غزة: قراءات في التضحيات والانتصارات
ينتهي اليوم السادس والعشرون للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ليواصل كتاب مقالات الرأي "بعد احتجاب الصحف خلال عطلة عيد الفطر"، بقراءات لحجم التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني والانتصارات التي حققتها المقاومة بمواجهة العدوان.
الكاتب جمال العلوي، يعرب عن حيرته في بداية الحديث عن غزة،"فهل نخرج من الشجاعية التي تسطر كل يوم ملحمة صمود أم من حي الزيتون الذي يصنع بطولات دفعت قوات الاحتلال الصهوني الى ممارسة حقدها الأسود وتحطيم البيوت وتحويلها الى دمار ،أم من رفح الحكاية التي سجلت صفحات البطولة".
ويشير العلوي إلى قطه "الإرهاب الصهيوني" الهدنة الإنسانية بحجة أسر أحد جنوده قبيل بدء الهدنة "والذي جاء ليقتل ويذبح ويمارس ثقافة الموت على الارض الفلسطينية بصلف ونزهة برية ظنَّها أياما ويعود الى حياته الطبيعية".
ويسجل الكاتب عريب الرنتاوي اختلافا في حروب إسرائيل السابقة التي اعتادت خلالها باستغلال ما وصفه بـ"ربع الساعة الأخير"، رغم التشابه بارتكابها مجزرة رفح في ذلك الربع، لتبادر المقاومة إلى اغتنام سويعات ما قبل “التهدئة الإنسانية”، "فتنفذ عملية جريئة ضد موقع إسرائيلي متقدم، تأخذه على حين غرة، من تحت الأرض وفوقها، فتنتهي العملية إلى خسائر جسيمة في صفوف الجنود، وتحقق أسوأ ما في كوابيس الجنود والضباط الإسرائيليين: الوقوع في الأسر أحياء".
ويلفت الرنتاوي الأنظار إلى حجم الخسائر، فـ"المقاومة قتلت أكثر من ستين جندياً وأسرت اثنين، فيما الخسائر في صفوف المدنيين الإسرائيليين لم تتعد الثلاثة قتلى (أحدهم تايلندي)، أما في الجانب الفلسطيني فإن تقارير دولية تتحدث عن 85 بالمائة من شهداء الفلسطينيين وجرحاهم من المدنيين الأبرياء، أطفال ونساء وشيوخ وذوي احتياجات خاصة، في مدارس الأونروا وملاجئها غير الآمنة، وبما يربو عن الألف وستمائة شهيد وتسعة آلاف جريح وربع مليون مهجر من الموت إلى الموت ... هذه هي قيم الإسرائيليين، فبئس القيم وبئس من شاركهم بها".
ويؤكد بأننا "أمام ملحمة فلسطينية، يسطرها أبناء غزة وبناتها، بلحمهم الحيّ، مشيرا إلى تركيز بعض "المتخاذلين العرب" على أشلاء الضحايا الأبرياء من أطفال فلسطين وشيوخها ونسائها، فيما يتجلى الجانب الآخر من الصورة الفلسطينية في المقاومة الباسلة لشعب فلسطين وفصائله المناضلة والمقاتلة.
كما يرى الكاتب عمر كلاب أن جراح غزة وانقطاع كل سُبل العيش الإنساني، انقلب إلى زهور بفعل بداية انعدال الميزان، "فمعادلة الحرب مع الكيان الصهيوني لمن يحب ان ينظر اليها من عين المقاومة تحسّن بشكل طردي هائل".
"فالحرب التي تقودها اسرائيل قذرة وخالية من معايير العسكرية الشريفة على عكس المُقاوم الفلسطيني الذي قاد حربه بشرف واستهدف الجنود والمستوطنين، وهذه استهدافات مشروعة تكفلها حتى قرارات الامم المتحدة الجائرة"، بحسب كلاب.
ويوضح بأن المقاومة الغزّية لم تكتف بتعديل ميزان الرعب بل أعادت القضية الفلسطينية إلى تراتبيتها الأولى في العالم والمنطقة التي أغفلت سبب الأزمة العربية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
أما الكاتب منار الرشواني، فيرى بأن الحرب على حركة حماس في قطاع غزة فشلت، "وهي النتيجة الحتمية التي يؤكدها الآن بشكل قاطع استهداف الجيش الإسرائيلي، مباشرة وعن سابق إصرار، للمنشآت الإنسانية والمدنية الخالصة في القطاع".
فـ"لم يبق لإسرائيل بعد قرابة شهر من العدوان، وفشله، إلا رفع الكلفة البشرية والإنسانية على حركة حماس، والفصائل المقاومة معها، لقبول وقف إطلاق النار وفق الشروط الإسرائيلية"، يقول الرشواني.
ويشير الكاتب إلى أن الشروط الإسرائيلية لإنهاء العدوان تبدو متماثلة، موضحا بأن الخيارين المطروحين حتى الآن هما: استمرار الحصار السابق في ظل دمار إنساني وعمراني؛ أو استمرار الحصار مع تشديده أكثر مع دمار إنساني وعمراني أيضا، وهنا يأتي الأخطر بالنسبة للدول العربية.
ويؤكد الرشواني أن مصلحة الأنظمة العربية "تحديدا"، لن تكون بعدم قبول وقف العدوان الإسرائيلي مع بقاء حصار غزة؛ فـ"الحل الوحيد هو وقف العدوان ورفع الحصار؛ ولا حل سواه"، على حد تعبيره.
ويلخص الكاتب ماهر أبو طير النتائج التي قدمتها غزة بما نزفته من دماء، أبرزها إحياء الروح الجمعية بين الفلسطينيين في العالم، ثم لطم العرب على وجوههم وتذكيرهم ليس بحقوق فلسطين عليهم، بل ببقية المشروع الإسرائيلي، الموجه ضدهم.
ويختم أبو طير بالقول "مذابح غزة المؤلمة، بطولة المقاومين، تقول الكثير، غير أن يدا واحدة لا تصفق، والاستفراد بغزة ومقاومتها، بكل هذه الآلة العسكرية، وتدمير بناها الوجدانية، وسكوت العالم، أمر لا يمكن رده حتى بهدنة أو تهدئة".
أما الكاتب طارق مصاروة، فيرى أن رفع الحصار عن غزة ليس مشكلة لإسرائيل إذا أعيدت المعابر إلى الاتفاق القديم، ففيما عدا الهيمنة على ميناء غزة ومطارها، فإن إغلاق المعابر هو الحصار.
ويضيف مصاروة بأنه ليس من السهل أن تخرج حماس من معركة غزة "بتهدئة" شبيهة بالتهدئة التي نعرفها عام 2012 و2008، فالثمن الفلسطيني فادح ولا يسمح بإعلان نصر إلهي آخر.
ويخلص الكاتب إلى أن المطلوب الآن هو توظيف الدم الفلسطيني والآلام والدمار للحصول على إنجاز في طريق إقامة الدولة، "فقد كانت حماس تسخر من مدرسة التفاوض منذ اوسلو وعودة عرفات الى فلسطين حتى تفاوض محمود عباس، فهل قدمت حماس البديل للوصول الى الدولة بهذه المذبحة"؟.