قمة عمان الثلاثية.. الاقتصاد يطغى على السياسة

عقد الملك عبدالله الثاني ورئيس الانقلاب المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، القمة الثلاثية الأردنية المصرية العراقية الثالثة في عمان، الثلاثاء، وعلى أجندتها ملفات سياسية واقتصادية.

 

وحسب بيان الديوان الملكي الرسمي - الذي وصل عربي21 نسخة منه- تناول اللقاء "توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدان الثلاثة. وقال العاهل الأردني في القمة إن "الأحداث المتسارعة في منطقتنا والتدخل من بعض الأطراف الخارجية، تستدعي التنسيق الوثيق والعمل المشترك".

 

وخصص الأطراف الثلاثة مساحة من القمة للحديث عن الملف الاقتصادي، إذ لفت الملك الأردني، خلال اللقاء، إلى ضرورة تفعيل الاتفاقيات الثنائية مع العراق في جميع المجالات للنهوض بالعلاقات الاقتصادية، خاصة في مجال الطاقة والربط الكهربائي وزيادة التبادل التجاري.

 

"فرص أردنية في العراق"

 

المحلل والخبير في الشأن العراقي، محمد الحسيني، يقول لـ"عربي21"، إن "السوق العراقية جاذبة كونها سوق كبيرة وبقوة شرائية كبيرة، وتعتمد على البضاعة المستوردة، وهنالك مصلحة أردنية لدخول هذه السوق ولكن يجب الدخول دخولا ذكيا لعدة أسباب منها قدرة الأردن على منافسة الآخرين داخل السوق العراقية، لكن هناك قطاعات لا تستطيع الأردن المنافسة بها مثل الأجهزة الكهرباء والنفط التي تتصدرها تركيا وإيران بأسعار تنافسية".

 

وأضاف: "على الأردن أن يعي وجود الكاظمي كرئيس وزراء، ووجود فرصة كبيرة لتحسن العلاقات بين العراق والسعودية، ستكون الرياض منافس قوي في السوق، لكن الأردن لديه القدرة على المنافسة في قطاعات مثل القطاع المالي، والخدمات، والتأمين، وهنالك خطة وضعها البرلمان لتطوير هذا القطاع خصوصا في ظل تراجع المنافسة للبنوك اللبنانية، مما يحتم على الأردن وجود خبراء لدراسة السوق العراقي".

 

أما القطاع الآخر الذي ستبرع فيه الأردن، حسب الحسيني، هو القطاع التكنولوجي، مؤكدا أن "الأردن يمكنه تقديم الخدمات مثل ربط الشبكات الحكومية، والقطاع الخاص، أيضا القطاع الطبي سيستقبل الخبرات الأردنية لوجود ثقة عراقية كبيرة، بالإضافة إلى قطاع الطاقة المتجددة والربط الكهربائي".

أما عن العوائق التي قد تواجه الأردن بدخول السوق العراقية، يعتقد الحسيني أنها "عوائق سياسية لها أثر على القرار العراقي، كالتأثير الإيراني والتركي، فنافذة التصدير الإيراني الوحيدة هو العراق، ولن تتنازل عنه بسهولة، والجهات المتحالفة معها في العراق ستعمل على التواجد الإيراني الاقتصادي".

 

ولفت إلى أن "سياسة الكاظمي أن العراق لا يدخل في تحالفات تؤثر على سيادته، وهذا يعني الانفتاح على دول الجوار العربية، ومن بينها الأردن، وسيسحم هذا نتائج الانتخابات القادمة العام المقبل، والتحالفات التي تخرج عنها سيكون لها دور في التأثير سلبا أو إيجابا على العلاقات الأردنية العراقية".

 

"عودة العراق للحضن العربي"

 

من جهته، قال أمين حزب الوطني الدستوري الأردني، أحمد الشناق، إن "القمة جاءت بطابع ذو شقين اقتصادي، وسياسي، وتسعى لخلق تقاربات لتكامل اقتصادي مطروح بين الأردن، والعراق، ومصر، وهناك محاولة لاستعادة لمجلس التعاون العربي الذي أُسس قبل احتلال الكويت لكن بدون اليمن".

 

ويعتقد الشناق إن "هناك توافقات أردنية مع العراق على بعض القضايا، إذ طرح الملك عبد الله الثاني خلال زيارته للعراق العام الماضي عودة العراق للبيت العربي، وضرورة تجاوز المكونات العراقية للخلافات، وعمل على تقريب وجهات النظر فيما بينهم، وهنا نسأل هل سيكون للملك دور بهذا التقارب، حيث التقى الملك جميع المكونات العراقية في العراق بما لا يمس علاقات العراق مع إيران وأمريكا".

 

ويرى أن "الأردن يسعى إلى تكوين تكتل اقتصادي عربي كإنشاء مشاريع مثل مصفاة بترول في العقبة وسكك حديدية، والربط بالكهرباء، وتقديم الخدمات في المجال الطبي، والتوسع في مفهوم مصالح مشتركة مع العراق ومصر وفق التحولات التي جرت المنطقة، خصوصا في ظل التواصل الجغرافي بين هذه الدولة".

 

الشناق يقول إن لديه معلومات تفيد أن "الملك عبد الله الثاني، يسعى إيجاد كتلة عربية قادرة على إحداث توازن عربي إقليمي، وفق المصالح المشتركة وفق التحولات في المنطقة والعالم".

 

"الأردن يبحث عن دور إقليمي"

 

بدوره، يرى المحلل السياسي، بسام بدارين، أن "الأردن يبحث عن دور إقليمي، خصوصا بعد اتفاق التطبيع الإماراتي- الإسرائيلي"، مشدّدا في حديث لـ"عربي21"، على أن "القمة ذات بُعد اقتصادي أكثر من كونها ذات بُعد سياسي"، مضيفا "هذه القمة الثالثة من نوعها بين البلدان الثلاثة، للتشبيك والتكامل الاقتصادي، وتحمل أجندات سياسية حتى لو كان هناك تطرق ملفات سياسية مثل القضية الفلسطينية".

 

وحسب بدارين، "القمة ركزت على التعاون الاستثماري والتبادل التجاري عبر البحر الأحمر خصوصا بعد مرحلة كورونا إذ تسعى الأردن للربط الكهربائي مع العراق ومصر بعد الفائض الذي حققته من إنتاج الكهرباء".

 

وبسؤاله عما إذا كان هذا اللقاء يعني خروج العراق من عباءة إيران والبحث عن دور إقليمي، أجاب بدارين: "رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، نجم المرحلة في العراق، وتحاول الإدارة الأمريكية التي احتفت به مؤخرا تأسيس رافعة لدور إقليمي له، المشكلة التي تواجهه هو الملف الإيراني الذي يحاول التعامل معه، الأولوية للأمريكيين أنها الوجود الإيراني المسلح في العراق، والكاظمي كلف بذلك".

 

"ماذا يريدون من القمة؟"

 

الكاتبة لميس اندوني، تقول لـ"عربي21"، إن "هنالك فرق بين ما تريده الأردن، وبين ما تريده أمريكا من المنطقة، أمريكا تريد إبعاد إيران عن العرق وخصوصا في ملف الطاقة، أما الأردن ما يهمها تفعيل الاتفاقيات مع العراق خصوصا في ظل الوضع الاقتصادي السيء، وهذا يعطي الأردن مساحة للمناورة اقتصاديا؛ بسبب الضغوط الخليجية على الأردن للقبول بالضم وصفقة القرن وشروطها".

 

أما بالنسبة لمصر، ترى أن "هناك تباينا بين الموقف الأردني والمصري، في القضية الفلسطينية وبدا هذا واضحا من الترحيب المصري باتفاق التطبيع بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي، أما الأردن كان متحفظا وحذرا، وفي البيان الرسمي الذي صدر حول القمة ركز الأردن على القضية الفلسطينية، وهذا لم يكن أولوية للرئيس العراقي القادم من واشنطن، والذي يبحث عن علاقات غير إيران".

 

وحسب اندوني، "الأردن يبحث عن الأمن الغذائي، وهذا لن يتم دون العراق خصوصا بعد جائحة كورونا".

 

"لقاءات جانبية وتعاون اقتصادي"

 

وعلى الهامش، بحث وزير المياه والري الأردني رائد أبو السعود، مع وزير الموارد العراقية المهندس مهدي رشيد الحمداني، التعاون المشترك واستكمال توقيع مذكرة التفاهم المشترك بين الجانبين في مجال المياه والصرف الصحي.

 

وتتضمن الاتفاقية التي تستمر أربع سنوات التعاون في مجالات تحلية المياه لمختلف الأغراض وإدارة مصادر المياه الجوفية والسطحية واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة والتعاون في مجالات الطاقة المتجددة والتغير المناخي وتبادل الخبرات في مجالات نوعية المياه والمختبرات وإقامة مشاريع تعاونية مائية وتبادل الزيادات الفنية والمعلومات والخبرات ورفيعة المستوى بين الجانبين وإشراك الجهات الرسمية والجامعات ومراكز الأبحاث لدى الجانبين والقطاع الخاص في الأنشطة المختلفة.

 

وبلغ التبادل التجاري بين الأردن والعراق عام الماضي 426.6 مليون دينار، بحسب غرفة صناعة عمّان، وفي 2019، بلغت الصادرات الأردنية إلى العراق 466 مليون دينار، فيما بلغت المستوردات من العراق 1.6 مليون دينار، حيث يميل الميزان التجاري لمصلحة الأردن بـ 464.4 مليون دينار.

 

ووافق العراق في كانون الثاني/ يناير 2019، على تزويد الأردن يوميا بـ 10 آلاف برميل من نفط خام كركوك، "تشكل 7 % من احتياجات الأردن"، وفقا لوزارة الطاقة والثروة المعدنية، كما قررت السلطات العراقية إعفاء سلع أردنية من رسوم جمركية اعتبارا من 2 شباط/ فبراير 2019.

 

أما الأردن ومصر قررا الأردن ومصر العام الماضي على إنشاء مركز لوجستي في المفرق، كأحد آليات تنفيذ اتفاق بين (مصر، والأردن، والعراق) عقد خلال القمة الثلاثية في القاهرة، لتفعيل شراكة استراتيجية، ووضع آليات تعزيز التكامل الاقتصادي، يضم التعاون الصناعي، والطاقة، والبنية التحتية، وإعادة الإعمار.

 

وبلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن ومصر في 2019، نحو 470.3 مليون دينار، حيث بلغت الصادرات الأردنية إلى مصر 78.5 مليون دينار، مستوردات الأردن من مصر 391.8 مليون دينار.

أضف تعليقك