"طوفان الأقصى" عملية نوعية متقدمة تربك إسرائيل.. ولكن!
رغم التصاعد الحاد الذي شهدته العلاقات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بعد عملية "طوفان الأقصى" الأخيرة، إلا أن ردود الفعل العربية والدولية لم تكن قوية بما يكفي للتعبير عن مواقفهم، حيث وصف سياسيون وعسكريون هذا الهدوء الدبلوماسي بالخجول، في الوقت نفسه، تأتي هذه المعركة بتكاليف باهظة ضد الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة.
في السابع من تشرين الأول، شنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، هجمات على مستوطنات إسرائيلية في عملية تحمل اسم "طوفان القدس"، تسببت في سقوط العديد من القتلى وأسرى، مما دفع الجيش الإسرائيلي إلى تعزيز تواجده العسكري بوسائل مثل الدبابات.
ويشير خبراء إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي حقق فشلا واضحا بسبب عدم قدرته على تأمين الحدود، مما سمح للمقاومة بالتوغل والسيطرة على معابر حدودية وقواعد عسكرية ومستوطنات في أعماق الأراضي الإسرائيلية.
يعد هذا الإنجاز الفلسطيني، كما وصفه السياسيون، محطة هامة في سجل الإنجازات التي حققها الصراع الفلسطيني على مر السنوات، وإذا استمر هذا النجاح في المعارك القادمة، فقد يكون له تأثير كبير، حيث سيظل النضال الفلسطيني حيا ومتجددا منذ ولادة منظمة التحرير، مرورا بمعركة الكرامة وعودة النضال الفلسطيني إلى الداخل، وجميع هذه المعارك تمثل جزءا لا يتجزأ من النضال الفلسطيني المستمر.
الكاتب والمحلل السياسي حمادة فراعنة يصف هذه العملية بأنها نوعية ومتقدمة في مجال الإنجازات، حيث تمكنت من تحقيق خطوات هامة وتسجيلها في سجل الإنجازات الفلسطينية على الساحة الإسرائيلية، حيث كان عامل المفاجأة في هذه العملية مهم جدا ليربك القوات الإسرائيلية وإحباط المؤسسات العسكرية والأمنية والسياسية.
ويشير فراعنة إلى أن هذه العملية تمت باستخدام مزيج من الهجمات البرية والجوية والبحرية، وهو ما يعد لأول مرة تنفيذه من قبل الفلسطينيين، بالإضافة إلى ذلك، تمثل هذه المعركة أيضا لأول مرة تواجدا للنضال والمواجهة الفلسطينية داخل مناطق إسرائيلية المحتلة عام 1948، ومن المرجح أن تكون هناك استحقاقات سياسية مهمة في ضوء هذا الإنجاز.
ومع ذلك، يجب التأكيد أن هذه المعركة ستكون ذات تكلفة باهظة على الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، وذلك لمحاولة اسرائيل بنقل رسالة قوية بأنهم قاموا بالثأر لعدد كبير من الأسرى والقتلى الإسرائيليين، على الرغم من أن هذا النوع من الانتقام ليس جديدا، بحسب الفراعنة.
تبعات عملية " طوفان الأقصى"
وفقا لتقديرات فراعنة، يرى بانه لا يجب أن نتوقع تحقيق نقلة نوعية في الوضع الإقليمي في المستقبل القريب، معتقدا أن الأوضاع ستبقى على حالها، متوقعا أن يستمر التوازن في الردع بين قطاع غزة وإسرائيل.
فيما يتعلق بالمستوى الإقليمي، يعتقد فراعنة أن الدول التي قررت التطبيع مع إسرائيل لن تتراجع عن هذا القرار، ولكنها قد تختار الصمت، والدول التي تسعى إلى التطبيع حاليا قد تؤجل خطواتها لفترة تتراوح بين أسابيع وأشهر، ولكن التوجه العام سيكون وفقا لما ترغب به الأطراف الإقليمية والدولية المهتمة بالتطبيع.
ومن الانجازات التي حققها الفلسطينيين سابقا، حققت الانتفاضة الأولى في عام 1987 نتائج سياسية غير مسبوقة، إذ تم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني عبر الاعتراف الإسرائيلي الأميركي بسكان الضفة والقدس والقطاع على أنهم جزء من الشعب الفلسطيني وليسوا أردنيين، بالاضافة الى لاعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بالشعب الفلسطيني
من بين الإنجازات السابقة التي حققها الفلسطينيون، يمكن الإشارة إلى الانتفاضة الأولى في عام 1987، التي أسفرت عن نتائج سياسية غير مسبوقة، بما في ذلك الاعتراف الإسرائيلي الأمريكي بسكان الضفة والقدس والقطاع على أنهم جزء من الشعب الفلسطيني وليسوا أردنيين، وتم أيضا اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثلة للشعب الفلسطيني.
ومن بين الإنجازات الأخرى تأتي استعادة السيطرة الفلسطينية على قطاع غزة بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي منه في ايلول 2005 ، وقد ترك هذا الانسحاب نحو 21 مستوطنة تم اخلاؤها وكانت تشكل نسبة كبيرة من مساحة القطاع، بدأ الجيش الإسرائيلي في الانسحاب من القطاع الذي احتله عام 1967.
موقف الأردن
بعد الإعلان عن العملية وما نتج عنها من تصاعد التوترات بين الأطراف الإسرائيلية والفلسطينية، أصدرت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين بيانا تؤكد على ضرورة وقف التصعيد الخطير في غزة ومحيطها، محذرة من التبعات الخطيرة لهذا التصعيد الذي سيفجر الأوضاع بشكل أكبر، خصوصا مع ما تشهده مدن ومناطق في الضفة الغربية من انتهاكات واعتداءات إسرائيلية على الشعب الفلسطيني وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية، بالإضافة إلى حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه.
كما شارك مئات الأردنيين وعدد من الحزبيين والسياسين في وقفة احتجاجية بالقرب من السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمان مساء امس ، احتفالا بانتصارات المقاومة الفلسطينية ودعما لعملية "طوفان الأقصى" ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بالعلاقات الإقليمية والتأثير على الأوضاع في غزة، يشير رئيس مركز القدس للدراسات المحلل السياسي عريب الرنتاوي إلى أن الأردن ليس لديه علاقات جيدة مع حركة حماس، وبالتالي قدرته على ممارسة التأثير عليها محدودة، معتبرا أن هذا الأمر يعود إلى دور مصر كجار جغرافي لقطاع غزة وكذلك دور قطر وتركيا بدرجة أقل.
ومن الناحية الإسرائيلية، يبين الرنتاوي أن العلاقات الإسرائيلية الأردنية متردية نسبيا بسبب الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، مما يقلل من قدرة الأردن على ممارسة التأثير على الأطراف المتصارعة، موضحا أن إسرائيل تشعر بأن صورتها قد تضررت بشدة، حيث اعتبرت معركتها الأخيرة واحدة من أسوأ التجارب التي مرت بها، حتى حلفاؤها لم يستطيعوا إخفاء صدمتهم وخيبتهم من الأداء الإسرائيلي في تلك الفترة.
من جانبه يقول الخبير في الشؤون الاسرائيلية أيمن الحنيطي إن الإعلام الاسرائيلي قد تعامل بشفافية من الاحداث واعترف بالفشل في الجوانب الاستخبارية والامنية، وهذا يضاف الى فشل اسرائيل في حرب أكتوبر 73، وقد نشرت العديد من المقالات في الصحافة الإسرائيلية تلقي باللوم على حكومة نتنياهو بما حدث خلال الساعات الأخيرة.
يرى الحنيطي أن هذه العملية غير مسبوقة ومن الممكن أن تكون لها تداعيات مستقبلية كبيرة، مشيرا إلى أن المكاسب السياسية تحتاج إلى وقت، ولكن ما جرى يعتبر حربا، مما يشير إلى وجود قرار استراتيجي للقضاء على القوة العسكرية لحماس وتحطيمها نظرا لاحترافيتها في العمليات التي بدأتها فجر السبت الماضي.
وفيما يتعلق بالخسائر البشرية، أفادت الأنباء بأن ما لا يقل عن 400 إسرائيلي قتلوا وأصيب نحو 2048 على الأقل، بما في ذلك حالات خطيرة وحرجة، نتيجة للعملية الجوية والبرية والصاروخية التي نفذتها حركة حماس.