لا مكان للأيتام في القدس

لا مكان للأيتام في القدس

عندما قررنا التخصص في الكتابة عن القدس قبل أن تزول ، اتهمنا البعض من القراء الأعزاء باننا متشائمين مبالغين، بل ان بعض القراء العرب من بعض الدول البعيدة القريبة في نفس الوقت ، اتهمنا بأننا نعمل على تهبيط العزائم وأننا نحاول كسر مجاديف العرب بكثرة الحديث عن القدس، وكيف أنها بطريقها إلى الزوال وأن العرب تخلوا عنها !!

طبعا لن نستطيع الرد على كل التهم بل نؤكد أننا عندما قررنا الكتابة في هذه الزاوية قبل سنوات لم نكن ننوى مدح من لا يستحق المدح ، وقررنا أن نكون هذه الزاوية صوت المواطن وليست صوت المسؤول حتى لو غضب، كما أننا أخذنا عهدا على أنفسنا بأن نقول الواقع الذي نتلمسه بشكل يومي إما عبر رسائلكم الالكترونية أوعبر قيامنا بجولات بأنفسنا وخاصة في مدينة القدس، وبالتالى فإنه إذا كان الواقع أسود والمستقبل لا يبشر بالخير طالما نحن بهذه العقلية وبهذه النفسية وبهذه الهمم، فإنه لا يجب أن يتهمنا أحد بأننا السبب في تهبيط العزائم،، لأن العزائم هي هكذا، ولا يجب قتل الرسول الذي يحمل الرسالة بلا العمل على تغير الواقع ...

كان لا بد من هذه المقدمه لهذا الموضوع الذي يؤكد مرة أخرى أن هناك من يعمل على تحويل القدس بمؤسساتها إلى شئ جديد لم نعهده من قبل، ويقف الفلسطينون عاجزين عن مواجهة هذا الطوفان الذي يجتاح المدينة بمؤسساتها ومعالمها وحتى تاريخها .

فقبل يومين وفي جلسة مقدسية مسائية ضمت بعض المسوؤلين والمهتمين بالشأن المقدسي الثقافي والفني والاجتماعي والتعليمي، قطع الصديق الضحكات التي خيمت على الجو قائلا هل تعرفون أن مؤسسة "دار الأولاد " العريقة المعنية برعاية الاطفال الأيتام الفلسطينين منذ أربعينات القرن الماضي لن تتمكن من رعاية الأيتام بعد الآن ، بسبب رفض إسرائيل السماح للأطفال من الضفة الغربية وقطاع غزة الوصول إلى تلك المدرسة التي خرجت الآلاف من أبنائها والذين رعتهم منذ أيامهم الأولى وحتى أصبحوا رجالا يتقلد الكثير منهم مناصب مهمة

وأضاف هذا الصديق وعلامات الضيق بادية على وجه جيث قطب جانبية وتحولت معالم وجهة من الفرح إلى العبوس : إن الإسرائيلين أبلغوا القائمين على مدرسة دار الأولاد بأنه اعتبارا من بداية العام القادم عليهم إغلاق القسم الداخلي من المدرسة لأنه لن يكون هناك أي طفل من الضفة الغربية فيه ..!!

وعلى بعد أمتار قليلة من مدرسة دار الأولاد تقع مدرسة هي معلم من معالم القدس العتيقة ألا وهي مدرسة دار الطفل العربي والتي أخذت على عاتقها منذ تأسيسها في أربعينات القرن الماضي رعاية الفتيات من جميع أنحاء فلسطين وخاصة اليتيمات منهن حيث توفر لهن المدرسة مسكنا وتعليما جيدا حتى تخرج الفتاة من دار الطفل إلى معترك الحياة متسلحة بالشهادة والعلم والشخصية .

حتى هذه المدرسة التي تختزل التاريخ الفلسطيني وكانت تضم المئات من الفتيات انخفض العدد لأقل من عشرين فتاة بسبب الإجراءات الإسرائيلية والتي حالت دون وصول الفتيات المحتاجات من الضفة الغربية وقطاع غزة ، مما يساهم في عزل القدس عن عمقها الفلسطيني، وهي في طريقها إلى تحقيق هدفها، وكانت مدرسة الأيتام الإسلامية في القدس قد اضطرت إلى ترحيل قسمها الداخلي من قلب البلدة القديمة بمحاذاه المسجد الأقصى إلى العيزرية حتى يتمكن الأيتام والمحتاجين من الضفة الغربية من الوصول إلى القسم الداخلي والسبب هو أيضا الإجراءات الإسرائيلية!!!

وإذا ما أغلقت مدرستى دار الأولاد ودار الطفل القسم الداخلي فيها فإن القدس والمجتمع الفلسطيني برمته سوف يكون الخاسر ... وبالتاكيد لن تكون القدس كما كانت ... فأين السلطة؟! وأين العرب الذين يزاودون على أهل المدينة بانهم يحبونها أكثر من الجميع ؟! وأين رجال الأعمال الفلسطينون والمقدسيون الذين يستغلون اسم القدس لتحقيق أرباح بالملايين لا يستثمرون فيها ولا حتى قرش واحد .

وحديث له بقية...

أضف تعليقك