خيوط الشبكة العنكبوتية تشد المواطن الأردني نحو المعرفة..وحنينه ما زال للمعرفة عبر الورق

الرابط المختصر

نعلم جميعاً أنه تكفي عدة نقرات بسيطة على لوحة المفاتيح في جهاز كمبيوتر لتصلك نتائج بحث في ثوان عبر الإنترنت فيكون بين يديك كماً هائلاً من المعلومات المتعلقة بموضوع البحث من قريب أو بعيد حتى ولو بتشابه بسيط في الشكل أو المضمون وهي حتماً تصلك ساخنة شهية وسريعة كوجبة أخرجتها من "ميكرويف".ترى ماذا سيكون ردة فعل طالب علم قبل ألفي سنة مثلاً قضى أربعين عاماً في السفر متنقلاً بين أقطار شتى على جمل باحثاً عن كتاب سمع عنه أو حدثه معلمه عنه، لا شك سيصاب بسكنة قلبية مستعجلة وبسرعة الحصول على المعلومة إلكترونياً الآن، وأراهن أنه لن يمانع أن ينتظر مائة سنة بلا حراك مقابل أن يتحقق له جزء مما يتحقق لنا الآن...



ولكن هل متعة قراءة كتاب استغرق قارؤه جهداً ومشقة كبيرين وكلفة مالية عالية للحصول علية ونحن لا نتحدث عن آلاف السنين بل عن بضعة سنين سابقة عندما كانت بعض الكتب ممنوعة التداول مثلاً أو غالية الثمن أو حتى غير متوافرة في الأسواق المحلية من الأساس، هل متعة القراءة في ظل هذه التحديات تعادل متعة الإطلاع على المطبوعة في دقائق بل ثوان معدودة وكلفة مالية لا تذكر؟



سؤال طرحناه على عدد من مستخدمي الشبكة واستفسرنا منهم: هل يفضلون أن تتاح لهم- إن جاز لنا أن نسميها نعمة القراءة عبر الشبكة- أم ان في داخلهم ما يزال يقبع طفل تقليدي عنيد يرفض الانصياع لأوامر السرعة والتقنية ولا يزال يفضل الحصول على المعرفة التي تعبق برائحة حبر المطابع والمغلفة بالورق الأصفر؟



ماذا يقرأ المواطن الأردني

و هل يفضل المواطن في الأردن قراءة الصحف والمجلات والكتب بالطريقة التقليدية وشرائها من الأكشاك والمكتبات أم الاكتفاء بقراءتها عبر الشاشة في مكتبه المكيف ومنزله المريح...وبالأحرى ما هو الاستخدام الأساسي للشبكة لديه؟



طبعاً كانت أغلب الإجابات تتمحور في أن الاستخدام الأساسي يكون في نطاق العمل وخدمة أغراضه واعتبره البعض نقمة وليس نعمة فأروى رواشدة 30 عام تشكو بأن عملها في مركز الدراسات يعتمد بشكل كلي على الإنترنت وتحديداً قراءة الصحف والمجلات من خلالها بما يعادل 3-4 ساعات يومياً وتعتبرها غير مريحة أبدا" لأني أضطر أن اقرأ من خلال الشاشة وهو أمر غير مريح على الإطلاق بل مرهق جداً بجلوسي على الكرسي وتحديقى في الشاشة كل هذه المدة، لذلك أنا أفضل طباعة المواد على ورق ثم قراءتها بشكل مفصل"



هذا الأمر لم تجد فيه ابتسام العوضات 28 سنة محررة في وكالة أنباء خاصة للملكية الفكرية أي مشكلة فالشبكة أصبحت جزء لا يتجزا من عملها وحياتها اليومية كما تقول"فاستخدام جميع الوسائل الإلكترونية وعلى رأسها الانترنت هو الأساس في الإعلام والبحث هذه الأيام، فعملي يرتكز على الإعلام الإلكتروني والاستفادة من أخبار المؤسسات والمنظمات والنقابات والجمعيات التي تنشر إلكترونياً، من هنا فان متابعتي لمختلف المطبوعات الصادرة يومياً تتم عبر الشبكة، إلا أنني رغم ذلك لا استغني عن النص المطبوع في تلك الصحف إن وجد، لأنه على الأغلب لا يتم نشر كامل الصحيفة إلكترونياً إلا عبر نظام"pdf" والذي يأخذ وقتاً أطول للتنزيل، وبالطبع بالنسبة للكتب فلم نصل عربياً بعد إلى مرحلة نشر كتاب بكاملة وقراءته عبر الشبكة".



وهو ما اتفق فيه محمد خير بشتاوي 52 سنة صحفي "حيث أنه لا يستطيع قراءة كتاب عبر الشبكة فهو لا يستمتع إلا بشرائه وتصفحة كما هو الحال في بعض الصحف المتوفرة محلياً من أجل الاحتفاظ ببعض التحليلات والملاحق المهمة التي يحب العودة إليها في وقت لاحق بعيد عن جو المكتب الذي لا يتحفظ فيه على قراءة الصحف الأخبار والمجلات إلكترونياً من أجل سرعة ملاحقة الأخبار وظروف العمل التي تتطلب السرعة والإطلاع أول بأول ونحن نعلم أن الأخبار تتغير بسرعة الحصول عليها عبر الشبكة"



إلا أن كوكب حناحنة 28 سنة ترى أنه مع الوقت أصبحت تجد المتعة في القراءة من خلال المواقع الإلكترونية وليس عبر الصحيفة أو المجلة" وقد يكون ذلك مردة إلى توفر كم هائل من المعلومات التي تكون أنت في موقع المسيطر على أي معلومة تريد الوصول إليها، أو ربما لأن الإنترنت دخلت في السلوك اليومي لنا من خلال التعود، خاصة أن الشبكة توفر الوقت والجهد في البحث عن أي موضوع أرغب في متابعته، وتساعدني المواقع العديدة المخصصة لذلك وخاصة " googel" وإلى جانب استخدام الشبكة في البحث فأنني أقرأ بشكل يومي الصحف العربية المهمة من خلال مواقعها الإلكترونية وأجدها فرصة رائعة للإطلاع على قضايا محلية في أقطار عربية مختلفة".



وإذا كان العمل والمتعة عبر الشبكة هما ما يجعلان فادي أبو عيسى 24 سنة متعلقاً بها ويستخدمها إلى حد الإدمان في البحث عن المواضيع المختلفة والاتصال والدردشة عبر "المسنجر" والبريد الإلكتروني مع الأصدقاء في مختلف بقاع العالم فأن للقراءة لدى فادي خصوصية أخرى فهو يفضل شراء الصحف والمجلات والكتب وقراءتها مطبوعة لأنه يستطيع أخذها معه أينما كان في الأماكن العامة ووسائل المواصلات في الباص أو التكسي مما يسهل ممارسة هواية القراءة بسهولة بعكس المكتب الذي تكون مقيداً بشاشة وكرسي فيه"



ووافقه في ذلك محمد العرسان 25 سنه الذي يستخدم الانترنت بشكل يومي الذي يفضل قراءة الكتب مطبوعة لسهولة حملها مع الشخص أينما كان إلا أنه ولطبيعة عمله التي تجبره على الاطلاع على المواقع الإخبارية بشكل يومي يفضل قراءة الصحف إلكترونيا للسرعة التي توفرها الشبكة كما أنه تستطيع اختصار الوقت والجهد بالبحث على الموضوع الذي يستهويك أو يهمك تحديداً"



أما مظفر خليفة 24 عام فأنه تستهويه العضوية في العديد من المجموعات الإلكترونية التي تقوم بإرسال العديد من الأخبار والمعلومات من جميع أنحاء العالم" وتشد انتباهي واهتمامي المواقع التي تبرز المنتديات التي تناقش العديد من القضايا الجدلية الساخنة في مختلف المجتمعات العربية، وأنا منحاز بشكل كامل لاستخدام الإنترنت للقراءة من خلال متابعة العديد من المواقع التي تختص بالأخبار السياسية والرياضة والمنوعات وغيرها"



سوسن العلمي 23 أبدت حماساً واضحاً لدى سؤالنا لها عن هذا الموضوع فهي كما تقول"

استخدم الإنترنت بصورة كبيرة وبشكل يومي لقراءة الصحف اليومية والاطلاع على آخر التطورات العالمية والعربية على القنوات الفضائية والإذاعات العربية والأجنبية التي تملك مواقع على الإنترنت, واجد استخدام الإنترنت لهذه الأغراض تعوضني شخصياً عن قراءة الصحف اليومية الورقية أو الجلوس أمام شاشة التلفاز لمتابعة آخر التطورات الإخبارية لان هذه الطريقة الحديثة توفر الوقت والجهد والمال حيث من الممكن قراءة كل الصحف اليومية والاطلاع على آخر الأخبار بجلسة واحدة أمام الإنترنت وخلال اقل من ساعة كما وتوفر هذه الطريقة الحديثة توفير للأموال التي ممكن أن يدفعها الفرد في شراء الصحف اليومية والأسبوعية العديدة على الساحات العربية والأجنبي" إلا أنها تعود وتستدرك وبحزم " بالنسبة لقراءة الكتاب اعتقد أن لا متعة تعوض قراءة كتاب أيا كان نوعه بطريقة التقليدية"



ركن الكتاب...برنامج يعني بالكتاب العربي الوحيد على الإنترنيت

في الأردن هناك برنامج وحيد مختص بإصدارات الكتب الأردنية على الإنترنت هو برنامج "ركن الكتاب" يستضيف الكتاب والمبدعين والباحثين للحديث عن إصداراتهم, سألنا معد ومقدم البرنامج محمد شما عن مدى الإقبال الذي يلمسه من خلال عمله على متابعة الكتب إلكترونيا سواء لقراءتها أو حتى لإقبال الكتاب والناشرين أنفسهم على ترويج إصداراتهم عبر الشبكة وقال "منذ ما يقارب السنتين أصبح الكاتب الأردني يهتم بالإنترنت بشكل جلي لذلك نجده يسعى إلى تسويق كتبه إلكترونياً سواء من خلال برنامج" ركن الكتاب" المتخصص أو عن طريق المواقع الإلكترونية التابعة لدور النشر المسؤولة عن طباعة كتب هذا الكاتب أو ذاك ".



ويضيف شما " في بداية البرنامج كنت أجد صعوبة في البحث عن كاتب وتسجيل حديث معه لاعتقاده أن البرنامج غير مسموع على الإنترنت إلا أن الاهتمام بهذه الوسيلة الحديثة قد تغير وأصبح الكتّاب يعون تماما أهمية التواصل مع جمهور الإنترنت الذي ينتمي في غالبيته إلى الشباب الفئة التي يهمهم أن يصلوا إليها ويؤثروا بها".





بقي أن نقول أنه إذا كان زراً صغيراً في آلة قد تصل إلى حجم اليد كفيل بنقلك عبر الأقمار الصناعية في أي بلد في العالم وأنت في غرفة المعيشة ببيتك فلماذا إذاً لا نستغل المتاح من التقنية ونستبدل متاعب البحث وكلفته العالية بشاشات إلكترونية تختصر علينا المعرفة وفي ذات الوقت لا تحرمنا من متعة الحصول عليها عبر مطبوعة ما زالت تحتفظ برونقها وسحرها الذي يشدنا دائماً إليها ويزرع فينا رغبة قوية لترطيب إصبع وتقليب صفحة تعدنا بالكثير.

أضف تعليقك