سياسيون يستبعدون التوصل إلى اتفاق قريب ينهي الحرب على غزة

الرابط المختصر

في الوقت الذي يستمر الاحتلال الإسرائيلي تجديد قصفه على مناطق متعددة في قطاع غزة وتهديده في اجتياح مدينة رفح، تجري مفاوضات في مصر بهدف التوصل إلى اتفاق بين الجانب الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية، وسط تشاؤم خبراء سياسيين، من التوصل إلى أي اتفاق قريب القريب يوقف الحرب على القطاع. 

ويتجه الثلاثاء وفدا إسرائيليا إلى مصر لمحاولة التباحث للتوصل إلى مفاوضات بشأن الأسرى لدى فصائل المقاومة الفلسطينية ووقف إطلاق النار في غزة.

وتأتي هذه المفاوضات بعد المحادثات التي جرت في باريس، حيث أعلنت حركة حماس موافقتها بشكل مبدئي على المقترح، وطالبت بتحرير أسرى فلسطينيين بارزين وخروج قوات الاحتلال الإسرائيلية من مدن القطاع، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض رد حماس على الاقتراح وتعهد بتوجيه "ضربة قاتلة" للحركة.

في هذه الأثناء، يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لشن عملية برية في رفح بجنوب غزة بعد أن أجبر سكان شمال القطاع على اللجوء إليها هربا من المعارك شمال القطاع ووسطه. 

وشن الجيش الإسرائيلي فجر الإثنين سلسلة غارات عنيفة على مناطق مختلفة في المدينة أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين، بينهم أطفال ونساء، في تجاهل واضح لتحذيرات دولية من عواقب اجتياح المدينة المكتظة بالنازحين.

 

رفح تحت النار

 الخبير العسكري العقيد المتقاعد الدكتور محمد المقابلة  يشير الى أن الخطة العسكرية الإسرائيلية التي وضعت منذ بداية الحرب على غزة، تهدف إلى تدمير القطاع بالكامل من شماله إلى جنوبه، وتقسم هذه الخطة إلى أربع مراحل، معتبرا رفح الجزء الأخير من هذه الحرب.

ويوضح  المقابلة إلى أن مدينة رفح تعتبر  من وجهة نظر إسرائيل مكانا استراتيجيا، وأنها  منطقة انفجار سكاني، والهدف هو جمع سكان القطاع في هذه المنطقة، وعندما يتم تحقيق ذلك، يفتعل الاحتلال وضعا مناسبا للتدخل العسكري،  يستخدم فيه القصف التمهيدي لممارسة الضغط على المقاومة للموافقة على الهدنة.

وفي حال استجابت المقاومة لشروط الهدنة، يقول المقابلة، ستبقى هناك الورقة الأخرى لرفح وهي الاجتياح البري ومحاولة الاحتلال الاسرائيلي بالتنسيق مع الجانب المصري غير المعلن، تهجير  السكان بشكل قصري من غزة الى سيناء، تحت الغطاء الإنساني من قبل الجانب المصري، لضمان مرورهم، إلا أن أهل غزة يعتبرون الوحيدين الذين سيقاومون هذا المخطط.

ومع ذلك، فإنه يستبعد التوصل إلى اتفاق سياسي لتهدئة الوضع بين الطرفين، ومن المتوقع استمرار القصف التمهيدي في رفح، مع إصدار قرار إنساني خلال شهر رمضان يطلب فيه وقف إطلاق النار من قبل الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، بهدف تبرير هذا القرار أمام الرأي العام العالمي، ولكن بعد رمضان، قد يتواصل التوتر عبر محور فيلادلفيا مع تهديدات بحرب إسرائيلية على غزة على مدار عام 2024."، بحسب المقابلة.

ويعتبر أن الزيارة الملكية إلى الولايات المتحدة مناسبة خلال هذا الوقت الحساس، خاصة مع عدم دعم الموقف الأردني الفلسطيني إذ يرى أن الأردن هو الدولة الوحيدة في الساحة العربية التي تدرك تماما الخطط الإسرائيلية، ويعتبر التعامل مع المسألة الديموغرافية في الضفة الغربية مرحلة أساسية في إعادة تشكيل المنطقة.

الملك عبدالله الثاني يؤكد  خلال القمة التي عقدها مع الرئيس الأميركي جو بايدن، أن واحدة من أكثر الحروب تدميرا في التاريخ الحديث لا تزال مستمرة في غزة، مشيرا إلى أن قرابة 100 ألف شخص استشهدوا أو أصيبوا أو أصبحوا في عداد المفقودين، والغالبية العظمى منهم نساء وأطفال.

وحذر الملك من أن أي هجوم إسرائيلي على رفح سيؤدي إلى كارثة إنسانية أخرى مشددا على الحاجة لوقف دائم لإطلاق النار في غزة.

 

لا هدن في الوقت القريب

فيما يتعلق بالمفاوضات ذكر موقع أكسيوس الإخباري الأميركي أن وفدا إسرائيليا سيتوجه إلى مصر الثلاثاء بهدف دعم المفاوضات المتعلقة بالأسرى لدى فصائل المقاومة في قطاع غزة.

ووفقا للمصادر، من المتوقع أن يتألف الوفد الإسرائيلي من كبار المسؤولين الأمنيين، بما في ذلك رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) ديفيد برنيع، ومدير جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، وممثل الجيش الإسرائيلي في المفاوضات الجنرال نيتسان ألون. ومن المتوقع أيضا مشاركة مسؤولين أمنيين أمريكيين ومصريين وقطريين في هذه المفاوضات.

تشير أستاذة العلوم السياسية والباحثة في الشأن الفلسطيني الدكتورة أريج جبر أن هذه المباحثات في مصر تأتي كخطوة اضافية بعد الاتفاق الإطاري الذي تم التوصل اليه سابقا في باريس، وذلك لبحث صياغة صفقة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، موضحة أن إجبار إسرائيل على المشاركة في هذه المفاوضات يأتي جزء من الضغوط التي تواجهها نتيجة الخسائر التي تكبدتها خلال حربها على غزة.

وتضيف جبر إلى أن الاحتلال يدرك تماما أن تحرير الأسرى لدى المقاومة لا يمكن أن يتم إلا من خلال صفقة تبادل أسرى، بالإضافة إلى الضغوطات الدولية الأمريكية على الاحتلال باعتباره تجاوز كافة الخطوط الحمراء من خلال ارتكاب مختلف الجرائم الإنسانية ضد سكان القطاع.

تلعب مصر دورا مهما في هذه المفاوضات نظرا لتضررها المباشر بما يحدث في قطاع غزة، وتهديد أمنها القومي من قبل الإحتلال، من خلال التوغل في رفح والسيطرة على محور فيلادلفيا،  مما يتعارض مع اتفاقية السلام بين الجانبين الإسرائيلي والمصري، بالاضافة الى أن مصر الاقرب عربيا إلى فصائل المقاومة في غزة، وتتأثر جغرافيا وسياسيا بهذه الحرب، بحسب جبر.

وتستبعد أن يكون هناك اتفاق في المستقبل القريب، نظرا لرغبة الاحتلال في البحث عن مخرج  لتحقيق الانتصار، وسيكون هناك تعنت من قبل الاحتلال وسيستمر إلحاق الضرر بالمدنيين في رفح.

ومنذ إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن اجتياحه لمدينة رفح، توالت الإدانات من قبل العديد  من الدول العربية والمجتمع الدولي، مطالبين  بضرورة التوصل إلى هدنة إنسانية في غزة، وتوفير الحماية للمدنيين واستمرار عمليات الإغاثة.

أضف تعليقك