كمال رشيد شاعرًا ملتزمًا
كمال عبد الرّحيم رشيد واحد من الشُّعراء الأردنيين، ولد سنة 1941م. ويعدّ عضوًا في رابطة الكتّاب الأردنيين إلى جانب أنّه عضو مؤسس في رابطة الأدب الإسلامي، له العديد من الدّواوين الشّعريّة، نذكر منها: شدو الغرباء 1983م، وعيون في الظّلام 1984م، وأشواق في المحراب 1985م، والقدس في العيون 1990م، ونسائم الوطن 1997م. وقد توفّي كمال رشيد في عمّان سنة 2008م(1).
تميّز كمال رشيد بأنّه شاعرٌ إسلاميٌّ ملتزم، جعل القضيّة الفلسطينيّة والقوميّة العربيّة محورًا أساسيًا لقصائده وأشعاره، فقد كانت الرّوح الإسلاميّة هي الطّابع العامّ الذي تميّزت به أشعاره، بحيث يستطيع القارئ أن يلمح النّفس الإسلامي في كثير من نصوصه الشّعريّة.
ويعدّ كمال رشيد كاتبًا إلى جانب كونه شاعرًا، ومؤلفاته لا تخلو من طابع إسلامي محض، ولعلّ انتماءه للحركة الإسلاميّة وانخراطه في جماعة الإخوان المسلمين تحديدًا أعمق الأثر في تكوينه الأدبي والتزامه الفكريّ والدّيني.
ديوان عيون في الظلام
صدر ديوان الشّاعر كمال رشيد الموسوم بعنوان عيون في الظّلام سنة 1984م عن مكتبة المنار في الزّرقاء، ويتوزّع على مئة وثلاث وأربعين صفحة(2).
إنّ المتتبع في الدّيوان يجد المضامين الشّعريّة تتوزّع على المضمون الدّيني والوطني والقومي والإنساني مع التزام كامل بمفاهيم الإسلام وقيمه وتعاليمه، فلا تكاد تخلو قصيدة من ديوانه من المضامين الإسلامية.
في قصيدة سعاد يستذكر الشّاعر هجرة الرّسول محمّد ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ؛ لتعميق حبّ الرّسول محمّد في نفسه، حيث يقول:
يَاْ رَسُوْلَ الهُدَى أَتَيْتُكَ أَرْجُو
مِنْكَ حُبًا وُالحُبّ فِيْكَ اعْتِقَادُ
سَيّدِي أنْتَ رَائِدي وَشَفِيْعِي
فِيْكَ يَزْكُو القَصِيْدُ وَالإنْشَادُ
ويظهر المضمون الإسلامي في التزام الشّاعر نفسه بالتّربية الإسلاميّة، من حيثُ التّفاؤل، والتّسليم بأمر الله وقدره، وحسن الظّن به، والنّأي عن وساوس النّفس والإعراض عنها، يقول في قصيدة الأماني:
مَاْ لِنَفْسِي تَمِيْلُ لِلحزنِ تَنْأى
عَنْ سُرُورٍ وَسَاْعَةِ اطْمِئْنَانِ
شَـــاءَ اللهُ أنْ أعِيْشَ سَعِيْدًا
فَلِمَاذَا أشْكُو الدّنَا وَأُعَانِــي
اعتمد كمال رشيد في شعره الوطني والقومي على لغة الخطابة والإثارة والتّحريض في استنهاض العزائم والهمم انطلاقا من موقفه الإسلامي، يقول في قصيدةٍ موسومة بعنوان يرحل الحبّ:
نَاْمَ قَوْمِي تَخَدّرُوا وَاستَطَاْبُوا
عَيْشَ ذُلٍّ فَأُهمَلُوا فِي الوجُود
يَضْحَكُ النّاسُ يَفْرَحُون وَمِنّا
كُـــلُّ يَوْمٍ يَمُوتُ أَلفُ شَهِيْدْ
إيهٍ يَاْ حُلْكَةَ الليالِي اسْتَبدّي
إيهٍ يا حَرْبُ يا مَجَازرُ زِيدي
إيهٍ يا نارُ أحْرقِي كُلّ وَجْهٍ
عَرَبي يَعِيْشُ عَيْشَ العَبِيْد
في قصيدة "نيسان" يستذكر كمال رشيد إطلاق الرّصاص على المصلين في المسجد الأقصى، ويشير إلى غدر اليهود، ويدعو إلى قتالهم؛ لتطهير المسجد من دنسهم، كما ويثني على المرابطين، يقول:
هُم يهودٌ خَبُرْنَا كَيْدَهم حِقبًا
وَلم نجدْ فيهم للفضلِ عرفانا
وَمُذُ أتَى أحمدُ بالدّين دين هدى
وَرحمةٍ نَصَبُوا للدّينِ عدوانا
فالقتل والغدر والتّدمير شيمتهم
وليس شيمتهم حبًا وإحسانا
بُوركتَ يا شعبنا للنّصرِ تدفعنا
دفعًا وتشعلها في القدسِ نيرانا
ويدعو كمال رشيد صراحةً في قصيدة عنوانها "الصّبح" إلى الجهاد؛ لتحرير الأوطان والأراضي العربيّة والإسلاميّة، ويقف موقفًا رافضًا من المتخاذلين، رابطًا النّصر بالجهاد، إذ يقول:
يَا حَامِلَ السّيفِ لا تَبْخَلْ بِشفرته
يَاْ سَاْمِعَ الشَّجوِ قُمْ وَافْزَعْ لِمَا فِيْنَا
هُوَ الجِهَادُ سَبِيْلُ المُخلصينَ فَهَلْ
نَمْضِي إِلَى النّصْرِ فُرْسَانًا مَيَامِيْنَا
أخيرًا، يعدّ كمال رشيد واحدًا من شعراء الدّعوة الإسلاميّة الملتزمين، كونه يدعو إلى الخير والتّمسك بتعاليم الإسلام وقيمه النّبيلة، والمحور الرّئيس الذي يدور حوله شعر كمال رشيد فلسطين فقد استأثرت اهتمامه واستحوذت أشعاره، وتتسم اللغة الشّعريّة عند كمال رشيد بالخطابية والمباشرة والتّقريريّة بما تتفق مع أهدافه الواضحة في إيصال رسالته وأفكاره الدّعويّة.
ـــــــــــــــــــــــ
إحالات
(1) انظر، معجم الأدباء الأردنيين، ط1 ـ 2014م، منشورات وزارة الثّقافة الأردنيّة، ص 232.
(2) عيون في الظّلام: كمال رشيد، ط1 ـ 1984م، مكتبة المنار، الأردن، الزّرقاء.