خبراء : تعليق تمويل " أونروا " ضربة أولى من الاحتلال بعد قرار محكمة العدل الدولية

الرابط المختصر

بعد تعليق تمويل 9 دول لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بشكل مؤقت، يتخوف خبراء سياسيون من تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، نظرا لاعتماد سكانه على الدعم الذي تقدمه هذه الوكالة، وامتداد ذلك لبقية المناطق التي تستضيف لاجئين فلسطينيين، بما في ذلك الأردن، مما يفاقم التوترات ويهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.

وتأتي هذه الضغوطات من دول الغرب لإيقاف تمويل (أونروا)، نتيجة لاتهامات الإسرائيلية لعدد من موظفي الوكالة بأنهم قد يكونون ضالعين في عملية "طوفان الأقصى" التي وقعت في 7 تشرين الأول الماضي.

وفي هذا السياق، يعتبر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا) فيليب لازاريني، إن فرض عقوبات على وكالة ومجتمع بأكمله بسبب مزاعم بارتكاب أعمال إجرامية ضد أفراد خاصة في وقت الحرب والنزوح والأزمات السياسية في المنطقة أمر غير مسؤول إلى حد كبير.

ومن بين الدول التي قامت بتعليق التمويل مؤقتا عن "الأونروا" الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وكندا وأستراليا وإيطاليا وفنلندا وهولندا.

 

تحديات " أونروا" ليست جديدة

من جانبه، يؤكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، إن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا) "شريان الحياة لأكثر من مليوني فلسطيني يواجهون الجوع في غزة".

ويضيف في منشور عبر منصة (إكس) الأحد، أنه "لا ينبغي معاقبة أونروا بشكل جماعي بناء على ادعاءات ضد 12 شخصا من أصل 13000 موظفًا، مؤكدا  أن أونروا تصرفت بمسؤولية وبدأت التحقيق، داعيا البلدان التي علقت أموالها على التراجع عن قرارها.

التحديات التي تواجه عمل " أونروا" ليست جديدة،  حيث كانت محاولات في عام،2018 خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بدعم من مستشاره جاريد كوشنر، وأعضاء في الكونغرس، لإنهاء وضعية "لاجئ" لملايين الفلسطينيين من أجل وقف عمل الأونروا، بهدف إنهاء القضية.

يصل عدد اللاجئين الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية نحو 6 ملايين و150 ألف لاجئ، أما اللاجئون في دول الشتات فيبلغ عددهم نحو 6  ملايين لاجئ، بحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء.

ويتراوح عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا منذ عام النكبة ما بين 8 الاف الى 40 الف لاجئ، بينما يبلغ عدد المسجلين لدى "الأونروا" 5 ملايين و900 ألف لاجئ فلسطيني، بحسب الجهاز المركزي.

أستاذ العلوم السياسية الدكتور بدر ماضي، يرى أن محاولات الضغط على " الأونروا" ليست جديدة، حيث عانت الوكالة من تقليص في التمويل من الدول المانحة لسنوات، مع محاولات لتصفيتها ضمن ما يعرف بصفقة القرن،  بهدف إلغاء صفة اللاجئين، وكانت هذه المحاولات واضحة خلال فترة رئاسة ترامب في الولايات المتحدة.

ويشير ماضي إلى أن عدم تمويل "الأونروا" سيؤدي إلى توقف الدعم لأهالي قطاع غزة الذين يعانون بالأساس من الحصار، ويواجهون الحرب منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر، مما يفاقم معاناتهم اليومية، وهو يضاف إلى الانتهاكات و الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الأبرياء في قطاع غزة.

ويتوقع ماضي في حال استمرار هذه الازمة، ستكون لها تأثير كبير على الأردن الذي يستضيف عددا كبيرا من اللاجئين، مشيرا إلى أن الأردن لعبت دورا كبيرا في محاولة جلب التمويل والمنح لدعم " الأونروا" وضمان استمرار عملها لدعم اللاجئين الفلسطينيين.

"الأونروا" عنوان للقضية الفلسطينية

 وتأسست "أونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وهي، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة.

ويتضمن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة  194، الصادر عام 1948، في الفقرة 11 على حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين، الأمر الذي يشمل فلسطيني الشتات.

مدير مركز الفينيق أحمد عوض، يوضح أن محاولات الاحتلال الاسرائيلي لاستغلال الفرص لا تقتصر على وقف التمويل فقط، بل تهدف الى الغاء " الانروا "، ويعتبر ذلك هدفا معلنا من قبل الاحتلال، نظرا لاعتبارها العنوان الرئيسي للقضية الفلسطينية.

ويحذر عوض  من ان تاثير هذه الخطوة قد يكون خطيرا، ويعد الضربة الأولى من الاحتلال وحلفائه الذين استجابوا الى دعوة اسرائيل بوقف التمويل عن "الانروا" لقرار محكمة العدل الدولية ويتعارض مع مطالبها بزيادة المساعدات ووقف أي أنشطة يمكن ان تؤدي الى ابادة جماعية في قطاع غزة.

الا ان عوض يرى أن هذه القرارات المتسرعة التي اتخذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها من دول أوروبا غير قابلة للاستمرار، سيتم التراجع عنها قريبا، نظرا للآثار السلبية التي قد تنتج عنها ، وربما تمتد لدول المنطقة من بينها الأردن الذي يستضيف عددا كبيرا  من اللاجئين الفلسطينيين، مما يؤثر على جودة الخدمات التعليمية والصحية والإغاثية.

مجلس الأمن يجتمع

 يجتمع مجلس الأمن الدولي، الأربعاء المقبل للنظر في قرار محكمة العدل الدولية الذي دعا إسرائيل الجمعة إلى منع أي عمل "إبادة جماعية" محتمل في قطاع غزة، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية للمجلس.

ويأتي هذا الاجتماع بطلب من الجزائر "بغية إعطاء قوة إلزامية لحكم محكمة العدل الدولية في ما يخص الإجراءات المؤقتة المفروضة على الاحتلال الإسرائيلي"، حسبما قالت الخارجية الجزائرية.

محكمة العدل الدولية أمرت اسرائيل بأن تتخذ تدابير فورية وفعالة لتمكينها من توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لمعالجة الظروف المعيشية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة، وتهدف هذه التدابير إلى منع إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بحقوق الفلسطينيين. 

أستاذ القانون الدولي الدكتور أنيس القاسم  يقول ان  المحكمة الدولية قد طلبت بإرسال حكمها ضد اسرائيل الى الامين العام للامم المتحدة الذي في دوره سيرسله الى مجلس الامن الدولي، وقد تم ذلك بالفعل، مشيرا الى ان دور مجلس الأمن هو متابعة وتقديم تقرير بشأن الوضع من قبل اسرائيل بعد مرور شهر. 

ويضيف القاسم، أن طلب الحكومة الجزائرية عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي هو إجراء لدعم القرار الدولي الصادر عن المحكمة.

من الناحية القانونية، يشير إلى أن إسرائيل  ملزمة بأن بالامتثال لأوامر المحكمة فور تقديم التقرير، وفي ذات الوقت يتم مراقبتها من مجلس الامن، وفي حال أخلت اسرائيل بذلك، يتوقع القاسم أن يصدر مجلس الأمن قرارا يؤيد ما طلبته المحكمة وربما يدعو إسرائيل للامتثال.

ويوضح أن هناك مسؤولية كبيرة ستترتب على إسرائيل في حال عدم التزامها للقرار، فهناك خيارات أخرى قانونية تكون متاحة، حيث يمكن لجنوب أفريقيا اللجوء إلى الجمعية العامة لاتخاذ قرارات قاطعة تجاه إسرائيل، مثل سحب الشرعية أو تجميد عضويتها وفرض عقوبات اقتصادية في حال عدم الامتثال.

من جهته يعتبر، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا) فيليب لازاريني أن محكمة العدل الدولية أمرت الجمعة بأنه "يجب على إسرائيل أن تتخذ تدابير فورية وفعالة لتمكينها من توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لمعالجة الظروف المعيشية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة"، وتهدف هذه التدابير إلى منع إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بحقوق الفلسطينيين.