ساعات قليلة تفصلنا عن ما ستتوصل اليه المباحثات بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس والملك عبد الله الثاني، بمشاركة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لبحث الأوضاع الحالية في قطاع غزة، وسط توقعات خبراء سياسيين بأن هذا اللقاء قد لا يؤدي إلى تحقيق موقف داعم او حلا دبلوماسيا لانهاء الصراع الدائر بين اسرائيل والمقاومة الفلسطينية بعد تنفيذ عملية "طوفان الاقصى".
هذه التوقعات تأتي نتيجة لما أعلنته وزارة الخارجية الإسرائيلية حول هدف زيارة بلينكن لإسرائيل والذي وصف بأنها تهدف الى تعزيز التضامن والدعم مع اسرائيل، وتأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن المستمر دعم الولايات المتحدة لإسرائيل.
الكاتب والمحلل السياسي حمادة فراعنة يشير إلى أن أهم نقاشات اللقاء ستتمحور حول وسائل وقف الهجمات الاسرائيلية على قطاع غزة وكيفية استغلال هذا الصراع لاعادة النظر في الوضع السياسي العام والأوضاع المأساوية التي يمر بها سكان في ظل استمرار هذا العدوان.
ويوضح فراعنة بأنه سيجتمع الرئيس عباس مع الملك قبل لقائهما بوزير الخارجية، للتوصل إلى تفاهمات بين الأردن وفلسطين لتمهيد الطريق لموقف موحد يمكن التوصل إليه لمعالجة أي مقترحات يقدمها بلينكن.
ويتساءل ما المطروح حول ما الذي سيقدمه بلينكن إلى جانب الدعم الأميركي المعلن لإسرائيل، وما إذا كان سيساهم في تحقيق الخطوات التي يسعى إليها الاحتلال الإسرائيلي؟
تنسيق لن يؤدي إلى حلول
منذ بدء الصراع في قطاع غزة، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ثلاثة مرات بالاتصال برئيس الأميركي جو بايدن، للتأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ولضمان استمرار الدعم الأميركي للقوات الإسرائيلية من خلال تزويدها بكافة الاحتياجات العسكرية.
وقامت الولايات المتحدة بتحريك حاملة طائرات، وسفنا، ومقاتلات جوية إلى منطقة شرق المتوسط، مؤكدة أنها سوف توفر لإسرائيل المزيد من المعدات والذخائر.
في ضوء هذا الدعم الأمريكي، يرى المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة أن زيارة وزارة الخارجية للأردن ليست بالضرورة تحركا لوقف التصعيد، بل قد تكون محاولة لمنح إسرائيل فرصة لتنفيذ أهدافها في غزة.
ويشير السبايلة إلى أن زيارة بلينكن للأردن تأتي كجزء من التنسيق المشترك بين الاردن ومصر والضفة الغربية، وتعد الأردن الوجهة الرئيسية للدبلوماسية الاميركية في هذا السياق، وهذا التنسيق لا يعني بالضرورة أنه سيؤدي إلى حلول فعلية، ولكنه يعكس العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة والأردن.
قلق من تصاعد الأحداث
في ظل التحركات الدبلوماسية، والاحتجاجيات الشعبية في المملكة، قام وفد من قيادة الحركة الإسلامية بلقاء وزير الداخلية مازن الفراية الخميس، مطالبا الحكومة بإعادة تفعيل الجيش الشعبي وتسليح الشعب الأردني والتأهب لمخططات العدو الصهيوني الذي يسعى لإحداث نكبة جديدة في فلسطين، مع ضرورة فتح جسر جوي لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في مواجهة العدوان الصهيوني المجرم.
وفيما يتعلق بهذه التطورات، يرى رئيس تحرير "عمان نت" محمد العرسان أن هناك قلقا كبيرا لدى الأردن والولايات المتحدة تصاعد الأحداث في الضفة الغربية، بالاضافة إلى المخاوف من توجيه الحراك نحو الحدود الأردنية الفلسطينية، ويأتي هذا اللقاء الامريكي الفلسطيني الأردني، كمحاولة لاحتواء تفاقم ما يجري في قطاع غزة وتجنب مشاركة أطراف جديدة في الساحة الحربية، بالإضافة إلى تهدئة الأوضاع في الضفة الغربية.
ويشدد العرسان على دور السلطة الفلسطينية في التشاور مع الملك للتأكيد على ضرورة إعطاء الفلسطينين حقوقهم المشروعة بوجود دولة فلسطينية مستقلة، وهذا ما حذر منه الأردن مرارا من أن عدم تحقيق هذه الحقوق قد يؤدي إلى التصعيد للأوضاع.
فتح الممرات مسألة خطرة
كان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قد اكد في تصريحات صحفية يوم الأربعاء، إن الولايات المتحدة تجري محادثات مع إسرائيل ومصر بشأن إنشاء ممر آمن في قطاع غزة، هذا الممر الآمن سيسمح بإجلاء الأمريكيين والمواطنين الأجانب الآخرين من غزة خلال الوضع الحالي.
فيما يعتبر الفراعنة أن الحديث عن إنشاء ممرات آمنة في قطاع غزة يثير تساؤلات حول الأهداف المحددة لهذه الممرات، هل سيتم فتحها باتجاه مصر لتمكين إخلاء السكان من القطاع أم ستستخدم لتوصيل المساعدات الإنسانية، خاصة في ظل العملية الإسرائيلية الحالية.
ويشدد الفراعنه على أن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يتمحور حول مفهومي الارض والانسان ، حيث ادى احتلال الارض تشريد الفلسطينيين، وعلى الرغم من محاولات المستوطنات، إلا أنها فشلت في تحقيق هدفها بشكل استراتيجي في تهجير كامل الفلسطينيين الذين يبلغ عددهم حتى الآن ما يقارب من 7 ملايين فلسطيني.
لذلك، أصبحت غزة محور قلق بالنسبة للجانب الإسرائيلي، خاصة بعد عملية "طوفان الأقصى"، و لا يرغب الإسرائيليون في تكرار تلك التجربة، وليس واضحا ما إذا كان هدفهم الرئيسي هو اجتياح غزة من الناحية السياسية.
هذا ويلزم القانون الأميركي ويلزم القانون الأمريكي الحكومة باتخاذ إجراءات معينة لدعم التفوق العسكري النوعي لإسرائيل على جيرانها، وتسريع المساعدات ومبيعات الأسلحة إلى إسرائيل بطرق متعددة.
علاوة على ذلك، هناك مذكرة تفاهم للمساعدات العسكرية الثنائية تم توقيعها في عام 2016، حيث تلتزم الولايات المتحدة بتقديم دعم مالي بمبلغ 3.3 مليار دولار سنويًا لإسرائيل للأمور العسكرية، وهناك إمكانية تقديم مساعدات إضافية في حالات الطوارئ مثل الحروب.