رحلة اهل الضفة للصلاة في الاقصى
على حاجز قلنديا الواقع إلى الشمال من مدينة القدس المحتلة، يصطف عشرات آلاف الفلسطينيين لاستغلال يوم الجمعة في رمضان، الوصول إلى مدينة القدس المحتلة بعد إغلاقها أمامهم 12 عاما.
واستغلالا لهذه الفرصة التي قد لا تتكرر مرة أخرى، يزحف أهالي الضفة من كل مدنها وقراها ومخيماتها كل فجر جمعة باتجاه المدينة، ولساعات طويلة يقضونها على الحواجز الفاصلة بين المدينة ومناطقهم.
ورغم مشقة السفر، ومحاولات سلطات الاحتلال تعطيل وصولهم ووضع العراقيل، ومحاولة المماطلة بالسماح لهم بالعبور، إلا أن الفلسطينيين يصرون على المحاولة والوصول رجالا ونساءً وشبابا وشيوخا وأطفالا ورضعاً.
وفي الجمعة الرابعة، كانت الأعداد مضاعفة مما تسبب في ازدحام أشد، وخاصة على الحاجز وفي مواقف الباصات.
وتقول الطالبة إسراء باسل من مدينة نابلس إنها المرة الأولى التي تزور فيها القدس، رغم محاولتها في العام الفاءت، إلا أن الجنود لم يسمحوا لها بالمرور مع والدتها، واضطرت إلى العودة وحيدة.
وتابعت إسراء (19 عاما): "لم اصدق نفسي عندما فتح الجنود الطريق، وسمحوا للنساء من كل الأعمار بالدخول، كنت أمشي بسرعة كي أصل إلى الجهة الثانية من الحاجز قبل أن يغلقوا الطريق ثانية".
ورغم التعب الشديد إلا أن الفرحة كانت أكبر، كما تقول: "حينما دخلت إلى ساحات الأقصى شعرت أن كل تعب الطريق ذهب عني وبكيت من الفرحة، أخيرا أنا في القدس".
واستغل الأهالي هذه الأيام لاصطحاب أطفالهم إلى المدينة وتعريفهم بها، تقول سيدة من مدينة خليل كانت برفقة أبنائها الأربعة، إنهم لم يزوروا القدس يوما ولا يعلمون عنها سوى القليل، وزيارتهم لها ستربط قلوبهم بها دوما.
وتابعت: "للأسف لا يوجد سياسة تعليمية رسمية للتعريف بالمدينة وتاريخها وقيمتها لنا كفلسطينيين ومسلمين، وفي ظل إغلاق المدينة هناك جيل كامل لا يعرف شيئا عن القدس، وهذه فرصة لجميع الأهالي يجب استغلالها".
وفي موسم الصيف، استغل زوار الضفة من الخارج وجودهم في الضفة لزيارة القدس بعد حرمان لسنوات طويلة، كما يقول وليد عثمان (42 عاما): "كنت أنوي السفر يوم الخميس، ولكن عندما علمت أنهم يسمحون للسن الصغير بدخول القدس، أجلت السفر عسى أن أتمكن من الوصول والصلاة في الأقصى".
وليد -الذي يعمل في الإمارات العربية منذ 15 عاما- لم يتمكن من زيارة القدس منذ أن كان طالبا في الجامعة، وكانت الجمعة فرصة له ولأطفاله الثلاثة بالصلاة في الأقصى وزيارة المدينة التي لم يعرفوا منها إلا اسمها.
ويقول: "كانت فرحة أبنائي كبيرة جدا، رغم التعب الشديد؛ بسبب الحر والازدحام والصوم إلا أنها فرحة عظيمة الله يعلم متى يمكن أن تتكرر مرة أخرى، ففي كل عام يضع الاحتلال قيودا أكبر على المدينة".
بدورها، قالت مؤسسة الاقصى للوقف والتراث إن نحو 350 ألف مصل أدوا صلاة الجمعة الرابعة من شهر رمضان في المسجد الأقصى المبارك، ليكون التجمع الأكبر منذ بداية شهر رمضان.
وذكرت المؤسسة في بيان صحفي أن أغلب مساحات المسجد الاقصى امتلأت بالمصلين، على الرغم من حرارة الطقس واجراءات الاحتلال.
وجاء هذا التجمع بعد أن توافد إلى المسجد الأقصى منذ ساعات الفجر الأولى وحتى أذان الجمعة زحوف من المصلين أتوا من مدينة القدس والداخل الفلسطيني والضفة الغربية.
وخطب الجمعة الدكتور الشيخ اسماعيل نواهضة الذي حيا جموع المصلين الذين وفدوا الى الاقصى من جميع أنحاء فلسطين، وقال إن هذا الجمع الكبير يرفع الرؤوس ويحيي الأمل بالنفوس.
وطالب الشيخ نواهضة الأمة أن تجتمع من أجل تحرير المسجد الاقصى، كما دعا الى استثمار العشر الاواخر من رمضان بالصلاة والقيام وقراءة القران والدعاء. وما زال يعج المسجد الاقصى بالمصلين، إذ إن كثير منهم من نوى الاعتكاف في الاقصى.