مجلس النواب بلا إرادة .. الدولة تختار الصفدي رئيسا لمجلس النواب مبكرا ومن منزل الدغمي
طلبت جهات نافذة من رئيس مجلس النواب الحالي عبد الكريم الدغمي التراجع للخلف عدة خطوات متخليا عن رغبته بالترشح لدورة ثانية لرئاسة المجلس ليخلي الطريق أمام نائبه أحمد الصفدي ليجلس على مقعد الرئاسة رئيسا هذه المرة وليس نائبا أولا.
ولا تفاصيل يمكن الإفراج عنها هنا حول التحول الدرامي غير المسبوق في انتخابات رئاسة المجلس سوى ما هو مؤكد منها من تنفيذ الدغمي لرغبة الجهات المهيمنة باستقبال منافسه احمد الصفدي في منزله وإعلان مباركته ودعمه له ومن منزله لتكون السابقة الأولى في تاريخ مجلس النواب التي يتم فيها اختيار رئيس المجلس بهذه الطريقة التي لا تخرج عن كونها تستهدف شخص الدغمي ومناصريه من النواب الذي بدا معظمهم مجردين حتى من إرادة الإختيار او حتى المفاضلة بين مرشحين او أكثر.
وبإعلان الدغمي مباركته للنائب الصفدي برئاسة المجلس ومن منزله، وبعد ساعات فقط من حسم قرار الدولة باتجاه الصفدي فان يوم السبت الماضي كان موعدا للإعلان عن تراجع الدغمي وتقدم الصفدي بدون منافسين، بانتظار تتويج الرئيس الجديد لمجلس النواب بعد ظهر يوم الأحد المقبل الثالث عشر من الشهر الجاري وهو موعد انطلاق اعمال الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة.
كان انتظار مجلس النواب في الاسابيع الماضية مريبا ومثيرا ويغرق في الصمت غير المسبوق تجاه انتخابات رئاسة المجلس، ولذلك كتبت قبل اسبوعين من الان تقريرا نشره "عمان نت " تحت عنوان " صمت نيابي مثير بانتظار "ألو.." لتحديد شخصية رئيس المجلس المقبل " قلت فيه "... إن المرشحين المحتملين والكتل النيابية تنتظر التوجيهات فيما تجرأ أحد النواب بالقول" ننتظر الألو .." لتوجيه مزاج الأغلبية النيابية، أو تلك المجموعات البرلمانية التي لا تغامر بالخروج عن سلطة الاتصالات الهاتفية التي لا ينكرها النواب لغايات توجيههم باتجاهات تخدم أصحاب المصلحة ".
الدولة التي اختارت الصفدي لرئاسة مجلس النواب يوم السبت الماضي حددت بوصلة مصالحها مبكرا، لكنها لم تترك للعديد من النواب أية فسحة ولو ضئيلة للمناورة، وللإختيار، وأظهرت المجلس بكل رجالاته فاقدا الإرادة، ولا يمتلك حتى متعة الإختيار، بينما كان بإمكانها إبقاء المسألة كلها طي الكتمان ــ كالعادة ــ حتى لحظة تنفيذ سيناريوهاتها على الأرض بدون ضجيج.
من المؤكد أن مجلس النواب تلقى اليوم ضربة موجعة أصابت رأسه تماما، وحطمت أقدامه التي كان يحاول الوقوف عليها طيلة الدورتين الماضيتين، بسبب هذا التنفيذ ير المبرر لمسرحية انتخابات رئاسة المجلس، ليس بسبب اختيار الصفدي او لتنحية الدغمي، فكلاهما أبناء الدولة يخدمانها كل من موقعه، ولن بسبب ظهور المجلس وكأنه مجرد حجر شطرنج تتقاذفه أصابع اللاعبين دون ان يكون له أي صوت او موقف أو تأثير.
لقد كان أمام الصفدي والدولة فرصة إبقاء أوراق السيناريو طي الكتمان، فالصفدي ضامن تماما لفوزه بانتخابات الرئاسة أيا كان المرشح الذي سيواجهه بسبب ما قيل عن تمتعه بدعم 60 نائبا أعضاء في حزب الميثاق الذين يدعمون رفيقهم الصفدي في الحزب، وكان بكل بساطة أمام الدولة نفسها الطلب من الدغمي او من أي شخص آخر ينوي الترشح الانسحاب، وبالتالي يظهر المجلس وكأنه صاحب إرادة في الإختيار والانتخاب، بدلا من أن يظهر المجلس عاريا أمام الأردنيين منزوع الارادة.
لقد صدقت توقعاتي المبكرة تجاه"هيمنة الألو .." على مجلس النواب، لكن السؤال الذي يتوجب طرحه هذا الأوان يتمحور حول ما يمكن ان تكون عليه حالة المجلس في الأشهر الستة المقبلة عندما سيتحول من قبة تشريع إلى فضاء مفتوح على تسديد الحسابات، وارتفاع وتيرة المناكفات، وازدياد عدد الناقدين..؟؟.
مجرد تساؤلات يتوجب وضعها على الطاولة لأن ثمة غضب نيابي لا يزال قادرا على رفع الصوت..