل لنحو 60 بالمئة من الضفة، والثانية: تبني مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضم نصف المنطقة (ج)، والثالثة: ضم ضيق للمستوطنات الإسرائيلية القائمة ومنع إخلائها مستقبلا".

 



وأوضح المركز أن "خطة ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، وفق خريطة عرضها بنيامين نتنياهو تقوم على منطق أمني، أي ترسيم الحدود الشرقية لإسرائيل، ويتضمن هذا الخيار غور الأردن بمعناه الواسع (22 بالمئة من مساحة الضفة)، ويوجد بها 30 مستوطنة، وجيب فلسطيني ممثل بمدينة أريحا وعدة بلدات فلسطينية، لن تنطبق عليها السيادة الإسرائيلية".



وأما في تفصيل الطريقة الثانية: فضم غور الأردن والمستوطنات حسب خريطة ترامب "تتضمن غور الأردن بمساحة ضيقة مقارنة بخطة نتنياهو (17 بالمئة من الضفة)، وكل الكتل الاستيطانية، إضافة لـ16 مستوطنة منعزلة في عمق الأراضي الفلسطينية ترتبط بطرق مع إسرائيل (تشكل 13 بالمئة أخرى ليمثلا معا 30 بالمئة)".



ونبه المركز أن هذا الخيار "يضمن السيطرة الأمنية على الحدود الشرقية، وكذا في السفوح الغربية لجبال الضفة التي تطل على مركز البلاد ومطار بن غوريون، والحزام الذي يلف القدس. ومن جهة أخرى؛ سيخرق هذا الخيار حدودا بطول 1.600 كيلو متر، وسيبقي مستوطنات منعزلة في الضفة ترتبط بإسرائيل بمحاور طويلة وضيقة، وتخلق صعوبة في الدفاع عنها، كما سيتسبب باحتكاك كبير بين الإسرائيليين والفلسطينيين".



وأشار المركز إلى أنه "في حال طبقت خطة ترامب حرفيا، ستكون إسرائيل مطالبة بنقل 30 في المئة من المناطق (ج) إلى السلطة، وبالتالي تنضم إلى المناطق (أ و ب)، وعلى إسرائيل نقل أراض بحجم 15 في المئة من أراضي الضفة من تلك التي تقع تحت سيادتها، إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية".



ورأى أن "هذا الخيار مناسب ظاهرا للتحقق في إطار اتفاق دائم، يقوم على أساس الثقة التامة بين الطرفين، وليس في وضع انتقالي يكون فيه مستوى الثقة بين الطرفين متدنيا للغاية".



وعن الخيار الثالث، "حجم المنطقة هو 10 بالمئة من الضفة، وهذا لا يشمل طرق الوصول للمستوطنات، ولا يوجد في هذا الخيار ميزة استراتيجية، أو ضمان حياة للمستوطنات الإسرائيلية التي ستبقى منعزلة، ولهذا السبب فهذا خيار انتقالي فقط".



البعد القانوني

 

من ناحية قانونية، لفت المركز إلى أن "فرض القانون الإسرائيلي، يعني أن أحكام المنطقة والمكانة والسلوك القانوني للمنطقة سيكون مشابها لما هو متبع في إسرائيل، والسلطات الإسرائيلية ستصبح جهة مخولة في المنطقة، وبناء على ذلك، سيسهل الضم مصادرة الأرض الفلسطينية لصالح مستوطنات جديدة أو توسيع مستوطنات قائمة".



وأكد أن "السكان الفلسطينيين في المنطقة المضمومة سيتبعون القانون الإسرائيلي كسكان لإسرائيل، ويحق لهم طلب المواطنة".



وبالنسبة للمستقبل وفقا لاستفتاء جماهيري، إذا ما وافقت إسرائيل في إطار تسوية سياسية مع الفلسطينيين على التنازل عن الأرض المضمومة، سيكون مطلوبا لتحقيق هذا التنازل أغلبية خاصة من 80 نائبا أو استفتاء للجمهور، وها يعني تكبيل الحكومات التالية إذا ما رغبت في التنازل عن المنطقة.

 

وأما في جانب القانون الدولي، "المنطقة المضمومة لن يعترف بها كجزء من السيادة الإسرائيلية، ومن المتوقع أن يواصل العالم التعاطي معها كأرض محتلة، وللفلسطينيين حق فيها، وستبقى إسرائيل مطالبة بالتزاماتها كدولة محتلة تجاه الفلسطينيين".



وأفاد المركز، أن "قرار الضم سيعد خرقا خطيرا من جانب إسرائيل للقانون الدولي، ويمكن لتغيير الإدارة في الولايات المتحدة، أن يؤدي لقرار شجب في مجلس الأمن، وإضافة لذلك، سيشكل الضم موضوعا آخر لتحقيقات محكمة الجنايات الدولية".



الآثار السلبية



وسلط المركز الضوء على الآثار السلبية لعملية الضم، وبين أنها "ستمس بالواقع الأمني بالساحة الإسرائيلية- الفلسطينية، وستزيد من دوافع الفلسطينيين لتنفيذ عمليات، وسيتوقف التعاون الأمني مع أجهزة السطلة، التي تحبط العلميات وتمنع الاحتكاك وتفرق المظاهرات وتتبادل معلومات استخبارية عظيمة القيمة".



وردا على الضم، "تعتزم السلطة الإعلان عن نفسها كدولة في حدود 67، ومحافل عديدة في الأسرة الدولية كفيلة بأن تعترف بالدولة الفلسطينية، وسترى في "إسرائيل" احتلالا للدولة الفلسطينية أو أجزاء منها، مع واجبات قوة الاحتلال تجاه السكان الفلسطينيين".



وتابع: "هذا الأمر سيفرض صعوبات على التعاون، لأن كل نوع من التنسيق/التعاون سيفسر كاعتراف بمكانتها كدولة فلسطينية".



ورجح أن "يدفع الضم فتح نحو حماس، وربما سيشجعها على العودة لتبني فكر المقاومة، وستعمل حماس على زعزعة الاستقرار في الضفة، مما يزيد خطر التدهور الأمني في الضفة وقطاع غزة، كما سيرتفع احتمال انهيار السلطة الفلسطينية أو إعادة المفاتيح لإسرائيل، وعليه ستتحمل إسرائيل مسؤولية 2.7 مليون فلسطيني بالضفة.



ومن بين الآثار السلبية، "إلغاء مزايا اتفاق السلام مع الأردن، حيث يجري التعاون الأمني مع عمان بنجاح على مدى السنين، وسيشطب عمق الدفاع الاستراتيجي الشرقي لإسرائيل، والذي هو اليوم عمليا على الحدود الأردنية – العراقية، كما ستكون إسرائيل مطالبة بتحويل جهدها الأمني في منع تموضع إيران في الساحة الشمالية إلى جانب الساحة الفلسطينية".



ولفت إلى أن "الضم سيمس بتعاون إسرائيل مع دول ليس لها علاقات رسمية معها، على أساس مصلحة مشتركة ضد توسع النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، كما سيزعزع مكانة إسرائيل الإقليمية، والعلاقات في مستوى منخفض مع إسرائيل كنتيجة للضغط الأمريكي على الدول العربية السنية، لن تتحقق في المدى المنظور".



وقدر المركز، أن "الضم الواسع، يعني القضاء على إمكانية تحقيق تسوية سياسية إقليمية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية".



الآثار الإيجابية



وفي هذا الجانب، أكد التقدير الإسرائيلي، أن "خطوة بسط السيادة ستغير قواعد اللعب وموازين القوى في الساحة الإسرائيلية – الفلسطينية، بحيث تحرم الفلسطينيين من إمكانية استخدام الفيتو على اقتراحات التسوية والقدرة على الإمساك بإسرائيل كرهينة في وضع النزاع القائم".



كما أنه "لأول مرة، تؤيد واشنطن إعلان نوايا إسرائيلي للتواجد الدائم خلف خطوط 67، وعليه ينبغي تجسيد ذلك بالسيادة على الأرض، ويحتمل أن لا تهز الخطوة وضع إسرائيل الأمني والسياسي، ولا سيما إذا كان حجم الضم محدودا ولم يمنع خيار حل الدولتين".

 

ونوه أن خطوة الضم، "ستثبت تواجد إسرائيل في هذه المناطق الحيوية وهي: القدس، وغلاف القدس وغور الأردن، كما أن بسط السيادة يستهدف توسيع الاستيطان، ويصعب جدا إخلاء يهود من مستوطناتهم في الضفة، وستسمح المناطق المضمومة بنقل الاستيطان من السهل الساحلي إلى الضفة".

 

وذكر أن "إسرائيل توجد في مفترق طرق، وهي مطالبة بأن تبدي قوة وتصميما، في ظل الاستعداد للدخول لمجال انعدام اليقين الذي يحتمل أن يمس بها أمنيا في المدى القصير، ولكنه سيعزز قوتها في المدى البعيد".



خلاصة



وخلص التقدير الإسرائيلي، إلى أن "متغيرات عديدة ستساهم في الآثار السياسية للضم، وخاصة حجمه، ومدى إضراره بنسيج حياة السكان الفلسطينيين والمستوطنين؛ ووتيرة وقوة الأحداث، بما في ذلك آلية التصعيد التي يصعب التحكم بها".



وتساءل: "هل سيبقى للفلسطينيين أفق أمل لتحقيق أهدافهم الوطنية في شكل حل الدولتين؟ ومن سيكون في البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير 2021؟".

 

وأكد أن "ميزان الآثار المتنوعة للضم يشير إلى أن معظمها سلبية، وهو لن يمنح إسرائيل تفوقا استراتيجيا، أو أي تفوق أمني على الوضع الحالي، الذي في إطاره تسيطر إسرائيل في غور الأردن، وتتمتع بحرية عمل أمني في كل المنطقة وتقيم تعاونا ناجعا مع أجهزة الأمن الفلسطينية".

 

في المدى البعيد، توقع أن يساهم الضم في إنهاء السلطة، وسيتعاظم التأييد الشعبي لفكرة الدولة الواحدة، كبديل عن رؤيا الدولتين التي فشلت، وفضلا عن العبء الأمني، سيقع على كاهل إسرائيل عبء الاقتصاد الفلسطيني، دون مساعدة من الأسرة الدولية".



كما "ستؤثر هذه التطورات الإشكالية بقدر واضح على الطابع الديمقراطي والديمغرافي لإسرائيل، كون معناها هو تسريع الانزلاق لواقع الدولة الواحدة، وستزعزع الرؤيا الأساس لإسرائيل؛ دولة يهودية، آمنة معترف بحدودها وتتمتع بشرعية دولية".



وتوقع المركز، أن "يوقف الضم مسيرة الفضائل العظمية المتمثلة في التصدي للنفوذ الإيراني، وتطوير علاقات استراتيجية بين إسرائيل والدول العربية البراغماتية، وبناء جبهة واسعة ضد طهران".