شراء الخدمات مجدداً.. موظفون لصالح الحكومة أجورهم دون الـ150 ديناراً
رغم الحديث عن أهمية الآثار في البلاد، وضرورة رعايتها والاعتماد على المواقع الأثرية لتحصيل دخل سياحي جيد يسهم في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، إلّا أنّ عشرات العاملين لصالح دائرة الآثار العامة يتقاضون أجوراً تقل عن 150 ديناراً، أي أقل من الحد الأدنى للأجوربـ110 دنانير، وهو الحد الأدنى المعتمد من قبل مؤسسة الضمان الاجتماعي أيضاً.
عمر (اسم مستعار) يستغرب من عمله في مؤسسة حكومية وإن كان بعقد شراء خدمات بأجر لا يجاوز 140 دينار، بالرغم من عمله في موقع أثري يستقبل فيه السياح ويساهم في النمو الاقتصادي للأردن من خلال ذلك.
شعور عمر، خلال حديثه لـ"المرصد العمالي الأردني" يتمثل في أنّه يعمل في أحد أكثر القطاعات التي تؤتي دخلاً للمملكة في حين لا يصل أجره حتى إلى 150 دينار للشهر الواحد، وبخاصة بعد قطع الدعم التكميلي عنه منذ سنوات، الذي كان يحصل عليه من صندوق المعونة الوطنية جرّاء وضعه الاقتصادية وأسرته.
عمر، العامل في حراسة أحد المواقع الأثرية هو واحد من 60 عاملاً بموجب عقود شراء خدمات، لصالح دائرة الآثار العامة، أجورهم أدنى من 150 دينار، يأسفون على حالهم وأوضاعهم ويطالبون بأمر من اثنين: إما رفع أجورهم لتناسب أوضاعهم المعيشية أو وقف إشراكهم في الضمان الاجتماعي لاستعادة صرف الدعم التكميلي للأسر.
المشكلة لا تكمن هنا فقط، وإنما ما أثار استغرابه أنه عند استفساره عن الدعم التكميلي ظهر في الموقع الخاص بأنه يتقاضى راتباً من دائرة الآثار العامة يجاوز 300 دينار.
وهو يشكو اليوم من أنه لا وجود لتشريع واضح ينظم عملهم وعلاقتهم مع المسؤولين عن العمل والأجور في وزارة السياحة والآثار؛ فهم غير خاضعين لقانون العمل، ولا ينظمهم نظام الخدمة المدنية.
وهناك من يبرر انخفاض أجور الحراس العاملين بموجب عقود شراء الخدمات بأن "إقامتهم قريبة من مكان عملهم، وبالتالي فإنّ عملهم لا يتطلب أكثر من إلقاء نظرات على الموقع بين ساعة وأخرى"، في حين يؤكد عمر أنهم يقومون بحراسة المكان ساعات طويلة.
يطالب عمر وزملاؤه بالحد الأدنى للأجور على الأقل، حيث يقارن نفسه بالآخرين من عمال شراء الخدمات في دوائر أخرى قد تصل أجورهم 400 دينار و500 دينار.
في حين يطالب سالم، الذي يعمل منذ أكثر من خمس سنوات بهذا النظام وبذات الأجر الذي يحصل عليه عمر، يطالب بوقف إشراكه في الضمان الاجتماعي للحصول على الدعم التكميلي بالإضافة إلى أجره.
ويستغرب سالم، خلال حديثه لـ"المرصد العمالي الأردني"، من معاملته بخلاف المثبتين في ذات الوظيفة رغم ذات المهام التي يقومون فيها، فزميله في نفس الوظيفة يجاوز راتبه 350 دينارا بحسب قوله.
ويبين أنّ النفقات اليومية أكثر من دخله بأضعاف، فكيف لـ 140 ديناراً أن تكفي لمعيشة عائلة وأبناء بينهم طلبة جامعات.
من جانبه، يؤكد مدير عام دائرة الآثار العامة فادي بلعاوي أنّ 60 عاملاً في الدائرة هم شراء خدمات تقل أجورهم عن 200 دينار.
ويقول البلعاوي لـ"المرصد العمالي الأردني" إنّ الدائرة قدمت كتاباً رسمياً لرئاسة الوزراء بضرورة رفع أجورهم إلى الحد الأدنى للأجور على الأقل، ليأتي الرد مشتركاً بين الرئاسة وديوان التشريع والرأي، أنّ مبدأ الحد الأدنى للأجور لا ينطبق على هذه الفئة، لأنهم تحت بند "شراء خدمات".
ويوضح البلعاوي أنّه وبناءً على ذلك خاطبت الدائرة مؤسسة الضمان الاجتماعي لوقف اشتراكاتهم لتدني أجورهم ولإعادة الدعم التكميلي لهم بالإضافة إلى الأجور التي يتقاضونها جراء عملهم في الدائرة.
بدوره يؤكد مدير بيت العمال والمحامي المختص بقضايا العمل حمادة أبو نجمة، أن الحكومة تخالف القانون بعدم إخضاع هؤلاء العاملين للحد الأدنى للأجور وقانون العمل، ذلك لأنّ علاقتهم عملية بحته، ويقدم وظيفة مقابل الأجر.
ويقول أبو نجمة لـ"المرصد العمالي الأردني" إنّه بغض النظر عن مسميات ما يقدم له من مبالغ مالية سواءً كانت تحت مسمى مكافأ أو غير ذلك، الّا وجودهم بمكان العمل وعقدهم والمهمة التي يؤدونها تعني خضوعهم لقانون العمل والحد الأدنى للأجور.
العاملون في حراسة المواقع الأثرية لصالح دائرة الآثار العامة ليسوا الوحيدين على نظام شراء الخدمات في المملكة، فهنالك العديد منهم يعانون الأجور المنخفضة ويعاملون معاملة "المكافآت" إضافة إلى عدم توفير التأمين الصحي وإجازات الأمومة للإناث.
ويأتي ذلك لعدم إخضاع العقود لنظام الخدمة المدنية أو قانون العمل، ما يحرم العديد منهم من الشمول في تأمينات الضمان الاجتماعي أيضاً.