عندما احتجت الصين على"ابو عزيز" في البقعة

الرابط المختصر

ظل الأردن إحدى الدول التي تستورد نكاشات بوابير الكاز حتى مطالع ثمانينيات القرن الماضي من الصين قبل ان يتم القضاء على ثقافة الكاز واستبدالها بعصر وثقافة الغاز، ولا املك في الحقيقة ارقاما توضح حجم الاستيراد الأردني من "نكاشات بواير الكاز" بنوعيها الصغير والكبير، فحتى ما قبل التحول الى الغاز ظلت بوابير الكاز ونكاشاتها تمثل الثقافة المجتمعية في المطبخ والتدفئة.

كنا نشتري نكاشة البابور بتعريفة"5 فلوس" وكانت تاتينا من الصين بعلب كرتون بيضاء مكتوب عليها" صنع في الصين الشعبية" وفي كل علبة 100 نكاشة.

المرحوم"أبو عزيز" كان يمتلك محلا لتصليح بوابير الكاز، وكان محله مقابل مدرسة البقعة الثانوية"حطين حاليا"، وتفتق ذهنه رحمه الله عن فكرة إعلان الثورة الصناعية المضادة على الصين، وبدأ بصناعة نكاشات البوابير في محله الصغير تتويجا لمهنته التي بدأها مع بدايات تشكل مخيم البقعة والذي بدأ عمله أصلا في سوق الخضار مقابل عيادات الوكالة قبل ان ينتقل لاحقا مقابل مدرسة ثانوية البقعة.

صار ابو عزيز يستخدم علب الحليب الجاف الفارغة، ثم الصفائح الفارغة من تنكات الزيت وغيرها وصار ابو عزيز بالنسبة لنا نحن الأطفال آنذاك عنوانا لثورة صناعية ظلت محل دهشة وإبداع واحترام.

كنا نذهب للتجمهر امام محله لمراقبته وهو يقص علب الحليب الفارغة وتنكات الصفيح ويحولها الى نكاشات بوابير غاية في الإتقان والسرعة ويبيع 3 نكاشات بقرش (10 فلس)..

ظلت صناعة ابو عزيز ــ رحمه الله تعالى ـ رائجة قبل ان تقضي عليها تحولات استخدام الغاز في المطبخ، والتحول من التعددية الوظيفية لبابور الكاز في الطبخ والتدفئة لصالح الغاز وثقافته المتعددة..

صناعة ابو عزيز تلاشت تماما، وحل الغاز محل إبداعاته، ولا ادري حتى هذه اللحظة فيما إذا كانت الصين قدمت أي بلاغ او احتجاج ضد "ابو عزيز" الذي أحدث تأثيرا كبيرا في ثقافة الإستهلاك لدينا في مخيم البقعة، وربما على يديه انتهجنا ثقافة دعم المنتج الوطني والمحلي..

اليوم أيضا يطل "ابو عزيز" بكل تفاصيله من بين ثنايا الذاكرة، وللأسف لا املك صورة له، لكنني أشير الى ان السياسي لم يكن بعيدا عنا حتى ونحن نستبدل نكاشات الصين بنكاشات ابو عزيز..