سياسيون: على الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة خشية توسع رقعة الاحتجاجات

لليوم الرابع على التوالي، ولا يزال أصحاب الشاحنات يواصلون إضرابهم في عدة مناطق مختلفة في المملكة، مؤكدين على عدم تراجعهم عن الإضراب لحين تحقيق مطلبهم المتمثل بتراجع الحكومة عن رفع أسعار المحروقات، وسط توقعات خبراء سياسيين انضمام العديد من القطاعات الأخرى المتضررة من سياسة الحكومة المتعلقة بسوء إدارة  ملف المحروقات.

 

وبدأ الإضراب بتنفيذ أصحاب الشاحنات في محافظة معان، ليمتد إلى محافظات ومدن أخرى في العاصمة، لينظم بعد ذلك سائقو باصات النقل العام، والتطبيقات الذكية، المتضررة أيضا  برفع أسعار المحروقات.

 

العاملون في قطاع النقل هم من أكثر الفئات الاجتماعية المتأثرة من رفع أسعار المحروقات لما يتطلبه طبيعة عملهم، إلى اصحاب الدخول المتدنية، خاصة الفئات الاجتماعية التي تعتمد على مادة الكاز بنسبة 90%، كسلعة أساسية للتدفئة خلال فصل الشتاء، والتي أيضا طالها ارتفاع الأسعار ضمن القرار الأخير.

 

ارتفاع أسعار المحروقات للمرة الثالثة على التوالي، كانت كفيلة لدفع عدد كبير من أصحاب وسائل النقل حالى تنفيذ الإضراب، وحدوث اضطرابات في الشارع المحلي للضغط على الحكومة بالتراجع عن قراراتها، خشية تعميق تلك الأزمة التي باتت تشكل ارهاقا على جيوب المواطنين خاصة أصحاب الدخول المتدنية.

 

"في ظل الإدارة السياسية التي تتبعها الحكومة لملف المحروقات والطاقة ، كان من المتوقع تنفيذ هذه الإضرابات والاحتجاجات، على حد تعبير المحلل السياسي" بسام بدارين، لـ "عمان نت".

 

ويرى بدارين أن عدم وضوح الحكومة وغموضها في الإعلان عن آلية تسعيرة المحروقات الشهرية، ساهم في إثارة المحتجين ودفعهم إلى الشارع، واصفا ذلك بالفايروس الذي قد يضرب قطاعات أخرى متأثرة بارتفاع أسعار المحروقات، الأمر الذي قد يكون بمثابة مؤشر لعودة الحراك الشعبي، وظاهرة الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية التي كنا قد شهدناها سابقا.

 

لعل هذا الإضراب يذكرنا بسلسلة الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المملكة في عام 2012، عندما رفعت حكومة فايز الطراونة أسعار المحروقات كحل لمعالجة العجز في الموازنة لتبرير قرار الزيادة، إلا أن هذا القرار لم يستمر طويلا، فبعد 48 ساعة على بدء تطبيقه،  أوعز الملك عبد الله الثاني للحكومة بتجميد هذا القرار، بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية وتحذيرات سياسيين من اتساعها.

 

المحامي والناشط السياسي الدكتور هيثم عريفج يقول بأنه من الواضح فشل الحكومة بادارة الملفات السياسية، بدء بملف المياه، وأسعار الأدوية المرتفعة، وترهل شبكة النقل، وعجز في تنفيذ المشاريع الإنتاجية انتهاء، بملف المحروقات الذي ساهم بحدوث هذه الاضطرابات في الشارع.

 

ويرى عريفج أن التصريحات الحكومية الأخيرة والتي وصفها الكثيرين استخفافا بعقول المواطنين، ساهمت بتأجيج الشارع الذي كان متعايشا مع هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة، نظرا لارتفاع  أسعار المواد الأساسية الغذائية، في وقت يتقاضى  فيه نسبة كبيرة من المواطنين دخول متدنية.

 

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمشاركات غاضبة عقب تصريحات رئيس الوزراء خلال جلسة لمجلس النواب الاثنين الماضي تحدث فيها عن أن الحكومة "لا تملك ترف استمرار دعم المحروقات".

 

وفي ذات الجلسة أضاف رئيس الحكومة " أن  أسعار المحروقات ستنعكس بالسعر الدولي صعودا وهبوطا؛ لأن الخزينة العامة لا تمتلك ترف دعم المحروقات مجددا، موضحا أن الحكومة دعمت المحروقات بمبلغ (550) مليون دينار العام الحالي، ولا تمتلك أن تقوم بذلك مجددا لأن ذلك يترتب عليه ارتفاع المديونية وعجز الموازنة، مشيرا الى أن "نسب التضخُم لدينا 4 في المئة وهي الأقل مقارنة بكل محيطنا الذي كنا نُعير بأن الاستثمار يذهب إليه واليوم لا يستطيع المستثمرون الخروج منه".

 

هذه التصريحات لم تكن مقنعة بشكل كاف للشارع المحلي وخبراء سياسين، الذين في دورهم انتقدوا هذه التصريحات،  باعتبارها غير قادرة على مشاركة المواطنين بسياساتها، والاستخفاف بعقولهم.

 

ويدعو عريفج إلى ضرورة  إيجاد الحكومة بدائل سريعة، لإنهاء هذه الاشكالية دون ترحيلها وتعميقها، من خلال العمل على خفض أسعار  المشتقات النفطية،  والضرائب  المترتبة على المحروقات والقروض البنكية،  وتخفيض أسعار المواد التموينية الأساسية لتحريك عجلة الاقتصاد والتخفيف من الضغوطات الاقتصادية التي يواجهها المواطنين .

 

ويتفق بدارين مع ما ذهب به عريفج إلى أهمية أن تعمل الحكومة على تخفيض نسب الضرائب المفروضة على المحروقات، إما  تحرير أسعار المحروقات، والسماح باستيراد  المشتقات النفطية.

 

هذه الأزمة كان  قد حذر منها الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي، قبيل اتخاذ الحكومة قرار رفع أسعار المحروقات، حيث وصف في بيان له بأنها "تقترب من اتخاذ قرار خطير نهاية الشهر الحالي برفع أسعار المحروقات، في مواجهة صعبة مع المواطنين وفصل الشتاء، وبعد تنفيذ سبع ارتفاعات في سبع أشهر ماضية على سعر السولار والكاز، خاصة بعد تراجع أسعار النفط مؤخراً إلى مستويات ما قبل 10 أشهر.

 

وبالفعل قامت الحكومة بداية الشهر الحالي، برفع سعر الكاز والسولار 3.5 قرش ، ليصبح سعر البنزين 90 ، 91 قرش/لتر والبنزين 95 ، 115.5 قرش لتر والسولار والكاز : 86 قرش لتر، مما دفع أصحاب الشاحنات ووسائل نقل بتنفيذ سلسلة من احتجاجات.

أضف تعليقك