عمال الزراعة.. ضحايا عدم تطبيق نظامهم وغياب الحمايات الاجتماعية
يواجه آلاف العاملين في قطاع الزراعة تحديات وظروفا صعبة وخطرة في بيئة عملهم، وبخاصة في الصيف، الذي تكثر فيه الأفاعي السامة، فهم معرّضون للدغ في أي وقت.
وبالرغم من خطورة بيئة عملهم، التي لا تقصر على التعرض للدغ من الأفاعي فقط، وإنما التعرض المباشر أيضا لأشعة الشمس واستنشاق المبيدات الحشرية التي تُستخدم بكثرة في الحيازات الزراعية، فإن معظمهم غير مشمولين بالضمان الاجتماعي، ما يعني ضياع حقوقهم التأمينية حال تعرضوا للإصابة أثناء عملهم.
إذ توفي عامل من الجنسية البنغالية، الجمعة الماضي، إثر تعرضه للدغة أفعى سامة أثناء قيامه بعمله في مزرعة بمنطقة المشارع في لواء الأغوار الشمالية.
وتبيّن لـ"المرصد العمالي الأردني" بعد الحديث مع صاحب المزرعة أن العامل المتوفي غير مشمول بأحكام قانون الضمان الاجتماعي.
ويبرر صاحب المزرعة عدم شمول العاملين لديه بالضمان بأنه لا يوجد أي تشريع يُلزم أصحاب الحيازات الزراعية بشمول عمالهم بأحكام قانون الضمان.
فنظام عمال الزراعة الذي أُقرّ في أيار من العام الماضي بعد انتظار دام نحو 13 عاما، اصطدم بعوائق حالت دون تطبيقه بالشكل الصحيح، إذ مارس أصحاب العمل في القطاع الزراعي ضغوطات على الحكومة لتعديله بما يتناسب مع مصالحهم، أو إلغائه، وبخاصة ما يتعلق بجزئية شمول العاملين والعاملات بالضمان الاجتماعي.
فكان أن أجّلت الحكومة في شباط الماضي بموجب شمول عمال الزراعة بتأمينات الضمان الاجتماعي حتى بداية عام 2024 بعدما كان في بداية 2023 بموجب البلاغ رقم (41) الذي صدر في تموز من العام الماضي.
إذ أتاح البلاغ لأصحاب الحيازات الزراعية شمول العاملين لديهم فقط بتأمين إصابات العمل، على أن يتم شمولهم بباقي التأمينات (تأمين الشيخوخة، العجز والوفاة وتأمين الأمومة وتأمين التعطل عن العمل) اعتبارا من 1 كانون الثاني 2023.
ولقي هذا الإجراء آنذاك استهجانا كبيرا لدى العاملين والعاملات والخبراء في هذا المجال، ورأوا أنه ينتقص من أبسط حقوق عمال الزراعة.
الخبير في التأمينات الاجتماعية والناطق السابق باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي موسى الصبيحي قال في منشور له عبر موقع التواصل "فيسبوك" إن هذه الحادثة التي تعرض لها العامل البنغالي تكشف أهمية تغطية مظلة الضمان، كمظلة حماية اجتماعية، لكل القوى العاملة في المملكة، بما فيها قطاع الزراعة.
ويبين الصبيحي أن هذه الحادثة تعتبر وفقا لأحكام قانون الضمان الاجتماعي "حادث عمل"، أي أن الإصابة باللدغة تعتبر إصابة عمل، وبالتالي فإن وفاته الناتجة عن هذه الحادثة تُعد وفاة ناشئة عن إصابة عمل، مما يستحق راتب تقاعد الوفاة، الذي يتم توزيعه على ورثته المستحقين.
واستغرب الصبيحي تأخر الجهات المسؤولة عن القطاع الزراعي في تفعيل نظام عمال الزراعة، وإيجاد الإطار القانوني والتنظيمي للحيازات الزراعية والعاملين فيها.
ورأى أن الأفضل إلزام أصحاب المزارع بتسجيل حيازاتهم لدى وزارة الزراعة مما يسهل التعامل معها كمنشآت مثل غيرها من المنشآت العاملة في القطاعات الاقتصادية الأخرى، وبالتالي يصبح تسجيلها في الضمان وشمول العاملين فيها بمظلته سهلاً وإلزامياً، وبكل التأمينات المطبّقة حالياً.
ويلزم نظام عمال الزراعة حال تطبيقه صاحب العمل الزراعي بإشراك جميع عمال الزراعة لديه بالتأمينات المشمولة بأحكام قانون الضمان الاجتماعي، إلا أنه استثنى صاحب العمل الزراعي الذي لديه ثلاثة عمال فأقل من أحكام عدد ساعات الدوام والعطل والإجازات ومن شمولهم بتأمينات الضمان الاجتماعي.
ويتألف النظام من 17 مادة تتعلق بعدد ساعات العمل والأجور والإجازات، وأمور تنظيمية بين صاحب المزرعة والعامل.
بدوره قال الناطق الإعلامي باسم الضمان الاجتماعي شامان المجالي ، ان المؤسسة تتفق مع بيت العمال على ضرورة شمول العاملين بالقطاع الزراعي بمضلة الضمان الاجتماعي، وانه لا يوجد ما يمنع ان يتم شمول العاملين في الحيازات الزراعية بكافة التأمينات.
وبين المجالي في تصريحات لـ خبرني : بعد صدور نظام الحيازات الزراعية الذي يجبر المنشآت الزراعية التي لديها 4 عمال فاكثر بشمولهم بالضمان الاجتماعي ومباشرة المؤسسة بتنفيذ هذا النظام ، كان هنالك معارضة شديدة من عدد من أصحاب الحيازات الزراعية لهذا القرار ، نظرا للتكاليف العالية التي يتحملها المشغلون.
وبين انه بناء على هذا الاعتراض صدر قرار بشمولهم بنظام إصابات العمل، مقابل ان يدفع صاحب العمل 2% ، بدل 21.75% على العامل وصاحب العمل.
وأشار المجالي الى ان العامل البنغالي الذي توفي نتيجة تعرضه للدغة افعى ، كان يعمل في مزرعة المفترض انها مسجلة كحيازة ، مشيرا الى انه اذا كان مشمولا في الضمان الاجتماعي او من الواجب شموله ، وتعرض للدغة الافعى اثناء عمله ، فإنها ستعتبر إصابة وبالتالي يستفيد ورثته المستحقين من رواتب .
واشار الى انه على الرغم من امر الدفاع ، فلا يوجد ما يمنع ان يتم شمول العاملين في الحيازات الزراعية بكافة التأمينات، اذا وافق صاحب الحيازة على ذلك.
وبين المجالي ان المؤسسة اطلقت برنامج استدامة ++ ، والذي سيدعم العاملين في قطاع الزراعة بنسبة 50% في اول 9 اشهر ، و25% في ثاني 9 اشهر، لتسهيل تسجيلهم بمضلة الضمان.
وكان رئيس مركز بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة، قال في تصريحات لتلفزيونية الأحد، إن عددا كبيرا من العاملين في القطاع الزراعة لا يزالون غير مسجلين في الضمان الاجتماعي ، وهم يتعرضون للعديد من المخاطر مثل أشعة الشمس، ولدغات الأفاعي وغيرها من المخاطر، لافتا إلى أن قانون العمل والسلامة العامة غير مطبق لهذا القطاع حتى الآن.
وأوضح أن الحكومة قررت تأجيل شمول العاملين في القطاع الزراعي بمظلة الضمان الاجتماعي حتى نهاية 2023، وهذا ما اعتبره أبو نجمة بالمجحف، مبينا أن الأسس العامة وقوانين الضمان الاجتماعي لا تمنع من شمول هذه الفئة لديه.
جاء ذلك بعد أن توفي عامل وافد، الجمعة، بعد تعرضه للدغة أفعى سامة في مزرعة بمنطقة المشارع في لواء الأغوار الشمالية.
وقال مدير مستشفى أبو عبيدة الجراح الحكومي مؤيد الشكور، إن العامل البالغ من العمر 38 عاما، أُسعف إلى قسم الإسعاف والطوارئ وتم إدخاله إلى وحدة العناية الحثيثة، إلا أنه فارق الحياة متأثرا بإصابته.