شخصيات أردنية تعلق على اتفاق التطبيع وتأثيره على عمّان

الرابط المختصر

التزمت السلطات الأردنية الصمت إزاء مراسم توقيع اتفاقيتي التطبيع بين الإمارات والبحرين مع الاحتلال الإسرائيلي برعاية أمريكية، والتي شهدها البيت الأبيض، أمس الثلاثاء.



الرد الرسمي لوزارة الخارجية الأردنية حول اتفاقيتي التطبيع الإماراتية والبحرينية لم يخرج عن الإطار الحذر الذي يلقي "اللوم على إسرائيل"، ويدعوها "للتوقف عن إجراءاتها التي تقوض حل الدولتين وتنهي الاحتلال اللاشرعي للأراضي الفلسطينية وتلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".





وقال الصفدي في بيان بعد الإعلان عن تطبيع العلاقات البحرينية-الإسرائيلية إن "أساس الصراع هو القضية الفلسطينية، وشرط السلام العادل والشامل هو زوال الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران ١٩٦٧، على أساس حل الدولتين ووفق القانون الدولي ومبادرة السلام العربية ومعادلة الأرض مقابل السلام".



وشدد الصفدي في بيان صحفي على أن أثر اتفاق تطبيع العلاقات البحرينية-الإسرائيلية وكل اتفاقات السلام مع إسرائيل يعتمد على ما ستقوم به إسرائيل، فإن بقي الاحتلال واستمرت إسرائيل في اجراءاتها التي تنسف الأسس التي قامت عليها العملية السلمية وضم الأراضي وبناء المستوطنات وتوسعتها والانتهاكات في المسجد الأقصى المبارك فسيتفاقم الصراع ويتعمق ولن تنعم المنطقة بالسلام العادل الذي تقبله الشعوب والذي يمثل ضرورة إقليمية ودولية.

 

إلا أن الرد الرسمي الفاتر لم يمنع شخصيات أردنية إسلامية ويسارية ومسؤولين سابقين من إدانة اتفاقيات التطبيع، وصلت إلى حد وصفها "باتفاقيات الخيانة".



ردود حزبية منددة



من جانبه، أدان حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) توقيع اتفاقيتي التطبيع، وقال أمين عام الحزب، المهندس مراد العضايلة لـ"عربي21": "ندين هذا الاتفاق التطبيعي مع الكيان الصهيوني، وهو اتفاق خيانة طعن القضية الفلسطينية في ظهرها، وطعن الشعب الفلسطيني، ولن ينتج ثمارا إلا الزقوم والعلقم لمن وقع عليه، القضية الفلسطينية ومن وقف معها ورفعها سيرفعه الله".



واعتبر أن الاتفاق "سيؤدي إلى المزيد من ضياع الحقوق، والتجاوز على القضية الفلسطينية"، منوها إلى أن الشعوب بدول الخليج ترفض التطبيع، وتقف مع القضية الفلسطينية والمقاومة التي ردت بإطلاق الصواريخ على المستوطنات، وهو الرد الحقيقي على هذا الاتفاق".



الشخصيات اليسارية الأردنية، أدانت بدورها توقيع اتفاق التطبيع، ويعتقد عضو حزب الوحدة الشعبية عبد المجيد دنديس أن " تداعيات ما جرى يؤسس لمرحلة جديدة وتعميق عملية الفرز في المنطقة بين معسكرين الأول أمريكا والكيان الصهيوني وحلفاؤهم الرجعيون العرب، والثاني الشعوب العربية الرافضة لكل أشكال التطبيع ومعها قوى المقاومة".



وقال لـ"عربي21": "تداعيات ما حصل اليوم على الأردن خطيرة، والمطلوب هو تحصين الوضع الداخلي وتمتين جبهتنا الداخلية لمواجهة الاستحقاقات التي تواجهنا واتخاذ خطوات تتمثل بإلغاء اتفاقية الغاز ووقف كل أشكال العلاقات مع الكيان الصهيوني على طريق إعلان بطلان معاهدة وادي عربة".



التأثير على الأردن



وحول تأثير اتفاقيتي التطبيع على الأردن، قال المحلل السياسي د. عامر السبايلة: "على الأردن في ظل هذه الاتفاقيات والأحداث في المنطقة أن تكون له دبلوماسية نشطة بحيث لا تتحول عمّان إلى رام الله وتكون معزولة سياسيا".



ويقول لـ"عربي21": "جغرافية وديمغرافية الأردن فرصة دائمة للعب دور رئيسي في ربط المنطقة، يعد هذا أمرًا بالغ الأهمية وضروريًا لدولة مثل الأردن لإعادة إنتاج موقعها وإيجاد فرص سياسية جديدة تظهر قيمتها للحلفاء، وتعود بأثر إيجابي على اقتصاد البلاد".



ويضيف: "يمكن للأردن إظهار قيمته للحلفاء من خلال النظر في اتخاذ خطوات استباقية للمساعدة في التسوية النهائية في سوريا إذ لن تستمر الفوضى إلى الأبد، ومساعدة القوى الكبرى على تحديد وتنفيذ الحلول لإنهاء الأزمة، أما بخصوص العلاقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج بشكل عام، فيجب على الأردن أن يواصل إيجاد أرضية مشتركة في المصالح بناءً على الديناميكيات الإقليمية الجديدة".

 



ويتابع: "في غضون ذلك، يمكن للأردن الاستفادة من الوضع الحالي كحليف للولايات المتحدة ودولة قريبة من القوى الغربية الأخرى، ويجب على الأردن أن يضع نفسه كمصدر للحلول المحتملة لجلب الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات".





وينوه إلى أن الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس هي دليل واضح على أن "الأردن يمكنه أن يتعامل بحسن نية مع العالم الإسلامي والمسيحي".



ويرى أن "قوة الأردن تكمن في الأبواب المفتوحة مع جميع اللاعبين، وتقديم أفكار جديدة يمكن أن تكون جذابة للقوى الدولية والإقليمية. هذا هو المسار الذي يضمن دورًا نشطا يستفيد منه جميع الأطراف".



شهر عسل أمريكي



أما وزير التنمية السياسية ووزير الثقافة الأردني الأسبق د. صبري ربيحات، فيؤكد لـ"عربي21" أن "الاتفاق سيخرج الدول المطبعة من حالة الضجر السياسي فمعظمها لا قضايا لها وترغب في أن تحظى بأهمية من خلال مغامرتها باختراق محرمات المواقف العربية التقليدية".



ويقول إن "الاتفاق سيجعلها تتمتع بشهر عسل أمريكي ومباركة إسرائيلية، وقد يحصلون على شراكات اقتصادية إطارها الاستغلال الصهيوني للعرب باعتبارهم يملكون ثروات لا يستحقونها".





ويشير إلى الوضع "المعقد" للأردن في هذه المعادلة، في ظل ما تمليه علاقات البلاد الاقتصادية وارتباطه بمعاهدة سلام مع إسرائيل منذ أكثر من ربع قرن، والخوف من إمكانية تطور العلاقات العربية الإسرائيلية إلى مستوى يؤدي إلى عزل الأردن وتهديده.



وأمام هذا التشابك والتعقيد، يقول الوزير الأسبق: "مطلوب من الأردن القيام بمناورات مستمرة ليحتفظ بعلاقات معقولة مع كل الأطراف وأن يستخدم لغة دبلوماسية غير حادة".